المالكي: التناوب التوافقي أنضج شروط التحولات الراهنة

عضو المكتب السياسي أكد أن انتخابات 2012 ستكون محكا صعبا للاتحاد الاشتراكي أصدر حبيب المالكي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، كتابا جديدا يحمل عنوان"la parenthèse désenchantée" "التناوب التوافقي في الميزان"، بمعية الصحافية نرجس الرغاي، وهو كتاب يؤرخ لإحدى أهم المراحل في تاريخ المغرب المعاصر. وشكل هذا الإصدار مناسبة ليستعيد المالكي الظروف السياسية والتاريخية التي أدت إلى مجيء حكومة التناوب التوافقي، ومشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكم بعد أربعة عقود من المعارضة. ويستحضر المالكي، الذي تقلد سنة 1998 منصب وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، التحديات التي واجهتها حكومة التناوب، ونتائج مشاركة الاتحاد الاشتراكي فيها، وضريبة هذه المشاركة. ويتحدث المالكي، كذلك، عن الوضع الذي يطبع الحياة السياسية الوطنية في المرحلة الراهنة، المتميزة بحراك سياسي واجتماعي، مؤكدا أن التناوب التوافقي أنضج الظروف للمرحلة التي نعيشها اليوم، إذ أن ما نعيشه اليوم، مرتبط إلى حد كبير بما عشناه في 2002، حينما توقف الانتقال الديمقراطي، وهو ما يعكس أهمية مرحلة التناوب، في التهييء للتحولات التي يعيشها المغرب، راهنا. في ما يلي نص الحوار: أصدرتم، أخيرا، كتابا يتطرق إلى الشأن السياسي، ويلاحظ أنكم ركزتم على فترة التناوب التي دشنت للانتقال الديمقراطي بالمغرب. لماذا التركيز على هذه الفترة، بالذات؟الجميع، رغم الاختلاف في القراءات وتقييم النتائج، يعتبر أن التناوب التوافقي، أسس لمرحلة تاريخية جديدة، لأسباب موضوعية متعددة، أولا، أن الاتحاد الاشتراكي، بعد أربعين سنة من المعارضة، اختار أن يشارك في تدبير الشأن العام، ويتحمل مسؤولية قيادة حكومة التناوب التوافقي، من خلال تعيين عبد الرحمان اليوسفي، وزيرا أول. والسبب الثاني يتجلى في حساسية الظرفية، فنحن نتذكر جميعا أن الملك الراحل الحسن الثاني، أشار في خطاب له، إلى أن المغرب مهدد بالسكتة القلبية، فكان النداء من أجل الإنقاذ، ونتذكر، بالمناسبة، الأوضاع المتأزمة التي كانت سائدة، آنذاك، على المستوى السياسي، والاقتصادي، وكذلك الاجتماعي، واعتبرنا، بالتالي، نداء الإنقاذ، نداء للوطنية لأن إنقاذ المغرب، من شأنه أن يضمن استمراره، مهما كانت التناقضات وقوة الإرث المتراكم. كان يتعين علينا، في الاتحاد الاشتراكي، أن نتوجه نحو المستقبل. والسبب الثالث، يتمثل في طموحنا في التأسيس لنموذج يرمي إلى التغيير الديمقراطي، الذي من الممكن أن يؤدي، في مرحلة ثانية، إلى توفير كل الشروط الضرورية التي تؤهل المغرب لكي يعيش أوضاعا سياسية طبيعية، وأن نتجنب تاريخ الأقواس التي تُفتح وتغلق بسرعة. التاريخ السياسي لبلادنا ممكن اختزاله في تاريخ الأقواس، وهذا يؤكد أن الزمن السياسي الماضي لم يكن زمن المؤسسات، بل كان زمن البحث عن ضمان استمرارية النظام السياسي، وتجربة التناوب، خلقت، فعلا، وضعا، وحركة، ودينامية جديدة، إذ أن الاتحاد الاشتراكي قام، إلى جانب القوى الديمقراطية الأخرى، بدور كبير في ما سُمي المصالحة الوطنية،أي المصالحة مع الذات، وطي صفحة الماضي، علما أن الاتحاد الاشتراكي هو الحزب الوحيد الذي أدى ضريبة التغيير، سواء قبل 1998، أو بعد هذا التاريخ، ونتحمل مسؤوليتنا بشكل كامل، لأننا نعتبر أن الوطنية الحقة تقتضي في ظروف معينة التضحية، وتغليب المصلحة العامة على حساب المصلحة الحزبية. بخصوص مسألة دفع الضريبة، كان هناك نقاش داخل الحزب، انصب في جزء منه، حول اعتبار الاتحاد الاشتراكي دفع ضريبة مشاركته في السلطة، ألا تعتقدون أن عدم تجديد آليات الاشتغال داخل الحزب ساهم في أن الاتحاد الاشتراكي دفع الضريبة، وليس فقط المشاركة في الحكومة، في حد ذاتها؟صحيح. أقول دائما أننا تعبأنا من أجل إنجاح تجربة التناوب، لكن أهملنا المجتمع، لأننا لم نهتم بالحزب، باعتباره أداة فاعلة ومؤطرة طيلة هذه التجربة، ولم نضع الآليات الضرورية، والصيغ المناسبة لتطوير الحزب، انطلاقا من تجربتنا، إذ أن البنية التنظيمية، والثقافة السائدة في صفوفنا، لم تواكب التجربة بالكيفية المطلوبة، ولذلك لم يكن هناك دعم ميداني صريح، وبكيفية ملموسة لمكونات الحزب، والسبب في ذلك، أننا لم نفكر في ما يجب أن يكون، لنجعل من الحزب، باعتباره مؤسسة، طرفا أساسيا في كل التجربة، والبعض يسائلنا، إلى اليوم، إذ يعتبر أن الحزب تم تهميشه، وأن الفريق الاتحادي الذي شارك في حكومة التتاوب التوافقي، والحكومات المتعاقبة منذئذ، لم يستطع أن يجعل من التجربة الحكومية، كذلك تجربة حزبية، وأعتقد أن هناك بعض الأسباب الضاغطة، إذ أن حكومة عبد الرحمان اليوسفي، والحكومات الأخرى، تشكلت على أساس أغلبية واسعة، تضم خمسة أحزاب، وهذا الائتلاف الحكومي، لا يساعد على إعطاء هوية واضحة للعمل الحكومي، ولا يساعد على رفع جاذبيته، وصورته، بالنسبة إلى الرأي العام الوطني، والقواعد الحزبية، لذلك، من الدروس التي يجب استخلاصها مستقبلا، الحرص على تفادي الاشتغال في إطار العمل الحكومي، في سياق ائتلاف واسع، فهذا ليس هو الطريق الذي يجب أن نسلكه. هذه دعوة صريحة إلى ضرورة عقلنة التركيبة الحكومية تماما، إن الأغلبية المكونة من أحزاب متعددة، كيفما كان موقع هذه الأحزاب، لا تساعد حتى في مجال المحاسبة والمراقبة، إذ أن صورة الحكومة لدى الرأي العام ليست واضحة، وهذه تعتبر من بين الأسباب التي لم تساعد الاتحاد الاشتراكي على تقديم حصيلة عمله، بكيفية مقنعة، بالإضافة إلى تحملنا مسؤولية قطاعات لا تظهر نتائج العمل فيها، بالنظر إلى طبيعتها، إلا في المدى المتوسط والبعيد، على سبيل المثال التشغيل، والثقافة، وإعداد التراب الوطني والبيئة، والتنمية الاجتماعية، فهذه القطاعات لا ترتبط نتائجها بشكل مباشر، في المدى القصير، ولا يلمس المواطن نتائجها بشكل ملموس وسريع. هناك من يرى أن الحزب يعيش أزمة الزعامة الكاريزمية، إذ منذ وفاة عبد الرحيم بوعبيد، ومغادرة عبد الرحمان اليوسفي العمل السياسي، ظهر كأن هناك فراغا في الزعامة؟لا بد أن نشير، أولا، إلى أن المرحلة الحالية تختلف عن سابقاتها. العمل السياسي اليوم، يختزل مع الأسف الشديد، بالنسبة إلي، في التدبير أكثر من البحث عن رؤية إستراتيجية تساعد على إعطاء بعد ونفس للعمل السياسي. أصبحنا نستثمر وفق المردودية الآنية، ولا نعتبر العمل السياسي استثمارا، على المديين المتوسط والبعيد، نظرا إلى طبيعة المجتمع المغربي. ومفهوم القائد الكاريزمي في الكثير من الدول أصبح الآن متجاوزا، إذ أن العمل السياسي أصبح أكثر تعقيدا مما كان عليه بالأمس، ويحتاج إلى العمل الجماعي، وإلى الخبرة، ويتطلب، كذلك، آليات جديدة، لأن متطلبات المواطن اليوم، ونظرته إلى ما يجب أن تكون عليه السياسة، والسياسيين،أصبحت كذلك مختلفة. لم يعد العمل السياسي عملية مرتبطة بالإشباع الفكري والعقائدي، بل أصبح العمل السياسي اليوم مرتبطا أكثر بتلبية مطالب وحاجيات ملموسة، وبالحياة اليومية للمواطن. في هذا السياق، يطرح العديد من المهتمين بالعمل السياسي والحزبي، السؤال حول السبل الكفيلة بتمكين الاتحاد الاشتراكي من استعادة إشعاعه وقوته؟ ما هي المداخل الأساسية لتحقيق ذلك؟أرى أنه من الضروري أن يجتهد الحزب من أجل ترسيخ موقعه باعتباره حزبا يساريا. المغرب في حاجة إلى حزب يساري كبير، وهذا يتطلب شروطا على جميع المستويات، وعلى مستوى الخطاب، وآليات التواصل مع المواطن المغربي، بمعنى آخر، أن الحزب في حاجة إلى تجديد فكره ليكون قريبا، ميدانيا، من المواطن المغربي، إضافة إلى ذلك الوحدة الداخلية للحزب، التي بدونها لا يمكن أن نساهم في جعل وحدة اليسار واقعا، على المدى المتوسط. هل تعتقدون أنه بإمكان الحزب أن يشكل بوتقة لاحتضان فصائل ومكونات اليسار بعد كل هذه السنوات المطبوعة بالانسحابات والانشقاقات داخل الحزب؟هذا منطق التاريخ، والظروف التي نعيشها، في الوقت الراهن، تفرض ذلك. ليست هناك خلافات جوهرية بين مكونات اليسار، والخلافات القائمة، فرضتها ظروف وسلوكات معينة، فكل الإخوة والأخوات الذين غادروا الاتحاد الاشتراكي، خلال خمس عشرة سنة الأخيرة، لم يفعلوا ذلك على أساس وجود خلافات جوهرية. لكن هناك من يرفض العودة إلى الحزب، رغم أنهم يرفعون شعار وحدة اليسار، ويفضلون صيغا أخرى من صيغ التوحيد، ليس هي بالضرورة صيغة الاندماج، أو الانصهار داخل الاتحاد الاشتراكي، ما رأيكم؟لنناقش الأمر، هناك تجربة رائدة تتمثل في اندماج الحزب الاشتراكي الديمقراطي. صحيح أننا لم نستطع حل كل المشاكل التي طرحت في سياق مسلسل الاندماج، بل ارتكبت بعض الأخطاء، من دون شك، ولكن علينا أن نستفيد من هذه الأخطاء لتسريع وتيرة مسلسل الانفتاح على مكونات اليسار، واختيار الصيغ. هناك الاندماج، وصيغ أخرى، والاتحاد الاشتراكي منفتح على كل السبل، والهدف الرئيسي هو التأسيس لقطب يساري قوي، وفاعل في المشهد السياسي المغربي، خاصة بالنسبة إلى المحطات التي تنتظرنا. بعد مرور كل هذه السنوات، كيف تقيمون حصيلة الاتحاد الاشتراكي في مسلسل الانتقال الديمقراطي ككل وفي الحكومة؟ علما أن هناك من يقول إن المغرب لم يعرف انتقالا ديمقراطيا حقيقيا، فيما يؤكد البعض الآخر أن هذا المسلسل تعثر؟أعتبر أن هذه التجربة التاريخية ككل، كانت ناجحة بالأسئلة التي طرحتها، ولم نستطع الإجابة عنها في تلك الفترة، لسبب بسيط، هو أن الأسئلة التي طُرحت في تلك الفترة أنضجت، حاليا، الظروف التي ساعدت على صياغة الأجوبة، ولا أدل على ذلك من الخطاب الملكي لتاسع مارس، الذي يعتبر خطابا مستقبليا، متقدما في طرحه، ويُجيب ضمنيا عن كل الأسئلة التي طرحت خلال فترة تجربة التناوب التوافقي، بمعنى أخر أن التناوب التوافقي أنضج الظروف للمرحلة التي نعيشها، فما نعيشه اليوم في 2011، مرتبط إلى حد كبير بما عشناه إلى حدود 2002، وهي الفترة التي توقف فيها الانتقال الديمقراطي، ومنذئذ، يعيش المغرب تراجعات يقر بها الجميع. تصوروا معي لو استمرت التجربة من خلال تطبيق المنهجية الديمقراطية، خاصة أن الاتحاد الاشتراكي فاز بالمرتبة الأولى... لكن هناك من يحمل قسطا من المسؤولية للحزب، خاصة أنه وافق على الاستمرار في الحكومة بالرغم من تغييب المنهجية الديمقراطية؟أعتبر أن قرار الاستمرار في الحكومة جاء في سياق تغليب المصلحة العليا للوطن على مصلحة الحزب، لأن هاجسنا كان هو أن نٌسهم في إنجاح الانتقال الديمقراطي، والتحول من عهد إلى عهد جديد، وكان عبد الرحمان اليوسفي حريص على أن لا تلوث سماء المغرب بضبابية تذكره بما عاشه فجر الاستقلال، وطيلة الفترة التي كان يعيش في المنفى، إذ اعتبر، رغم التراجع الذي عرفه المغرب من خلال عدم تطبيق المنهجية الديمقراطية،أن الواجب يحتم تغليب المصلحة العليا للوطن، على حساب مصلحة الحزب. وكان مقنعا، إلى حد ما، في الدفاع عن هذا الموقف داخل المكتب السياسي للحزب، خاصة عندما جرى تعيين ادريس جطو، وزيرا أول. أشرتم في الكتاب إلى أن الجواب الاقتصادية لم تكن تشكل نقطة قوة في فترة التناوب، ويبدو أن فتح والله ولعلو، سوف لن يشارككم الرأي، لأنه يعتبر أن المغرب حقق مكتسبات في المجال الاقتصادي، فيما تراجعت السياسة؟ أعتبر أن الخصاص الذي يطبع المجتمع المغربي، في جميع المجالات، يقتضي نهج سياسة اقتصادية واجتماعية ومالية مغايرة، لتلك التي عرفها المغرب. نحن لسنا في مستوى تطور المجتمعات الناضجة، والمتقدمة مثل انجلترا، وفرنسا، أو الولايات المتحدة الأمريكية، فكان علينا أن نجعل ميزانية الدولة في خدمة التنمية الشاملة، لا أن نساير التوجهات التي كانت تفرضها المؤسسات المالية الدولية، لأنه ماذا يميز السياسة التي اتبعناها منذ حكومة التناوب، مقارنة مع السياسة التي كانت متبعة من طرف الوزراء الذين تقلدوا المسؤوليات قبل مجيء حكومة التناوب؟ بصراحة، لا أجد شخصيا جوابا مقنعا، فكان من الضروري أن ننهج، أو تكون لنا اختيارات جديدة لا ترهن المستقبل، بل تُوفر الشروط الاجتماعية الضرورية للنهوض بالاقتصاد الوطني، وعبرت عن موقفي، في مختلف المناسبات، سواء داخل الحكومة، أو خارجها، وكانت من بين المسائل الخلافية التي جعلتني لم أشعر بارتياح كبير طيلة هذه التجربة. هذا يعني أنه كانت هناك إكراهات وإشكاليات جعلتك غير مرتاح تماما داخل الفريق الحكومي؟كنت دائما، أتساءل عما إذا كان ن الضروري أن نكرس كل مجهوداتنا لضبط العجز المالي؟ أعتبر، شخصيا، أنه يجب أن نكرس مجهوداتنا لتلبية الحاجيات الاجتماعية المتزايدة لفئات عريضة من مجتمعنا، في الوسط القروي والحضري. إن مسلسل تفقير الفئات الوسطى، الذي نعاينه اليوم هو نتيجة لما قامت به الحكومة. الجميع يُقر أن الفئات الوسطى أصبحت تعيش أوضاعا هشة، ما هي الأسباب؟ لذلك، لست مع الحلول التي لها معنى ومغزى في مجتمعات أخرى وصلت إلى مستوى معين من التخمة الاجتماعية والاقتصادية. نحن لا زلنا في بداية الطريق. تقلدتم، في حكومة التناوب، حقيبة الفلاحة، كيف تقيمون أداءكم في هذا القطاع؟مارست مسؤوليتي بدون أي ضغط من أي جهة، لكن كانت محدودية التجربة مرتبطة بمحدودية الوسائل المالية، وكان النقاش يحتد، دائما، عندما كنا نناقش الميزانيات القطاعية، من بينها ميزانية وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري، إذ لم تستفد هذه الوزارة، مما كان يجب أن تستفيد منه، خاصة أنه في أواخر القرن الماضي، كان سكان العالم القروي يفوقون 50 في المائة، وكانت الحاجيات كبيرة، وعندما ضرب المغرب الجفاف في أواخر القرن الماضي، تمكنتُ من إقناع عبد الرحمان اليوسفي، بضرورة وضع برنامج لمحاربة آثار الجفاف، خصصنا له غلافا ماليا في مستوى ما يجب أن نقوم به لمعالجة، وتحسين أوضاع الفلاحين الصغار، وسكان العالم القروي، بصفة عامة. من بين ما أثارني في الكتاب، أنكم قلتم إن المهمة التاريخية لحزب الاتحاد الاشتراكي ما تزال في بدايتها، أرجو أن توضحوا لنا مدلول هذا الكلام، خاصة أن عمر الاتحاد الاشتراكي يزيد عن خمسة عقود؟كنا طيلة عقود من الزمن حزبا معارضا، قبل أن نقرر المشاركة في الحكومة، نهاية القرن الماضي، من أجل إنقاذ المغرب، والإسهام في توفير شروط بناء مغرب جديد، والمهمة الصعبة هي التي نحن بصددها، اليوم، أي المهمة المتوجهة نحو المستقبل، من أجل إنجاح الإصلاحات الضرورية، ونحن نتحمل المسؤولية، هذا هو التوجه الحالي، الذي ساعد المغرب على أن يتجاوز الأزمة الخانقة التي كانت تهدده، في نهاية القرن الماضي، وكذا فتح الأوراش الإصلاحية الكبرى، السياسية والدستورية. لا أعتقد أننا كنا، في غياب تجربة التناوب التوافقي، ومشاركة الاتحاد الاشتراكي فيها، سنعيش ما نعيشه اليوم، بمعنى آخر، العمل على احترام قواعد اللعبة، وجعل الزمن السياسي زمن المؤسسات، لا زمن الأشخاص، ومقاومة كل جيوب المحافظة، رغم الثمن الذي لا زلنا نؤديه من الداخل. كان القرار حكيما أكثر مما لو قررنا أن نبقى خارج تدبير الشأن العام. ومن المؤكد أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستكون المحك والامتحان الكبير والصعب بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي، فإما سنستمر على أساس التراكمات التي ساهمنا في وضعها، وإما أن الظروف ستفرض علينا اختيارا آخر. يعني أن خروج الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة بعد الاستحقاقات المقبلة وارد؟كل الاحتمالات ممكنة. إذا توفرت الشروط، ومرت الانتخابات في أجواء تضمن الشفافية والنزاهة، وحظينا بثقة الناخب المغربي، وبالتالي، لقي برنامجنا تجاوبا مع الشارع، سيكون الاختيار هو أن نستمر في التجربة، أما إذا كانت الظروف معاكسة، فإن قرارا آخر سيفرض نفسه. ألا يبدو أن الهدف الأساسي للحزب، بالنسبة إلى الاستحقاقات المقبلة، هو تحسين النتائج التي حققتموها خلال الانتخابات التشريعية الماضية، إذ حصلتم على المرتبة الخامسة؟أكيد، لا خيار أمامنا سوى الحصول على مرتبة متقدمة، وإعادة الاعتبار للحزب، هذا هو طموحنا، وسنعمل من أجل تحقيقه. تقلدتم مواقع حكومية، ومواقع المسؤولية داخل الحزب، هل تشعرون أنه ما يزال لديكم الكثير مما يمكن أن تقدموه للحزب؟التراكمات التي أحملها، شخصيا، تجعلني أكثر حماسا من أجل الاستمرار، وما أطمح إليه هو أن يتطور الاتحاد الاشتراكي من خلال انفتاح أكبر على المجتمع، وأن نتجدد، وألا نصبح سجناء دوغمائية جديدة، لأن مستقبل البناء الديمقراطي في المغرب، مرتبط بقوة اليسار، وقوة اليسار مرتبطة بالاتحاد الاشتراكي في مستوى المرحلة التاريخية التي نعيشها اليوم. من الصعب أن نطمح إلى التغيير بدون الاتحاد الاشتراكيتاريخنا ليس هو تاريخ الحزب الشيوعي الفرنسي، على سبيل المثال. خرج الاتحاد الاشتراكي من رحم الحركة الوطنية، ولا نقول ذلك لاعتبارات مرتبطة بالتشبث والتعلق بالماضي، وبنوع من النوستالجيا، بل إننا متجذرون في المجتمع، والبيت الاتحادي من حديد، أي أنه صلب. عشنا زوابع، وكان الاتحاد دائما مستهدفا. ورغم الصعوبات الناتجة عن مشاركتنا في تدبير الشأن العام، ورغم التراجع الذي سجله المغرب في المجال السياسي في السنوات الأخيرة، ما يزال الاتحاد في مخيلة الشعب المغربي، حزبا ، من الصعب بدونه أن نطمح إلى التغيير، لكن يجب أن نكون في مستوى ما يطمح إليه الشعب المغربي، لذلك لابد من العمل بجرأة من أجل تحديث البنيات التنظيمية للحزب، وكذا الخطاب الحزبي للاتحاد، والانفتاح المنظم على الفئات الاجتماعية التي جعلت من التغيير منذ 20 فبراير، مطلبا أصبح يفرض نفسه على الجميع. من الضروري أن يُصبح الاتحاد حيا يتفاعل مع المجتمع. إن متطلبات اليوم، ليست هي متطلبات الأمس، لذلك نحن في حاجة إلى ثورة ثقافية داخلية تتسم بنوع من الجرأة على أساس ضمان الوحدة الداخلية للحزب. الاتحاد، حتى يحتفظ بما يميزه، لابد أن يعود إلى المجتمع، خاصة إلى القاعدة الاجتماعية التي جعلت منه دائما ذلك الحزب الذي ناضل من أجل الكرامة، والحرية، وحقوق الإنسان. أجرى الحوار: جمال بورفيسي

المالكي: التناوب التوافقي أنضج شروط التحولات الراهنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رأي: القاعدة ما بعد مقتل ابن لادن

النائب العام يجدد حبس مبارك 15 يوما

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات