الراضي : متشبثون بإمارة المؤمنين وبتوسيع اختصاصات الوزير الأول

الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي قال إن القوانين الانتخابية ستكون جاهزة في دورة أكتوبر المقبلة قدم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ماي 2009، مذكرة إلى الملك بشأن الإصلاحات الدستورية، تضمنت مجموعة من الاقتراحات اعتبرها الحزب شبيهة بما ورد في الخطاب الملكي لتاسع مارس الماضي. وأكد عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حل ضيفا على مكتب "الصباح" في الرباط، أن الدستور الجديد سيحدد قوانين اللعب، وإذا وضع دستور في المستوى، فيجب على الأحزاب أن تكون في المستوى، وأن تختار الرجال والنساء القادرين على اللعب في الملعب الجديد. وقال الراضي إن المال والترحال السياسي عاملان أساسيان يسهمان في إفساد العملية الانتخابية، مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي ركز على قضية التصدي للترحال السياسي، واقترح التنصيص عليها في الدستور. في ما يلي نص الحوار: الدورة الربيعية البرلمانية الحالية مطالبة بمناقشة مجموعة من مشاريع القوانين، خصوصا تلك المتعلقة بالانتخابات المقبلة، أين تسير الأمور في هذا المجال؟ أشكركم على الدعوة الكريمة، وأنوه بالدور الذي تلعبونه في توعية وإمداد المواطنين بالمعطيات والمعلومات ليكونوا مواطنين مسؤولين ويساهموا في كل ما يهم مصلحة البلاد.أما في ما يخص سؤالكم، الآن أمام مجلس النواب مجموعة من مشاريع القوانين أو المقترحات التي لا تتعلق بالانتخابات، نحن أمام 17 مشروعا قيد الدرس، منها 8 ستكون جاهزة في غضون الأسبوع المقبل، أو الذي يليه لعرضها في الجلسة العامة، وهناك مشروع قانون جاهز وعرض على الرئاسة لبرمجته داخل المكتب، ليعرض بعد ذلك، إلى جانب سبعة نصوص مازالت قيد الدرس من طرف اللجان. وفي ما يخص الانتخابات، وكما تعلمون، عقدت وزارة الداخلية اجتماعا مع مسؤولي الأحزاب حول اقتراحاتها في ما يخص الإصلاحات السياسية، وفي حقيقة الأمر، كان الأمر متعلقا بإصلاح القوانين التنظيمية لانتخابات لمجلسي النواب والمستشارين، وقانون انتخابات الجماعات المحلية ومجالس الأقاليم والجهات وقانون الأحزاب، وأيضا القانون التنظيمي للجهوية الموسعة، وكذلك هناك إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية أخرى. هل تتوقعون أن تحال هذه القوانين خلال الدورة البرلمانية الحالية؟لقد اتفق وزير الداخلية مع ممثلي الأحزاب في الاجتماع، المنعقد بداية مارس الماضي، على أن تقدم كل الهيآت السياسية اقتراحاتها في أجل أقصاه 31 مارس، وحسب المعلومات التي توصلنا بها، فإن الأحزاب سلمت اقتراحاتها، من بينها الاتحاد الاشتراكي الذي سلم اقتراحاته بخصوص مجموعة من القوانين الخاصة بالانتخابات التشريعية والمحلية وقانون الأحزاب وغيرها. الآن، الكرة في مرمى وزارة الداخلية، هي التي عليها تقديم مشاريع القوانين بعد أخذ كل المقترحات بعين الاعتبار. وأتصور أن تعيد وزارة الداخلية فتح الحوار مع الأحزاب بشأن تلك المشاريع القوانين قبل أن تمر إلى تركيبتها. وبطبيعة الحال، هذا ستتبناه الحكومة، وتعرضه في مجلس حكومي، وبعد ذلك تحيله على المجلس الوزاري ليصل بعد ذلك إلى مجلسي النواب والمستشارين، ويصبح محط مناقشة وتعديل، كما هو الشأن بالنسبة إلى جميع القوانين خلال المصادقة. سيتم هذا، حسب الوقت الضروري للتهييء، ولا أظن أن تكون هذه القوانين جاهزة خلال دورة أبريل الجارية، التي ستنتهي في يوليوز المقبل، علما أن تمديد الدورة سيكون صعبا لتزامن تلك الفترة مع العطلة وشهر رمضان، لكن بدون شك، فإن هذه القوانين ستكون جاهزة في دورة أكتوبر المقبلة. ماذا يقترح الاتحاد الاشتراكي بشأن نمط الاقتراع؟بصفة عامة بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية، نقبل باللائحة، لكن اللائحة الحقيقية، وألا يقل عدد مقاعد الدائرة عن 5 أو 6 مقاعد، وليس اللائحة التي تهم مقعدين فقط، لأن أغلب اللوائح تضم اثنين، ونكون أمام نمط اقتراع فردي مقنع، نحن نوافق على اللائحة، لكن شرط أن تتوسع الدوائر ويرتفع عدد المقاعد. وبالنسبة إلى الجماعات المحلية، نميل إلى الفردي الذي يتضح أنه منسجم أكثر مع التجربة المغربية ومع عقلية المواطنين، فاعتماد اللائحة في الانتخابات الجماعية أفرز عدة عيوب تبقى مسؤولة عن الوضعية الراهنة لعدد من الجماعات، لأن المشاكل التي تعيشها الجماعات في الظرف الحالي أكثر من الماضي، وهذا ربما مرتبط بنمط الاقتراع. هناك من يطالب بلوائح للأطر لضمان تركيبة برلمانية بكفاءات عالية، هل تشاطرون هذا الرأي؟ بخصوص الانتخابات البرلمانية، هناك اللائحة الوطنية التي خصصت للنساء، هذه اللائحة تمثل حالي 10 في المائة وهناك طلب لرفع النسبة إلى 25 أو 30 في المائة. وهناك اقتراحات تسير في اتجاه أن نصف المقاعد سيتم التباري بشأنها في الدوائر، والنصف الآخر في لائحة وطنية تضم الرجال والنساء. وبهذه الكيفية، تستطيع الأحزاب أن ترشح الأطر والخبراء والمناضلين الذين لا يتوفرون على حظوظ في حال الترشح بطريقة عادية، ربما لأن المواطنين لا يرجحون كفتهم لجهل قيمتهم وخبرتهم وإمكانيات عطائهم.مع كل دخول برلماني، يطرح سؤال أداء ممثلي الشعب إلى جانب ظاهرة الغياب التي باتت تقلق المتتبعين للشأن البرلماني في بلادنا. سبق أن أعلنتم عن ضرورة اتخاذ إجراءات، أين وصلت وعودكم؟في الحقيقة تفاحش مشكل الغياب منذ اعتماد نظام الغرفتين باختصاصات وسلط متشابهة. كنا نحاول معالجة المشكل، الآن بالموازاة مع انطلاق ورش تعديل الدستور الذي خلق ظروفا جديدة، أصبح المنظور للإصلاح يتم بمنظور آخر، مثلا في ما يخص قضية الغياب، كانت عدة تفسيرات، وبالنسبة إلى البعض تطرح مبررات. هناك من يفسر الغياب بوجود شبكات في الأقاليم والجهات والدوائر التي تعتمد على وسائل خاصة، ولا يفوز أصحابها بناء على البرنامج الذي يقدمونه أو حصيلة العمل الذي أنجزوه في حال إذا ما سبق لهم أن كانوا منتخبين، إن هذا الصنف لا يقدم الحصيلة في الحملات الانتخابية، صنف أخذ يتكاثر مع مرور الزمن، لأن هذه الشبكات تقوت بشكل كبير إلى درجة أن المناضل الذي يتوفر على حماس وعلى إيمان بمشروع سياسي، لا يكون له أي حظ لتقديم خدمة للبلاد. هذا إشكال خطير، لأن الطريق قطع أمام المناضلين وممثلي الأحزاب. إذن هذه ظاهرة سوسيولوجية برزت، ومن الضروري البحث عن وسائل للتعامل معها. ثانيا هناك برلمانيون يعللون عدم حضورهم بكثرة المصاريف، فهناك من يأتي من وجدة أو من العيون أو الرشيدية.. هناك تكاليف السفر وتكاليف الإقامة . لقد حاولنا التعامل مع هذا المبرر المادي بالاستجابة إلى من أثاروه، ما دفعنا في 2005 إلى منح تعويضات، لكن البرلمانيين اعتبروها غير كافية. هناك تفكير في إقامة عمارة للبرلمانيين للإقامة فيها في حال وجودهم في العاصمة.وهناك من يرى أن حضوره في البرلمان كعدم حضوره، وأن الأمور تسير رغم تسجيل غيابات، على اعتبار أن هناك نواة صلبة تضم ما بين 60 و100 برلماني، من المناضلين والمنضبطين واختصاصيين سواء في القانون أو الاقتصاد أو الأمور الاجتماعية أو الثقافية، فيبرر الغائبون بأن هؤلاء يشتغلون، ولا داعي لحضورهم. إنها عقلية سائدة وسط البعض. وبطبيعة الحال، فإن جميع برلمانات العالم تعاني الغياب.والغريب في الأمر أن لدينا ضوابط في القانون الداخلي تهم مسألة الجزاءات، لكن المشكل الذي يواجهنا هو ضبط الغياب، فقد سبق أن اعتمدنا لائحة ضبط الحضور، فاكتشفنا أن هناك برلمانيين لم يحضروا قط في البرلمان، لكن توقيعاتهم موجودة في اللائحة. بعد ذلك، طلبنا من الفرق بأن تسهر بنفسها على هذه العملية، على اعتبار أنه إذا تكلفت الإدارة بهذا الأمر، يمكن الطعن في ما تقوم به، لذلك، ارتأينا أن تضبط عملية الحضور من قبل الفرق. كما فكرنا في بطاقات إلكترونية توزع على النواب لضبط عملية دخولهم، إلا أنهم رفضوا تسلمها. ونحن لا نملك السلطة عليهم، فهؤلاء زملاؤنا ولا يشتغلون لحسابنا. نحن جميعا زملاء لذلك، فلا أعضاء المكتب ولا رؤساء الفرق يتوفرون على أية وسيلة لمحاربة الغياب. إن الدستور الحالي ينص على إعادة تركيبة المجلس كل سنة وإعادة اختيار رؤساء اللجن، وأعضاء المكتب، خصوصا هم أصحاب القرار يكونون دائما مهددين بأن البرلمانيين لن يصوتوا لفائدتهم، ويظلون طيلة السنة في حملة انتخابية، ولا يمكنهم اتخاذ قرار يمس بالنواب الآخرين. لذلك من المقترحات التي طالبنا بها أن يكون انتخاب المكتب والرئيس للفترة التشريعية كاملة، لتفادي الحملات السنوية، وتفادي الإحساس والخضوع لرحمة النواب، والدخول في مزايدات في حال قبول قرار ما. مع الإصلاحات الدستورية الحالية، سيكون مجال أحسن لاتخاذ التدابير اللازمة التي ستساعد على حل مشكل الغياب.تشكلت لجنة بين الغرفتين بغرض ملاءمة النظامين الداخليين في أفق تحقيق التكامل وتفادي التكرار، أين وصل عملها، وهل وظيفتها مازالت ذات مغزى حاليا في إطار الإصلاح الدستوري؟ عندما كنا أمام مجلسين، بالاختصاصات نفسها، لم نتوفر على أي وسيلة لفرض أي شيء على الآخر. فالمستشار حر في طرح سؤاله الشفوي وقتما شاء، وبالكيفية التي يراها مناسبة، الشيء نفسه بالنسبة إلى البرلماني. لقد واجهنا مشاكل بنيوية في المجلسين، ولم يتعلق الأمر فقط باختلاف في التسيير، فمن الصعب إقناع كل برلماني أو مستشار من أصل 595 بفكرة التنسيق والتجانس، الآن بعد أن انتهى منطق الغرفتين، فإن تشكيلة مجلس المستشارين سترتكز على ممثلي الجهات، ويهتم هذا المجلس أكثر بالقضايا المحلية والإقليمية والجهوية، ويهتم مجلس النواب بالجوانب السياسية والقضايا المرتبطة بالعلاقات الخارجية والقضايا العامة الوطنية وغيرها، وسيصبح ممكننا التغلب على هذه الصعوبات، ولن يطرح مشكل التنسيق، لأنه كان ضروريا بسبب السلطات المتشابهة بين الغرفتين، أما في حال توضيح سلطة كل طرف على حدة، فلا داعي للتنسيق. وعودة إلى سؤالك، فعلا، كونا لجنة للتنسيق إبان الإعداد للقوانين الداخلية لتكون منسجمة، وكونا لجان في ميادين أخرى. وفي ما يخص القضايا الإدارية ووضعية الموظفين والبرلمانيين، قلنا يمكن الاستمرار في التنسيق، لكن في ما يخص العمل السياسي، فإن لكل مؤسسة اختصاصاتها. خلال المسيرات التي نظمتها حركة 20 فبراير، رفع شعار الشعب يريد حل البرلمان، هل كان لهذا الشعار تأثير على أداء المؤسسة البرلمانية وعلى العمل الذي يقوم به البرلماني؟ لا، لا أظن ذلك، فالفترة التي يعيشها المغرب التي يسميها البعض بالربيع العربي والبعض الآخر بماي 68، ولا وجود فيها لحدود في المطالب وهناك نوع من حرية التعبير، وأنتم تعرفون أن هناك من لا يرغب في تغيير أي شيء، وهناك من يريد التغيير في كل شيء، هذا واقع يحتاج إلى حكمة في التعامل وبإصغاء.الذين رفعوا شعار حل البرلمان ربما لا يعلمون أنه مثلا في حال اتخاذ إجراء الحل، من سيقوم بتهييء القوانين، ثم إنه، حسب الدستور الحالي، فإنه بعد حل البرلمان، من الضروري إجراء انتخابات، بعد مرور ثلاثة أشهر، وهنا نتساءل إن كنا بالإمكان فعل ذلك، إذن هناك تصورات مختلفة، وربما أن قلة التجربة وضعف الاضطلاع على الجوانب القانونية، يجعل البعض يرفع سقف المطالب، وهذا أصبح أمرا عاديا. في هذا السياق، هل تؤمنون بأن حركة 20 فبراير حركة شبابية صرفة أم أن هناك جهات ما تحاول استغلال ما يقع حاليا في الشارع؟كل شيء ممكن، لأنه عند وقوع مثل هذه الحالات، تكون بدون شك فئة من النزهاء الذين يؤمنون بما يقولون وهدفهم الإصلاح والبناء ونيتهم حسنة، ويريدون خدمة مصلحة البلاد، بالطريقة التي يتصورونها، إلى جانب أناس حاولوا استغلال من يتوفرون على حسن النية والوطنيين الحقيقيين، وهذا أمر عادي وطبيعي. فعندما نقرأ التاريخ، ونضطلع على التجارب التي عاشتها دول أخرى، منذ القرن ال18، نجد أنه في كافة الثورات تتدخل عناصر متناقضة، هذا واقع عرفته الثورة الروسية، فإلى جانب الثوريين الماركسيين واللينينيين، كان أيضا الفوضويون الذين لا يقبلون مبدأ السلطة، ثم هناك المحافظون الذين لا يرفضون أي تغيير، الذي يهم هنا أن يوضح المجتمع والمسؤولون وأيضا الصحافة، هذه المفارقات تفاديا للخلط، لأنه أحيانا الذي يمثل أقلية الأقلية يمكن أن يعطى له عن طريق الإعلام حجما أكبر منه، والذي يعبر على مشاعر وآراء الأغلبية لا يبرز من الناحية الإعلامية. واليوم، نلاحظ أن ما يرتبط بالإعلام، أصبح بمثابة علم وفن، لذلك، فإن دور الصحافيين يتمثل في القيام بتشخيص لما يقع داخل المجتمع وتقديم الصورة الحقيقية المطابقة للواقع، فهذا عمل الصحافيين وأيضا الخبراء والملاحظين والمتخصصين في العلوم السياسية.ربما يطرح أيضا دور الأحزاب، لأن حركة 20 فبراير بينت أن الشباب ليسوا خارج السياسة، غير أنهم تأطروا خارج الأحزاب.أحد مشاكل الأحزاب أنها غير قادرة على استقطاب الشباب، وأيضا الراشدين، لأن العمل السياسي لا يكون ذا جدوى، إلا إذا كان هادفا، فالذي يرغب في الانضمام إلى حزب، تكون لديه نية تحمل المسؤولية لتحقيق التغيير، لكن إذا قطع الطريق أمام المناضل، فإنه لن يبقى أي مبرر لالتحاق بالحزب. لهذا، كان على الأحزاب أن تقوم بعملية استقطاب، وأن تفتح الآفاق أمام الشباب.الآن، إذا تقوت الأحزاب ومنحت لها السلط، سيصبح للنشاط السياسي معنى ودور. لهذا، أظن أن اهتمام الشباب اليوم نابع من الإيمان بإمكانية التغيير، دون أن ننسى التأثير بما وقع في تونس وفي مصر، وما يقع في سوريا واليمن، لأن الألفاظ والعبارات استعيرت واقتبست، وهذا أمر لا يدعو للاستغراب. خبراء السياسة يقولون إن الأحزاب كما هي لن يكون بمقدورها مواكبة الإصلاحات الدستورية؟ اعتقد أن السياسة هي الوحيدة التي يتعلم فيها الإنسان ميدانيا، ولا يمكن انتظار توفير الأطر، وأن تتخرج الكفاءات من كليات العلوم السياسية، ويستوعب المواطنون الدستور، للحديث عن الديمقراطية. تعلم الديمقراطية يكون في الميدان، ثم إنه بمجرد انطلاق القطار، فإن المجتمع يفرز الأطر، ولا تهيأ الأمور بطريقة مصطنعة. إنها ديناميكية وتلقائية المجتمع الذي يتكيف مع الوضع السياسي ومع القوانين الجديدة، سيما أننا في المغرب نتوفر على أطر ممتازة في جميع الميادين، لأن قواعد اللعب واضحة، ويمكن لأي كان أن يخوض المنافسة على أسس جديدة، إلا أنه في السياسة هذه الأمور غير واضحة بهذه الكيفية، وطموح السياسي أن يصل إلى مركز القرار، وإذا كان هذا سيتأتى بالحزب، فسيطرق بابه، وإلا فلا داعي، لكن إذا تأكد من وصوله، فسيشتغل، ويبرز طاقاته، لأن السياسة هي أخذ وعطاء، ورجل السياسة يريد المسؤولية، وتصبح له إمكانية التأثير على القرار، فالسياسة وجدت لتحقيق التغيير، ونظن أن الأمم والشعوب لديها ما يكفي من الذكاء للإبداع. كان الحديث عن محاولة إضعاف الأحزاب، الآن مع الحديث عن التعديل الدستوري، ألا ترون أنه من الضروري تجديد آليات الاشتغال وتجديد النخب لتحقيق مزيد من الديمقراطية الداخلية؟ لا بد من أن يمس التجديد كل الآليات الديمقراطية، لأن الديمقراطية هي مبادئ وقيم وأخلاق وقانون وقواعد اللعب، وهناك آليات تفعل كل هذه الأمور، فالدستور يحدد قوانين اللعب، والأحزاب هي التي ستلعب، وإذا وضع دستور في المستوى، فيجب على الأحزاب أن تكون في المستوى، وأن تختار الرجال والنساء القادرين على اللعب في الملعب الجديد، فلا يمكن لأي كان أن يكون ديمقراطيا على الصعيد الوطني وغير ذلك داخل الحزب، هذا نفاق وكذب، ولا بد أن يفهم الجميع أن الديمقراطية تبنى على المنافسة، لأنها هي التي تخلق النخب وتفرز المؤهل للقيادة من غيره، شريطة أن يبنى هذا على الأخلاق والقيم، ولا مكان للغش في المنافسة. أنا متفائل بشأن الورش الذي انطلق. إن البرلمان الفرنسي لم يكن على الشكل الحالي، فقد عاشت فرنسا 80 سنة منذ الثورة للوصول إلى نوع من الاستقرار، وهذا لا يعني أن ننتظر نحن 80 سنة، هذا غير معقول، لكنني أطرح هذا من باب النسبية. لقد قمنا بخطوات كبيرة، والأكيد أن الوضعية الجديدة ستفرز أناسا صالحين للوقت الحالي. وهنا أضرب مثلا بسيارة تقادمت، وإذا تم استبدال قطعة في المحرك، فإن باقي القطع تبقى قديمة وبالتالي فإنها لا تساير القطعة التي استبدلت، ويعاد تسجيل العطب، كذلك الأمر بالنسبة إلى ضرورة تجديد كل الأعضاء الأساسية، فإذا غيرنا الدستور، سيكون من اللازم تغيير الأحزاب، وتغيير برامجها ونشاطها، لأن الحزب هو الذي يرشح للبرلمان، إنها أمور تحتاج أن تسير في انسجام. طرحت بعض الأحزاب، في سياق الحديث عن الإصلاحات الدستورية، مسألة الإجراءات المواكبة، في مقدمتها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وطي ملف السلفية، كيف تعاملتم، في الحزب، مع هذه المسألة؟أتذكر بالمناسبة ما حدث في التسعينات من القرن الماضي، حينما فتح جلالة الملك الحوار مع أحزاب الكتلة، وغيرها، أكدنا على ضرورة خلق الأجواء المساعدة على الانتقال الديمقراطي، من ضمنها العفو الشامل، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وحذف فصل «كل ما من شأنه»، وكانت الاستجابة. وحقيقة، ساهم ذلك في خلق مناخ عام ساعدت على حدوث الانفراج السياسي، وقاد إلى تعديل الدستور، والمصادقة عليه بالإجماع، والدخول في تجربة التناوب، التي فتحت آفاقا جيدة، نحن نعقد مقارنة بين تلك الفترة واليوم، نحن مع الانفراج، وطي صفحة الماضي، والإفراج عن معتقلي الرأي، والاتحاد الاشتراكي يدعم اتخاذ مثل هذه التدابير.لوحظ أن الوجوه الغاضبة في الحزب عادت إلى ممارسة نشاطها في إطار المكتب السياسي.الحمد لله، الأمر لا يقتصر فقط على العودة، بل بمساهمة فعالة في العمل الحزبي، وهو ما أدى إلى أن الاتحاد الاشتراكي، اليوم، يتقدم في هذه المرحلة لمواجهة التحديات المطروحة، في إطار وحدة الحزب، وهذا أمر إيجابي.لكن بالمقابل، لوحظ أن محمد بوبكري، قاطع حضور اجتماعات المكتب السياسي، هل هي بوادر خلافات جديدة أم أنه أمر طبيعي؟نحن نحترم كل الإخوة في الحزب، وفي المكتب السياسي، ونعتبر أن كل واحد من حقه أن يعبر عن رأيه ومواقفه، والحكم هم المناضلون ومؤسسات الحزب. ليس لدينا موقف من هذا، بل نتمنى أن يعود الأخ بوبكري إلى حضور اجتماعات المكتب السياسي، ويساهم في خدمة الحزب، في هذه المرحلة، الني نحتاج فيها إلى جميع المناضلين. وقعت خلافات حادة، أخيرا، في الفدرالية الديمقراطية للشغل، كادت تعصف بالنقابة الموالية للحزب، كيف تقيمون الصراع المحتدم الذي عرفته المركزية؟كانت الأجواء السائدة داخل الفيدرالية، قبل المؤتمر الوطني الثامن، صحية. الفيدرالية تضم قيادات مناضلة، ووطنيين. وشخصيا حضرت بعض اجتماعات الحوار الاجتماعي، حينما كنت عضوا في الحكومة، وسعدت للطريقة الحضارية والراقية، التي انخرط بها قياديو المركزية النقابية في هذه الحوارات، وهذا كان رأي الحكومة كلها، كانت مطالبها المقدمة معقولة، بعيدة عن المزايدات. وإلى حين انعقاد المؤتمر الوطني الأخير للحزب، لم نكن نشعر بأي مشاكل داخل الفيدرالية، المناقشة في المؤتمر كانت راقية، وكذا انتخابات المجلس الوطني، بطبيعة الحال، لم يُسعف الحظ البعض في الحصول على العضوية داخل المجلس الوطني، وهذا يحصل في كل الأحزاب والنقابات، لكن المشكل طرح بالنسبة إلى تركيبة المكتب المركزي (15 عضوا)، بمن فيهم الكاتب العام، في لحظة من اللحظات، كان السؤال ينصب حول كيفية الترشح والتصويت على الكاتب العام، هل بتعدد الترشيحات، كما حصل الاتفاق في البداية، أم الاتفاق حول مرشح وحيد، كما حصل في ما بعد، أصبحت الخلافات على مستوى المكتب المركزي. هناك قطاعات مختلفة تلعب دورا أساسيا: التعليم، والصحة، والبريد، والفلاحة، وكلها يجب أن تكون ممثلة، ووقع الخلاف حول حجم التمثيلية، وكذا حجم تمثيلية المرأة. الكتاب العامون للقطاعات كلهم تقريبا، اتحاديون، ولكن ليسوا كلهم، ولذلك كان يجب أن تكون هناك تمثيلية مكونات أخرى داخل المكتب المركزي، هنا وقع الخلاف، هل يعطى لهذه المكونات عدد محدد من المقاعد تسهر على توزيعها في ما بينها... هذه هي طبيعة بعض المشاكل التي طرحت، وتوجه الجميع إلى المجلس الوطني بدون تسويتها، ما أدى إلى بروز المشاكل. والآن، نحن في مرحلة نحاول رأب الصدع، ونسوي تلك الخلافات، ونوفق بين الجميع، وهناك بوادر إيجابية، في هذا الاتجاه، ففي الحوار الاجتماعي حضر وفد واحد يمثل الفدرالية، وكذا أمام اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور، كما أن التحضير لفاتح ماي يتم بصفة موحدة. هناك إذن بوادر انفراج. رفع الاتحاد الاشتراكي شعار الحزب الاشتراكي الكبير، في سياق الرغبة في لم شمل قوى اليسار، والعائلة الاشتراكية. بدأتم هذا المسار، باندماج الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وقمتم بمبادرات لدى مكونات اليسار الأخرى، والمرحلة الحالية، تفرض، ربما، تعميق مبادرة الحزب الاشتراكي الكبير.أولا، لم نرفع أبدا شعار الاتحاد الاشتراكي الكبير، بل وصفنا بذلك. بطبيعة الحال، يسيطر علينا هم جمع شمل اليسار، لأننا نعتبر من غير المعقول في بلاد مثل المغرب أن تكون فيه عشرة أحزاب يسارية. هذا التشتت لا ينفع، ولا يخدم مصلحة اليسار، لكن الانخراط في وحدة اليسار، لا يمكن أن يكون مبنيا على المصالح، بل على مبادئ وخيارات وقيم. هناك، إذن، قضية المبدأ. الأسباب التي جعلت اليسار يتفرق، طيلة خمسين سنة من الحياة السياسية الوطنية، لم تعد قائمة، اليوم، فعدد من الإخوة الذين خرجوا من الاتحاد الاشتراكي، في لحظة تاريخية معينة، لم يكونوا متفقين على مسألة المشاركة في الانتخابات، وأتحدث هنا عن الثمانينات، ولكن هذه القضية، حسم فيها الحزب في مؤتمره الاستثنائي، إذ أكدنا أن الحزب ديمقراطي اشتراكي، وتبنينا النهج الديمقراطي، أي الوصول إلى الحكم عن طريق الانتخابات،. ثم خرج البعض الآخر، إبان النقاش حول المسألة الدستورية عام 1996 ، إذ كان الحزب وصل إلى قناعة التصويت بنعم، وهناك من اعترض، رغم أن قرار التصويت بالإيجاب على الدستور، اتخذ داخل اللجنة الإدارية، كما حدث انشقاق بسبب طريقة إعداد المؤتمر الوطني السادس، لكن هذا كله تجاوزته الأحزاب، وتلك التي كانت تعترض على المشاركة في الانتخابات أصبحت اليوم تشارك في هذه الاستحقاقات. نحن اشتراكيون وديمقراطيون، ولا يفرق بيننا شيء، فقط التاريخ تسبب في هذه الخلافات التي أدت في بعض الأحيان إلى الانشقاقات. وعلى كل حال، نسعى دائما إلى لم الشمل، لكن يصعب ذلك، لأنه تكونت أحزاب بهياكلها وقياداتها إلى جانب حزب الاتحاد الاشتراكي. وندعو إلى جمع الشمل، لكن لم نعثر بعد على الطريقة، صحيح أننا وجدنا طريقة مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لكن الأحزاب الأخرى تقول إنها تريد الوحدة، لكن ليست بتلك الطريقة. إرادتنا قوية لتوحيد اليسار، وحينما نتقدم باقتراحات، يقال إننا نسعى إلى الهيمنة على المكونات اليسارية الأخرى. وحينما ننتظر من الآخرين أن يتقدموا باقتراحات يقال إن الاتحاد ليس له خطة للوحدة. إننا نمد أيدينا للإخوان، ونلتقي بهم، ونناقشهم، ونريد أن نبني هذا المسار، على قناعة، وعلى أسس متينة، للم الشمل، وهذه الفترة الجديدة ستشكل نقلة قوية، إذا ما حققنا هذا الحلم. نجحنا بنسبة 90 في المائة في تنفيذ توصيات المؤتمروُجهت إليكم انتقادات بعدم تنفيذ توصيات المؤتمر الوطني الثامن، بسب كثرة التزاماتكم، إذ مررتم بتجربة في الحكومة، قبل أن تعودوا إلى رئاسة مجلس النواب، ما رأيكم؟اجتهدنا كثيرا على مستوى تنفيذ توصيات المؤتمر الوطني الثامن. في مقدمة هذه التوصيات الإصلاح الدستوري، فمباشرة، بعد نهاية أشغال المؤتمر، انكببنا على إعداد تصورنا للإصلاح الدستوري، وعرضناه على حلفائنا، خاصة الاستقلال، لكن وقع الخلاف حول التوقيت، فالمؤتمر الوطني للاتحاد الاشتراكي، قرر رفع المذكرة قبل الانتخابات الجماعية لسنة 2009، والاستقلال عارض هذا التوقيت، فاضطررنا إلى رفع المذكرة بمفردنا. وكانت هناك توصية تهم التحضير للندوة الوطنية، وهو ما قمنا به لمدة ستة أشهر. أما القرار الثالث، فيتعلق بالإصلاحات السياسية، أي القوانين الانتخابية، وقانون الأحزاب، وهنا قمنا بتشكيل لجان، وتنظيم أيام دراسية خرجت باقتراحات، وبها نشتغل الآن، تضم مجال الإصلاحات السياسية، ونحن نشتغل على الإضافات والتحيين. وفيما يتعلق بالإصلاحات الاقتصادية، اشتغلنا من خلال أيام دراسية، وقدمنا اقتراحات في الموضوع. وقمنا باتصالات مع الأحزاب لعرض نتائج المؤتمر، ودعوتها إلى الانخراط في المطالبة بالإصلاحات، وعقدنا، في هذا الإطار، لقاءات مع قيادات الأحزاب الممثلة بالبرلمان. أما في ما يتعلق بلم شمل العائلة الاتحادية، فقد قمنا بمبادرات جادة في هذا الاتجاه، إذ فتحنا حوارا مع قياديين في أحزاب، من بينهم عبد المجيد بوزوبع، وعبد الكريم بنعتيق، وغيرهم، والحوار مستمر مع التقدم والاشتراكية، ووصلننا مع عبد الكريم بنعتيق إلى الاتفاق حول مبدأ الاندماج، لكن الأحداث الأخيرة أجلت تنفيذ هذا المبدأ. أما في ما يخص القضايا التنظيمية، كانت أمامنا مهمة هيكلة المجلس الوطني، وهو ما قمنا به. إذن، نفذنا كل التوصيات، هل نجحنا بنسبة 90 في المائة، أم ثمانين في المائة هذا سؤال؟ الوزير الأول يجب أن تكون له صلاحية تعيين مديري المؤسسات شددنا في اقتراحنا بشأن الإصلاحات الدستورية على إدخال مقتضيات جديدة تهم أولا التصدير، ومن بين الأمور التي ركزنا عليها، أن المغرب دولة دينها الإسلام، كما تطرقنا إلى الهوية المغربية وثوابت المغرب. وركزنا على الأمازيغية، باعتبارها، مكونا أساسيا للهوية المغربية، وعلى الخيار الديمقراطي، الذي جعله جلالة الملك أحد ثوابت البلاد، وكذا الفصل بين السلط.فيما يخص المبادئ العامة، يقوم اقتراح الاتحاد الاشتراكي على التنصيص على حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، إضافة إلى الحقوق السياسية، وعلى دور الأحزاب في تأطير المواطنين وتمثيلهم، وتكوين النخب السياسية، وتهيئ برامجها السياسية، وإعداد الخبراء القادرين بالدفع بالبلاد نحو الأمام في كل المجالات، وخلق الثروات، هذه هي أدوار الحزب، وليس فقط الاهتمام بالانتخابات، فالحزب ليس هيأة "انتخابية" فقط، وألححنا على مسألة المساواة بين الجنسين، إذ عمليا، يجب التنصيص على ذلك، لأنه من غير المقبول أن تبقى المرأة مهمشة في المجتمع، وضمان التعددية الحقيقية، التي تضمن المساواة بين كل الأحزاب، وتكافؤ الفرص بينها، وحياد الإدارة، والتصدي للحزب الوحيد. كما شددنا على سمو المعاهدات الدولية في ما يخص حقوق الإنسان والمرأة بهاجس إحداث قفزة نوعية في هذا المجال، لأنه لا يمكن، باسم الخصوصيات، أن نبرر سلوكات عفا عنها الزمن، وركزنا على ضمان سرية المراسلات، وتحصين المعطيات الشخصية للفرد، وحرية الفكر، وروح التسامح، والتشبث بالقيم الكونية، وحرية التعبير والحق في المعلومة. وبخصوص الملكية، فإن الملك ضامن لوحدة واستقرار البلاد، ونحن متشبثون بإمارة المؤمنين، فبالإضافة إلى أنها تشكل إرثا تاريخيا ودينيا، نعتبرها تلعب دورا أساسيا إيجابيا. وعلى مستوى السلط، نركز على توازن السلط، مثلا من بين اختصاصات الملك تعيين الوزير الأول، هذا شيء نحن اقترحنا تعويض الوزير الأول برئيس الحكومة، لتكون مكانة جديرة بهذه المؤسسة. ففي إطار الدستور الحالي، من صلاحيته اقتراح الوزراء، غير أنه إذا ما أراد إعفاء عضو في الحكومة لسبب من الأسباب، فلا يمكنه ذلك، وهو ما يضعف مكانته. قلنا إن تقوية دوره لا يكفي فقط تخويله صلاحيات معينة، بل أن يكون رئيسا لأعضاء الحكومة، وعلى هؤلاء تطبيق السياسة التي يرسمها، لأنه هو الذي يقوم بمهمة التحكيم، هذه القضية مهمة بالنسبة إلى وضع الوزير الأول، فإذا رأى أن عضوا في الحكومة لا يلتزم بتنفيذ بالبرنامج المسطر، والطريقة المسطرة، وبالتالي، يعرض برنامجه الحكومي للخلل، تكون له صلاحيات لإعفائه.في ما يتعلق بمجلس الوزراء والحكومة، كنا عمليين، ولم نستحضر الجانب الإيديولوجي، هناك قرارات تتخذ في مجلس الوزراء، وأخرى في مجلس الحكومة، الأخير لم يكن منصوصا عليه في الدستور الحالي، ولكن سيصبح كذلك في الدستور الجديد، وبالتالي، ينبغي أن تخول له اختصاصات، الوزير الأول هو رئيس الإدارة، وبالتالي، يجب أن تكون له صلاحية تعيين مديري المؤسسات، بالاتفاق مع جلالة الملك، لأن مدير مؤسسة عمومية يجب أن يعرف أنه تحت وصاية الوزير الأول، ويجب أن يقوم بتنفيذ سياسة الوزير الأول، بهذه الكيفية، تُصبح الحكومة سلطة تنفيذية فعلا. كذلك هناك جدول أعمال خاص بالمجلس الحكومي، وهناك سلطة خاصة بالمجلس الوزاري الذي يترأسه جلالة الملك. وهناك جدول أعمال مشترك، وهناك تعيينات يجب أن تتم في المجلس الوزاري، على غرار السفراء. هناك أشياء تدخل في اختصاصات الملك، مثل العلاقات الخارجية، إذ أن القمم الدولية لها دور كبير، وهناك قضايا مهمة وكبرى تناقش على مستوى هذه القمم. وبالتالي، فإن جلالة الملك يشارك في القمم، والتي تتخذ فيها القرارات، وهناك مجال الدفاع، وهذه مسألة بديهية، إذ أن رؤساء الدول يتحملون مسؤولية هذا المجال، وهناك دور للملك، حينما تقع أزمة بين المؤسسات، وهو دور الحكم. وفي ما يخص القضاء، فإن القضاة يعينون باسم جلالة الملك.وماذا بالنسبة إلى الولاة والعمال؟ الولاة والعمال يقومون بمهامهم تحت وصاية الوزير الأول، الذي يجسد السلطة التنفيذية.حتى أجهزة الأمن والمخابرات ؟بطبيعة الحال، وتصورنا للأمور ليس مبنيا على المزاج، بل على الممارسة.تحدثتم، قبل قليل، عن ضرورة توسيع اختصاصات الوزير الأول، وإعادة الاعتبار إلى المؤسسة التي يمثلها، ألا تعتقدون أن الدستور الحالي يوفر اختصاصات واسعة للوزير الأول ولكنها لا تفعل؟لا، أبدا، الدستور الحالي لا يضمن اختصاصات واسعة للوزير الأول، فالعمال والولاة، على سبيل المثال، يعينون من طرف جلالة الملك، حتى القياد يعينون بظهير، وفي وقت سابق، كان حتى رئيس الجماعة، يعين بظهير، رغم أنه منتخب.يبدو أنكم تستلهمون تجربة عبد الرحمان اليوسفي، حينما كان وزيرا أول. لا، ليست تجربة عبد الرحمان اليوسفي، فحسب، بل تجربة المغرب كله، نحن في الميدان منذ 1955، عشنا كل المراحل، ونعرف نقط الضعف، وأين تكمن الاختلالات والمشاكل، لدينا مسار عمره أزيد من خمسين سنة، ومن هذه التجربة، استلهمنا اقتراحاتنا وتصوراتنا للإصلاح الدستوري. القضاء يمكن أن يستدعي برلمانيا دون رفع الحصانةهناك مجموعة من البرلمانيين متابعون قضائيا، في ملفات مختلفة، كيف تتعاملون مع مسألة رفع الحصانة؟أعتقد أن هناك تضخيما لهذه القضية، حينما يأتينا طلب رفع الحصانة على برلماني، طبقا للقانون، والدستور، نتوصل بطلب في الموضوع، نعرضه على اللجنة، التي تقوم باستدعاء المعني بالأمر، وتبت في الموضوع. توصلنا في وقت سابق بطلب واحد يهم برلمانيا توبع بسبب شيك بدون رصيد، ورفعت الحصانة عليه، لكنه لم يعتقل... ما يحصل اليوم، ولا يعرفه الكثيرون يمكن للقضاء أن يستدعي برلمانيا ويستمع إليه في مسألة محددة، بدون إجراءات رفع الحصانة، واليوم يقع ذلك كثيرا، وأخيرا ضبط برلماني تسبب في حادثة سير، وهو في حالة سكر، فاعتقل فورا، لأنه ضبط في حالة تلبس، وحكم عليه بالسجن، وهو بصدد قضاء العقوبة.للإشارة منذ أبريل من السنة الماضية إلى اليوم، أي طيلة سنة، لم أتوصل بأي طلب لرفع الحصانة. اقتراح اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف في التصويت ما موقع البرلمان من الإصلاح الدستوري، علما أن هناك تركيزا في الخطاب الملكي على ضرورة مراجعة تركيبة الغرفة الثانية، وتعزيز صلاحيات البرلمان ككل، أنتم بحكم تجربتكم، ما هي السبل الكفيلة بتعزيز دور السلطة التشريعية؟هناك مسألة أساسية تتعلق بإصلاح نظام الغرفتين. الكيفية التي كان يُطبق بها هذا النظام، أسهمت في إضعاف البرلمان. إن التوزيع الجديد للسلط من شأنه أن يقوي مؤسسة البرلمان، من خلال إعطائه اختصاصات إضافية، إذ أن التشريع كله سيصبح من اختصاص السلطة التشريعية، وهذه مسألة أساسية في مجال التشريع. أما على مستوى المراقبة، ستُمنح للبرلمان اختصاصات أوسع. كان ملتمس الرقابة، يتطلب مثلا، الحصول على الأغلبية، أي 50 زائد واحد، وهو شيء متعذر الحصول عليه، لأن من يتقدم بملتمس الرقابة هي المعارضة، واقترحنا، من جهتنا، خفض النسبة إلى 25 في المائة، مثلا، أي أن أقلية يصبح لها الحق في تقديم ملتمس الرقابة.ألا تتخوفون من انعكاسات ذلك على مستقبل العمل البرلماني، خاصة في ما يتعلق بالمزايدات السياسية، إذ يمكن أن يتخذ ملتمس الرقابة ورقة يُشهرها البعض في مناسبات محددة؟هدفنا هو وضع البرلمانيين أمام مسؤولياتهم في إطار المهام التي يقومون بها. ونسعى إلى أن يتحول ملتمس الرقابة إلى مسألة عادية، وسيصبح البرلمانيون أمام مسؤولية جسيمة في مجال الرقابة، وإذا ما استعمل هذا الاختصاص في غير محله، ستُصبح المسؤولية آنذاك على عاتق البرلمانيين. إضافة إلى ما سبق، سيكون أمام البرلمانيين إمكانية التوجه إلى المجلس الدستوري، ولا يشترط في ذلك حصول موافقة الأغلبية، بل أقلية من النواب، في الوقت الذي لا يسمح بذلك في الوقت الحالي إلا إذا كان ذلك بطلب من أغلبية الأصوات. هناك، أيضا، المطالبة بتشكيل لجان تقصي الحقائق، لدينا تصور بخفض النصاب المطلوب لإحداثها، فهذه آلية رقابية مهمة، تعكس العمل الجبار للبرلمان، ولا بد من أن تستعمل بشكل أكثر مما هي عليه اليوم. ونسعى، كذلك، إلى منح البرلمان، صلاحية العفو العام، ورفع من تمثيلية المرأة، ومنح اختصاصات إضافية في ما يخص حقوق الإنسان.في السياق ذاته، هناك ضرورة لإصلاح آلية الرقابة المستعملة، وأقصد الأسئلة الشفوية، إذ لا يمكن الاستمرار في الطريقة التي تتم بها، في الوقت الراهن، بل يجب أن تستعمل لمناقشة القضايا الكبرى للبلاد، كما نقترح إدخال مفهوم تقييم العمل السياسي للبلاد، والتتبع. البرلمان سيكون حاضرا، وهذا يتطلب أن يكون في مستوى هذه التحديات.هذه مهام واختصاصات كبيرة تتطلب نخبة من البرلمانيين في المستوى، ونحن على أبواب 2012، يُطرح علينا هذا السؤال، كيف ستدبر الانتخابات التشريعية، وما الذي ستفرزه لنا، هل ستستمر ظاهرة «موالين الشكارة»، والذين يوظفون المال لضمان الأصوات؟صحيح، نحن في اقتراحاتنا للإصلاحات السياسية، أولينا لهذه المسألة عناية خاصة وركزنا على محاربة الفساد الانتخابي، وهذا أساسي، وهو يتمثل في استعمال المال، وفي طرق أخرى، منها تشجيع العامل القبلي، وأعمال الشعوذة، فهذا كله يدخل في إطار الفساد الانتخابي، ثم ركزنا على حياد الإدارة، وهو أساسي، والحرص على أن تكون اللوائح الانتخابية سليمة، ولم لا تجديدها، وهذا ما سيضيق على «موالين الشكارة»، ولذلك اقترحنا اعتماد البطاقة الوطنية للتعريف للتصويت، لتسهيل المأمورية على الناخبين. إن إجراءات من هذا القبيل من شأنها أن تساعدنا على محاربة الفساد الانتخابي، فالمال والترحال السياسي عاملان أساسيان يسهمان في إفساد العملية الانتخابية، ونحن، بالمناسبة، ركزنا على قضية التصدي للترحال السياسي، واقترحنا التنصيص عليها في الدستور، أي أننا طالبنا بمنع شخص فاز باسم حزب معين من الترحال إلى حزب آخر خلال فترة الانتداب الانتخابي. طبعا من حق هذا الشخص أن يغادر الفريق الذي ينتمي إليه، إذا رغب في ذلك، لأسباب مختلفة، قد تكون موضوعية، ولكن ليس من حقه الانتقال إلى فريق سياسي آخر خلال فترة الانتداب الانتخابي. هذه الإجراءات من شأنها، إن طبقت، أن تقدم قيمة مضافة للعمل البرلماني والسياسي، ككل. إعداد نادية البوكيلي وجمال بورفيسي

الراضي : متشبثون بإمارة المؤمنين وبتوسيع اختصاصات الوزير الأول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البراق: مشاركتي في "موازين" بداية فنية مستقلة

تـوقـيـع إصـدارات أدبـيـة بـتـاوريـرت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات