المغرب واظب على تنظيم قطاع المواد الغذائية وزجر الغش في البضائع منذ الحماية الفرنسية واستمر إلى 2011 دون نتيجة ليست التشريعات والقوانين المتعلقة بزجز الغش في المواد الغذائية ومراقبتها ما ينقص المغرب، بل يعوزه تفعيل هذه النصوص ومراقبة المكلفين بتطبيقها (جمارك وأمن ورجال سلطة وأعوان جماعيين...) وإنزال أقسى العقوبات عليهم، جراء ما يقترفونه، يوميا، من جرائم في حق المواطنين بتواطؤ مع الغشاشين. وتعود أول دورية "قانونية" في هذا الإطار إلى 19 شتنبر 1913، حين بعث مندوب الإقامة العامة الفرنسية إلى رؤساء البلديات نصا نموذجيا طلب منهم الاعتماد عليه في صياغة القرارات البلدية المتعلقة بالزجر عن الغش في المواد الغذائية والمواد المخصصة للاستشفاء. وكانت هذه الدورية أول وثيقة قانونية تنبه إلى مخاطر التلاعب في المواد الغذائية وأثر ذلك على صحة وسلامة المواطنين، خصوصا المعمرين أو المغاربة الموجودين تحت بند الحماية. وظلت هذه الدورية سارية في المغرب إلى وقت قريب، حين استفاقت الدولة على حجم الخروقات والثغرات القانونية في هذا المجال، وانتظرت إلى 1984 لصدور ظهير يميز بين البضائع الموجهة إلى الاستهلاك، مثل المواد الغذائية والمشروبات والمنتجات الفلاحية، أو الطبيعية، وبين المواد الأخرى التي تتعرض للغش، لكن لا توجه إلى الاستهلاك البشري. وعرف هذا التشريع عددا من التعديلات والتغييرات، إلى حين جمعها في قانون واحد تحت رقم 13.83 متعلق بالزجر عن الغش في البضائع صدر بتاريخ 18 فبراير 2011، حدد نوعية الجرائم المترتبة عن ذلك وعقوباتها، والبحث عن المخالفات وإثباتها. وتهدف أعمال البحث إثبات المخالفات وجمع الحجج بشأنها والبحث عن مرتكبها وترتكز الأعمال والعمليات المذكورة لدى مصلحة متخصصة توجه إليها وجوبا العينات ومحاضر أخذها ومحاضر الإثبات المباشر وغيرها من الوثائق. وتتم عمليات البحث بالمخازن، أو الدكاكين، أو المنازل، أو السيارات المعدة للتجارة، أو في المعارض، أو الأسواق أو على الطريق العامة أو غير ذلك من أماكن البيع أو في المعامل أو المصانع أو الأقبية أو الزرائب، أو غيرها من أماكن الصنع أو بالمستودعات، أو مستودعات التبريد، أو المجازر، أو مرافقها، أو في أماكن العبور، أو الخزن الأخرى، أو بالمحطات، أو الموانئ، أو المطارات، أو غيرها من الأماكن المعدة للنقل، أو بوجه عام في جميع الأماكن، أو المرافق التي تنتج أو تستورد أو تصدر أو تصنع أو تحول أو تعالج أو تسوق فيها البضائع للبيع، أو التوزيع. في 2009، تقدم المغرب خطوة في اتجاه ضمان سلامة وجودة المواد الاستهلاكية عبر إنشاء مؤسسة وطنية تعنى بهذا القطاع، ونعني المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المؤسس بموجب القانون رقم 25/08 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5712. وأنشئ المكتب الوطني لسد الفراغ القانوني والعملي في مجال تطبيق سياسة الحكومة في مجال السلامة الصحية للنباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية بدءا من المواد الأولية، وصولا إلى المستهلك النهائي، بما في ذلك المواد المعدة لتغذية الحيوانات مع إمكانية إبداء الرأي عند وضع هذه السياسة. ويتولى المكتب، الذي يقوم بعمل ملاحظ منذ ست سنوات يشرف عليه عدد من المختصين وخريجي الكليات والمعاهد العليا، الحماية الصحية للرصيد النباتي والحيواني الوطني ومراقبة المنتجات النباية والحيوانية، أو ذات الأصل النباتي أو الحيواني، بما في ذلك منتجات الصيد، سواء عند استيرادها أو في السوق الداخلي أو عند تصديرها، كما يتولى المراقبة الصحية للحيوانات ومراقبة ترقيمها وتنقلاتها.ويقوم المكتب الوطني بمهام تحليل المخاطر الصحية التي يمكن أن تتسبب فيها المنتجات الغذائية والمواد المعدة لتغذية الحيوانات على صحة المستهلكين وكذا العوامل المرضية بالنسبة لصحة النباتات والحيوانات، ناهيك عن مراقبة أمراض النباتات والحيوانات والمنتجات المتأتية من النباتات والحيوانات والمنتجات الغذائية والمواد المعدة لتغذية الحيوانات والأدوية البيطرية وكل المنتجات الأخرى الموجهة للاستعمال الطبي البيطري أو للجراحة البيطرية. تحريات ميدانية يضطلع المكتب بتسليم الأذون أو الاعتمادات الصحية حسب الحالة للمؤسسات التي تنتج فيها المنتجات الغذائية والمواد المعدة لتغطية الحيوانات، أو تصنع، أو تعالج، أو تتناول، أو تنقل، أو تودع، أو يحتفظ بها، أو تباع فيها باستثناء أسواق السمك بالجملة وبواخر الصيد والنقالات المائية ووحدات معالجة وإنتاج وتحويل وحفظ منتجات الصيد البحري والمواد الثانوية لها. كما يراقب المضافات الغذائية ومعدات التلفيف والمنتجات والمواد التي يمكن أن تلامس المنتجات الغذائية وكذا الأسمدة ومياه السقي، ومراقبة مبيدات الآفات الزراعية والمصادقة عليها واعتماد المؤسسات التي تنتجها، أو تستوردها، أو تصدرها. وإضافة إلى الوحدات الخاصة بحفظ الصحة الموجودة على صعيد الجماعات، يفرض القانون تشكيل لجان لمراقبة الأسواق على مستوى العمالات، مهمتها تفتيش المحلات التجارية والقيام بتحريات ميدانية على مدار الأسبوع. وفي حالة ظهور أي مواد استهلاكية في السوق بسعر أقل من سعر التكلفة، أو غريبة في السوق وغير معروف مكان تصنيعها، أو تاريخ صلاحيتها قريب الانتهاء، تقوم بتفتيش المحل، وفي حال وجود مواد فاسدة يتم حجزها وإغلاق المحل مع اعتقال صاحبه. يوسف الساكت