بيد الله: “البام” لم يضعف رغم الضربات (1/2)

الأمين العام للأصالة والمعاصرة قال إن المنع الصريح والقطعي للترحال السياسي مسألة إيجابية أكد محمد الشيخ بيد الله، أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، أن حزبه لا يعرف إلى حد الآن تبلور تيارات داخلية. واعترف بيد الله، الذي حل ضيفا على مكتب "الصباح" في الرباط، بأن حزبه تعرض لعدد من الضربات، قال عنها إنها ساعدت على تقويته. كما أوضح بيد الله الذي غلب أثناء تشخيصه للوضع السياسي والحزبي في بلادنا، اللغة الطبية باعتبار تخصصه المهني، أنه كانت هناك محاولات كثيرة تروم النيل من حزب "البام"، ومن مصداقيته. وتحدث بيد الله عن مجموعة من القضايا تهم حركة 20 فبراير والدستور الجديد و... ما يقع في العالم العربي طرح على الأنظمة العربية أكثر من تحد، ما هو تقييمكم لما يسمى بالربيع العربي؟ من الصعب اليوم توصيف الحالة في عدد من الدول العربية على اعتبار أن التحولات مازالت جارية بها، وحلقات الانتقال لم تتضح معالمها بعد، لكن عموما، فهذا الحراك قد أثار انتباه الجميع بالنظر لأنه لم يكن مسبوقا بمقدمات تغييرية، خصوصا بالنسبة إلى أنساق سياسية مغلقة تأسست في عمومها على شرعية الانقلابات العسكرية، وأرست جمهوريات تماهت فيها الدولة بالحزب وبالحاكم، وأدامت جوا استثنائيا تحت مسميات الطوارئ والاستثناء...لكن التحولات العميقة التي عرفتها المجتمعات مع ميلاد حركات احتجاجية منظمة وعفوية، ودمقرطة الحق في الوصول إلى المعلومة عبر التقنيات الحديثة، وضيق الأفق المؤسساتي القائم، وبروز متطلبات جديدة، عجلت بما ينعت اليوم بالربيع العربي تيمنا بالربيع الأوربي أواخر ثمانيات القرن الماضي. وبغض النظر عن القواسم الكبيرة بين هذه المسارات التغييرية من حيث قيادتها من قبل فئات عمرية شابة، وافتقاد أغلبها لمخاطب تنظيمي وقيادة متوافق عليها، فإن التحدي الكبير المطروح عليها هو كيفية الخروج من هذه المرحلة الانتقالية المكلفة اقتصاديا وسياسيا، وعلى التوافق على آليات تدبيرية قادرة على إدخال هذه الدول عهد المؤسسات والاحتكام إلى الدستور...لهذا تبرز العديد من التخوفات يعبر عنها عادة بسرقة "الثورات" أو انحراف "الثورة" عن أهدافها...وهي التخوفات التي تزيد من حدة اللاتوافق، حيث الانقسام بين توجهين، الأول برغماتي يحاول الانتقال بالممكن سياسيا، والثاني مسكون بالرغبة في القطع وبشكل كلي مع الماضي رموزا وأشخاصا ومؤسسات، نعلم أن حركة 20 فبراير حركت الشارع المغربي، ورغم إطلاق ورش الإصلاحات الدستورية، إلا أنها مازالت مستمرة في احتجاجاتها، ما هو تفسيركم لما يقع؟ لقد تفاعلنا بسرعة وبإيجابية مع حركة 20 فبراير، وأصدرنا في المكتب الوطني للحزب أول بلاغ نتفق فيه مع بعض المطالب المشروعة التي رفعتها الحركة، وعلى رأسها محاربة الفساد وإرساء الديمقراطية والحرية وإسقاط "الحكرة"، لكن بالنظر للتغيرات التي طرأت على مسار الحركة، ناشدنا في بلاغ ثان، الشباب الذي تحدوه رغبة كبيرة وصادقة في التغيير، وفي القضاء على الفساد والمفسدين، في إطار مؤسسات الدولة وفي احترام لقوانينها، أن يكونوا حذرين لكي لا تسرق منهم الفكرة النبيلة للتغير، وألا يكونوا مطية لتحقيق مشاريع الآخرين، وهو ما تحقق مع كامل الأسف، إذ استغلت هذه الحركة من طرف بعض المتطرفين والعدميين والفوضويين والحاقدين، وأغلبهم كانوا مثل الخلايا النائمة، لكنهم كانوا يتحينون الفرصة للانقضاض على المجتمع، وزرع الشك والريبة والتشكيك في كل شيء، سيما أن جميع الفاعلين السياسيين لم يتمكنوا من تجفيف منابع اليأس. والغريب في كل هذا، أن هناك قادة سياسيين ركبوا الموجة نفسها لتصفية حسابات مع أطراف أخرى. وأظهرت الممارسة انفصاما في سلوكهم، إذ كانت لهم رجل هنا، ورجل هناك، بل أصبحوا يزايدون على الدولة، ويهددونها بالانضمام إلى حركة 20 فبراير. هل ترون أن حركة 20 فبراير مازالت ذات صلاحية؟ لست في موقع من يحدد صلاحية الحركة من عدمها. لقد تابعت عددا كثيرا من التعاليق المقدمة بخصوص مستقبل الحركة، فهناك من تنبأ بخفوت وهجها بالنظر إلى التغييرات التي حملها الدستور الجديد، وهناك من اعتبر استمرار وجودها ضمانة وقوة ضغط للوصول إلى مرحلة تنفيذ الالتزامات الدستورية الجديدة، لكن خلف كل هذه السيناريوهات، تظهر حقيقة ثابتة، تؤثر اليوم في مسار هذه الحركة الشبابية، فكما تعلمون، فإن حركة 20 فبراير تم استغلالها وتسخيرها واختراقها من الداخل من قبل جماعة العدل والإحسان وعناصر النهج الديمقراطي إلى جانب آخرين، ويستغلونها الآن استغلالا سياسويا بشعا. ونحن نتابع ما وقع أخيرا في البيضاء والرباط من مشاجرات وصراعات وحرب مواقع، وفرض أجندات، ومقاومات النسخة الأصلية للحركة. من بين المطالب التي رفعتها حركة 20 فبراير منذ نزولها إلى الشارع "البام ديكاج" و"الهمة ديكاج"، كيف تفاعلتم مع هذه الشعارات ؟ أولا هذه الشعارات لم تكن قاصرة على قيادة "البام"، فقد رفعت أيضا ضد قيادات تنتمي إلى ما ينعت عادة ب"الأحزاب الوطنية"، كما أنها لم ترفع في كل مكان، بل في فضاءات محدودة جدا، وبإخراج رديء ومشوه، وقد حاولت أوساط معينة الركوب على هذا المعطى لتصفية حساباتها مع "البام" بطريقة بشعة. فهناك قادة سياسيون استغلوا الشيء نفسه، واستمروا في تكرار طلبات غريبة، فمنهم من أصبح كالبابا يخاطب جلالة الملك وينصحه مباشرة، بأن يفعل كذا وكذا، وأن "البام" يجب أن يحل أو يذهب وينتهي، أو التصريح بمن له الحق في ممارسة السياسة من عدمه، وأن فلان صالح والآخر طالح، بشكل غير مسبوق في تاريخ الأحزاب المغربية، كما أن هناك شخصيات سياسية عاشت على الهامش، وتناساها الجميع، وأصبحت في مرحلة "التقاعد المفروض"، ترجع إلى الواجهة بمناسبة حديثها عن البام وتهيئ نفسها للأمانة العامة لحزب معين. وعلى العموم، فإننا نعتبر رفع هذه الشعارات عملية سطحية ومدبرة ومؤدى عنها، قامت بها بعض الأوساط التي أزعجها ميلاد "البام" طبعا، وكونه عندما خرج إلى الوجود أتى بمجموعة من الرجال والنساء لم تطأ أقدامهم أي حزب، فـ 68 في المائة من منتخبي "البام" لم يسبق لهم ممارسة الحياة السياسية ولا الجماعية من قبل. لقد كان المستهدف مثلا بمدينتي طنجة ومراكش النموذج/الرسالة التي بعثها "البام" إلى الجميع، شابين نظيفي الذمة، لم يمارسا السياسة من قبل، يتوليان تدبير شؤون مدينتين كبيرتين، هذا النموذج هو الذي يحارب اليوم، ويواجه مقاومة شرسة من جيوب مقاومة التغيير ودوران النخب. لكن هذا لا يمنع القول بأن الحزب تعرض لبعض الهزات انتهت بتسجيل مجموعة من الاستقالات، ألا ترون أن هذه المسألة طبيعية أم أنه أعطي لها أكثر من حجمها؟ أولا، ليس هناك حزب حي لا يعرف هزات، أنظر إلى جميع الأحزاب اليوم، ففيها من مازال يعيش على هزة مؤتمره الأخير، ومدى تنفيذ القيادة الجديدة لمقرراته، ومن ما يزال يعيش صراعا صامتا بخصوص المسار الذي اتخذته أمانته العامة من إدامة حرب الجميع ضد الجميع...وبالعودة إلى موضوع الاستقالات، أقول إن هذا حق أريد به باطل. واسمح لي أن أخاطبك بلغة الأرقام والمعطيات، فمنذ سنة 2009 لم يسجل سوى 97 استقالة من أصل 6032 منتخبا على الصعيد الوطني، وهي حقيقة لم يكتب عنها أحد، علما أننا نعتبر الأمر أزمة، ويؤلمنا إذا افتقدنا عضوا واحدا. هناك من يعتبر أن استقالة فؤاد عالي الهمة من لجنة الانتخابات أثرت سلبا، بل إنها مؤشر على الأزمة التي يمر منها الحزب؟ للأشخاص دور مهم في مسار المؤسسات، وإلا لماذا نتحدث عن الأسلوب في السياسة، فمكانة فؤاد عالي الهمة داخل الحزب والمشروع عموما، لا يختلف أحد في تقييمها وتقديرها، وهو بالمناسبة لم يستقل من اللجنة الوطنية للانتخابات التي أتشرف اليوم برئاستها نيابة عنه.ما يعيشه الحزب من حراك داخلي، طبيعي جدا بالنسبة إلى حزب تشكل وفق المعطيات التي تأسست عليها تجربتنا، نحن حزب يجمع بين مشارب متعددة، قاسمها المشترك هو تعاقدها على برنامج الأصالة والمعاصرة، ويمر من مرحلة إنضاج أطروحاته ومواقفه، وهو في الوقت نفسه مطالب بتدبير اختلافات وتقديرات أعضائه، بخصوص قضايا أساسية من قبيل هوية الحزب، وموقعه في المشهد الحزبي، وتقييم أداء منتخبيه ومدى الوفاء بالتزاماته الانتخابية، وكذا مدى استجابة كل هذه المحصلة للأهداف الأساس لمشروعنا السياسي. لكن هناك من يربط الحراك الذي وقع في صفوف الحزب باستقالة الهمة، وأيضا بسبب غياب الرؤية وغموض في هويته؟ ليست لدينا أزمة هوية. نحن حزب تجرأ لكي يقول إن زمن التعبئة وصياغة المشاريع المجتمعية على أساس الإيديولوجية قد ولى، وأن التصنيفات يمين، يسار أدت وظيفتها التاريخية، فاليمين لم يعد يحتكر الدعوة إلى الحرية، كما أن اليسار ليس القوة الوحيدة التي تتبنى خطاب المساواة، هذا ما عبرنا عنه في وثائقنا التأسيسية والتي هي مطالبة خصوصا في محطة المؤتمر الثاني بالتطوير والإغناء. لقد كنا مستعدين للرد على مثل هذه الأسئلة، لكننا في الواقع، ومباشرة بعد ظهور حركة 20 فبراير، رأى البعض، خصوصا حزبي العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية، أن هذه هي الفرصة الذهبية والمواتية للقضاء على حزب الأصالة والمعاصرة، حيث دأبا بشكل ممنهج على مهاجمة حزبنا ورموزه بشراسة وبطريقة مرضية. ومع ذلك سكتنا، وكان سكوتنا كسكوت أبي الهول، لماذا؟ لمصلحة بلادنا، حيث لم نرد أن نخوض في معارك جانبية، ولا أن نخوض في القيل والقال، والخطاب المتدني، والكلام النابي. رفضنا كل هذا، وترفعنا عنه. وفي المقابل، اعتبر هؤلاء سكوتنا ضعفا، فجابوا كل الجهات لكي يقولوا إن الأزمة السياسية للبلاد سببها "البام"، وأن قيادتنا هي التي أحرقت العيون...وغيره من الكلام السفيه.تقصدون العدالة والتنمية؟ كلامي واضح وسيقرؤه المعنيون بالأمر بسهولة. لكن التقدم والاشتراكية يشارك في الحكومة منذ سنوات؟ وهذا ما لا أفهمه. اقرئي معي تصريح أمينه العام "أطالب بتغيير عدد من الولاة والعمال، قبل موعد الانتخابات المقبلة...لأنهم عينوا خارج الممارسة الحكومية، وبإيعاز من جهات معينة" (موقع كود ل 8 يوليوز الجاري)، فنحن أمام حزب يشارك في الحكومة، ويستمر في المشاركة فيها، رغم أن جهات، يعلمها وحده، هي التي تعين العمال والولاة. موقف حزب التقدم والاشتراكية من "البام" لم يكن بالقوة ذاتها، التي طبعت مواقف العديد من الأحزاب الأخرى؟ بلى، فأمينه العام وجه اتهامات خطيرة إلى الدولة بأن بعض الولاة والعمال يخدمون أجندة حزب معين، بل واستغل مناسبة حملة الاستفتاء على الدستور للتصريح بمثل هذه المضامين، وهذا اتهام خطير، لأنه يصدر عن وزير ودبلوماسي سابق، ونحن نستغرب بأن وزارة الداخلية لم تقم بأي إجراء في الموضوع في الوقت الذي فتحت فيه مسطرة قضائية بخصوص نشر المعطيات ذاتها من قبل أسبوعية. هناك أحزاب أخرى تبنت الموقف نفسه من بعض الولاة والعمال؟ صحيح، وكله كلام عام، وبدون إثباتات، وآخر ما سمعته في هذا الخصوص ومع كامل الأسف، أنه نقل عبر التلفاز، أن أحد العمال يقل بسيارته مسؤولا حزبيا إلى مقر الحزب، فهل بهذا الكلام يمكن أن تتقدم الممارسة الحزبية في بلادنا، وأن نحتضن الأجيال الجديدة؟ الطريقة التي تأسس واشتغل بها "البام"، والمسار الذي قطعه، أعطى الانطباع لدى العديد من المتتبعين والفاعلين السياسيين، بأنه حزب الدولة، وأن الدولة هي التي سعت إلى إخراج هذا المكون السياسي إلى الوجود لضبط الخريطة السياسية، بالنسبة إلى المرحلة الراهنة، ما رأيكم؟ هذا استخفاف بذكاء المغاربة. هل يمكن أن نعتبر أن نسبة 21 في المائة التي صوتت على الحزب، خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2009، كانت وراءها الدولة، أو دفعت إلى ذلك دفعا، من طرفها؟ هذا كذب وبهتان. إن الحزب وصل إلى ما وصل إليه بفضل عمله وأداء مناضليه، وثقة المواطنين فيه، وفي أسلوب عمله. فالحزب تعبأ للانتخابات، وحصل على نتائج مُشرفة بفعل تعبئة مناضليه، وتصويت فئة عريضة من الناخبين لفائدته. هل وضعت الدولة شرطيا وراء كل ناخب؟ ولماذا لم تتدخل الدولة لإنجاح مرشحي الحزب في آسفي ومراكش، في عز نشأته، وفي ظل أجواء مشحونة بخطابات الوافد الجديد والحزب الأغلبي...؟؟؟ نتمنى أن تعود الرويسي إلى البيت الذي بنته معنا الأخت خديجة اسمها ومسارها، ونضالها الحقوقي ومساهمتها في مسلسل العدالة الانتقالية، وإيمانها الواعي بمشروع الأصالة والمعاصرة يجعلها في غنى عن شهادتي الخاصة. فخديجة، قيادية وتدافع عن آرائها باستماتة وشجاعة، والجميع يحترمها ويقدرها. لقد تلقيت فعلا رسالة استقالتها، وتفهمت العديد من مقاطعها، لكنني أقول لها، وهذا سيكون موقفي بالمكتب الوطني أثناء النظر في استقالتها، بأننا نتمسك بك وبإضافتك النوعية، ونتمنى أن تعودي إلى البيت الذي بنيته معنا وأن تستمري في نضالك على رأس لجنة الأخلاقيات التي تعد ضمير الحزب وضابطه الأخلاقي. نادية البوكيلي وجمال بورفيسي

بيد الله: “البام” لم يضعف رغم الضربات (1/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منع رئيس بلدية أكادير من حضور حفل الولاء بتطوان

بانوراما رمضان: كرة القدم..أشهر قصص التلاعب في النتائج 5

مقالات ذات صلة