تهديد بالاعتقال

المايسترو... مرجع فني ورمز إنساني لم يخطئ الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، لما أطلق لقب "المايسترو" على موحى الحسين أشيبان، قائد فن أحيدوس وأكبر فنان معمر شاهد على العصر عاصر 4 ملوك وأحداثا تاريخية عالمية من الحرب العالمية إلى عامي “البون” و”السيبة”. إنه مرجع فني ورمز إنساني حامل عدة أوسمة وجوائز استحقاق وسعت رقعة شهرته إلى الخارج عنوانا للسلام في تظاهرات ثقافية دولية حضرها وأبدع فيها، ليبقى دوما منغرسا في قلوب عشاقه، ولو حمله الموت إلى مثواه الأخير. نال لقب "المايسترو" تكريما من الرئيس الأمريكي رونالد ريغان يحكي الابن حوسى، عن بطولات والده بالحرب العالمية الثانية منذ 1939، سيما باكتشاف جندي مسؤول خائنا وإطلاقه رصاصة أصابته في رأسه، متحسرا على تناسيه وعدم استفادته من أي تعويضات إن عن عمله في الجيش الفرنسي أو مقاومته للمستعمر الفرنسي، سيما أمام تسليمه مسدسين لجيش التحرير. وما يحز في نفسه جحود وزارة الثقافة ومسؤوليها، سيما أمام ما تهدده في أواخر عمره، من احتمال الاعتقال بسبب شيك بنكي قدمه ضمانة لمستشفى رقد فيه الابن للعلاج من مرض ألم به وتلقى وعودا وزارية تبخرت، بل لم يكلف مسؤولوها المركزيون والجهويون، أنفسهم عناء حضور جنازته في 19 فبراير الماضي. كل ذلك لم ينل من قيمة مقاوم ومحارب وفنان انخرط بكل تلقائية في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي، ولم يرضخ يوما إلى كل إغراءات المنصب، سيما بعدما عرض عليه العمل قائدا بمنطقة بالأطلس المتوسط، بعد أشهر من عودته إلى أرض الوطن، واحترافه الغناء واتخاذه مهنة عاش منها ومن الفلاحة. منذ 1950، عانق موحى والحسين رقصة أحيدوس، بعدما ورثها عن والده وجده وأعمامه، وترعرع بين أحضانهم متعلما فنونها منذ صغره، إذ “استلهم مواضيعه من الطبيعة وجمالها ومناظرها الخلابة، ونقلها أغاني مرفوقة برقصات مستوحاة من تلك التي أبدعها فلاحون ومزارعون قبل أن يجسدها ليلا”. ومع مرور الوقت تفتقت عبقرية الرجل الذي احترف الرقصة، قبل أن ينال لقب “المايسترو” تكريما من الرئيس الأمريكي رونالد ويلسون ريغان، ممثل أفلام الكوبوي الذي لمس الحس الإبداعي في شاب موهوب اقترح عليه الإقامة الدائمة ببلده، لكنه رفض العرض المغري لوطنيته وحبه لخنيفرة وأهلها. إن المايسترو “ظاهرة عصره في فن أحيدوس، منحه الكثير وأبدع فيه مضمونا وشكلا من حيث الحركات الراقصة والهندام الموحد للمجموعة، ما نلمسه من خلال ما أصبحت عليه فرق أحيدوس من إتقان للإيقاعات والحركات وعبر توحيد الزي واتخاذها أيضا لرئيس الفرقة شرطا أساسيا” يقول الزجال محمد بنعلي. تعرف هذا الزجال ممارس الموسيقى عبر جوق المعهد الوطني بمدينة مكناس، على المايسترو من خلال اللقاءات الفنية القصيرة التي جمعتهما وتكررت بالتنسيق لتأمين مشاركاتها المتعددة في مهرجانات أشرف على تنظيمها، سيما المهرجان الوطني لفن أحيدوس بمنطقة عين اللوح ضاحية أزرو بإقليم إفران. ويزيد متحدثا عنه “كان له معجبون كثر ومن جميع الفئات العمرية والاجتماعية. وقد كنت أنا من بينهم، لخفة روحه، وابتسامته التي لا تكاد تفارق وجهه، ولروعة شخصيته التي أضفى عليها هندامه الأنيق (الجلباب والسلهام الأسود والعمامة البيضاء واللحية) جمالية تنسجم وخفة جسده وحركاته المتقنة. ويؤكد بنعلي “في كل مرة كنا نلتقي فيها، كنت أرى حشودا من المعجبين به تقترب لالتقاط صورة معه، وكالعادة يلبي طلبهم بعفوية تامة وبابتسامته المعهودة. يأخذ بيد كل من يريد التقاط صورة معه، ثم يقوم بحركة ما زلت أتصورها بثني كوعيه إما يمينا أو شمالا وذراعاه ممدودتان إلى الأمام”. وتوطدت علاقة بنعلي بالمايسترو في رمضان 2006 لما عين منسقا للأنشطة الثقافية بمندوبية وزارة الثقافة بمكناس، وأشرف على إعداد ليالي رمضان في تلك السنة، إذ قررت إدارة التظاهرة تكريمه في “الليلة الأمازيغية” بمشاركة زملائه الفنانين الأمازيغ الذين شاركوه الاحتفاء بمساره الفني الزاخر. تكريم “كانت فرحته عظيمة بالتكريم وبلقائه مع فرقة فتية لفن أحيدوس مكونة من براعم صغار تلاميذ إحدى المؤسسات التعليمية التابعة إلى أكاديمية التربية والتكوين بمكناس، يرأسهم مايسترو صغير باللباس نفسه لموحى والحسين، والحركات ذاتها، وكأنه أشيبان الطفل” يحكي بافتخار الزجال محمد بنعلي. في ذاك الحفل شاركوه وصلة غنائية مميزة حصدت إعجاب الجمهور الحاضر وأعضاء الفرقة المرافقة للمايسترو، إذ “ارتجل كلمته العفوية أخبر من خلالها جمهوره أنه مطمئن على استمرارية فن أحيدوس وحمل مشعله، خاصة أمام ما شاهده في هذا العرض من قبل أطفال صغار يقطنون المدينة وليس البادية”. هذا المشعل منغرس في قلوب أولئك الأطفال وابنه وفرقته المواصلة لمساره الإشعاعي رغم وفاة قائدها منذ تأسيسها في 1975 بعد انفصاله عن أول فرقة أسسها لرقصة أحيدوس، ليحلق نسرا فوق الخشبة ضابطا إيقاعها بيد تشبه حركاتها ضربة مقص، راسما مسارا فنيا مشهودا له به من الأعداء قبل العشاق. هذا المسار يفرض على مسؤولي القطاع الالتفاتة إليه بإطلاق اسمه على مؤسسة ثقافية أو شارع، على الأقل اعترافا بفضله على رقصة فلكلورية تراثية استعراضية أمازيغية أحيت اسم المغرب في عدة محافل وتظاهرات دولية، شارك فيها ابنة منطقة أزرو نايت لحسن، المفتخر دوما بالانتماء إليها. حميد الأبيض (فاس)

تهديد بالاعتقال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سائقـو الليـل... قلـوب "الحجر"

الجامعة تدعو الأسود إلى الالتحاق بألبانيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات