مهاجرون أفارقة … مبدعون في مهن أهل البلد

منها الفلاحة والصناعة التقليدية والبناء والتجارة والأعمال المنزلية امتهن المهاجرون السريون من جنوب الصحراء، في السنوات الأخيرة، مهنا ظلت، إلى وقت قريب، حكرا على المغاربة، ونجح بعضهم في إثبات كفاءته وبرع في إتقان حرفته، حتى نافس الصناع المغاربة. وتختلف أغلب مهن المهاجرين السريين بتفاوت مستوى تعليمهم ووضعهم العائلي، فالشباب يزاولون مهنا رخيصة، أهمها بيع منتجات إفريقية، مثل الألبسة وديكورات تزيين المنازل، ومراهم، ومنهم من يفضل التجول بالشوارع والمقاهي ومحطات وقوف السيارات لبيع سلع غريبة، مثل عطور وبخور "إفريقية"، ومنتجات يدعون أنها أدوية تساعد على التخلص من الأمراض بصفة نهائية. وخلال السنين الأخيرة تقلص عدد الأفارقة "المتجولين" بالمقاهي والشوارع، إذ كشفت أرقام سابقة للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة عن تحول في مهن المهاجرين السريين، مشيرة إلى علاقة المهنة التي كانوا يزاولونها ببلدانهم الأصلية مع وظائفهم بالمغرب، فالأرقام نفسها تشير إلى أنهم كانوا يزاولون، قبل الهجرة، مهنا حرة بنسبة 35 في المائة، و29 في المائة كانوا يشتغلون في القطاع الخاص، و9 في المائة كانوا موظفين في القطاع العمومي، بالمقابل يشتغلون في المغرب في قطاعات مختلفة، منها الفلاحة بنسبة 4 في المائة، والصناعة التقليدية بـ16 في المائة منهم، و20 في المائة منهم يشتغلون في البناء، و20 في المائة بالتجارة، والأعمال المنزلية بنسبة 18 في المائة. وكشفت الدراسة ذاتها أن نوعية عمل المهاجرين الأفارقة بالمغرب ترتبط بالمستوى التعليمي، فحوالي 48 في المائة من العينة التي شملتها الدراسة لها مستوى ابتدائي، و32,4 في المائة لها مستوى ثانوي، و16,1 في المائة لهم مستوى جامعي، أما الذين لا مستوى تعليمي لديهم فيشكلون 31,7 في المائة من مجموع المهاجرين بالمغرب. ويعترف أحمد، مهاجر سنغالي وبائع متجول للفواكه بحي الألفة بالبيضاء، بحقيقة علاقة المهنة بالمستوى التعليمي، مستدركا أن عددا من أصدقائه يتوفرون على مستوى تعليمي جيد، إلا أنهم يشتغلون، الآن، في مهن صعبة جدا، نتيجة لغياب فرص الشغل، مشيرا إلى أنه بعد سنوات عانى خلالها بسبب وطأة التهميش والإقصاء والحاجة، حل بالمغرب، وفضل أن يصبح بائعا متجولا، وهو ما لم يرق "محترفي" هذه الفئة الذين عمدوا إلى مضايقته. لم يجد أحمد الطريق سهلا للاندماج بسرعة في المجتمع، إلا أن شريكه تمكن من إيجاد سكن لائق بالحي نفسه، وتزوج من سنغالية تعمل مربية أطفال في إحدى دور الحضانة، وهو ما جعله لا يفكر في العودة إلى بلده لأن ظروفه الاقتصادية لا تسمح بذلك، علما أنه يتحدر من أسرة فقيرة. حالات عديدة لمهاجرين سريين وجدوا أنفسهم يتسابقون للحصول على مهنة تقيهم التسول، فمحمد "المالي"، كما يلقب نجح في العثور على عمل في أحد محلات غسل السيارات، ونال احترام كل الزبناء لجديته، إذ يضطرون إلى انتظاره، رافضين غسل سيارات من طرف أشخاص آخرين. خالد العطاوي من بلد عبور إلى مقر إقامة استهوى الإقبال الكبير للمهاجرين السريين على الاستقرار بالمغرب أكاديميين لإجراء دراسات وبحوث ميدانية، فقد كشفت إحداها أن أبرز عوامل تحول المغرب إلى مقر بالنسبة إلى المهاجرين السريين الأفارقة من بلد عبور إلى بلد إقامة، تتمثل في استقرار اجتماعي نسبي لهؤلاء المهاجرين الذين يشتغلون في مهن لا يقبل عليها المغاربة، وتتطلب قوة بدنية من قبيل مجال البناء والأشغال العمومية، ويفضلون المكوث في المغرب بعد فشل محاولاتهم المتكررة للعبور نحو أوربا، ويشتغلون في أعمال هامشية لأنهم لا يتوفرون على الوثائق القانونية لممارسة مهن رسمية ومصرح بها. ولذلك يتخصصون في مزاولة حرف مثل العمل مساعدين في ورش الحدادة والبناء والنجارة أو العمل في مجال إصلاح الأحذية وغيرها، وهي حرف تدر عليهم مداخيل ضئيلة لا تكفي لتلبية حاجياتهم المعيشية. ويتجمع المهاجرون في الأحياء الفقيرة للمدن الكبرى، إذ اشتهرت أحياء بعينها في ضواحي الرباط والبيضاء وطنجة ووجدة وغيرها باستقبال هؤلاء الأفارقة الذين يعيشون جماعات في غرف صغيرة، داخل منازل لا تتوفر أحيانا على الشروط الدنيا للعيش الكريم.

مهاجرون أفارقة … مبدعون في مهن أهل البلد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهاجرون أفارقة طالبو اللجوء الدراسي

قتلى في فاجعة طرقية قرب تادلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات