تناقض القوانين يضيع حقوقهن

عبده: حان الوقت للتخلص من نعوت ابن زنا واللقيط ولملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية قالت بشرى عبده، مديرة مركز التحدي للمواطنة، إن قضايا المرأة، منذ تولي هذه الحكومة عانت "البلوكاج"، فعدة ملفات، منها المتعلقة بقانون العنف والقانون الجنائي والتراجع عن أجندة المساواة، ظلت حبرا على ورق. كما أن بعض الوزراء يطلقون أحكاما حول وضعية الأمهات العازبات، وفق ما يعتقدونه دون فهم للأسباب. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: خالد العطاوي عاد ملف الأمهات العازبات إلى الواجهة بعد حكم قضائي بطنجة، هل مازال طابو؟ ليس فقط ملف الأمهات العازبات الذي مازال طابو بالمجتمع، بل معظم الظواهر الاجتماعية تعتبر طابوهات، إما من الناحية الأخلاقية أوالقيمية للمجتمع. وفعلا موضوع الأمهات العازبات يشكل حجر الزاوية في مثل هذه القضايا، ويعرف تناقضا صارخا، بدءا من السؤال عن مفهوم الأم العازبة؟ فهناك غياب التحديد القانوني لهذه الفئة، وهي تسمية تُطلق على كل امرأة أنجبت خارج مؤسسة الزواج القانونية، أو كل امرأة لها طفل، وليست لها صفة متزوجة أو مطلقة أو أرملة، لكن هذه التسميات تختلف من منطقة لأخرى، ففي المناطق التي تعرف الزواج بشكل تقليدي (بالفاتحة) لا ننتبه إلى الجانب القانوني، ولا نعطيه أهمية، بل حتى من الناحية القانونية، إذ يثبت نسب الطفل الناتج عن زواج باطل أو فاسد، بالمقابل يلغى الزواج بالنسبة إلى المرأة. من المفارقات أيضا، أنه في منطقة ما يعترف الجميع بزواج امرأة ب"الفاتحة"، إلا أنها تصبح أما عازبة في منطقة أخرى، في حالة استبدالها لمحل سكناها، فالتسميات تتناقض بين النظرة القانونية والمجتمعية، وما بين منطقة تقبل الزواج ب"الفاتحة"، مثل "إملشيل" وأزيلال، ومناطق لا تعترف إلا بعقد الزواج القانوني. ويحيلنا الأمـــر إلى طــرح سؤال حــول المقصــود بمفهــوم الأمــومة، فهل هـــو الجــانب القـانوني أو المجتمعــي أو عــلاقة الأم العازبة بطفلــها، سيمــا أن ذلك يربطنــا بقــانون الكفــالة الــذي يسمح للعازبة بالكفالة وبالتالي بممارسة الأمــومة، فـي حين يعـــاقب الأم البيـولوجية لأنها عازبة، دون البحث عن الأسباب. إن أسباب وصف الأم بالعازبة تتعدد، فمنهن ضحية الاغتصاب، وضحية الوعد بالزواج، والجهل بالمدونة، في حالة استمرار علاقتها بالزوج بعد الطلاق بوعد الرجعة، وضحية الزواج بالفاتحة، والقاصر المغرر بها. ماهي أهم القضايا التي تشغلكم في ملف الأمهات العازبات؟ أهم ما يمكن أن يؤرق هو تحميل المرأة والطفل نظرة المجتمع والقانون لهذه الوضعية وتبرئة الرجل، علما أنه لا يمكن إنجاب طفل بشكل أحادي، ومن جهة أخرى غياب الحماية القانونية للأمهات اللواتي يوصمن بالعار، دون معرفة ملابسات الواقعة، وتحميل المرأة المسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الابن، وكأن الأمومة عار، في حين أنها أجمل أدوارها في الحياة. ويزداد الموضوع أرقا حين يتحمل الطفل وزر هذه الأخطاء، علما أنه لم يختر مجيئه للحياة وغير مسؤول، إذ ينعت بأبشع النعوت (ابن زنا، ابن سفاح، لقيط، ابن حرام)، ناهيك عن السب المتداول في المجتمع "فعايل ولاد الحرام"، وكأنه موشوم بالخطيئة، ويحرم من عدة حقوق أبسطها أنه إنسان ولا يجب أن يتحمل وزر أبويه، إضافة إلى صعوبات التسجيل في الحالة المدنية، وأحيانا اختلاف الإجراءات بين مدينة وأخرى، وتناقض القوانين في ما بينهما، فمدونة الأسرة تعترف بإقرار الأب إثباتا للنسب، في حين أن مدونة الحالة المدنية تقر بعقد الزواج، ومدونة الأسرة تتحدث عن الخبرة الطبية لإثبات البنوة، والقانون الجنائي يأخذ بها فقط لإثبات واقعة الاغتصاب. كيف تتعاملون مع قضايا إدماج الأمهات العازبات في سوق الشغل ؟ إدماج الأمهات العازبات في سوق الشغل شأنه شأن النساء اللواتي يعشن بمفردهن رفقة الأبناء. ومن المشاكل المطروحة غياب دور حضانة تُخفف عن النساء، وتراعي ظروفهن الاقتصادية والاجتماعية، وتوقيت عملهن، مما يصعب الإدماج المهني، أما المعاناة مع التعليم فمرتبطة أساسا بالتمثلات الاجتماعية للأطفال من لدن رجال ونساء التعليم وأحيانا الإدارة، ثم الحرمان من التمدرس بسبب الوثائق، وعدم تفعيل المذكرة المتعلقة بإجبارية التعليم والمتعلقة بالاكتفاء بشهادة التلقيح فقط. لاشك أن السنوات الأخيرة عرفت تعدد الجمعيات المهتمة بالأمهات العازبات، هل مازال هناك خصاص ؟ للأسف تعدد الجمعيات يوجد فقط بالمدن الكبرى، ومع ذلك فهي لا تجيب سوى على 10 % من الطلبات، حسب الدراسة التي أنجزتها جمعية إنصاف، فهناك قلة مراكز الإيواء، مما يجعلهن عرضة للاستغلال والاتجار بمعاناتهن وحرمانهن أحيانا من أبنائهن. أولوية التحديد القانوني كيف تجدون تعامل الحكومة، وتصريحات بعض وزرائها، مع ملفات الأمهات العازبات؟ لا يمكن أن نتجاوز نظرة الحكومة للمرأة التي تعتبرها أس المشاكل، ورغبتها في تكبيلها، علما أن وضع الأم العازبة لا يمس الطرف الآخر، أي الرجل. لقد عانت قضايا المرأة، منذ تولي هذه الحكومة من "البلوكاج"، فملفات، مثل، قانون العنف والقانون الجنائي والتراجع عن أجندة المساواة، ظلت حبرا على ورق. كما أن بعض الوزراء يطلقون أحكاما حول وضعية الأمهات العازبات، وفق ما يعتقدونه دون فهم للأسباب، فمثلا موضوع طنجة هو حكم راعى المصلحة الفضلى للطفل وحقه في النسب باعتباره غير مسؤول عن الكيفية. إن الأولويات تتجلى في التحديد القانوني للأم العازبة، ومراعاة خصوصية المناطق، واعتبار حق الطفل في النسب بدون تحميله مسؤولية والديه، والمساواة الحقيقية أمام القانون بين الجنسين، ومراجعة القوانين بما يتناسب والسياق المجتمعي، وملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية، وتبسيط الإجراءات القانونية المتعلقة بالتسجيل في الحالة المدنية. في سطور > مديرة مركز التحدي للمواطنة > إحدى مؤسسات فدرالية رابطة حقوق المرأة

تناقض القوانين يضيع حقوقهن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاقتصاد غير المهيكل وعاء لغسيل الأموال

تمويلات إسلامية لمشروع القطار فائق السرعة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات