ليالي “الشيشة” في شهر الصيام

شبكات الاتجار بالجنس والممنوعات نقلت إلى مقاهيها ممارسات الملاهي والحانات وجد عالم الليل والعصابات المستثمرة فيه، في مقاهي الشيشة، ملاذا للاستمرار في تقديم خدماته المألوفة في الحانات والملاهي الليلية خلال باقي أشهر السنة، إذ تخلف جولة في مقاهي الشيشة بالبيضاء، انطلاقا من أرقاها بشارع الزرقطوني وعين الذئاب، وصولا إلى أحقرها في وسط المدينة، أن إيقاع عالم الليل هو نفسه في شهر الصيام، ولم ينقطع غير التوريد بالمشروبات الكحولية. ويحدث ذلك، باعتبار أن شبكات الاتجار بالجنس، لم تعد تستسلم لأزمة قسرية كان يفرضها شهر الصيام في سنوات خلت، إذ تحرص ممتهنات الجنس على أن يكن ملح جلسات تناول الشيشة في المقاهي الخاصة بها، على إيقاع فرق موسيقية ونجوم مغاربة، أو الطرب الخليجي وجلسات "وناسة" المبثوثة في الشاشات الكبيرة، وهي الموائد التي يشهد بعضها لعب الورق. وليس أمرا غريبا أن تجد داخل مقاهي الشيشة زبناء من النساء والرجال في كامل أناقتهم بالزي التقليدي أو الديني، إذ أن كثيرا منهم، يأتون إليها قادمين من المساجد، حيث أدوا صلاة العشاء والتراويح وراء أشهر المجودين، في مشاهد تؤكد أن رمضان في المغرب، أكبر من عبادة دينية مفروضة على المؤمنين وفق تعاليم مضبوطة، إنما موسم ثقافي بطقوس متنوعة. ومن بين ما يعكس أن "الشيشة" في رمضان محرك للرواج في عدد من المطاعم التي انقطعت عنها المشروبات الكحولية والخمور، هو أن بعضها بالبيضاء، يسارع بحلول الشهر، إلى الإعلان عن عروض لوجبة الإفطار، تتضمن "الشيشة"، ما يجعل مدمنيها، سيما من العزاب والأطر التي تعيش بعيدا عن أسرها، لا يترددون في استغلال الفرصة بارتياد فضاءات توفر وجبة الفطور والنرجيلة. ويحرص مرتادو مقاهي الشيشة في رمضان على أن تنتهي سهراتهم داخلها على بعد ساعتين من موعد أذان الفجر وما يعنيه من انطلاق يوم جديد من تحريم الملذات، إذ يستغلون تلك الساعتين في التوجه نحو مطاعم ومحلات شهيرة للوجبات السريعة، حيث يحصلون على وجبات السحور، ثم ينطلق، الذين حصلوا منهم على رفقة فتاة، إلى غرف النوم، لأخذ حصتهم من المتعة، ثم الاغتسال وفق الضوابط الدينية، قبل الأذان!! ويظل أبرز ما يميز رمضان الحالي، هو توقف السلطات عن مضايقة مقاهي الشيشة، إذ لم يعلن منذ انطلاقه عن القيام بأي مداهمة، كما حل رمضان الحالي، تزامنا مع حسم الحكومة قانونية استهلاك الشيشة، على لسان محمد بوسعيد، وزير المالية، الذي قال في البرلمان قبيل رمضان، إن "استهلاك الشيشة غير ممنوع، نظرا لأنها تدخل إلى البلاد عبر الجمارك بطريقة قانونية، شأنها في ذلك شأن السجائر". وفيما أرجع المتحدث سبب مداهمات السلطات المحلية، إلى بعض الممارسات غير القانونية التي تتم داخل الفضاءات المغلقة لاستهلاكها، لم يخف نادلون وزبناء في مقاه للشيشة في أحاديث مع "الصباح"، أنهم ينظرون إلى الجمع بين التدين لمناسبة رمضان وممارسات عالم الليل التي تتيحها مقاهي الشيشة، من منطق الفرق بين القاعدة والاستثناء. "فالقاعدة هي المجيء إلى مقهى الشيشة وتناولها، على غرار استهلاك مدمني التبغ لسجائرهم، أما الاستثناء فهو الصوم وصلاة التراويح، وهي الممارسة التي ستنتهي بعد شهر"، مضيفا "هذه الخلاصة انتهى إليها العالم منذ 1930، لما كتب بريخت مسرحيته الاستثناء والقاعدة، فبين فيها كيف أن الفعل الخير والجيد، هو استثناء من القاعدة". امحمد خيي صعوبة الصوم عن "الكوكايين" على خلاف الكحول، التي يتمكن كثيرون من الإقلاع عنها في رمضان، توجد أنواع من الإدمان من الصعب جدا مفارقتها، في ظل قلة المراكز الاستشفائية المتخصصة، ومنها المخدرات الصلبة وعلى رأسها الكوكايين. ويأتي ذلك لأن الكوكايين، يتطلب الإقلاع عنه، وفق ما استقته "الصباح"، سابقا من طبيب متخصص في علاج الإدمان بمركز الرازي في سلا، مسلسلا طويلا من العلاجات، أولها مرحلة الفطام من الاستهلاك خلال عدة أيام، والتي يجب أن تكون مرفوقة بتوصيف أدوية لعدد من الأعراض والاستفادة من حصص من العلاج التحفيزي النفسي والسلوكي. ولأن إدمان استهلاك الكوكايين، يسفر عن اضطرابات نفسية، من قبيل انعدام استقرار المزاج، والأوهام المرضية، والهلوسة، وفي بعض الأحيان نوبات شديدة من القلق، فكثيرون لا ينقطعون عنه، وحتى إن لم يتمكنوا من الحصول على المادة في رمضان، فهم يلوذون بالحشيش، للحد من تلك الأعراض النفسية، وبغاية الخلود إلى النوم.

ليالي “الشيشة” في شهر الصيام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صحيفة: دبلوماسية الملك عززت موقف المغرب بالصحراء

حسون في مهرجان إفران

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات