الفساد ينبعث من مداخن المحطة الحرارية

الشرطة البيئية تحقق في تصريف مخلفات الفحم بشواطئ المحمدية وانتقادات لإشراك مكتب الكهرباء في لجنة للتتبع لم تفارق فضائح التلوث البيئي المحمدية إلا لتعود إليها، فبعد أن توقفت مداخن مصفاة التكرير "سامير"، انجلى في الأفق غبار أسود غطى البشر والحجر في مدينة الزهور، ووجد في شواطئها مستقرا له قبل انطلاق موسم الاصطياف. مداخن المحطة الحرارية للطاقة الكهربائية لا تنام، تنفث السواد ليل نهار، وتعمق مشاكل السكان الصحية، في مدينة يعاني أزيد من ثلث قاطنيها أمراضا تنفسية مختلفة. الدخان لم يكن موضوع الفيديو الفضيحة، الذي انتشر مثل النار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أخيرا، ووثق جريمة بيئية مكتملة الأركان، بعد اكتشاف جمعويين لعملية تصريف مقذوفات الفحم الحجري "الشاربون" في بحر شاطئ أولاد حميمون خلف المحطة. الطريق الساحلية بين البيضاء والمحمدية، تحولت إلى جحيم للسائقين، الذين وجدوا في الطريق السيار بديلا عنها، لكن حركة شاحنات النقل لم تهدأ على طول هذا الشريط المتاخم للبحر، الذي يحوي مصانع ومخازن، من ضمنها المحطة الحرارية للطاقة الكهربائية، التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، المستوطن القديم للمكان، من خلال مقره الشهير في منطقة الصخور السوداء "روش نوار". بمحاذاة شركة "سامير"، التي تعيش موتا سريريا منذ غشت من السنة ما قبل الماضية، تنتصب المحطة المذكورة، تشير إليها أعمدة الدخان من بعيد، بعد أن توقفت جارتها في مصفاة التكرير. الولوج إلى شاطئ أولاد حميمون القريب، لم يكن سهلا، إذ تنتهي الطريق المعبدة عند مدخل ما تبقى من "كابانوهات" الاصطياف، ليضطر الزائر إلى تسلق الحجر قبل الصخر، وصولا إلى الشاطئ، الذي اتشح بالسواد في جزره، بعد أن التبس لون الصدف والمحار بقطع الفحم الحجري التي لفظتها مياه البحر. مكان "النهر الأسود"، الذي يمتد مجراه بين المحطة الحرارية والبحر، محروس من قبل عناصر الحراسة الخاصة للمكتب الوطني للكهرباء منذ مدة، لغاية إبعاد الفضوليين والجمعويين المحليين، المهتمين بالدفاع عن قضايا البيئة، وهو الأمر الذي يعتبره الحسين الزناتي، فاعل جمعوي، عاديا بالنظر إلى قوة تأثير مقطع الفيديو الذي تم تداوله، ويوثق تصريف مقذوفات مخلفات الفحم الحجري في مياه البحر، بما يهدد سلامة الحياة البحرية وصحة مرتادي الشاطئ. "الغبرة الكحلة" لا حديث في المحمدية ونواحيها منذ مدة إلا عن "الغبرة الكحلة"، التي وصمت الشوارع والمباني والسيارات، ونال البشر منها نصيبه، إذ استقبل المستشفى الإقليمي مولاي عبد الله أخيرا، عدد مهما من إصابات ضيق التنفس، حسب أحمد أنوار، فاعل جمعوي، موضحا أن نسبة 34 % من سكان المدينة يعانون مشاكل في أجهزتهم التنفسية، بسبب تدني جودة الهواء الذي يستنشقه العموم منذ سنوات، فرغم توقف مصفاة التكرير "سامير" عن العمل منذ أزيد من سنة ونصف السنة، فإن شركة مثل "سنيب"، المتخصصة في الصناعات البترو كيماوية و"الكتبية"، الفاعلة في مجال الصناعات الغذائية، والمكتب الوطني للكهرباء، من خلال المحطة الحرارية التي يديرها، تواصل نفث المزيد من الدخان في الجو، وتعتبر مصدرا مهما لانبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون، حسب أنوار. "الغبرة الكحلة ما خطات حد"، بهذه العبارة تعلق "هنية. م"، القاطنة في أحد الدواوير المجاورة للمحطة الحرارية، بنبرة يائسة، في إشارة إلى الانتشار الواسع والسريع لظاهرة الغبار الأسود، الذي لم تفلح الوقفات الاحتجاجية التي نظمها أنصار البيئة المحليون وجمعيات أخرى، في تحريك المسؤولين لغاية التدخل من أجل وقف هذه الانبعاثات التي أضرت بصحة سكان المحمدية وزناتة. مداخن المحطة توقفت فجأة عن نفث الدخان بكثافة، بعد تفجر فضيحة تصريف مخلفات الفحم الحجري المستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية في البحر، عبر شاطئ أولاد حميمون، الذي تحول فجأة إلى مزار لأنصار البيئة، رغم الحراسة المشددة على المكان. جريمة بيئية لم تتحرك السلطات إلا بعد فوات الأوان، يؤكد الحسين الزناتي، الجمعوي الذي ظل متابعا لتطورات الموقف منذ تفجر الفضيحة البيئية، موضحا أن المسؤولين عن المحطة الحرارية، بادروا فور انتشار الفيديو المذكور، إلى إخفاء معالم الجريمة البيئية، حسب تعبيره، مشددا على أنه تم تجريف الرمال لتشكيل سد طبيعي، يخفي آثار مجرى نهر المقذوفات الذي كان يصب في البحر مباشرة، إذ عاينت "الصباح" في هذا الشأن، موضع المجرى الذي تم تجفيفه مما كان يحويه من خليط المياه ببقايا الفحم، في الوقت الذي ما زالت عمليات رص وتخزين الفحم الحجري خلف المحطة، و استمرار توافد الشاحنات المحملة بهذه المادة عليها، علما أن مصادر مهنية، تحدثت عن استقبال عشر شاحنات يوميا في فضاء توليد الكهرباء، تصل حمولتها الإجمالية إلى 330 طنا. دخلت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة على الخط في فضيحة المحطة الحرارية، واتخذت مجموعة من التدابير، يتعلق الأمر بانتقال الشرطة البيئية إلى المحطة الحرارية للطاقة الكهربائية، حيث باشرت تحرياتها حول المقذوفات السائلة من مخلفات الفحم الحجري في البحر، إذ رصدت عناصرها بقعا سوداء على مساحة تقدر بحوالي أربعة آلاف من الجهة الغربية للشاطئ المحاذي لميناء المحمدية، وأخذت عينات من المكان نفسه، لغاية إخضاعها لتحاليل مخبرية، من أجل التأكد مما ورد في التعاليق المضمنة للفيديو، الذي وثق تصريف مخلفات "الشاربون" في البحر. حلول الشرطة البيئية بالمحطة الحرارية، استنفر إدارة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، إذ انتقل مدير عام قطب الكهرباء في المكتب إلى المحطة الحرارية في سابقة من نوعها، حسب مصدر مهني، موضحا أنه تم تشكيل خلية لمراقبة عملية استغلال الفحم الحجري وتدبير مخلفاته، وهو الأمر الذي لاحظه الجميع، حين توقفت المداخن عن نفث الدخان بكثرة. انبعاث قرار عاملي أفادت مصادر مطلعة، أن تفجر فضيحة تصريف مخلفات الفحم الحجري في البحر، أخرجت قرارا عامليا لعامل المحمدية صدر في 2013، بشأن إحداث لجنة لمراقبة جودة الهواء، إذ اجتمعت هذه اللجنة للمرة الأولى، أياما فقط، بعد انتشار الفيديو الذي وثق الفضيحة، الأمر الذي اعتبره جمعويون نمطا اعتباطيا في تسيير الشأن المحلي بمدينة الزهور، التي تعيش منذ سنوات تحت وطأة التلوث، في ظل عدم مراقبة أنظمة تصريف النفايات والمخلفات الخاصة بالوحدات الصناعية المنتشرة في المدينة. مكتب الكهرباء... خصم وحكم اعترض فاعلون جمعويون على مكونات اللجنة الإقليمية المختلطة، التي حلت بالمحطة الحرارية للطاقة الكهربائية بالمحمدية ومواقع تصريف مخلفات الفحم الحجري، محتجين على تعيين الخصم والحكم في هذه اللجنة، التي أطلقتها وزارة الطاقة والمعادن والبيئة والتنمية المستدامة، في إشارة إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، مطالبين بفتح تحقيق نزيه في واقعة تصريف مياه ملوثة في البحر خارج القانون، موضحين أن المكتب الذي تطوله شبهة اختلالات في تدبير نفاياته، لا يمكن أن يكون جزءا من الحل. بدر الدين عتيقي

الفساد ينبعث من مداخن المحطة الحرارية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المديرون العامون...من أين أتوا؟

اعتقال مبتز قاصرات أشرطة فاضحة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات