انتحار الصغار … المغرب الثاني عربيا

< ما هي أسباب انتحار القاصرين؟ < يمكن القول بأن الانتحار أو محاولاته أصبح ملاحظا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ونتساءل هل نحن فعلا أمام ارتفاع مخيف، أم فقط نظرا لانتشار وسائل الاتصال والإعلام التي تتحدث عن الموضوع بإسهاب كبير، ومن خلال المعطيات الإحصائية سجلت أزيد من 1600 حالة خلال السنة الماضية بما يجعلنا في الرتبة الثانية عربيا بعد السودان، لأن هذا الحجم يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعته ومحدداته ودلالاته. وتصنيف العوامل إلى نفسية واجتماعية وثقافية ميز بين ثلاثة أنواع من الانتحار، إذ يصعب إدماج الفرد تماما داخل المجتمع، وتراخي العلاقات الاجتماعية يجد الفرد نفسه معزولا أمام مشاكله، وضعف التيارات الاجتماعية يسبب ضعفا له أمام احترام الضمير، وهو ما يجعل الشخص يفعل ما يريد دون مراعاة العواقب ولا المعايير والقيم، وهذه الأمور مجتمعة تدفع الفرد إلى قضاء مصالحه وأهدافه بمفرده، ويشبع حاجياته بأي طريقة، زيادة على التمدن السريع وضعف العلاقات الأسرية والحوارية، فالأسرة أمام غلاء المعيشة أو الرغبة في تحسين الدخل يشتغل فيها الأبوان طيلة اليوم والأسبوع، وبالتالي العلاقات الأسرية تغيب وتسعى فقط إلى تأمين الجوانب المادية دون النفسية والعاطفية. < هل الأمر مرتبط بمعطيات فيزيولوجية أم أن هناك معطيات أخرى؟ < يمكن أن تضاف هذه الأمور إلى اختلال المعايير الاجتماعية والتي تترجم لدى البعض بالمعاناة وعدم الاندماج في علاقة معينة مع نقص أو فقدان التوازن القيمي، وهو نوع من التفاعل مع صعوبة التكيف والاختلال بين الحاجيات والمطالب الفردية وبين الإمكانيات التي يتطلبها الواقع لتحقيقها، ويمكن أن نضيف إلى ذلك الوضعية المتأزمة في غياب تغيير ممكن في الأفق، حينما لا يريد الفرد أي مخرج نفسي ولا اجتماعي. وهناك مسألة أخرى مرتبطة بتحرير الأسواق والانفتاح على اقتصاد السوق (فقدان المعايير) فيجد الفرد نفسه أمام "تسليع" القيم ومستلب ومضغوط بين كثرة الحاجيات وندرة وسائل تحقيقها، أضف إلى ذلك عدم الإحساس بالأمن المؤسس، حيث الشروط الاجتماعية والاقتصادية بسبب عدم ثقة المواطن في المؤسسات (المدرسة/المستشفى/الإدارة..)، هذه الأمور تجعل الفرد ينطوي على نفسه ويقلص علاقاته الاجتماعية، فارتفاع الشعور بعدم الرضى والإحساس بعدم الأمن، يقلص شيئا فشيئا العلاقات الاجتماعية. كما أن التمدن السريع والعلاقات المحدودة مع الجيران وأصدقاء المصلحة وغياب الأسرة المسايرة، تركت الفرد يواجه مشاكله لوحده، إضافة إلى الضغط الاجتماعي والعنف الأصولي، إذ يعتقد البعض أن الانتحار جهاد وسبيل إلى الجنة والخلاص، وتمجيد الانتحار باسم الموت والقتل في سبيل الله من قبل بعض منحرفي الدين. < ما هي البدائل التي يجب أن تقدمها الأسرة والمدرسة لتفادي انتحار القاصرين؟ < نلاحظ اليوم لدى الشباب أن لهم صبرا شبه منعدم، وأعتقد أنه من الأولويات إعادة الاعتبار إلى الأسرة والاهتمام بالقيم الجمالية والإيجابية، وإعادة النظر في البرامج الإعلامية السمعية والمرئية والورقية وخلق برامج إيجابية، بدل البرامج الفارغة التي تركز على مجال فئة قليلة في المجتمع دون اختصاص برامج وإعلام وطني دون هدف ورسالة واضحة تستهدف الأسرة والطفل وتساعد الآخر على تربية أبنائه. ويجب على المدرسة أن تكون كذلك مواطنة من خلال برامج الكتب المدرسية التي يجب أن تراعي الثقافة والقيم وتعمل على مسايرة تطلعات العالم والعصر في قالب يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وإعادة النظر أيضا في التهيئة المجالية الحضرية والقروية لتعمل المدينة على استيعاب مواطنيها أطفالا وشبابا وشيوخا من الجنسين معا. حمداوي أستاذ باحث بكلية الآداب بالقنيطرة أجرى الحوار: عبد الحليم لعريبي

انتحار الصغار … المغرب الثاني عربيا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أشغال الحفر تهدد مدرسة بشيشاوة

بنكيران يكذب أشد المدافعين عنه

مقالات ذات صلة