بيد الله: الانتخابات المقبلة ستتم في سياق سابق لأوانه (2/2)

الأمين العام للأصالة والمعاصرة قال إن العدالة والتنمية حاول أن يقدم "البام" في صورة "شيطانية" مقابل"طهرانيته" أكد محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، أن حزبه لا يعرف إلى حد الآن تبلور تيارات داخلية. واعترف بيد الله، الذي حل ضيفا على مكتب "الصباح" في الرباط، بأن حزبه تعرض لعدد من الضربات، قال عنها إنها ساعدت على تقويته. كما أوضح بيد الله الذي غلب أثناء تشخيصه للوضع السياسي والحزبي في بلادنا، اللغة الطبية باعتبار تخصصه المهني، أنه كانت هناك محاولات كثيرة تروم النيل من حزب "البام"، ومن مصداقيته. وتحدث بيد الله عن مجموعة من القضايا تهم حركة 20 فبراير والدستور الجديد و... هناك من يرى أن الحزب يعاني مسألتين، الأولى تتمثل في الشخصنة، من جهة، على اعتبار أن التركيز ظل منذ تأسيس الحزب، منصبا على شخص فؤاد عالي الهمة، والثانية، وجود صراعات بين تياري المحافظين واليساريين، ما هي حقيقة هذه الشخصنة، وكذا قوة الصراعات بين هذين التيارين، وكيف تدبرونها؟كل التنظيمات السياسية تعيش تحت تأثير الأشخاص، لهذا نقرن المؤسسات ودون السقوط في الشخصنة بمسارات القائمين عليها، ونحن نحاسب في هذا المستوى وكأننا نمتلك مسارا ممتدا في الزمن. نحن حزب فتي مازال في طور التأسيس، هو بصدد مأسسة أدائه، ولهذا يظهر من الطبيعي ارتباطه إلى حدود الآن بجيل المؤسسين. أما بخصوص التيارات، فهي ليست متبلورة وفق الثنائية التي قدمتها في سؤالك، فالحزب لا يعرف لحد الآن تبلور تيارات، ولكن فقط اختلافا في مواقف بخصوص قضايا معينة وعلى رأسها أجندة المؤتمر المقبل، إذ انقسم أعضاء المكتب الوطني إلى فريقين، وهو انقسام غير مؤسس على أفكار يسارية أو محافظة، بل فقط على اختلاف في تقدير موعد المؤتمر بوجود أجندة انتخابية ضاغطة. على ذكر المؤتمر المقبل، هل ستترشحون لولاية جديدة على رأس الحزب؟هذا سابق لأوانه، لكن أظن أنني لن أترشح.لماذا؟هناك قادة مُخضرمون قادرون على قيادة سفينة الحزب في أي حين، وسأكون مستعدا لخدمة الحزب، بأن أضع نفسي رهن إشارة الإخوة في المكتب الوطني والمجلس الوطني، متى شاؤوا وفي كل حين. وما هو السر في تواري فؤاد عالي الهمة عن أنشطة واجتماعات الحزب؟ أتخوف من أن تكونوا، أنتم كذلك، ضحايا التركيز الشديد على شخص فؤاد عالي الهمة. إن المجموعات البشرية تجتمع حول شخص، أو فكرة، أو مجال ترابي، وبالتالي، حينما قرر فؤاد عالي الهمة أن ينزل إلى الساحة، سبق أن شارك في تدبير الشأن المحلي، قبل أن يُصبح وزيرا. نزل بعرض سياسي صريح وصادق، قدمه صحبة مؤسسي الحزب، إلى أحزاب سياسية أخرى. لقد كانت صدمة الانتخابات التشريعية لسنة 2007، كبيرة، عكست نفور شريحة واسعة من الشباب من العمل السياسي. تم تأسيس الحزب، في فترة موالية لمرحلة “حركة لكل الديمقراطيين”، إذ انصهرت خمسة أحزاب، في المكون الجديد، وبدأنا نشتعل، وبدأ الحزب يمارس عمله، بحماس والتزام، استكملنا تشكيل أجهزة الحزب، وكلف فؤاد عالي الهمة، بترؤس لجنتين، وحينما رأى أن هناك مشاكل، بالشكل الذي وضحه في نص رسالة إعفائه، طلب إعفاءه من لجنة الانتخابات ولجنة المتابعة، وقد رفض المكتب الوطني بالإجماع هذا الطلب. وللإشارة، فليست هذه هي أول مرة يتوارى فيها فؤاد عن أنظارنا، ويتابع الحراك من بعيد. ألا تعتقدون أن الضربات التي تلقاها “البام”، في الفترة الأخيرة، أضعفته ؟المظلومية، كما تعلمون، تقوي، وهناك أحزاب تبحث عنها في كل وقت ومكان، بل وتجعلها منهجا لأدائها، لكن حزبنا لم يضعف، ولم تنقص جاذبيته. أكيد أن الضربات كانت قوية ومن فوهات مختلفة، وأنه كانت هناك محاولات كثيرة تروم النيل منه، ومن مصداقيته. ولا أخفي عليكم أن كل تلك الضربات جعلتنا نراجع أنفسنا، ونقوم بنقد ذاتي متأن، وفي هذا الإطار، هناك وثيقة للأخ صلاح الوديع، وأنا بدوري قمت بإعداد ورقة في "نقد النقد الذاتي"، بصفتي الشخصية، وليس بصفتي أمينا عاما للحزب. وهناك حراك قوي في العديد من المواقع التنظيمية، إذ ليست هناك جهة جغرافية لا تعرف نقاشات حول مستقبل الحزب، وهويته، ومستقبل الشباب والمرأة فيه، وكذا برنامجه... نحن مُقبلون على الانتخابات التشريعية، ما هي الاستعدادات التي يقوم بها الحزب لخوض غمار هذه المحطة الأساسية؟هذه الانتخابات تتم في سياق سابق لأوانه، وهو ما طرح بالنسبة إلى الأحزاب اتخاذ موقف بخصوص برمجتها والأجندة المقترحة لها، كما أنها تتم في أعقاب الاستفتاء على دستور جديد، وبتغييرات كبيرة على مستوى الترسانة القانونية المنظمة لها. وبخصوص حزبنا، فقد بدأنا التحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة في إطار اللجنة الوطنية للانتخابات التي كان يترأسها الأستاذ فؤاد عالي الهمة، وأقوم اليوم بدور التنسيق بين مكوناتها لمعالجة كل الأمور المطروحة، فنحن نشتغل في إطار فريق، وقمنا بتحديد المعايير والتدابير الموضوعية لضبط الترشيحات على ضوء اقتراحات اللجن الجهوية للانتخابات، وكذا الحسم في مضمون برنامج الحزب الانتخابي، وطبيعة الحملة الانتخابية التي سيقوم بها.في إطار الحديث عن الأمناء الجهويين للحزب، ظهرت خلافات ومشاكل على السطح، ما هو تقييمكم بالنسبة إلى هذا الموضوع؟ هذه مسألة طبيعية، هناك جيل جديد من الأمناء الجهويين، غالبيتهم من الأطر الكفأة والباحثين، ومن الصعب جدا، وبين عشية وضحاها، أن يتم تجاوز العقبات. طبيعي أن تكون هناك مشاكل، ولكن من الذكاء أن يحدث نوع من التوافق، حتى تزداد القواسم المشتركة، خلال المرحلة المقبلة.أعتبر هذه المشاكل عادية يتم تدبيرها جهويا، وحينما تقتضي الأمور أن تتخذ القرارات على الصعيد المركزي، فإننا نقوم بذلك. وبالمناسبة، فقد سبق لي أن حررت توضيحا عبرت فيه عن ارتياحي في الاشتغال إلى جانب الجيل الجديد من الأمناء الجهويين.منح الدستور الجديد لمجلس النواب صلاحيات واسعة، وهو ما يفرض على الأحزاب انتقاء النخبة التي ستدخل إلى البرلمان، ما هي مواصفات المرشحين الذين سيقدمهم حزب الأصالة والمعاصرة، خلال الانتخابات التشريعية المقبلة؟الدستور الجديد أدخل المغرب نادي الدول الديمقراطية، وهو دستور متقدم، ويهندس لمغرب جديد، بالنظر إلى المقتضيات التي تضمنها، ومنها، على الخصوص، الفصل الحقيقي بين السلط، واستقلالية القضاء والارتقاء به إلى سلطة، وتخويل صلاحيات واسعة لمجلس النواب، والتكريس الدستوري لمؤسسة الحكومة، والحفاظ على إمارة المؤمنين والدور التحكيمي لجلالة الملك كضامن لاستمرار المؤسسات والتحكيم بين الفرقاء والجهات...هناك تملك لأدوات العمل، لكن المطروح الآن هو مواكبة تنزيله، وهو ما يطرح تحديا كبيرا على الأحزاب السياسية، ونحن نعتبر أن جميع الأحزاب يجب أن توفر لها شروط أجرأة مضامين الدستور الجديد. لا يمكن تغيير المجتمع بسرعة، ولكن لدينا الثقة في أن يُسهم الأصالة والمعاصرة في التنزيل السليم لمقتضيات الدستور ومواكبة تطبيقه، وهو مؤهل لذلك، على اعتبار أن لدينا أطر كفأة، ومناضلين واعين بأهمية المرحلة، وبما تقتضيه من جدية وتفان في العمل، لكن ما يثير تخوفاتي، ما نراه ونسمعه من حملات التشكيك، ومن ممارسة الضغوط على الدولة من طرف قادة بعض الأحزاب التي تتحدى الدولة، وتضع شروطا كثيرة في سبيل مواكبة ورش الإصلاح الدستوري، وتهدد بالمقاطعة، إذا لم تتوفر لها الشروط لذلك. والمشكل أن ذلك يصدر من قادة أحزاب يعرفون أننا كلنا في المركب نفسه، وأن الظرفية تقتضي ضرورة بناء جسور الثقة بيننا كأحزاب، والكف عن الممارسات الساعية إلى خدش صورة المؤسسة الحزبية لدى المواطنين.وواهم من يظن أنه بتشكيكه وضغطه على الدولة، سيتمكن من الحصول على العصا السحرية تمكنه من مواجهة التحديات. المعركة المقبلة ليست هي هذه، لدينا تحديات كبرى تتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وبلورة الإجراءات الكفيلة لخلق الثروات ، وإنجاح مشروع الجهوية. هذه هي المعركة الحقيقية، ولدي مخاوف من الفكر الشمولي ومن استغلال كل فرصة لإقصاء الآخرين. وما نعاينه، اليوم، من ضغط مستمر على الدولة يُخيفني حقيقة، لأنه يحمل بين طياته سوء النية. وأتمنى أن يرعوي البعض، ويبادر إلى إعادة بناء الثقة في العمل السياسي، ويتعين على الأحزاب أن تكون في مستوى التحديات والانتظارات، وأن تفكر في الأهم، وتتناسى الاعتبارات والمصالح والمواقف الشخصية، والسعي إلى إقصاء الآخر وابتزاز الدولة بالوعد والوعيد.أهم ما ميز الساحة السياسية، في الفترة الأخيرة، إخراج مشاريع القوانين المؤطرة للانتخابات إلى الوجود، ما هي أهم الملاحظات التي تقدمتم بها بشأنها؟هذه نصوص مهمة، وتحمل الكثير من التجديد، هناك ، مثلا، توسيع تركيبة مجلس النواب، وكذا تركيبة اللائحة الوطنية، عبر انفتاحها على فئة الأطر.كذلك نعتبر المنع الصريح والقطعي للترحال السياسي، مسألة إيجابية، وهنا، لا بد من التذكير، بأن الأحزاب كلها استفادت من الترحال، عكس ما يحاول البعض الترويج له، من أن "البام" هو الوحيد الذي استفاد من هذه الظاهرة، وكنا من الأحزاب التي شددت على ضرورة منعها. التنصيص أيضا على محاربة استعمال المال، وإقرار عقوبات سجنية، خطوة إيجابية نحو الإسهام في تخليق العملية الانتخابية، ولذلك نعتبر النصوص الجديدة متقدمة، ونحن بصدد إعداد مذكرة حولها، ستكون جاهزة قريبا. لدينا ملاحظات تهم، بالخصوص، مسألة الوكالة الانتخابية، بالنسبة إلى أفراد الجالية المغربية المقيمة في الخارج، ومدى خدمة اللائحة الوطنية للالتزام الدستور بالمناصفة، ومدى انسجام تحديد المبادئ الخاصة بالتقطيع الانتخابي مع المقتضيات الجديدة...وغيرها من الملاحظات، التي ستتاح لنا فرصة مناقشتها بمناسبة عرض هذه المشاريع على البرلمان،ما هو الدور الجديد الذي سيلعبه مجلس المستشارين، مستقبلا؟ لقد تقلصت التركيبة العددية لمجلس المستشارين وإن حافظ على المنحدرات التمثيلية ذاتها، وسيصبح دوره الأساسي متجسدا في ضمان التمثيل الترابي والمجالي، أما اختصاصاته فقد أصبحت مركزة، أساسا، حول قضايا الجهوية، وأعتقد بأن هذه المؤسسة سيكون لها دور كبير في المواكبة القانونية والتدبيرية لورش الجهوية الموسعة. من مصلحة إخواننا في تندوف العودة إلى وطنهم هناك سؤال نود طرحه بشأن تطورات ملف الصحراء،كيف تفاعلتم مع الجولة الأخيرة من المفاوضات ؟لا نستغرب أننا سنبقى دائما أمام الباب المسدود،لأن المشكل، في عمقه وماهيته، بين المغرب والجزائر. نتمنى أن يتفهم الأشقاء في الجزائر أن المنطقة تواجه إكراهات، وتحديات كبرى، اقتصادية واجتماعية، وعلى مستوى دخول مجتمع المعرفة، وتأمين الاستقرار والأمن، وهي تحديات لا يمكن تجاوزها إلا بالعمل المشترك، والتنسيق، والتضامن بين بلدان المنطقة، في إطار اتحاد مغاربي حقيقي. وأؤكد، من جهة أخرى أنه من مصلحة إخواننا في تندوف أن يعودوا إلى وطنهم الأم ويسهموا في بنائه، في إطار حكم ذاتي موسع، ويُسهموا في تدبير شؤون الأقاليم الجنوبية، مرفوعي الرأس، وعملا بمبدأ لا غالب ولا مغلوب. نختلف مع "البيجيدي" بشكل حضاري ومقنع هل ستشاركون في الحكومة المقبلة، إذا تصدر الحزب نتائج الانتخابات؟لا نعمل، في حزب الأصالة والمعاصرة، بمنطق إما أن نكون أو لا نكون. نحن حزب سياسي يتطلع إلى المشاركة في تدبير الشأن المحلي، والوطني على قاعدة نتائج الانتخابات، ولكن ذلك ليس هو المحدد لوجودنا. لدينا هاجس الإسهام في تطوير الممارسة الحزبية، وترسيخ الديمقراطية ببلادنا، وتحسين ظروف عيش المواطنين، وهذا هو هاجسنا. طبعا، لا ندعي أننا نملك العصا السحرية لذلك، لكننا نشتغل بعزم وثبات من أجل تحقيق الأهداف التي من أجلها تأسس الحزب. في خضم الحديث الرائج عن التحالفات والتقاربات، لم نسمع الكثير عن حزب الأصالة والمعاصرة، هل قمتم بمبادرات في هذا الاتجاه؟لقد انخرطنا باستمرار في نقاشات ولقاءات مع أحزاب سياسية أخرى، مع الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، والاتحاد الدستوري، كما تلقينا طلبات من أحزاب أخرى. كما أنه على المستوى المحلي، تربطنا تحالفات وتنسيقات مع مختلف الأحزاب، وستكون فرصة مناقشة القوانين المتعلقة بالانتخابات فرصة لمزيد من التنسيق بيننا وبين الأحزاب التي تتقاسم معنا ذات الرؤى ذاتها. لكن كانت هناك صراعات قوية بين الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية.إننا نعبر دائما عن اختلافنا مع العدالة والتنمية بشكل حضاري ومقنع، ونصرح بمواقفنا بخصوص اختلاف مشاريعنا السياسية، كما أننا بررنا استبعاد التحالف الاستراتيجي معه في أعقاب الانتخابات الجماعية. في المقابل، فإن العدالة والتنمية حولنا إلى مبرر لوجوده، وجعلنا "عقيدته القتالية"، ويحملنا مسؤولية كل شيء، إخفاقه الانتخابي، وأداءه البرلماني، ومحاكمة بعض أعضائه...بل حاول أن يقدمنا في صورة "شيطانية"، مقابلة ل"طهرانيته"، فاتهمنا بتونسة ومصرنة التجربة المغربية، وأصر على مواجهة قياديينا بشكل فج وغير أخلاقي، بل وتم ابتزاز الدولة عبر تهديده بالخروج إلى الشارع في حالة فوزنا في الانتخابات التشريعية المقبلة. إعداد: نادية البوكيلي وجمال بورفيسي

بيد الله: الانتخابات المقبلة ستتم في سياق سابق لأوانه (2/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفاصيل الاثنين الأسود بآسفي

بانوراما رمضان: مسلمو أمريكا بعد 11 شتنبر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات