مصطافون من كل مكان وقرية تعيش في عباءة مدينة في الطريق السيار الرابط بين القنيطرة وجماعة "مولاي بوسلهام"، على مسافة 80 كيلومترا تقريبا، تجد عشرات السيارات تعبر المكان نحو الاستجمام، علامة التشوير على الطريق تطلب منك أن تلف إلى اليمين، ثم عبر شريط دائري إلى طريق وطنية، حيث تخرق غابة كثيفة، قبل أن تظهر المدينة هادئة، سرعان ما يرتفع ضجيجا وأن تعبر "بلاكة 40". جماعة "مولاي بوسلهام"، يتضاعف تعداد سكانها بأكثر من النصف، خلال العطلة الصيفية، فهي تمثل مقصدا للمصطافين، يوميا، كما أن مركزها التجاري ينشط بشكل لافت خلال هذه الفترة. استقطاب المدينة لعدد كبير من السياح الداخليين، يصل سنويا إلى حوالي 80 ألف زائر، حمل المجلس الجماعي لـ"مولاي بوسلهام"، على برمجة مجموعة من المشاريع لتشجيع السياحة بمركز الجماعة، يقول أحد الموظفين بالجماعة، وحتى يكون قادرا على استيعاب آلاف الزائرين الذين يقصدون المدينة كل صيف. يحكي هذا الموظف: "من بين المشاريع، تنظيم حملة دائمة لنظافة المركز والشاطــئ بشراكة مع المكتب الوطني للكهرباء، وإقامة مرافق صحية بالشاطئ للحفاظ على جودة الماء ونظافة الشاطئ، كما تنتصب اللوحات والإشارات لضمان سلامة المصطافين. بالمقابل، تمت تهيئة الساحة الكبرى بمركز "مولاي بوسلهام" كمجال فسيح للاستحمام، وتوسيع وتهيئة كورنيش الشاطئ. البنية الحديثة للجماعة شدت إليها الانتباه حديثا، فهي بنية تحتية مساعدة على جلب الاستثمار، منها شبكة طرقية مهمة ومنها الطريق السيار، وتغطية كاملة بالكهرباء، وفرشة مائية مهمة". تحكي الروايات عن منطقة "مولاي بوسلهام"، أن شخصا، ملقبا بمولاي بوسلهام، زار المنطقة في القرن العاشر، حيث قاد مجموعة من الحجاج للتعبد بمغارة المرجة الزرقاء، وهو يشكل اليوم رمزا للمدينة. الجماعة أحدثت سنة 1992، تقع إداريا بإقليم القنيطرة، عدد سكان الجماعة يفوق 21462، مساحتها 200 كيلومتر مربع، تحيط بها شمالا جماعة الشوافع وجنوبا جماعة البحارة أولاد عياد وغربا المحيط الأطلسي وشرقا جماعة للاميمونة.بالمقابل تجذب المؤهلات السياحية لجماعة "مولاي بوسلهام"، المصطافين المغاربة والأجانب، بالنظر إلى أهمية الموقع الجغرافي المطل على المحيط الأطلسي، كما يساعدها على استقطاب الكثير من الزوار، قربها من التجمعات الحضرية الكبرى ، مثل الرباط والقنيطرة والعرائش وطنجة. غير أن المدينة يعوقها ضعف بنيات الاستقبال السياحي، وعدم كفاية الإمكانيات المالية للجماعة لتلبية الحاجيات المتزايدة في مجال البنية التحتية. الوجوه هنا مختلفة تماما عن الوجوه التي ألفها سكان الجماعة، فصغر المدينة حولها إلى مساكن لأسرة واحدة، القبلة نحو البحر تشد الجميع، وحتى الأطفال يلهون في الطريق، ويتسابقون إلى المحلات التي انتشرت على يمينك تصلك بالشاطئ مباشرة. هنا يختلط الفقراء والأغنياء، ويسترق الموظفون لحظات استرخاء قبل موسم العودة إلى مكاتبهم. في الساحة المقابلة للمحلات التجارية، معارض للصناعة التقليدية وأخرى تجارية، خيم تتعالى من داخلها أصوات الموسيقى، بمختلف ألوانها. في مدخل الجماعة عناصر من الدرك الملكي تحرس المكان، ووسط شوارعها آخرون ينظمون مرور السيارات، بين الفينة والأخرى تخرق منبهات العربات الفضاء. في الجانب الآخر، وعلى يسار الساحة الكبيرة، توجد "المرجة الزرقاء"، ملتقى البحر وهذه "المرجة" تضفي على المكان جاذبية أكبر. "مولاي بوسلهام"، جماعة صغيرة بمواصفات مدينة. تتحول كل صيف إلى قبلة للباحثين عن الهدوء، أولا، والبحر ثانيا، بما لا يدع مجالا للشك أنها توفر العنصرين معا، قل نظيرهما في شواطئ أخرى تزدحم فيها السيارات بالراجلين الباحثين عن الشواطئ. "مولاي بوسلهام"، هي مدينة تعيش في عباءة القرية، طبيعتها الخلابة ومداخل المدينة المشجرة وأناسها البسطاء، يجولونك تتعود العيش فيها وتعود إلى شواطئها. في جماعة "مولاي بوسلهام"، تلتقي الغابة على مساحة 2267 هكتارا، تتكون في الغالب من "أوكالبتوس" و"فلين"، بالشريط الساحلي الممتد على منطقة الشمال الغربي للبحر الأطلسي، بالمرجة الزرقاء الممتدة على 7000 هكتار لتعطي في النهاية صورة مصطاف مختلف تماما عما هو موجود في باقي أنحاء المغرب. تتموقع "المرجة الزرقاء" على شاطئ "مولاي بوسلهام" بساحل المحيط الأطلسي، وتبلغ مساحتها 11420 هكتارا، منها أكثر من 7000 هكتار تشكل محمية بيولوجية، أعلنت محمية منذ سنة 1978، قبل أن تنتقل إلى محمية دولية سنة 1980. على محيطها يستوطن السكان، فقد ساعدت مواردها الطبيعية وجمال موقعها على استقطاب الباحثين عن العيش بالقرب من كل هذا التنوع البيولوجي، فهي تتوفر على نباتات وحيوانات نادرة، بعضها مهدد بالانقراض، بعض النباتات بالمرجة تعكس قدرة طبيعية على التأقلم مع الحياة في المياه العذبة والمياه المالحة والمستنقعات والكثبان الرملية التي تميز المكان. بعض الدراسات كشفت وجود أكثر من 100 نوع من النباتات تتوزع على 55 تركيبة نباتية. تستقبل المحمية سنويا أكثر من 150 ألف طائر، بعض أصنافها نادر جدا يحط بها الرحال في موسم الهجرة. إحسان الحافظي