مشروع قانون اختصاصات رئاسة النيابة العامة

لا يوجد بالدستور أي نص يحمي قضاة النيابة العامة من العزل والتنقيل (3/2) بقلم:عبد الكبير طبيح* لا توجد آلية قانونية وقضائية لمراقبة أعمال ومهام قضاة النيابة العامة، لا من قبل السلطة التنفيذية أي الحكومة، ولا السلطة التشريعية ولا المواطن، إذ لا يمكن الطعن في قراراتها ولا تجريح أو مخاصمة قضاتها. لذا، من الواجب على القانون، مثلا، الذي سينظم قواعد التفتيش المنصوص عليه في القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أو أي قانون آخر أن يتناول هذا الفراغ، بطريقة تحمي الأدوار القضائية وغير القضائية المهمة في الحفاظ على الأمن العام والخاص التي تقوم بها النيابة العامة من جهة، وتحقق في الوقت نفسه للمواطن حقه في التشكي القانوني والقضائي، وليس الإداري، من الضرر الحاصل له في بعض الحالات التي لا يد له فيها. > المداخل الأربعة لفهم سياق المشروع لفهم الغرض من المشروع، يجب معرفة ما هو موقع مشروع القانون 33.17 في ظل الدستور والقوانين التنظيمية التي لها علاقة بالسلطة القضائية. ذلك أن المناقشة، إذا ما انصبت فقط على المواد والفصول المضمنة في ذلك المشروع، فإنها لا تنفذ إلى الجوهر وإرادة المشروع، إذ لمعرفة كنه وجوهر والغاية من المشروع يجب قراءته في ظل الدستور، وفي ظل القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي ظل القانوني التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. لذا فللجواب عن ذلك لابد من المرور من المداخل التالية : المدخل الأول: الفصل 108 من الدستور الذي يضع تمايزا بين قضاة الأحكام وباقي القضاة، أي قضاة النيابة العامة، عندما حصن ذلك الفصل فقط قضاة الأحكام من العزل والتنقيل، بينما لا يوجد بالدستور أي نص يحمي قضاة النيابة العامة من العزل والتنقيل. المدخل الثاني: هو الفصل 110 الذي يؤكد ذلك التمايز بين قضاة الأحكام الذين ألزمهم بتطبيق القانون فقط وليس غير القانون، وقضاة النيابة العامة الملزمين بتطبيق القانون، وكذلك تطبيق تعليمات السلطة التي يتبعون لها، أي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض وفق ما تنص عليه المادة 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة. المدخل الثالث: الفصل 116 من الدستور الذي يلزم المجلس الأعلى للسلطة القضائية عند اتخاذ أي قرار بخصوص قضاة النيابة العامة مراعاة تقارير التقييم المعدة من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. المدخل الرابع : المادة 75 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية التي تلزم لترقية قضاة النيابة التوفر على شروط إضافية غير تلك التي يجب توفرها في قضاة الأحكام، منها مدى تطبيقهم للتعليمات الكتابية لرئيسهم. هذه المداخل الأربعة عندما نقرؤها سنلاحظ أن الدستور والقوانين التنظيمية التي هي مكملة للدستور وضعت في الحقيقة بنيانا قانونيا خاصا بقضاة الموضوع، وبنيانا قانونيا خاصا بقضاة النيابة العامة. فهذان البناءان القانونيان هما اللذان يفسران لماذا نص مشروع القانون في المادة 5 على ضرورة توفر النيابة العامة على بنية إدارية ومالية وتقنية تحدد اختصاصاتها بقرار للوكيل العام للملك، وعلى حق الوكيل العام في توظيف أطر إدارية وتقنية خاصة بالنيابة العامة لديه، وحقه في التوفر على موارد بشرية من قضاة وموظفين وخبراء. كما يفسران سبب نص المشروع في المادة 6 على توفر النيابة العامة على اعتمادات من الميزانية العامة للدولة، وأن الوكيل العام هو الآمر بالصرف. ويفسران أيضا سبب نص المشروع في المادة 7 على مقر خاص بها بالزام الدولة بوضع رهن إشارة النيابة العامة العقارات والمنقولات اللازمة لقيامها بعملها. وهكذا، فإن أهم مقتضى يتناغم وينسجم مع المداخل الأربعة المشار إليها أعلاه التي تكلمت فيها عن وجود بناء قانون بقضاة الأحكام يتمايز عن بناء قانون آخر خاص بقضاة النيابة العامة، هو ما تنص عليه المادة 6 التي أعطت للنيابة العامة استقلالا ماليا واضحا وربطت ميزانيته مباشرة بالميزانية العامة للدولة التي يصوت عليها البرلمان، وجعلت من الوكيل العام آمرا بالصرف من جهة. وكذا المادة 7 من المشروع نفسه التي ألزمت الدولة بأن تضع رهن إشارة رئاسة النيابة العامة العقارات الضرورية للقيام بمهامها، وهو ما يعني أن النيابة العامة سيكون لها مقر خاص بها، ليس بالضرورة بمكتب في النيابة نفسها التي يوجد بها مقر المجلس الأعلى للسلطة القضائية. > الوضع يتطلب عدم التسرع في التحليل هذه الصيغة يحكمها كثير من التحفظ بدل استعمال كلمة التمييز، ومرد ذلك هو الوضع المستحدث للسلطة القضائية، والذي يفرض على الجميع عدم التسرع في تحليل بعض الأوضاع القانونية إلى أن تنطلق التجربة بخصوصها. حيث نعلم أن القضاء كان تحت التأثير المباشر للسلطات التنفيذية، وليس لسلطة وزير العدل وحده، واليوم بفضل دستور 2011 اختار المغرب نموذجا خاصا به، متقدما، ويجب أن نقولها بافتخار، حتى على ما هو عليه الأمر في فرنسا، التي لا ينص دستورها على مثل القواعد الدستورية التي أتى بها دستور 2011 بخصوص القضاء، وأقول بكل ذلك، في انتظار ما سيؤول إليه تطبيق الدستور في مجال استقلال السلطة القضائية على أرض الواقع، وليس تنزيله كما أغرقتنا بذلك الحكومة السابقة بهذه الكلمة. علما أن تطبيق الدستور شيء وتنزيله شيء آخر والفرق جوهري وكبير جدا. * محام بهيأة البيضاء

مشروع قانون اختصاصات رئاسة النيابة العامة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

10 أشهر لأستاذ كلية خريبكة

أخبار الصباح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات