المشاورات انحصرت في الهيكلة وتوزيع الحقائب

عبيابة مدير مركز ابن بطوطة للدراسات الإستراتيجية قال إن المشاورات أغفلت نقاش البرنامج الحكومي أكد حسن عبيابة، مدير مركز ابن بطوطة للدراسات الإستراتيجية، أن المشاورات الجارية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة أغفلت جوانب أساسية، في مقدمتها، تعميق النقاش حول البرنامج الحكومي، وإطلاع الرأي العام الوطني، حول مستجدات هذا النقاش، في الوقت الذي أعطى الحلفاء المشاركون في الحكومة، كل اهتمامهم، للحقائب الوزارية والهيكلة. واعتبر المتحدث في حوار مع “الصباح” أن المواطن المغربي كان ينتظر مستوى من المشاورات يرتفع عن المستوى الحالي، وأن تركيزه كان منصبا حول التعرف على ملامح برنامج الحكومة الجديدة، على اعتبار أن مكونات الحكومة أكدت أن ما يجمعها هو هذا البرنامج، في ظل الخلاف القائم في المرجعية الإيديولوجية بين العديد من مكوناتها. في ما يلي نص الحوار... كيف تُقيمون المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة؟ وهل هناك صعوبات أجلت موعد تشكيلها، وهل يمكن الحديث عن مخاض عسير لولادتها؟ من المفروض أن تكون عملية تشكيل الحكومة الجديدة جزءا من عملية الإصلاح السياسي، وكذا جزءا من التنزيل الفعلي والسليم للدستور الجديد، وبالتالي، كان من المفروض أن تُعطى الأولوية، على المستوى المنهجي، للبرنامج الحكومي، لأنه هو الأهم، خاصة أن المتداول بين أعضاء الحكومة هو أنها اتفقت حول برنامج معين، وليس على المرجعيات. هذه المسألة كانت تقتضي، أولا، إيلاء العناية للبرنامج، الذي ظل الفريق الحكومي الجديد، يؤكد أنه يشكل نطاق عمله المشترك، في غياب الانسجام الإيديولوجي والمذهبي، إذ لا يخفى وجود تباين في المرجعيات والخلفيات الإيديولوجية التي تميز بعض مكونات التحالف الحكومي الجديد. للأسف، التركيز بالنسبة إلى المشاورات، كان منصبا حول الجوانب التي تشكل مصلحة ذاتية، أكثر مما تشكل مصلحة عامة، إذ كان السؤال الأساسي، في البداية، من معي ومن ضدي، وانتقلت المشاورات إلى مرحلة الهيكلة الحكومية، قبل أن تصل إلى مرحلة توزيع الحقائب، وبقي البرنامج الحكومي مغيبا، وظل آخر ما ستتحدث عنه المكونات المشكلة للحكومة،وهذه مؤشرات لا تترك انطباعا جيدا لدى المواطن المغربي، الذي، أعتقد أنه لا ينتظر بالدرجة الأولى الهيكلة الحكومية وتوزيع الحقائب، بقدر ما يتطلع إلى البرنامج السياسي والاقتصاد والاجتماعي للحكومة المرتقبة، وهو البرنامج الذي من المفترض أن تعرضه الأغلبية الحكومية الجديدة، في أفق تجاوز المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات.هناك ملاحظة أخرى أريد التطرق إليها، وهي أنه في الوقت الذي كان الحديث منصبا، في بداية المشاورات، حول التشكيلة الحكومية بحقائب أقل وأحزاب أقل، أصبحنا أمام أحزاب أقل وحقائب أكثر، مما يدل على أن المكونات الحكومية لم تعط الأولوية للقضايا الهامة، التي تشغل بال المغاربة، بقدر ما كانت تحرص على نيل أكبر عدد من الحقائب، مع التركيز على نوعيتها، في أحيان كثيرة. لكن ماذا بالنسبة إلى وتيرة المشاورات، وهل يمكن الحديث عن تأخير في الإعلان عن الحكومة المقبلة؟ لو كان الاهتمام منصبا على المسائل والقضايا الجوهرية، لقلنا إن المشاورات جرت في مناخ عاد، ولا يمكن الحديث عن تأخر، ولكنها للأسف، أهملت القضايا الأساسية، واهتمت بالشكل. أظهر بنكيران، رئيس الحكومة المعين، إرادة في تقليص عدد القطاعات الوزارية، إلى ما دون 25 منصبا وزاريا، في البداية، غير أنه لم ينجح في ذلك، لماذا؟ إذا كانت الحكومة الإسبانية تتشكل من 13 وزيرا، فكيف نتحدث في المغرب عن 30 حقيبة وزارية؟ بنكيران عبر عن طموحه في تقليص عدد الحقائب الوزارية، لكنه فشل في تطبيق ذلك، بالإضافة إلى أن الهيكلة التي تسربت إلى الصحافة، أُعدت، أساسا، بهدف الترضية، لأنها أصبحت كلها عبارة عن حقائب وزارية، فيما تم تقليص عدد مناصب كتاب الدولة، وكان من المفروض أن يحصل العكس، مما يدل على أن هذه الهيكلة تستجيب للمطالب الذاتية للأحزاب المشاركة في الحكومة، أكثر مما تستهدف الترشيد، والعقلنة، والتنمية الوطنية.هناك ملاحظة أخرى، هي أنه طبقا للمساطر والقوانين الجاري بها العمل في الديمقراطيات العريقة، فإن الحقائب الوزارية تٌوزع حسب النتائج الانتخابية، في حين أن الحقائب في حالة الحكومة الحالية، توزع بمعايير "الوزن" التاريخي ، وهذا يعتبر في حد ذاته تحريفا لإرادة المواطنين الذين اختاروا ورتبوا الأحزاب ترتيبا انتخابيا.ويلاحظ كذلك، أن هناك خلافات كثيرة داخل كل حزب بسبب هيكلة الحكومة وتوزيع الحقائب، ولم نسمع أن هناك خلافا حول توجهات البرنامج السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وهذه المؤشرات التي تطبع المرحلة الحالية تركت الملاحظ، والمحلل السياسي، والمواطن العادي، أمام علامات استفهام بشأن الحكومة المقبلة، وهل بمقدورها أن تأتي بجديد وتتغلب على الصعوبات الحقيقية التي لم تناقشها...يلاحظ في السياق ذاته، أن المحلل السياسي والمواطن العادي، يعتبران أن بعض المكونات الحزبية التي ساهمت في تدبير الشأن العام لمدة تزيد عن 13 سنة، ورغم عقاب الناخبين لها،خرجت من الباب لتعود من النافذة، وهي كمكون اقتراحي وطاقة تدبيرية، فشلت في معالجة العديد من الملفات الأساسية.هذا كله ولد تخوفات مشروعة من المستقبل، وبدأ التساؤل، منذ الآن، حول كيف يمكن أن نضع الثقة في أحزاب فشلت في تدبير الشأن العام، وترسخ في عهدها العزوف الانتخابي، والسياسي، وتضاعفت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية؟ أجرى الحوار: جمال بورفيسي

المشاورات انحصرت في الهيكلة وتوزيع الحقائب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران يواجه تحدي القطع مع حكومات الأصهار

تقليص محدود في عدد الوزراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات