الساسي: المطلوب إصلاحات عميقة في ظرف زمني قصير

القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد قال إن قرار مقاطعة الانتخابات التشريعية إذا اتخذ لن يكون قطيعة مع النظام السياسي(2/1) قال محمد الساسي، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد إن القرار النهائي بشأن مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية أو مقاطعتها، سيُتخذ خلال المجلس الوطني المقبل للحزب.وأكد الساسي أنه حتى في حال اتخذ الحزب قرار مقاطعة الانتخابات، فإن ذلك لا يعني، بأي حال من الأحوال إعلان القطيعة مع النظام السياسي، مضيفا أن قرار الحزب ظرفي ويستند إلى تشخيصه للواقع السياسي للبلد. في السياق ذاته، توقف الساسي طويلا عند حركة 20 فبراير، ليشرح الظروف التي أدت إلى نشأتها، وعلاقة الاشتراكي الموحد بها، والسيناريوهات المحتملة بالنسبة إلى مستقبلها. وأوضح الساسي أن التعامل الإيجابي للحزب مع بعض التنظيمات السياسية والإسلامية في إطار حركة 20 فبراير، لا يعني وجود تحالف أو تقارب رسمي معها، بل إن الأمر لا يخرج عن نطاق التنسيق الميداني المرحلي. في ما يلي نص الحوار: منذ أن ظهرت حركة 20 فبراير، اختار الحزب الاشتراكي الموحد دعمها ومساندتها، إلا أن هذا الخيار جلب لحزبكم العديد من المتاعب، كيف قرأتم تعامل الدولة معكم بشأن هذا الموقف؟منذ بداية حركة 20 فبراير، أعلن الحزب الاشتراكي الموحد تبنيه لمطالبها وتأييده لها، بدون تحفظ، وفعلا، فقد جر هذا الموقف على الحزب الكثير من المتاعب. فكما تعلمون وقعت هجومات على مقرات الحزب، في كل من الدار البيضاء وتمارة، وحوكم أعضاء من الحزب، كما هو الشأن بالنسبة إلى الرفيقين الكبوري والشنافي في تاوريرت، واعتقل مناضل آخر في المدينة نفسها، وأصيب ثالث بكسر في حوضه، بسبب تدخل قمعي، بالإضافة إلى منع بعض التظاهرات والأنشطة الحزبية، ونعتبر في هذا عقابا على تأييدنا لحركة 20 فبراير. فالدولة فاجأتها هذه الحركة، ولم تعتبرها شيئا طبيعيا أو عاديا، وممارسة لحق مشروع، بل اعتبرتها خروجا عن قواعد الصراع السياسي في التقاليد المغربية. ولهذا، حاولت مواجهتها، لكن تعاملها معها تدرج في نظرنا عبر أربع مراحل، الأولى كانت بمثابة محاولة إجهاض الجنين في الرحم، فكانت هناك محاولة تشويه الحركة، وتقديمها على أنها حركة مشتبه فيها، ورفع شعار الاستثناء المغربي، الذي يفيد أن مثل هذه الحركة لا يمكن أن توجد في المغرب، لأنه دخل عهد التغيير، وليس في حاجة إليه. وقيل في أعضاء حركة 20 فبراير ما لم يقله مالك في الخمر، وكذا العلاقات المفترضة مع بوليساريو.وعندما تأكد النظام أن الحركة ماضية في طريقها، بدأ في نظم قصائد غزل في حقها، ورفع آنذاك، عوض الاستثناء المغربي، شعار كلنا مع 20 فبراير، وأن المطالب التي ترفعها تلقى تجاوبا مع الجميع في قاعدة وقمة الدولة والمجتمع. في هذه المرحلة الثانية، رأينا بعض الرموز التي كانت لها تحفظات في البداية، تندمج في هذه الحركة، وتنزل معها إلى الشارع. أما المرحلة الثالثة التي جاءت بعد خطاب تاسع مارس، فكان الهدف منها القمع المباشر للحركة، وتم ذلك يوم 13 مارس أمام مقر الحزب الاشتراكي في البيضاء، وفي 22 ماي و29 ماي أدى ذلك إلى وفاة كمال العمري بآسفي، وكاد أن يؤدي إلى تعقيدات أخرى، إذ تزايد عدد المتظاهرين في آسفي بعشر مرات تقريبا، بعد حادث وفاة العمري، معناه أن القمع الدموي يمكن أن يؤدي إلى نمو هذه الحركة نموا غير متوقع. أما المرحلة التي نعيشها الآن، فهي المرحلة الرابعة، وقع فيها القمع بالوكالة، فالدولة تحاول محاصرة الحركة بالوسائل المختلفة من تهديدات واتصالات وإرسال تبليغات قضائية، وبمحاولة التأثير على بعض الفنانين والرياضيين ورجال الأعمال والرموز، لكي لا ينزلوا مع الحركة في تظاهراتها، وحتى تظهر في صورة حركة متطرفة لا علاقة لها برموز المجتمع. وهذه المرحلة اتسمت بوضع منصات للغناء ولأنشطة أخرى في أماكن التظاهر، وتجنيد متظاهرين لمنع متظاهرين آخرين، وهذه ظاهرة معروفة في الشرق، ويتم استنساخها في المغرب، كما يتم الاتصال بالجمعيات التي ساهمت مع أجهزة الدولة في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتعبئة الأئمة والسلفيين وخلق كيان يسمى "مؤيدي الدستور"، ينزلون إلى الشارع لمنع آخرين من ممارسة حق التظاهر، كما تمت تعبئة بعض التجار للقول بأن التظاهرات تمس بأنشطتهم الاقتصادية، وبالطمأنينة لدى سكان الأحياء. إذن هناك استعمال لوسائط مختلفة لقمع الحركة، لكن هذا كله في نظرنا لن يؤدي إلى إجهاضها الحركة، إذ تبقى مستمرة، وتتقوى أحيانا، وتضعف أحيانا أخرى، ولكنها مستمرة، ومرت من اختبارات صعبة، ومع ذلك، حافظت على استمرارها. لكن رأيا يقول إن البعض "أراد استغلال" حركة 20 فبراير، ليستعيد بريقه في الساحة السياسية، وكان الاشتراكي الموحد ضمن دائرة المعنيين، ما هو تعليقكم؟ الاتهام بمحاولة استغلال حركة 20 فبراير يجب أن يوجه إلى هيأة، هي بحسب طبيعتها بعيدة عن مطامح وخطاب شباب 20 فبراير، حتى نقول إن هذه الهيأة أرادت استغلال الحركة، لكن بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي الموحد الذي له أفكار وأطروحات قبل 20 فبراير، تطابق في جزء كبير ما جاء في الحركة، فلا يمكن أن نقول إنه أراد استغلال هذه الحركة. نحن تصرفنا بشكل مضبوط، تأملنا الوثائق والمسار، رأينا تطابقا في روح المسار الذي نادينا به، فالتحقنا بالحركة التي قررنا دعمها، لكن في الوقت نفسه، نحرص على المحافظة على استقلالها، فيمكن الرجوع مثلا إلى البيان الموحد الصادر عن حركة التظاهر يوم 20 فبراير، الذي يتحدث عن الملكية البرلمانية، والتغييرات العميقة، ومحاربة الفساد والتوزيع العادل للثروات ومحاربة اقتصاد الريع، ويمكن الرجوع أيضا إلى عدة وثائق، منها وثيقة "حركة حرية وديمقراطية الآن"، ووثيقة حركة 20 فبراير "الشعب يريد التغيير"، وأخرى تطالب بالكرامة وغيرها من الوثائق. نحن دائما طالبنا بدستور ديمقراطي، وبإقرار نظام الملكية البرلمانية، ومحاربة الفساد، ونحن من الذين يقولون بعدم الاكتفاء بنصف الإصلاح أو ربعه، بل لابد من إصلاح شامل وجذري، ونعتبر أن الخطوات التي يجب أن نقدم عليها، يجب أن تكون ثورية، وأظن أننا نعيش زمن الثورة، ولا يمكن إخفاء هذه الحقيقة، فما يقع اليوم في العالم العربي، وما يقع في المغرب، والخطاب الذي تعتمد عليه حركة 20 فبراير يفيد بأننا في حاجة إلى نفس ثوري، وأن الإصلاحات يجب أن تتكثف في الزمن، لأنه لا يمكن انتظار زمن أطول، إذ لا بد من إصلاحات عميقة، وأن تتم في زمن قصير، فمفهوم الزمن السياسي غيرت منه الحركات الموجودة حاليا في العالم العربي. العالم يتغير، ونحن أيضا يجب أن نتغير، والتغير الذي يجب أن نتبناه يجب أن يكون ثوريا، وأن نحقق أكبر قدر ممكن من الإصلاحات في أضيق مسافة زمنية، لكي ندخل منطق العالم، وننجز الخطوة الحاسمة للدخول إلى نادي الديمقراطيات، فلا مجال للانتظار أو تعليق الإصلاحات، أو اعتماد منطق الإصلاحات بجرعات. من بين المواضيع المثيرة في تتبع حركة 20 فبراير أنها مكنت من تقريب الهوة بين النهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان، وهو التقارب الذي اعتبره متتبعون غريبا ويخفي في طياته مفاجآت في المستقبل، كمتتبع سياسي، ما الذي جعل عدوي الأمس، صديقين اليوم؟حركة 20 فبراير مثل باقي الحركات التي يعرفها العالم العربي، وبالتحديد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إن حركة 20 فبراير ليست حركة إيديولوجية، بل حركة تنادي بالديمقراطية والحكامة، بمفهوميها السياسي والتقني المتمثل في التدبير العقلاني الخالي من كل أساليب الفساد والغش ومخالفة القانون وغيرها. وهذه الحكامة تبقى ملزمة لجميع الأطراف أيا كانت الإيديولوجيات التي ينطلقون منها. فمفروض أن ينضبط الجميع، والشعار هو إسقاط الاستبداد، وإسقاط الفساد، وهذا يهم الجميع مهما اختلفت البرامج، والمشاريع المجتمعية التي ينطلق منها كل طرف. وما يقع بالنسبة إلى حركة 20 فبراير، ليس تحالفا، بل تنسيقا ميدانيا، تم عن طريق التخابر بواسطة الانترنيت، ثم في الجموع العامة، وتكوين تنسيقيات واتخاذ القرارات. كما أنه في الجموع العامة، يتم تقييم العمل السابق، والاتفاق على عمل لاحق. وبالنسبة إلينا في الحزب الاشتراكي الموحد، ننطلق من فكرة ضرورة تغيير النظام من داخل النظام، بدون إراقة قطرة دم واحدة. لقد قلنا هذا وكررناه، ونعيد التأكيد عليه. وتغيير النظام، يعني تغيير مضمونه والحفاظ على شكله، أي الحفاظ على الطابع الملكي الوراثي، فتغيير مضمون النظام هو الانتقال من ملكية شبه مطلقة إلى ملكية برلمانية، لأن صيغة التنسيق الوحيدة بين الملكية الوراثية والديمقراطية هي الملكية البرلمانية. وإلى حدود الآن، لم يبدع البشر صيغة أخرى لهذا النوع من التوفيق، فمناضلونا مثلا يعملون في حركة 20 فبراير كأفراد، وليس هناك أي تنسيق كهيآت قائمة بذاتها، صحيح أن هناك تعاونا ميدانيا بين أفراد متناقضين إيديولوجيا، لأنني كما أسلفت، فإن حركة 20 فبراير ليست إيديولوجية، بل حركة تعددية، وكل واحد يحتفظ ببرنامجه وبمشروعه المجتمعي، ولكن يكون ملزما بما تم الاتفاق عليه عبر الآلية الديمقراطية، وإذا لم تكن الآلية ديمقراطية، فلا يمكن أن يقع أي اتفاق. وللإشارة، فإن النهج والعدل والإحسان سبق لهما أن تعاملا في سياقات أخرى، مثلا في الاتحاد الوطني للمهندسين، أو في إطار مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين. صحيح هناك خلافات وتاريخ حافل بالتناقضات الكبيرة، ولكن أظن بأنه بعد الآن، نحن نعيش زمنا سياسيا جديدا، فمختلف البؤر التي تحركت في العالم العربي يجب إن نقول إن نواتها علمانية. لقد كان هناك تصور في العالم العربي والإسلامي أنه لا يمكن أبدا أن تبدأ انتفاضة أو حركة ثورية أو حركة تغيير دون أن يكون الإسلاميون هم قادتها. الآن، نلاحظ أن شبابا يتحلقون حول بعضهم انطلاقا من التخابر بواسطة الانترنيت ويبدؤون هذه الحركة بمنطق البدايات، فكان منطقا علمانيا، ولأول مرة، فإن أطروحة ضرورة تصدر الإسلاميين لأي حركة في الشارع، لم يعد لها مبرر.ولا نخفي أنه كانت هناك اختلافات كثيرة، مثلا في ما يتعلق بالمجلس التأسيسي، فهناك من يتصور أن المجلس سيتفق وسيقود مثلا إلى الجمهورية الماركسية، وهناك من يعتبر أن المجلس التأسيسي يمكن أن يقود إلى تأسيس مجلس الخلافة على منهاج النبوة. على كل حال، هنا الديمقراطية تبنى على قواعد معينة معروفة تتمثل في السيادة الشعبية، وهي فصل السلطات والتمثيلية بالدوري، وحماية الحقوق والحريات في التشريع والعمل، إذن لا يمكن للشق الأول المتعلق بالسيادة الشعبية أن يكون متناقضا مع القاعدة الأخيرة المتمثلة في حماية الحريات والحقوق، مثلا أن تتفق الأغلبية على سحق الأقليات الإثنية أو اللغوية أو السياسية، أو العرقية أو ما شابهها. لهذا، فإن الديمقراطية تعيش بانصهار هاتين القاعدتين فيما بينهما، بمعنى أن السيادة الشعبية بدون حقوق الإنسان لا قيمة لها، وحقوق الإنسان، بدون السيادة الشعبية لا معنى لها، لأن حقوق الإنسان هي الأساس قبل التصويت وأثناء التصويت وبعده. طبعا هناك منظومة في حقوق الإنسان، هي منظومة كونية سطرت الحد الأدنى الذي يجب الالتزام به وعدم النزول عنه. ومن المؤلم لنا نحن في الحزب الاشتراكي الموحد ولغيرنا أن نكون في مغرب القرن 21 مازلنا نتناقش هل ندخل أو لا ندخل حرية المعتقد في الدستور المغربي، إذن هناك من يتصور أنه عن طريق المجلس التأسيسي، يمكن أن ينعش فكرة أو يسمح بدولة الخلافة التي لم تعمر إلا 30 سنة من 14 قرن، إنهم يريدون أن يعودوا إلى تلك 30 سنة، في عمر الإسلام الذي يقدر ب14 قرنا، كما لو أنه خلال هذه الفترة، لم تقع أي تغيرات. وهذا في نظري يطرح مشكلا، إن أن فكرة المجلس التأسيسي تتناقض اليوم مع فكرة الانتقال الديمقراطي، لأن العالم خرج من فكرة الثورات الإيديولوجية التي تنتهي بإقامة سلطة إيديولوجية تحل محل تلك القائمة، وتقصي الآخرين. الآن، هناك منطق الانتقال الديمقراطي الذي يعني شيئا آخر. إنه منطق ينبني على أساس الاتفاق، بمعنى أن المجلس التأسيسي إذا أدى إلى صياغة دستور، يكون دستور غالب على مغلوب، فهو خارج عن مفهوم الانتقال الديمقراطي، الذي يستوجب أن لا يكون هناك دستور غالب على مغلوب، بل دستور توافقت عليه كل المكونات والحساسيات الموجودة، بما فيها الأقليات السياسية والإثنية والدينية وغيرها، أو على الأقل، توافقت حوله أغلبية هذه القوى، خصوصا القوى التي لا يمكن لها عرقلة تطبيق ذلك الدستور مستقبلا. في السياق نفسه، أظهر اليسار الاشتراكي الموحد تقاربا مع العدل والإحسان، نحتاج منك إلى تدقيق حول هذه المسألة، رفعا لأي لبس؟يقوم الموقف الرسمي للاشتراكي الموحد على منع أعضائه والمنتمين إليه، من الدخول في أي حوار، أو تحالف رسمي، مع مجموعة من التيارات السياسية، فيما يسمح بالحوار مع تيارات أخرى. وتندرج في إطار المجموعات الأولى، الأحزاب الإدارية، وجماعة العدل والإحسان، وحزب العدالة والتنمية. فهذه التنظيمات لا يسمح الحزب بأي شكل من أشكال الحوار أو التحالف الرسمي معها. من جهة أخرى، هناك أحزاب وتنظيمات، وجماعات، يمكن أن ننخرط معها، رسميا، في تقارب أو تحالف، وهذا ما تجسد على مستوى تدبير الجماعات، ويتعلق الأمر بأحزاب اليسار، وحزب الاستقلال، والبديل الحضاري، وحزب الأمة. وبُني الموقف الرسمي للحزب على أساس عدم إمكانية تحقيق التقارب أو التحالف مع أي هيأة سياسية، إلا إذا كانت تتبنى الاستقلالية عن الدولة، ومقتنعة بالديمقراطية، وتوظف الوسائل و الإمكانيات النزيهة في عملها. نحن في الحزب الاشتراكي الموحد، لا شيء يمنعنا من التحالف مع تيارات أو ممن لهم توجهات مخالفة لفكرنا الإيديولوجي، فلسنا ممنوعين من التعاون أو التحالف مع الليبراليين، مثلا... الحزب لا يشترط التقارب الإيديولوجي في التحالفاتالأمر مرتبط بكل أشكال التحالفات، فحتى لو كان المرء ليبراليا، فإنه يمكن أن نتحاور معه، أو نعقد تحالفا معه، فالحزب لا يشترط نوعا من التقارب الإيديولوجي بين الحزب والجهة التي يريد التعاون معها، فحزب الاستقلال، رغم أن برنامجه يختلف عن برنامج الاشتراكي الموحد، إلا أنه يحتفظ بحد معين من الاستقلالية عن الدولة. وبطبيعة الحال، يمكن أن نتناقش حول كيفية تحيين هذه المعايير، لأنها، في بعض الأحيان، قد تنطبق على طرف دون آخر. مثلا، ربما إذا خضع حزب إسلامي إلى تطور في مساره الإيديولوجي والفكري والسياسي، فمن الممكن أن يحصل تحول في موقف الحزب من مسألة التحاور معه. إن الاقتناع بالديمقراطية مسألة أساسية بالنسبة إلى الاشتراكي الموحد، وحزب العدالة والتنمية، بالنسبة إلينا، لا يزال يضع تحفظات حول الديمقراطية... من جهة أخرى، أضع تصورا لتطور في اتجاه آخر، وأستحضر هنا حزبا كان ديمقراطيا ويساريا ومستقلا عن الدولة، وكانت وسائله نزيهة، قبل أن يفقد، شيئا فشيا، استقلاليته ونزعته الديمقراطية. ورغم أنه بالنسبة إلى التسيير الديمقراطي الداخلي، حصل تقدم بالنسبة إلى جل الأحزاب، إلا أنه في ما يتعلق بالتعامل الديمقراطي، وفي ما يخص الديمقراطية كفضاء عام، تبدو بعض الأحزاب متضايقة من أن تطبق بحذافيرها في البلد، وهذه نزعة استئصالية، لا نتقاسمها معها، إذ تعتبر أن تطبيق الديمقراطية، بمفهومها الشامل والواسع، من شأنه أن يقود الإسلاميين إلى السلطة، نحن ضد هذه الفكرة، يمكن أن نتناقش مع الإسلاميين ونتصارع معهم في الميدان، لكن لا يمكن أن نحرمهم من حقوقهم الديمقراطية بدعوى أن الديمقراطية لا تكون سوى للديمقراطيين. هذا هو موقفنا الرسمي. طبعا ما يقوم به أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد، على المستوى الميداني، في علاقتهم بحركة 20 فبراير، لا يخرج عن إطار التنسيق الميداني، الذي لا يتم سوى على مستوى الأفراد، وهؤلاء واعون بالاتفاق السائد داخل الحزب، وبالموقف الرسمي لهذا الأخير، لكن هذا لا يعني عدم الاعتراف بجماعة العدل والإحسان، والإقرار بأحقيتها في الوجود السياسي، وفي أن تكون حزبا سياسيا، وفق الضوابط الديمقراطية. نحن نعتبر أن الحركات الإسلامية لها مشروعية ثقافية من منطلق دفاعها عن الهوية، ومشروعية سياسية، انطلاقا من تشخيصها لرغبة بعض النخب في أن تلعب أدوارا في مستقبل المغرب، ولها مشروعية اجتماعية، لأنها تعبر أحيانا، عن فئات مجتمعية ليس لها ممثلون، ولها مشروعية نظرية، لأنها استطاعت أن تستقطب من الأفراد والمواطنين أكثر ممن استقطبتهم العديد من الأحزاب أخرى، لكن الديمقراطية، هي الفاصلة بيننا وبين هذه الحركات الإسلامية، فإذا رفعت تحفظها عن الديمقراطية بقواعدها التي أشرت إليها، أعتقد أنه سوف لن يكون هناك إشكالية في إمكانية التعاون معها، والانتقال من التنسيق الميداني على مستوى الأفراد، إلى التنسيق السياسي على مستوى الحزبي. إعداد: نادية البوكيلي/ جمال بورفيسي /عبدالله الكوزي

الساسي: المطلوب إصلاحات عميقة في ظرف زمني قصير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العدالة والتنمية يرد على بلاغ الحكومة

متابعة 3 متهمين في حادث أرجوحة آسفي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات