الأبوستيل … “سير حتى تجي”

عطب تقني شل نظام المصادقة على وثائق المهاجرين بالمحاكم رغم رهان وزارة العدل على نظام «الأبوسيتل»، بجل المحاكم المغربية من أجل المصادقة على الوثائق التي تخص المهاجرين المغاربة، إلا أن هذه الخدمة ما زالت تشهد صعوبات، قبل أن تتوقف بجميع المحاكم المغربية بسبب عطب، منذ ثلاثة أيام، ما تسبب في ارتباك كبير وحالة احتقان لدى المواطنين. تبرأ مسؤولو وزارة العدل مما حدث، ورموا الكرة بملعب وزارة الداخلية، بحكم أنها المشرفة على هذا البرنامج. عم هدوء في عدد من مرافق المحكمة الابتدائية المدنية بالبيضاء، أول أمس (الخميس)، تخللته بين الفينة والأخرى حركات مواطنين ومحامين، باستثناء جناح خاص بالنيابة العامة، شهد حالة غضب من قبل مواطنين، خصوصا بالطابق الثالث حيث يوجد المكتب الخاص بنظام «الأبوستيل»، بسبب عطب أصاب هذا البرنامج، فوجد عدد من المهاجرين المغاربة، وحتى المحامون، صعوبة في المصادقة على وثائقهم. غضب واحتقان كانت الساعة تشير إلى الواحدة والنصف زوالا. غياب شبه تام للمواطنين أمام المكتب المذكور، على غير العادة. سر هذا الغياب، كشفه حضور بعضهم في فترات متفاوتة، دخلوا المكتب يحملون ملفاتهم قبل أن يغادروا في غضون ثوان، وكأن على «رؤوسهم الطير»، بعد أن اعتذرت موظفة عن تقديم الخدمة لهم والسبب عطب بالنظام. غادر بعضهم المكتب في حالة غضب، سيما أن منهم من احتج أنه قدم أمس، وطلب منه الحضور في اليوم الموالي، فوجده النظام معطلا، في حين فضل آخرون البقاء قرب المكتب على أمل عودة العمل لهذا البرنامج في أي لحظة، لكن بعد طول الانتظار، انصرفوا في صمت. حالة الغضب لدى المواطنين تم احتواؤها بطريقة لبقة، بعد أن أخبروا أن العطب شمل كل المحاكم المغربية، ومصدره وزارة العدل. هذا التوضيح دفع مواطنين إلى تقبل الأمر، لكنهم صبوا جام غضبهم على الجهة المشرفة على «الأبوستيل». على طريقة «ها هو غاي يشعل ها هو غاي يطفا»، كانت إشارة الولوج إلى البرنامج المعلوماتي تظهر وتختفي في حاسوب موظفة، تشعر مواطنا أن البرنامج استعاد نشاطه، لكنه في أقل من دقيقة، تجد الموظفة نفسها محرجة، وتعتذر له أن العطب عاد من جديد، ومن أجل تفادي الإحراج، اتخذت قرارها برفض تسلم الملفات إلى حين التأكد بشكل قاطع أن البرنامج « استعاد عافيته». تذمر صادف العطب الذي مس نظام «الأبوستيل»، وجود أصوات تستغرب إقحام هذه الخدمة للمحاكم، وهو ما شكل ضغطا جديدا عليها. وأوضحت مصادر لـ»الصباح» أنه كان حريا بوزارة الداخلية بحكم أنها تشرف على صيانة ومراقبة نظام «الأبوستيل»، تولي الإشراف التام عليه، وإحداث أقسام بمرافقها للمصادقة على وثائق المهاجرين، بدل أن تسند هذه المهمة للمحاكم، خصوصا أن بعض الإجراءات تدخل في خانة المساطر الإدارية التي تختص بها، مقدمة مثالا على ذلك، أنه يشترط على المواطن المصادقة على الزواج من قبل كتابة الضبط لدى النيابة العامة، رغم أن هذه المصادقة، يمكن القيام بها بالمقاطعات والمرافق التابعة لوزارة الداخلية، لربح الوقت وتفادي الاكتظاظ في المحاكم. وكشفت المصادر أن هناك مطالب بإخراج خدمة «الأبوستيل» من اختصاص وزارة العدل والمحاكم بصفة عامة، وإعادتها إلى وزارة الداخلية أو الخارجية، مستشهدة بالضغوط التي تشهدها المحكمة الابتدائية المدنية للمصادقة على وثائق المهاجرين. إصلاح "الأبوستيل" كانت استفسارات المواطنين حول مصدر هذا العطب، والمدة المفترضة لإصلاحه وعودة العمل به، تظهر كأنها أسئلة فلسفية محرجة، وجدت الموظفات المشرفات على هذه الخدمة صعوبة في الإجابة عنها، واكتفين بجواب أن العطب من المصدر، ومس جميع محاكم المغرب، دون المزيد من التوضيحات، اللهم عبارة أن إصلاحه في علم الغيب. هذه التبريرات لم تشف فضول المواطنين، الذين ضربوا موعدا معهن في اليوم الموالي. تعطل مصالح المواطنين بسبب العطب وتذمرهم، دفع مسؤولي المحكمة إلى ربط الاتصال بوزارة العدل، على أساس أنها مشرفة على الخدمة، فكان الرد أن تعطل هذه الخدمة مصدره وزارة الداخلية، إذ يشرف تقنيون على إدخال تحسينات وخدمات جديدة على هذه الخدمة، وأن العملية تمت دون إشعار وزارة العدل وباقي المحاكم بهذا الإجراء، لإخبار المواطنين، ما يعني أن هذه العطب سيواصل لفترة. معاناة وضغوط ما زال موظفو المحكمة الابتدائية المدنية، يتذكرون الأيام الأولى للعمل بنظام «الأبوستيل» في غشت الماضي. وقتها أسندت لهم مهمة المصادقة على جميع وثائق المهاجرين، سواء ذات الاختصاص المدني أو الجنحي أو تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية، ما اضطر مسؤولي المحكمة إلى تخصيص قاعة كبيرة، لاستقبال الوافدين على هذا المرفق، الذي كان يتسلم أزيد من 300 ملف يوميا. هذا الاكتظاظ تسبب في احتقان وضغوط كبيرة على الموظفين المشرفين على هذه الخدمة، إذ لم يستطيعوا مسايرة الطلبات المتزايدة بشكل يومي، مع استفادتهم من تكوين بسيط، وهو ما كان يتسبب في عراقيل وتأخير في المصادقة، يصل في بعض المناسبات إلى أيام، ما أثار احتجاجات كبيرة من قبل مواطنين دون مراعاة ظرف عمل الموظفين، كما غضب محامون، وجدوا أنفسهم ملزمين بمشاركة المواطنين الطابور، بعد أن أغفلت الوزارة وضع خطة تمكينهم من الاستفادة من هذه الخدمة، ما عطل مصالحهم، بل منهم من فاتته جلسة لمناقشة ملف. دفعت تلك الفوضى مسؤولي المحكمة إلى مراسلة وزارة العدل، من أجل التدخل، فأصدرت بلاغا تؤكد فيه إدخالها تعديلات، مست اختصاص كل محكمة بالبيضاء على حدة، إذ ستظل المحكمة المدينة، مختصة بوضع شهادات الأبوستيل في ما يتعلق بالمادة المدنية وكذا الوثائق الصادرة عن المحاكم المتخصصة بالمدينة، في حين ستتكلف المحكمتان الابتدائية الزجرية والابتدائية الاجتماعية بمنح شهادات «الأبوستيل» لاصحاب الوثائق الصادرة عن سلطة أو موظف تابع لكل محكمة من المحكمتين المذكورتين وفي حدود اختصاص كل واحدة منهما. مصطفى لطفي

الأبوستيل … “سير حتى تجي”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انقلاب داخل الاستقلال

الابتزاز يورط قبطانا بالدرك

مقالات ذات صلة