التأخير وطول المساطر يؤرقان المتقاضين بمحكمة الأسرة بفاس

محام: الوضع ناتج عن قلة القضاة وأطر كتابة الضبط حركة غير عادية تعيشها محكمة قضاء الأسرة بفاس، منذ حلول الصيف وتوافد المغاربة المهاجرين. عدة أشخاص جلسوا على أدراج الباب الخارجي، وآخرون رابطوا أمام أبواب مختلف المكاتب، في انتظار إنجاز وثائق وقضاء أغراض معينة، في مدد زمنية مختلفة ومتفاوتة. أحاديث ثنائية وثلاثية ورباعية، في كل مكان. أسرار البيوت والعائلات، على ألسنة المتحدثين. مجموعات متفرقة وجدال مختلف باختلاف أطرافه. سحنات متباينة بتباين وضعها الاجتماعي، ووجوه أنهكتها المشاكل دون أن تدري ل»علاجها»، سبيلا، ليبقى الانتظار سؤالا محيرا للجميع. أمام باب قاعة الجلسات اليتيمة، وقفت زوجة زوال الخميس، تحكي لمحاميها، قصة ضياعها وأبنائها، مع زوج لم يعد كما كان في إخلاصه وإنفاقه على ذريته، في انتظار حلول موعد الجلسات. «4 شهور وهو سامح فينا، أولادي ما بقاوش يحملوه. كيمشي عند صحاباتو».. عبارة اختصرت معاناتها.مثيلات هذه الزوجة، كثيرات ممن ضقن ذرعا من طول المساطر، فيما يقول المحامي جواد بنجلون التويمي، إن طلب التطليق للشقاق، هو أعلى النسب المسجلة بهذه المحكمة، لعدم قدرة الزوج على الإنفاق وظروفه المادية بسبب ارتفاع مستوى المعيشة وضعف القدرة الشرائية للمواطن. هذا الارتفاع عزاه كذلك، إلى العجز عن توفير السكن المستقل وضعف الوعي وتدخل الأسرة في شؤون الزيجات، دون أن ينفي وجود مشاكل مرتبطة بظروف المتقاضيات، أمام طول المساطر الناتج عن تأخير الملفات لمدد طويلة تفوق ما يسمح به القانون، خاصة أمام توالي الإضرابات. وليس الطلاق والتطليق، وحدهما ضمن معاناة المتقاضين، بل كل ما يرتبط بملفات الحالة المدنية، وطلبات التسجيل فيها أو تصحيح الأخطاء أو الإضافات وتصحيح التواريخ، التي «تتطلب أكثر من أشهر، ما يفرض تقديم طلب التعجيل، كإجراء آخر إضافي» يقول بنجلون. ويؤكد بنجلون التويمي أن القضايا يجب أن تأخذ مجراها الطبيعي في وقت يسير جدا، مشيرا إلى أن هذا الوضع ناتج عن قلة القضاة في المحكمة والنيابة العامة، إذ «لا توجد سوى نائبتين لوكيل الملك، من المفروض عليهما البت في الكثير من الملفات المعروضة، إن لم نقل جلها».ويرى أن هذا العدد غير كاف لتحمل كل هذا العبء والعدد الهائل من الملفات، واستقبال المواطنين لتلقي الشكاوى المتعلقة بالنفقة والزواج المختلط، خالصا إلى أن الوزارة مطالبة بالالتفاتة إلى هذه المحكمة، التي «تعاني من نقص في عدد القضاة وأطر كتابة الضبط». ويستند زميله نور الدين بلقاضي، إلى تجربته المتواضعة، للقول بأن «مشكل الأسرة في المغرب، هو مشكل تقاضي وليس قانوني»، منوها بالتحسن الموجود في قضاء الأسرة، في ظل جهود وصفها ب»الجبارة» تبذل من قبل الجهات المختصة، دون أن ينكر استمرار وجود مشاكل مرتبطة بالمجال.ويقول إنه بمجرد وضع الملف في صندوق المحكمة، يتم تعيين الجلسة في الحين، مع السماح للمحامين بتسلم الاستدعاءات والسهر على تبليغها، ما «يعتبر خطوة إيجابية على درب تحديث جهاز القضاء»، مشيرا إلى أنه في ظل الضغط المسجل، تصعب تلبية كل طلبات الوافدين.ويقول بلقاضي إن حلول الجالية في الصيف، يطرح مشكلا كبيرا أمام محدودية مدة الإقامة، ما يولد ضغطا يتزامن مع عطلة الموظفين، ويسوق نظرة سيئة عن جهاز القضاء، لدى المهاجرين، متمنيا أن تتم معالجة المشكل وإضافة موظفين خاصين لتدارك الوضع، ولو عن طريق الانتداب من أقسام أخرى.ويساهم الوضع في تعطيل وتأخير إنجاز المطلوب من قبل المهاجرين، كما حال مهاجر فاسي، قضى سنتين لإنهاء ملف كفالته لطفلين من المتخلى عنهم التابعين لمركز بمستشفى الغساني، إذ كان يباشر تلك الإجراءات، كل صيف، لارتباطاته العملية، لكنه «الحمد لله، راني كنوجد ليهم الباسبورات». يقول الزبير بونوة، قريب المهاجر، المكلف بمباشرة الترتيبات الأخيرة لتهجير الطفلين، إن إجراءات كفالة مثل هؤلاء الأطفال، معقدة خاصة في مجال البحوث التي تعقب وضع طلب تسليم الأطفال المهملين، أمام تشعب الجهات المرتبطة من القضاء والشرطة والأوقاف والشؤون الاجتماعية. ويؤكد أن إجراءات البحث من الشرطة، قد تطول قبل إحالة الملف على القاضي المسؤول عن شؤون القاصرين، وما يعقب ذلك من إجراءات لدى النيابة العامة، قبل النطق بالحكم وتسليم الأبناء بحضور عون سلطة ومسؤولة عن الأعمال الاجتماعية والنيابة العامة، لتحرير محضر في الموضوع. وأبرز أن الصعوبة تزداد مع تقدم الإجراءات قبل التسليم الذي عادة ما يتم يوم الخميس، ما يكون مصدر معاناة المهاجرين الراغبين في كفالة بعض الأطفال المهملين، و»يتطلب مرونة في الإجراءات» حسب التويمي بنجلون، الذي ثمن فكرة إحداث خلية خاصة للاهتمام بقضايا المهاجرين.تلك الخلية، يقول التويمي، تتلقى مشاكل مهاجرينا، وتحاول الإسراع في حلها، إلا أنه «لا يتحقق من ذلك، سوى نسبة قليلة، لكثرة الملفات المعروضة من قبل الجالية، ومحدودية عدد القضاة بالمحكمة والنيابة العامة وأطر كتابة الضبط»، ما «يجب تداركه مستقبلا». حميد الأبيض (فاس)

التأخير وطول المساطر يؤرقان المتقاضين بمحكمة الأسرة بفاس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تائهات في محكمة الأسرة بالبيضاء

فضاء قضاء الأسرة بمراكش يعيق سير العمل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات