عندما طعن الراحل الناصري

كاد أن يتسبب في "بلوكاج" حكومي وخاطب قضاة "نشكركم على التهنئة وخا مابغيتونيش" عندما كلف عبد الإله بنيكران بتشكيل الحكومة بعد دستور 2011، تشبث الرميد بوزارة العدل، رغم وجود اعتراضات عليه لسببين، الأول أن جهات عليا، شككت في قدرته على تسيير وزارة تعد من وزارات السيادة، رغم أنه تولت رئاستها شخصيات سياسية، على رأسها الاتحاديان الراحل محمد بوزبع وعبد الواحد الراضي، إذ كانوا يتعاملون مع هذه الوزارة، وزراء سياسيين أكثر منهم وزراء مسيرين بحكم أن مهمة الإشراف العام على تسيير الوزارة يتكلف به المديرون المركزيون. والسبب الثاني، أن وزارة العــدل وقتها كانت تحت إشراف النقيب الراحل محمد الناصري، الذي عين فيها منذ سنتين قبل تعيين حكومة بنكيران، وبحكم تكوينه الرصين وشخصيته القوية والمتسامحة، بدأت معالم بصماته على مستوى وزارة العدل من خلال المشاريع، التي أعلن انطلاقتها، لهذا أبدت جهــات عليا رغبتها في استمراره على رأس وزارة العدل، ولو اضطر الأمر إلباسه ثوب العدالة والتنمية، من أجل إنهاء هذه الأوراش الكبرى التي باشــرها بتنسيق مع الملك، إلا أن المقترح وإن وافق عليه عبد الإله بنكيران في البداية، اصطدم بعناد الرميد، الذي تمسك بوزارة العدل. ورغم مفاوضات من أجل اقناعه بوزارة أخرى، تشبث بموقفه، ومن أجل الضغط على بنكيران ومحيط القصر، اعتكف بمنزله أياما، مغلقا هاتفه المحمول، مهددا ببلوكاج حكومي، إلى أن اضطر بنكيران إلى الرضوخ لتهديداته، بحكم أنه كان من صقور الحزب. وكشفت مصادر أن الراحل محمد الناصيري، والذي كان الرميد يدعي أنه صديقه المقرب والمفضل، كان على علم بتشبث الرميد بوزارة العدل، وكشف الأمر لمقربين منه، وأنه اضطر إلى التخلي عن الوزارة على مضض، قبل أن يغادرنا إلى أرض البقاء عل حين غرة. تسلم الرميد الوزارة، واحتفظ بالهيكلة نفسها والأشخاص أنفسهم الذين عملوا تحت امرة الراحل محمد الناصري، إلا انه بعد مرور الأيام، شعر كل العاملين في الوزارة أن هناك فرقا بين الرجلين، خصوصا عندما صارت وزارة العدل تعيش بعض التوترات، على المستوى المركزي، بين المقربين من الوزير وآخرين ألفوا العمل بالطريقة التي ابتكرها الراحل الناصري. كان أول لقاء بين الرميد والقضاة، ممثلين في قضاة المجلس الأعلى وقتها من أجل تقديم التهنئة على تعيينه وزيرا للعدل يبشر ببوادر الصدام بين الطرفين، خصوصا عندما خاطبهم الوزير بعبارة "أشكركم على التهنئة واخا مابغيتونيش". في عهد الرميد شهد الحقل القضائي بالمغرب ميلاد جمعية نادي القضاة، من قبل مجموعة من القضاة الشباب، وهو ما لم يرق الوزير الجديد، الذي فتح جبهة مواجهة بينهم، وصلت إلى حد التهديد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المنتمين إليها، وفعلا أصابت نيرانه عددا من أعضاء الجمعية من بينهم القاضي عنبر وفتحي وآخرهم محمد الهيني، الذي منعه حتى من ولوج المحاماة، بعد صدور قرار عزله. لم يكتف الرميد بتلك المواجهة مع القضاة فقط، بل لأول مرة في تاريخ المجالس التأديبية التي يترأسها وزير العدل، نيابة عن الملك محمد السادس، أصبحت عبارة عن محاكمات حقيقية، ما أثار حفيظة أعضاء المجلس، خصوصا الذين اشتغلوا مع وزارء سابقين، كان دورهم فقط تسيير المحاكمة، وإعطاء الكلمة لمن طلبها دون التدخل في تفاصيل المتابعة. تحول الرميد إلى قاض وظل يطرح أسئلة وفي كثير من الأحيان محرجة ليس فقط للقاضي المتابع أمام المجلس التأديبي، بل حتى على أعضاء المجلس الأعلى وقتها، لدرجة أنه كان يفرض رأيه في العقوبة، رغم أن الأمر يتعلق بأمور قضائية، موكولة لأعضاء المجلس التأديبي المشهود لهم بالكفاءة. مصطفى لطفي

عندما طعن الراحل الناصري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إلياس العماري رئيسا لحكومة الظل

قوانين عالقة وإخفاقات تشريعية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات