“عمي” يفسد تكريم عبد الرؤوف

مهرجان الفيلم بمراكش يكرم وجوها مغربية في ليلة اختلطت فيها المشاعر شكلت ليلة تكريم الفنان الفكاهي عبد الرؤوف، أقوى لحظات الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، منذ بدايتها الجمعة الماضي، إذ حضرها جمهور كبير من الفنانين والمشاركين في التظاهرة الدولية، عرفانا منهم وتقديرا لمواهب رجل أضحك أجيالا من المغاربة في زمن لم يكن من السهل فيه ذلك. "الصباح" حضرت حفل التكريم وتقدمه إليكم من خلال الورقة التالية: عرفت ليلة أول أمس (الثلاثاء)، أقــوى لحظات الدورة 16 من المهــرجان الدولــي للفيلم بمراكش، إذ تم خلالها تكريم ذكــرى المخرج السينمائي الراحل عبد الله المصباحي، وتكريم الفكــاهــي عبد الرحيم التونسي، المعروف لدى الجمهور المغربي بعبد الرؤوف، وسط حضور كبير من الجمهور والمهنيين المشاركين في التظاهرة الدولية، والذين حجوا بكثافة إلى قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات، حيث تنعقد فعاليات المهرجان. كــانت البدايـة بتكريم ذكرى المخرج السينمــائي عبــد الله المصباحي، الــذي رحــل عــن عــالمنا قبــل شهــور، والذي تسلمت درع تكــريمه ابنته المخرجة والموزعــة المعــروفــة إيمان المصباحي، الـتي ألقــت للمنــاسبة كلمــة مؤثــرة تفــاعــل معها الجمهـــور كثيرا وصفق لها طويلا. إيمان المصباحي، خنقتها العبرات وهي تحاول إلقاء كلمتها لمناسبة تكريم والدها بمهرجان مراكش الدولي للفيلم، ولم تتمكن، إلا بعد لحظات من الصمت الثقيل، من إسماع صوتها الذي خرج متحشرجا، تملؤه نبرات الحزن والألم. إيمان، التي وزّعت العديد من الأعمال السينمائية الوطنية والمصرية، أشهرها فيلم "الطريق إلى كابول" الذي حطم جميع الأرقام القياسية في العرض بالقاعات، قالت في كلمتها إنها كانت، منذ صغرها، تعتقد أن والدها إنسان خالد، وإنه لن يموت أبدا، رغم أنه كان يردد أمامها في العديد من المرات، أن أعماله هي التي ستظل خالدة وليس هو. الكلمة نفسها التي ألقتها ابنة المصباحي في تكريم ذكراه، والتي جمعت فيها بين شاعرية العبـارات وقـوة الرسائل، توجهت من خلالها بالشكر إلى الملك محمد السادس والأمـير مولاي رشيد ومؤسسة المهرجان، على الالتفــاتــة الطيبة بتكريم والدها، متوجهة إلى الجهات المسؤولة بنــداء من أجل إعادة ترميم بعض أفلام والدها، معلّقــة بالقول إنها شعرت، وهي تحاول تركيب شريـط التكريم الخاص بوالدها، والذي يضم مشاهد من أهم أفلامه، أن عبد الله المصباحي يموت للمرة الثانية، بعد أن وجدت أن كيلومترات من الأشرطة تعرضت للتلف. عبد الرؤوف... البسيط التفاعل الجماهيري نفسه سيظل شعار حفل أول أمس (الثلاثاء)، حين الإعلان عن تكريم اسم الفكاهي المحبوب عبد الرؤوف، والذي وقفت القاعة كلها أثناء دخوله، تعبيرا عن احترامها لشخصه، وظلت لمدة ثوان تصفق بحرارة لإطلالة عبد الرحيم التونسي. الكلمة التي ألقــاها عبد الرؤوف، كانت تشبهه تماما. بسيطــة وتدخل القلب مباشــرة. شكـر خلالها الجمهور الحاضر داخل القاعة في حفل تكريمه، وعموم المغاربة الذين يكنون له الحب والتقدير، كما شكر الملك محمد السادس، معبرا في الوقت نفسه عن سعادته الكبيرة بتكريمه في مهرجان مراكش الدولي للفيلم، الذي اعتبره شرفا له. وتفاعل الحضور كثيرا مع الشريط الذي عرضه المهرجان لأهم وأقوى المشاهد في المسار الفني لعبد الرحيم التونسي، والتي كانت تتشكل أغلبها من أدواره المسرحية، باعتبار رصيده الضعيف من الأفلام السينمائية، كما ضحك الحاضرون ل"قفشات" عبد الرؤوف التي أعادتهم، لبرهة من الوقت، إلى زمن جميل كانت الضحكة فيه تخرج من القلب لتنعش القلب، دون "تفلسيف" أو تهريج فارغ. ولم تكــن الكلمة التي ألقتها الفنــانة الكـوميدية حنان الفاضيلي، والتي سلّمت درع التكريم لعبد الرؤوف، لتقل أهمية وقوة عن كلمة إيمان المصباحي التي ألقتها لحظة تكريم والدها المخــرج السينمائي. الفاضلي وصفت عبد الرؤوف بأنه سيد التمثيل الفكاهي دون ميوعة، وقالت في كلمتها "تفرشيخ الضحك انت مولاه... والتمثيل الشعبي... انت مولاه"، مضيفة أنه تقمص دور "لهبيل" مع أنه ليس كذلك، بل كانت تلك طريقته لتمرير رسائل مشفرة في زمن لم يكن يجرؤ أحد على مقاربة مواضيع مثل الرشوة والزبونية والمحسوبية، ولو على سبيل "التقشاب". مهزلة" اسمها "عمّي" انتهــى حفل تكريم الفنــان الفكاهــي عبــد الرحيـم التونسي، بعرض فيلم "عمي"، الذي يشارك فــي بطولته عبد الرؤوف نفسه، ويخرجه نسيم عباسي وتلعب بطـــولته مجموعة من الممثلين من بينهم عالية الركاب ومحمد الخياري وسعاد العلوي. وهو الفيلم المغربي الوحيد الذي يعرض في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ويا ليته لم يعرض. وإذا كـان حفل تكريم عبد الرؤوف قويا والكلمــة التــي ألقاها وألقتها حنان الفاضلي مؤثرة وجميلة، فقد جاء عرض الفيلم ليضرب كل شيء في "الزيرو"، نظرا لتفاهة قصته وضعف حواراته وفكرته وبعده عن السينما بمسافات ضوئية. الفيلم، لم يفهم العديد من المتتبعين والنقاد والمخرجين الذين تحدثت إليهم "الصباح" كيف حظي بموافقة لجنة الدعم من المركز السينمائي المغربي، إذ أنه لا يتوفر على أبسط شروط العمل الإبداعي، كما أن فكرته التافهة تجعله غير قابل للإخراج بتاتا، وهو ما يطرح سؤالا كبيرا: هل هذه هي نوعية الأفلام التي تشجع لجنة الدعم والمركز السينمائي المغربي على تصويرها وإخراجها إلى الوجود، في بلد ما تزال "سينماه" تخطو أولى خطواتها؟ هل هذه هي الأفلام التي أريد لها أن تمثل "السوليما" المغربية؟ كواليس إيمان ارتدت إيمان المصباحي، في حفل تكريم والدها عبد الله المصباحي، زيا أسود أنيقا، تعبيرا ربما عن حدادها المستمر على أبيها الذي كانت تكن له حبا كبيرا، وكانت تربطها به علاقة متميزة جدا. جمهور بعض الجمهور الذي حضر حفل التكريم، كان يتصرف بنوع من "الشوفينية" الزائدة عن الحد، خاصة حين مشاهدته صور المسيرة الخضراء وسماعه صوت الحسن الثاني وهو يلقي خطاب المسيرة، لحظة مرور شريط التكريم الذي يوثق لأهم المشاهد في أفلام عبد الله المصباحي، وكأن الأمر يتعلق بمباراة كرة قدم وليس بحفل تكريم في مهرجان دولي. الدكالي نظمت مؤسسة المهرجان حفلا ساهرا على شرف عبد الرؤوف ليلة تكريمه، احتضنه ملهى ومطعم "بودابار" الشهير بمراكش، وحضره العديد من المخرجين والممثلين المشاركين في فعاليات الدورة 16 من المهرجان، من بينهم محمد أشاور وفوزي بنسعيدي ونور الدين لخماري وعادل الفاضلي وحنان الفاضلي ومحمد نظيف ومحمد الشوبي ويوسف أزلال، المعروف في الوسط الفني بلقب "مسيكة" وصونيا عكاشة، إضافة إلى المغنيتين التوأم صفاء وهناء، والموسيقار الكبير عبد الوهاب الدكالي.

“عمي” يفسد تكريم عبد الرؤوف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معين الطاهر: تداعيات مؤتمر "فتح"

المشكل في طرق صرف الدعم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات