وزير العدل: لست راضيا عن تدني مستوى مهنة المحاماة (2/2)

الناصري قال إن هناك مشروعا للتكوين المستمر للقضاة والمحامين وغيرهم من الفاعلين في العدالة و400 طلب انتقال للقضاة في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته الصباح مع وزير العدل محمد الطيب الناصري، تم تسليط الضوء أكثر على مسألة التكوين المستمر للقضاة لمواكبة المستجدات، وأيضا التكوين المستمر لباقي الفاعلين في المنظومة القضائية من محامين وكتاب ضبط وموثقين وغيرهم. كما تطرق الناصري إلى أوضاع مهنة المحاماة على أبواب الانتخابات المهنية والوضعية التي وصفها بالمتدنية، وأيضا إلى تنزيل مقتضيات الدستور الجديد، وجوانب أخرى، وشارك في الإجابة على بعض الأسئلة أطر تابعة للوزارة.... هل تعتقدون أن التكوين الذي يخضع له القضاة كاف لمواكبة التطورات ولتلبية الغرض وتحقيق المطلوب؟ لقد تم اقتناء عقار مساحته خمسة هكتارات حيث سيتم بناء مركب جامعي، سيصبح هو المعهد العالي للقضاء، والذي لن يخصص فقط للقضاة ولكن لجميع المهن المرتبطة به، من جملتها المفوضون القضائيون وكتاب الضبط والموثقون والمحامون، وبالنسبة إلى هذه الفئة الأخيرة، أي المحامين فقد ظل المرشحون يجتازون امتحان الأهلية، وإن كان امتحانا مؤقتا ومنذ سنين طويلة، ثم إن القلة من النقابات تفعل التكوين المستمر للمحامي المتمرن، وهذا الوضع يساهم في تدني مستوى مهنة المحاماة ما يؤثر بشكل مباشر في القضاء. هل وزير العدل راض عن مستوى مهنة المحاماة؟باعتباري محاميا أولا ونقيب محامين سابقا، لست راضيا عن مستوى المهنة في الوقت الراهن، فمستوى المحاماة متدن وفي تراجع مستمر، لهذا نحاول جاهدين في ما تبقى من أيام المسؤولية، ومن خلال مديرية الشؤون المدنية إخراج معهد لتكوين المحامين إلى الوجود، وسوف تتحمل الوزارة التكاليف المالية، لأنه من غير المعقول التذرع بالخصاص المالي لأجل إنشاء معهد لتكوين المحامين وتحسين المهنة، وبتكوين المحامي يتم تكوين باقي أطراف المنظومة القضائية، مثلا أنا بصفتي محاميا عندما أعلم أني سوف أرافع أمام القاضي فلان "كنعرف بأنني ما يمكنش ليا نعاود ليه الخرايف البيتة وخاصني نكون موجد مرافعة في المستوى"، والعكس صحيح. هل يمكن للمحامين أن يصمدوا أمام التطور على الصعيد الدولي في زمن العولمة وزحف المكاتب الدولية؟في عهد الحسن الثاني رحمة الله عليه، وفي لقاء جمعنا به في مؤتمر عقد بمراكش قال لنا إذا لم تتلقوا التكوين اللائق وتتميزوا بالكفاءات اللازمة فإن المكاتب الأمريكية سوف تطغى عليكم، وهاهي المكاتب الدولية تطغى علينا، لأن الناس تشتغل الآن حسب المعايير الدولية. مع الأسف الشديد مهنة المحاماة في فرنسا تطورت، لأنها مسؤوليها فهموا في وقت من الأوقات أن عليهم إدماج بعض المهن القريبة وبدؤوا بالمحلفين بالمحاكم الابتدائية، ثم طعموها فيما بعد بكفاءات مهنية عالية للائتمانيات وغير ذلك من المهن، أما نحن فبقينا منغلقين على أنفسنا متقوقعين في مكاتبنا. يعاب عليكم وأنتم نقيب سابق للمحامين أنكم لم تهتموا بالاختلالات التي شهدتها المهنة خاصة بالنسبة إلى تداعيات الفصل 57 الخاص بالودائع؟المحاماة مهنة مستقلة، بما تحمله كلمة الاستقلالية من معنى، والفصل 57 موضوع السؤال، نظف مهنة المحاماة ومكن من الحد من التصرف في الودائع الخاصة بالزبناء، وما كانت تثيره من إشكالات، والتي انتهت مبدئيا. لقي الفصل 57 في البداية رفضا قويا من قبل المحامين وأنا شخصيا كنت ضده، لأني اعتبرته مسا باستقلالية المحامي، إلا أنه في حقيقة الأمر طهر المهنة ، والوزارة عمدت إلى عدم التدخل المباشر في النقابات إلا أنها عملت على تفعيل سلطة النيابة العامة في البحث في الشكايات التي تحال عليها وتخص التصرف في أموال الزبناء، كما قامت الوزارة بزيارة جميع النقابات لحثها على أخذ مسألة الودائع بجدية وهناك نقابات عملت على تفعيل دورها في المراقبة والتتبع، وأخرى لم تواكب ذلك، والنيابة العامة قامت هي الأخرى بالبحث في الشكايات وفي حال ثبت لديها التصرف في تلك الودائع تحيل المعني بالأمر على التحقيق عوض الجلسة، لكي تمهله وقتا لتسوية وضعيته المادية، لأن ما يهم ليس وضعه في السجن بقدر ما يهم إرجاع الأموال إلى أصحابها، وفي البيضاء سويت أغلب الملفات التي بحثت فيها النيابة العامة، إذ مباشرة بعد إحالته على التحقيق يعمل المحامي على تسوية الوضعية. تصادف الفترة الراهنة الانتخابات المهنية، وبدأت ملامح المرشحين تظهر وتحيل على تكرار الوجوه نفسها، ما قولكم في ذلك؟بوصفي محاميا كنت ضد فكرة تكرار الوجوه نفسها، وحاربت وزملائي ذلك في الراحل عهد المعطي بوعبيد، الذي استمر في منصب النقيب خمس ولايات، ونتيجة لذلك تم إدخال تعديلات على النص المنظم لمسألة الترشح في الانتخابات والحد من عدد ولايات النقيب، إلا أن الملاحظ أن بعض المحامين، بل بعض النقابات استعارت تجربة بوتين رئيس روسيا ووزيره الأول، في التناوب على القيادة، وذلك لاحتكار منصب النقيب من قبل شخصين بالتناوب، وما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن المحامين هم من يساهمون في تكريس هذه الوضعية، وهم من يمكنهم تغيير ذلك، فهذه قضية محامين خالصة. أين وصل مكتب القاضي الوسيط؟ليس القاضي الوسيط ولكنها مؤسسة الوسيط ، للأسف هي غير معروفة كثيرا، ولكنها تهدف إلى تقريب القضاء من المتقاضين، وتجنب الوسطاء والسماسرة الذين يعمدون إلى اقتناص ضحاياهم من باب المحكمة، فقد عملت الوزارة على خلق مؤسسة الوسيط التي تضم 3 أشخاص وهم «ممثل رئيس المحكمة يعينه رئيس المحكمة وممثل وكيل العام للملك يعينه رئيس النيابة العامة، وممثل كتابة الضبط يعينه رئيس كتابة الضبط»، وكانت رغبة الوزارة في أن يصل العدد إلى أربعة، بأن يكون هناك ممثل عن نقابة المحامين، إلا أن بعض نقابات المحامين عارضت المسألة واعتبرت أن هؤلاء الأشخاص ينافسونهم في تقديم الخدمات للمتقاضين، وأن لا وجود قانونيا بنص صريح لتلك المؤسسة، ولكن الأمر هنا يتعلق بمسألة تنظيمية لا غير، لأن دور مؤسسة الوسيط هو تسهيل الطريق للمتقاضين من خلال مدهم بالنصائح والخدمات المتاحة دون تضييع الوقت. ما يجب التأكيد عليه هو أن الوزارة أصبحت تأخذ المعلومة من الوسيط في مجموعة من الملفات، خاصة مع توفر الوسائل التقنية الحديثة التي جهزت بها المحاكم.كيف تفسرون ارتفاع وتيرة متابعة واعتقال الصحافيين في عهدكم، ولماذا تلجأ النيابة العامة التي ترأسونها بصفتكم وزيرا للعدل إلى الفرقة الوطنية للبحث في هذه القضايا مع العلم أن الأمر لا يتعلق بمجرمين خطيرين؟يضحك قبل أن يجيب: مع الأسف لم أحضر معي الإحصائيات في ما يتعلق بالمتابعات في حق الصحافيين، وما يجب ذكره أني قمت بمجهود، وأنتم تعلمونه في ما يخص الجريمة الصحافية، التي هي متابعات من نوع خاص، لهذا طلبنا بدون نص من القضاء في المحاكم الأساسية التي تعرف مناقشة جنح الصحافة، وبالأخص محاكم البيضاء والرباط التي تعرف العدد الأكبر من تلك القضايا، إذ عملنا على تخصيص جلسات متخصصة للمناقشة والبت في هذه القضايا. لكن الشق المتعلق بسؤالي واضح وهو إناطة البحث بالفرقة الوطنية الشرطة القضائية، فلماذا تحال تلك القضايا عليها؟ هذه المسألة لا علاقة لوزارة العدل بها، هذا عمل النيابة العامة، إذ عندما توضع شكاية أمام النيابة العامة هي التي تختار الفرقة التي تكلفها بهذا النوع من القضايا، وللفرقة الوطنية اختصاص وطني ويمكنها متابعة جميع القضايا.« يتدخل مدير الشؤون الجنائية محمد عبد النباوي ليعطي تصوره لمسألة المتابعة والتحقيق».هناك قضيتان حققت فيهما الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الأولى كانت مع جريدة المساء، والأبحاث لم تكن موجهة في البداية ضد الصحافي، ولكن كان البحث منصبا عن الجرائم التي تم التبليغ عنها من قبل الصحافي، خاصة أن الأمر يتعلق بجرائم يقوم بها أشخاص ذوومناصب داخل الدولة، والجريدة أخبرت عنهم وطالبت بأن يتم بحث في الموضوع، وهي جرائم خطيرة قيل إن مرتكبيها أعوان الدولة وطلب من الصحافي في البداية فقط إعطاء المعلومات المتعلقة بملفات اختلاس المال العام وغيرها من تلك الوقائع، وأن يساعد العدالة في البحث عن تلك الجرائم التي يصرح بها.يتدخل وزير العدل للتوضيح. أوضح أن هذه المسائل ناتجة عن تحدي الصحافي للسلطات العمومية، الذي يقول إنه «منذ مدة وأنا أبلغ عن جرائم خطيرة تتعلق بالمال العام بصفة خاصة وبالفساد المالي والتستر على المخدرات، ويقوم بها عدد من المسؤولين ولا من يتحرك، أحد الأمرين إما متابعة هؤلاء الأشخاص أو متابعتي»، والمقالات موجودة، وطلبنا منه المساعدة إلا أنه رفض.ثم يتوجه إلى مدير مديرية الشؤون الجنائية بالقول «يمكنك الآن أن تكمل الإجابة».محمد عبد النباوي: أما الشكاية الثانية والتي تهم جريدة «الصباح»، في البداية ولحد الآن لم يكن أي رد فعل ضد الجريدة أو الصحافيين، كانت تتعلق بتسريبات عن مداولات المجلس الأعلى للقضاء، التي هي مؤسسة تشتغل مباشرة مع الملك، وأعمال المجلس الأعلى للقضاء تبعث إلى الملك كاقتراحات، هذه الأعمال مبدئيا تبقى اقتراحات سرية، والمجالس بأمانتها، فلما وقع إفشاء ونشر جزء من أعمال المجلس أو البعض منها، وأنا لا أعلم إن كانت صحيحة أو غير ذلك، آنذاك وقع البحث عن المصادر التي سربت الخبر، والصحيفة لم تكن مستهدفة ولا صحافيها. يتناول وزير العدل مرة ثانية الكلمة ليؤكد.في ما يتعلق بمتابعة الصحافة لا يمكنني التحكم في ذلك، فالصحافيون يتابعون بعضهم البعض ولا يمكن منع أي مواطن من متابعة الصحافي، ولا يمكن الوقوف ضد الحق في التقاضي، فمن يرى نفسه متضررا لا يمكمن منعه من اللجوء إلى العدالة، ويشهد الله أن وزارة العدل لم تتدخل في قضايا الصحافة. نرجع إلى المهن القضائية، فبعد انتهاء حالة الاحتقان مع كتاب الضبط ترى باقي المهن القضائية أن هناك نوعا من التجاهل لمطالبها الأساسية من قبل الوزارة كيف تفسرون ذلك؟بشأن هذه المسألة أحيل الإجابة عليها إلى مدير الشؤون المدنيةإبراهيم الأيسر: عند الحديث عن المهن المساعدة للقضاء، والتي تقصد من خلالها المفوضين القضائيين والنساخ والخبراء والعدول وغيرهم، فكل فئة من هذه الفئات تتأثر بالحراك الذي يشهد المجتمع، تتحرك وتعتبر أن الظرفية مناسبة لأجل أن تصعد الإشكال وتستفيد أكثر في إطار الحراك. عندما نتكلم عن المفوضين القضائيين، الإشكالية منذ إحداثهم، جاء في النص المنظم أنه يمكن لكل متقاضي ونقصد بالمتقاضي، أي المحامي، أن يعين مفوضا قضائيا ، هذه العلاقة كانت غامضة في ما يخص الشق المتعلق بالأجرة، وجاء تعديل الفصل 21 وحدد تلك العلاقة بالقول إنه يتعين على المحامي أن يضع قبل تقديم عريضة الدعوى اسم وطابع المفوض القضائي بما يفيد أنه أدى، ما أثار استياء المحامين، فهذه العلاقة أساسية بين المفوضين والمحامين، والوزارة حاولت خلق نوع من التوازن في إطار هذه العلاقة، أكثر من هذا أن المفوضين القضائيين يعتبرون أنهم يمارسون مهنة حرة مستقلة، وبالتالي ينادون باحتكار التبليغ والتنفيذ، إلا نص المسطرة المدنية الحالي يعطي الاختيار بين التبليغ عن طريق المفوض القضائي أو في إطار ما هو منصوص عليه في الفصلين 36 و 37 من قانون المسطرة المدنية، إلا أنهم يرفضون تلك الازدواجية في التبليغ، ويستندون في ذلك على النموذج الفرنسي، والوزارة تحاول أن تخلق نوعا من التوازن وتحل الإشكال. أما بالنسبة إلى الأتعاب التي يتقاضونها فهي لا تخضع للاتفاق المباشر مع الزبون، وإنما تخضع إلى قرار وزير العدل ووزير المالية عن كل عملية، بينما المفوضون يريدون تحديد تلك الأتعاب وفق منظورهم الخاص، كما لابد أن نأخذ بعين الاعتبار ظروف المواطن الذي سيؤدي ثمن الخدمة، وبعد أخد ورد صيغ مقترح جديد من قبل الوزارة لإعادة النظر في تحديد الأتعاب، شيء طبيعي أنه لا يحقق تلك المبالغ المرتفعة التي يطالب بها المفوضون القضائيون، ولقد تم بعث المقترح إلى وزارة المالية منذ أزيد من سنة من أجل إبداء الرأي، وتلى ذلك إرسال أكثر من تذكير إلى الوزارة نفسها، إلا أنها لم تجب إلى حد الساعة، فالمشكل حله بيد وزارة المالية، بينما وزارة العدل تواجه بالإضرابات والاعتصامات وكأنها المذنب.أما في ما يخص التنفيذ الزجري، وكما قال الوزير، والذي يدخل في إطار المساعدة القضائية، فالمفوضون القضائيون يرفضون التبليغ لأنهم يعتبرون أن التعويض عنه هزيل جدا، ولا يغطي المصاريف، ما خلق إشكالية في سير العمل وفي المداخيل، اضطرت معه الوزارة إلى الاعتماد على أعوان التنفيذ. أما النسبة إلى العدول، فبعد لقاءات متواصلة تبين أن هناك صراعا خفيا في ما بينهم، وانعكاس ذلك على الهيأة التي تنازل فيها الرئيس عن مهامه وأصبحت تدار بالنيابة، والوزارة تحاول إيجاد حل لهذا الموضوع، وليس هذا الجانب الوحدي، بل هناك أيضا تنازع اختصاص تحرير العقود بين العدول كجمعية وغرفة التوثيق العصري، والوزارة تحاول إيجاد تسوية لتلك الخلافات، فالعدول يرفضون خطة العدالة، ويطالبون بأن تحمل هيأتهم اسم التوثيق العدلي، لكي يضمنوا قانونا صفة موثق ويمارسون اختصاصات التوثيق العصري. إضافة إلى الخلاف الذي طرحت بالنسبة إلى العدول في الوقت الراهن مع وزارة المالية، إذ بالنسبة إلى السكن الاجتماعي اشترطت وزارة المالية أن تحرر العقود الخاصة بالسكن الاجتماعي من طرف الموثق، ما أغضب العدول، إذ اعتبروا أنهم استثنوا من حق في تحرير العقود من النوع سالف الذكر، فالمشكل بالأساس مع وزارة المالية التي لا تجيب على مراسلات العدول، ورغم ذلك تتحمل وزارة العدل وزر ذلك الخلاف، ثم إن مطالب العدول وصلت حد القول إن خطاب قاضي التوثيق على الوثيقة «الرسم» لم يعد له ما يبرره، ويطالبون ذلك بولوج مهن التوثيق والقضاء مباشرة وبدون مباراة. في حقيقة الأمر الإشكاليات المطروحة من قبل المهن القضائية بسيطة إلا أنه يتم تضخيمها. يلاحظ أنكم عمدتم خلال ترؤسكم للمجلس الأعلى للقضاء إلى تفعيل إعادة انتشار القضاة إلا أن العملية لم تف بالغرض منها، على اعتبار أن هناك قضاة لم تطلهم مسألة إعادة الانتشار، ومنهم من قضى في منصبه أزيد من 16 سنة؟لن أتحدث عن ذلك وإنما سأطلب من أمين المجلس نور الدين الجمال، والكاتب العام للوزارة، الإجابة على السؤال لأن المجهود الذي بذل سار في اتجاه تخليق القضاء، وسأطلب من أمين المجلس الذي عايش فترات متعددة وعاش اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء مع العديد من وزراء العدل ليتحدث عن هذه الفترة هل تميزت بحركية كبيرة أم لا. < نور الدين جمال أمين المجلس الأعلى للسلطة القضائية:بالنظر إلى أني اشتغلت منذ 2004، أمين المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فقد كان مشكل الانتقالات أو انتشار القضاة يطرح بحدة، ولكن ينتهي بنتيجة معينة ترتبط بالأساس بقلة القضاة في تلك الفترة. ولكن الملاحظ في السنتين الأخيرتين أن الأمر تغير نوعا ما، وأصبح يعطى للموضوع ما يستحق من عناية واهتمام بالنسبة إلى سائر الطلبات التي يتقدم بها القضاة، فالمجلس لديه الآن برنامج سيطرحه في المجلس الذي سينعقد أكتوبر المقبل، للبت في طلبات الانتقالات أو إعادة الانتشار للقضاة، ولدينا حوالي 400 طلب ستعرض على المجلس، وسيقول فيها كلمته، وأعتقد أنه آن الأوان للنظر في الموضوع بعين الاعتبار والجدية المطلوبة والمصلحة التي تقتضيها ظروف المحاكم التي تعيش أزمة حقيقية، إذ أن هناك محاكم تعاني خصاصا حادا.يتدخل وزير العدل يطلب من الكاتب العام للوزارة التحدث عن الأمر من خلال الإحصائيات عبدالمجيد غميجة الكاتب العام لوزارة العدلمن الناحية العددية خلال هذين السنتين أصبح هناك تسريع في تدبير المسار المهني للقضاة، وأضحى محل عناية خاصة سيما خلال الفترة 2010-2011، والملاحظ أن هناك انتظام دورات المجلس الأعلى للقضاء، إذ تم تعيين 37 مسؤولا قضائيا بالنسبة إلى مختلف محاكم الاستئناف، وتعيين 95 مسؤولا قضائيا بالنسبة إلى مختلف محاكم الدرجة الأولى، وهناك مجال آخر للانتقالات ذلك المتعلق بالترقيات، إذ شهدت هذه الفترة أكبر حصة من الترقيات 1541 ترقية، منها 622 في الدرجة الاستثنائية، 472 في الدرجة الأولى، 347 بالنسبة إلى الدرجة الثانية.فضلا عن هذا البت في 361 طلب انتقال للقضاة من خلال مجموع طلبات الانتقال. بطبيعة الحال الانتقال له ضوابط، وما يجب الإشارة إليه هو أن المغرب من الناحية القضائية مقسم إلى ثلاث مناطق ألف و باء و جيم، وكل منطقة مقسمة حسب البعد وظروف العمل، ويشترط النظام الداخلي مدة معينة لإمكانية الاستجابة لطلبات الانتقال.أليس هناك معيار المدة في الانتقال؟الناصري : المدة ليست سببا للنقل الأوتوماتيكي، والوزارة فكرت في أن الشخص الذي يعمل في المسؤولية لا يمكن أن يظل في منصبه أكثر من خمس سنوات، وشهدت حركة انتقالية لعدد من المسؤولين، ولكن هناك حالات لمسؤولين في أماكنهم لمدة تفوق 20 سنة، ولكنها قليلة، كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مانعا دستوريا لأن قضاة الأحكام لا ينقلون إلا بمقتضى الدستور. ماذا عن ملاءمة قانون المسطرة الجنائية وتنزيل مقتضيات الدستور الجديد، خصوصا بالنسبة إلى التقادم ومراقبة عمل الضابطة القضائية وغيرها من الحقوق الدستورية؟يلتفت وزير العدل إلى عبد النباوي مدير مديرية الشؤون الجنائية ليناوله الكلمة للجواب على السؤال.محمد بن عبد النباوي: قانون المسطرة الجنائية الحالي يتضمن مبادئ المحاكمة العادلة وفق ما هو متفق عليه عالميا، والدستور الجديد جاء لتكريس ذلك، ولابد من الإشارة إلى أن وزارة العدل كانت السباقة إلى ملاءمة الدستور مع التشريع الداخلي، فهناك مشروع قانون يناقش أمام البرلمان ينصب على تنظيم عمل الشرطة القضائية وجعلها تحت مراقبة النيابة العامة، حيث بعض الفرق الوطنية والجهوية التي لم تكن منظمة وكانت تخلق بقرارات السلطات الإدارية، تحولت لتصبح بقرار «علوي» يضم وزير العدل بصفته يمثل سلطة الرقابة على الشرطة القضائية والجهة الإدارية، ثانيا حدد المشروع المطروح أمام البرلمان النيابة العامة المختصة في مراقبة وتفتيش المقرات الأمنية وأماكن الحراسة النظرية، كما أن الفرقة الوطنية لم تكن خاضعة لوكيل الملك معين، أصبحت وفق المشروع تخضع للنيابة العامة التي تجري فيها التدخل، وقد جاء هذا المشروع لينظم ذلك لا من حيث الإنشاء ولا المراقبة ولا تنقيط لضباط الشرطة القضائية، واشترط أن التنقيط يأخذ بعين الاعتبار لتقييم المعني بالأمر، ولتجسيد حقوق المتهم مكنه المشروع من الحق في الصمت، إذ على ضابط الشرطة القضائية أن يشعره في حقه بلزوم الصمت، والشيء نفسه بالنسبة إلى المساعدة القانونية وحق في تعيين محام أو تعيينه له في إطار المساعدة القضائية، في المغرب لم يكن للمتهم إمكانية الالتقاء بمحاميه أثناء الحراسة النظرية، وفي 2003 بعد تعديل المسطرة الجنائية أضحى بإمكانه، ذلك ومنحت هذا الحق ابتداء من تمديد الحراسة النظرية، أما الآن وفق مشروع القانون الجديد فأصبح الأمر ممكنا، وهو حق مفتوح من اللحظة الأولى وليس ضابط الشرطة القضائية الذي يتحكم فيه، ولكن النيابة العامة التي تتحكم فيه، لأن الإذن لزيارة المحامي تمنحه النيابة العامة، في بعض الجرائم التي توصف بالجنايات يمكن تأخير الزيارة 12 ساعة إضافية، وإذا كانت الجرائم المنصوص عليها في الفصل 108 من المسطرة الجنائية، أي الجرائم الخطيرة والتي لها طابع الجريمة المنظمة يتم تأخير الزيارة إلى إلى غاية تمديد الحراسة النظرية. أما في ما يتعلق بتقادم الجرائم، فقد تم تقليص المدة، لأنها في المغرب طويلة بالمقارنة مع فرنسا، الآن نحاول تحديدها في 15 سنة بدل عشرين بالنسبة إلى الجنايات، والجنح 4 سنوات بدل خمس، والمخالفات من سنتين إلى سنة. كما تم توضيح الإجراءات القاطعة للتقادم ، ونص المشروع على أن الجرائم التي لا تتقادم هي التي ينص عليها القانون أو تنص عليها اتفاقية صادق عليها المغرب، إضافة إلى مجموعة من المبادئ الأخرى التي تم إعمالها في المشروع الجديد لملاءمته مع الدستور الحالي. أجرى الحوار : خالد الحري والمصطفى صفر وكريمة مصلي

وزير العدل: لست راضيا عن تدني مستوى مهنة المحاماة (2/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المصادقة على مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب

والي مراكش يشرف على مشاورات تشكيل مكتب الكوكب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات