العين الأخرى: الحصيلة والآفاق

ينظم المركز السينمائي في اليوم الأخير للمهرجان، ندوة يقدم فيها تقريره السنوي عن النشاط السينمائي بالمغرب. وهو تقليد حميد تم بفضله تحقيق خطوة كبيرة على درب الشفافية ودمقرطة المعلومة أو الحصول على المعلومة. ففي فترة ليست بعيدة كان الحصول مثلا على الرقم المتعلق بعدد المشاهدين شبه مستحيل، أو يتم تسريبه لبعض المقربين فقط. اليوم، تصدر وثيقة رسمية عن المؤسسة الوصية عن القطاع، لتضع رهن إشارة الرأي العام مجموعة من الأرقام سواء في ما يخص العدد الإجمالي لجمهور القاعات السينمائية، أو في ما يخص تفاصيل شباك التذاكر بالنسبة إلى الأفلام المغربية وبالنسبة إلى الأفلام التي تم عرضها طيلة السنة.نحن إذن أمام بيان حول الحصيلة السنوية سمته الرئيسية أنه يقدم أرقاما موثوقة وشبه نهائية، مما ينجم عنه انتقال الكرة إلى مربع المتتبعين والباحثين. غير أن الملاحظة التي تتبادر إلى الذهن منذ ترسيخ ممارسة تقديم الحصيلة السنوية، هو غياب أي استثمار حقيقي منهجي ومفكر فيه، لهذا التراكم من المعلومات، لهذا الكم الهائل من المعطيات... إذ من شأن دراستها وتمحيصها وتركيبها في مقاربات نسقية، وربطها بشبكة قراءة منسجمة أن يفيد فهمنا لواقعنا السينمائي ويساعدنا أساسا على تجاوز القراءات التجزيئية والمقاربات الانطباعية.فمن المفيد جدا الوقوف عند الرقم الإجمالي للمشاهدين من أجل تتبع تطوره من سنة إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، بل ومن قاعة إلى أخرى، وحسب هذا الفيلم أو ذاك. ومن شأن ذلك أن يسلط أضواء جديدة على بعض المقولات الجاهزة مثل «عزوف الجمهور». ثم إن قراءة متأنية لأرقام شباك التذاكر»بوكس أوفيس» الخاص بالفيلم المغربي، في عدد معين من السنوات، سيساعد في مقاربة التوجهات العامة للجمهور، وميله نحو هذا النوع أو ذاك من الأفلام. ثم إن ترتيب الأفلام حسب بلدها الأصلي لا يخلو من مغزى خاصة أنه يتغير من سنة إلى أخرى...إن لحظة الحصيلة السنوية للمغرب من شأنها أن تفتح شهية المتتبعين في توسيع دائرة التساؤل حول الحصيلة لمساءلة بنيات أخرى والممارسة السينمائية بما فيها بعدها الجمالي.فعلى سبيل الذكر مثلا، أثيرت بقوة خلال أيام الدورة 13 للمهرجان الوطني للفيلم، مسألة الوقوف عند حصيلة المهرجان نفسه، وتقييمها من أجل الخروج بمقترحات جديدة للانتقال إلى مستوى جديد من التنظيم والفعالية.إن حصيلة المهرجان الإيجابية في مجملها، تطرح بقوة ضرورة المراجعة النقدية لبنية المهرجان قبل أن تصل إلى الباب المسدود. فمثلا، يجب إطلاق تفكير جدي في بنية المسابقة الرسمية، من حيث الكم، ومن حيث طبيعة المشاركة. إن عدد 23 فيلما المسجلة هذه السنة يعلن عن الحد الأقصى الذي يمكن تحمله، لما لذلك من انعكاسات سلبية متعددة على كثير من المستويات. فبالإضافة إلى الضغط الزمني الناتج على ذلك، (تم هذه السنة، مثلا، إضافة يوم آخر لأيام المهرجان) والذي يقلص من مساحات تنويع العروض الأخرى، وتقديم أنشطة موازية، فإن هذا الكم من الأفلام يجمع بين مستويات متفاوتة من حيث نمط وأسلوب إنتاجها ونوعية كتاباتها. لقد «شاهدنا» أفلاما في إطار المسابقة الرسمية كان موقعها الطبيعي هو فقرة «بانوراما» أو ما شابه ذلك. و»شاهدنا» أفلاما لم تكتمل بعد... إنه نقاش هادئ يجب أن يفتح لدى المهنيين والمعنيين بارتباط مع ما سيعرفه القطاع من تغييرات على ضوء المستجد السياسي الذي عاشته البلاد.

العين الأخرى: الحصيلة والآفاق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حركة تصحيحية داخل الاستقلال

عـــرس الــسيــنـــمـــا فـــي طـــنـــجـــة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات