دراسة: العدول والتغيرات الاجتماعية والسياسية

الهيأة الوطنية للعدول لم تتقدم باقتراحات لمسايرة التغيرات التي يعرفها المغرب عرف المغرب مجموعة من البوادر والمؤشرات في العشرية الأولى من هذا القرن لتغييرات همت جميع الميادين الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية، ومنها مشروع المغرب الديمقراطي الحداثي وما صاحبه من بداية تحولات وإرادة سياسية أراد منها المغرب القطع مع الماضي والدخول الى القرن الواحد والعشرين برؤى مستقبلية كإحداث هيأة الانصاف والمصالحة مع الأفراد والجماعات وجبر الضرر وتضميد الجراح وفتح الآفاق نحو المستقبل تماشيا مع التحولات والتغيرات الدولية. مازالت مهنة التوثيق في السنة الحادية عشرة من هذا القرن ثابتة وغير متأثرة بكل التحولات والتغيرات التي يعرفها العالم لا من بعيد ولا من قريب، إذ هي هي وكأن الزمان متوقف عن الحركة في هذه المهنة، إلا من استثناءات كولوج عدول جدد ووفاة عدول حان وقت وفاتهم، أو من تعديلات قانونية كإحداث هيأة وطنية للعدول تعمل على تنظيم مؤسستهم التوثيقية وترسيمها كمخاطب قانوني مع الإدارات والمؤسسات، وبالتالي تدخل في «·مشروع الحداثي الديمقراطي القاضي بتنظيم كل المهن والحرف وغيرها لمأسستها.وكان على الهيأة الوطنية للعدول سواء في مكتبها السابق أو الحالي أن تتقدم بتظلمها إلى هيأة الانصاف والمصالحة للنظر في الحيف والظلم الذي لحق مهنة التوثيق العدلي طيلة قرن كامل والاجهاز على حقوقها التاريخية وتفويتها الى جهات أخرى بدون حق وجبر الضرر الذي عانت منه المهنة بصفتها مؤسسة تاريخية وما عاناه السادة العدول طيلة المدة المذكورة، إلا أن الهيأة الوطنية للعدول غائبة عن نقاش هذه المواضيع وغيرها المسندة إليها، وحادت عن الدور المنوط بها إلى المناقشة والاجتهاد في البحث عن الوسائل والآليات التي تمكنها من تحصيل الموارد المالية، وتحولت من هيأة وطنية للعدول تعنى بقضايا المهنة والدفاع عن العدول الى هيأة تعنى بجمع الموارد المالية، والباقي واضح ومتداول عند السادة العدول مع الغياب المطلق للجهات المعنية من وزارة العدل والمجلس الأعلى للحسابات قصد المراقبة والتدقيق في كيفية تحصيل المبالغ المالية وكيفية توزيعها وما يدفعنا الى انتقاد هيأتنا هو توجيهها الى دراسة القضايا المطلوبة والحساسة لدى العدول حتى يشعروا بالفعل أن لهم هيأة وطنية تدافع عن العدالة والعدول، ومن ذلك إضافة إلى مشروع المغرب الديمقراطي الحداثي الذي لم تتقدم الهيأة الوطنية للعدول مع الأسف ولو بورقة ثقافية ولا توضيحية ولا غيرها تبدي فيه تصورها لهذه المرحلة، مع العلم أننا اليوم أمام بداية تغيرات أخرى تهم فتح ورش إصلاح القضاء، والعدول لهم دور أساسي سواء كان محوريا أو ثانويا لارتباطهم بالمنظومة القضائية في المغرب، فلم نعلم لا سرا ولا جهرا أن الهيأة الوطنية للعدول تقدمت بمذكرة أو مساهمة في مشروع ورش إصلاح القضاء ورد الاعتبار للمهنة، بعد أن كان للعدول دور فعال داخل القضاء من تحرير وتنفيذ الأحكام والمعاينات وغيرها من الأمور القضائية كتولي مهنة قاض أو نائب قاض وتاريخ العدالة في المغرب أكبر شاهد على هذه الحقائق.ونرجع الى غياب الهيأة الوطنية للعدول سواء مكتبها السابق أو الحالي عن المجريات التي عرفها المغرب والتي لازال يعرف فيها تحولات أخرى، ومن ذلك أن أكبر تحول عرفه المغرب هو القطع النهائي مع مدونة الأحوال الشخصية والدخول الى مرحلة جديدة مع مدونة الأسرة، التي يناط فيها بالعدول الأدوار الرئيسية، ولكن مع الأسف هم غائبون والهيأة الوطنية تكتفي بالسماع وتمتنع عن المشاركة فكل شيء تغير ابتداء من العقليات الى المساطر.والوسائل، إلا الهيأة الوطنية للعدول التي لم تحاول أن تتقدم ولو باقتراحات لمسايرة هذه التغيرات والتطور الذي يعرفه المغرب والمغاربة كاستبدال طرق العمل والقطع مع هذه الازدواجية في تلقي الاشهاد وطريقة كتابة الوثائق التقليدية، وإسناد مهمة القضاء الأسري للعدول واللائحة طويلة من المقترحات كما كان على الهيأة الوطنية للعدول أن تفتح ورشا كبيرا على المستوى الوطني والاستماع في تجمعات كل استئنافية على حدة للسادة العدول بخصوص مشاكلهم وتطلعاتهم وجس نبض هذه الفئة العريضة المنتشرة في الدواوير والقرى والمراكز والمدن والدفع بها لإعطائها تمثيلية في الغرف المهنية والاستشارية الحكومية بعضو على الأقل للتواصل خاصة في اطار المجلس الجهوي الاقتصادي وفي مشروع الجهويات القادم.ومن التغيرات التي لازالت الهيأة غائبة عنها هو التغيير الجذري الذي تستعد له كل مكونات المجتمع المغربي من أحزاب ومنظمات وهيآت وجمعيات ومكونات المجتمع المدني للنظر في دراسة وإعداد الدستور المغربي، ولكن الهيأة الوطنية للعدول بهذه التغييرات والتحولات التي يعرفها المغرب هي بعيدة عنها وخارج اهتماماتها.وإذا كانت المحطات الكبرى في التغيير بدءا من محطة مشروع المغرب الديمقراطي الحداثي ومحطة مدونة الأسرة ومحطة ورش اصلاح القضاء ومحطة مراجعة الدستور، وهذه التغييرات لا تعني الهيأة الوطنية للعدول في شيء، فإن عكس ذلك أن العدول معنيون أكثر من غيرهم بالمساهمة والمشاركة في هذه الأوراش وأصبحوا يرفضون أي تهميش لدورهم كفاعلين محوريين في المجتمع، وحتى إن كانت الهيأة الوطنية للعدول لم يأت في عهدها إلا الزيادة في الإجهاز على المكتسبات والحقوق من رجوع الأذونات من جديد الى العقود العدلية والإقصاء من تحرير عقود السكن الاجتماعي وغيرها من الأمور التي لم تبد فيه الهيأة الوطنية للعدول دورا يذكر سوى احتجاجات معدودة ومحتشمة والأساس في كل هذا لأن مكتب الهيأة الوطنية للعدول لم يكن له برنامج واضح ودقيق للأعوام المقبلة، وإنما برنامج الهيأة واضح ومعروف لدى السادة العدول والمحدد في تحصيل الأموال من دمغة وغيرها وبث البلبلة والعداوة بين العدول للاستفراد بالقرارات وإقصاء كل العدول المعارضين لطروحات الهيأة، ومن ذلك أن المكتب التنفيذي للهيأة الوطنية قرر في مقرر له إلغاء انتخابات المجلس الجهوي للدارالبيضاء في إبانها وطبقا للمواد 78 و79 من قانون 16.03 وبدون مراعاة قانونية ولا أخلاقية بعد أن سبق له في مقرر سابق تحت عدد 01 تحديد مواعيد الانتخابات ثم عاد في مقرر لا حق بدون عدد وبدون تاريخ الى الغاء العملية برمتها جملة وتفصيلا، والهدف هو إقصاء عدول الدارالبيضاء من المشاركة في الانتخابات الرئاسية للهيأة الوطنية، بعد أن تقدم الرئيس السابق خلسة بترشيحه إلى الرئاسة الوطنية، ولكن النتيجة كانت ضد المؤامرة وانقلب السحر على الساحر، وبعد هذا الفشل ووعي السادة العدول بهذه اللعبة الممنهجة عاد المكتب التنفيذي ليعلن من جديد عن تاريخ انتخاب رئيس وأعضاء المجلس الجهوي الدارالبيضاء بدون تعليل ما تغير وما لم يتغير بين الغاء الانتخابات في وقتها وبين الإعلان عن تاريخ خارج المدة القانونية لانتخابات الدارالبيضاء. بقلم: ادريس العلمي: الكاتب العام لجمعية عدول استئنافية الدارالبيضاء

دراسة: العدول والتغيرات الاجتماعية والسياسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حليم: نحاول الخروج من الهواية إلى الاحتراف

تحريات أمنية حول شبكات تهريب السيارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات