الأقراص المهلوسة وقود الجريمة بطنجة

كوادالوبي" و"إيبنوسيدون" و"فاليوم" أعز ما يطلب و"البولا الحمرا" متاحة للجميع تفاقمت في السنوات الأخيرة بطنجة، آفة الإدمان على المخدرات واستهلاك كل مشتقاتها، خاصة الأقراص الطبية المهلوسة، المعروفة باسم "القرقوبي"، التي ازدادت انتشارا بين سكان المدينة، خاصة فئة المراهقين والشباب، لدرجة أصبحت تمثل واحدة من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تكلف أضرارا مادية وصحية ونفسية بالغة.ففي خضم تزايد وتيرة العنف في الحياة اليومية، وما صاحب ذلك من بروز ظواهر لم تكن موجودة من قبل، مثل ظاهرة "التشرميل"، والاعتداء على الأصول والفروع، واغتصاب الأطفال وغيرها من الجرائم الخطيرة... أصبحت للجميع قناعة تامة بأن أبرز هذه الجرائم مرتبط باستهلاك وتعاطي الشباب لهذا النوع من المخدرات القوية المركبة كيماويا، التي صارت، في الآونة الأخيرة، تستنفر الأجهزة الأمنية وتهدد استقرار عدد من الأسر والمجتمع بصفة عامة.ويكفي المرء أن يلقي نظرة متمعنة وهو يتجول بشوارع طنجة، أو يمر من أمام مركز حسنونة لمحاربة الإدمان أو مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية ببني مكادة، ليقف على حجم "الكارثة" التي تعيشها مئات الأسر، التي يعاني أبناؤها من جراء آفة الإدمان على هذه المواد المدمرة، ناهيك عن الأعداد الكبيرة التي تتوافد يوميا على العيادات الخاصة طلبا للعلاج والمساعدة، وهو الأمر الذي تحدث عنه عدد من الأطباء النفسانيين بالمدينة، الذين أكدوا أن الحالة خطيرة وفي غاية من القتامة والسوداوية، مبرزين أن شبابا في عمر الزهور أفقدهم "القرقوبي" عقولهم وزج بأغلبهم في السجن أو شردهم في شوارع المدينة، بعد أن نبذتهم أسرهم وتنكر لهم المجتمع. فرغم الحملات المكثفة التي تقوم بها المصالح الأمنية من أجل احتواء هذه الآفة والحد من انتشارها، لم تنجح هذه الأخيرة لحدود الساعة في القضاء على تجارة هذه المواد المخدرة واجتثاث جذورها، نتيجة تشعبها وعدم اقتصارها على أحياء معينة، وامتدادها إلى المؤسسات التعليمية والملاعب الرياضية، التي سبق أن ضبط بداخلها مروجون متلبسين بحيازتهم لهذه السموم وبيعها بالتقسيط للتلاميذ والجمهور بأثمنة خيالية.وحسب الإحصائيات، التي كشف عنها مولود أوخويا، والي أمن طنجة، لمناسبة تخليد الذكرى الستين لتأسيس الأمن الوطني، فإن مصالح الأمن تمكنت من حجز أزيد من 9400 من الأقراص المهلوسة خلال 2015، مقابل 7400 تم حجزها في 2014، وعملت على تفكيك عدد من الشبكات المتخصصة في الاتجار وترويج الأقراص الطبية المخدرة ذات الأنواع والأشكال المختلفة كـ"ريفوتريل"، التي يطلق عليها اسم "البولة الحمراء" نسبة إلى اللون الأحمر للغلاف المخصص لها، وكذا "كلونوبين" المعروفة باسم "كوادا لوبي"، و"إيبنوسيدون" و"فاليوم"... حيث جرى إثرها إيقاف عشرات المتورطين في الاتجار وترويج هذه السموم المدمرة، ومن بينهم صيدلي تم إيقافه خلال شهر شتنبر 2015، الذي تبين من خلال مراقبته أنه كان يعمل على توفير الأقراص الطبية المخدرة لفائدة أفراد شبكة إجرامية تنشط في هذا المجال على المستوى الوطني. وتعمل مصالح الجمارك بميناء طنجة المتوسط، جاهدة لإحباط كل المخططات الرامية إلى تسريب كميات هائلة من هذه السموم إلى داخل الأراضي المغربية، حيث تمكنت، الشهر الماضي (أبريل)، من حجز أزيد من 62 ألف قرص طبي مخدر من النوع القوي، وضبطتها لدى أحد المغاربة المقيمين باسبانيا، الذي كان على متن حافلة للنقل الدولي قادمة من العاصمة مدريد، وذلك بعد إخضاع حقائبه لتفتيش يدوي أسفر عن العثور على هذه الشحنة من أقراص "القرقوبي، بالإضافة إلى كمية من المخدرات القوية. وأفاد مسؤول أمني بالمدينة، أن الجرائم الموسومة بالعنف أو المقرونة بالاعتداء الجسدي الخطير، تكون أغلبها مرتبطة باستهلاك الأقراص المهلوسة، لأنها تدفع المدمن أو المتعاطي لها إلى اقتراف أفعال إجرامية خطيرة غير مألوفة في المجتمع المغربي، مثل جريمة قتل بائع المجوهرات بمنطقة بني مكادة، والاعتداء على الأصول، كجريمة الشاب الذي عمد أخيرا إلى قتل والده طعنا بالسكين داخل متجره بقيسارية "عين القطيوط" وسط المدينة، بالإضافة إلى السرقات بالعنف والاعتداءات الجنسية الخطيرة، ما يؤكد، حسب المصدر، وجود مؤشرات تقاطع قوية بين اقتراف تلك الجرائم والتعاطي لهذا الصنف من المخدرات، التي وصفها بـ "إرهاب حقيقي يهدد السلم المجتمعي".والخطير في هذه الآفة، يضيف المصدر، أنها انتشرت بشكل خطير داخل المؤسسات التعليمية وفي محيطها، وهو ما ساهم بشكل مباشر في إذكاء الجنوح والانحراف لدى الشباب والمراهقين، وتسبب في الانقطاع عن الدراسة، وبروز أمراض نفسية وعقلية خطيرة في صفوف هذه الفئة المجتمعية الحساسة، مشيرا، في الوقت نفسه، إلى التداول السري لهذه الأقراص داخل المؤسسات السجنية، التي يعمل أهالي المعتقلين على تسريبها إلى داخل السجن أو عبر رميها من فوق أسوار المؤسسة، ناهيك عن ترويجها داخل الفضاءات الرياضية، حيث ضبطت المصالح الأمنية أخيرا شخصا بحوزته أقراص "القرقوبي" كان يعتزم بيعها بالملعب الكبير "الزياتن" للجمهور الرياضي، أثناء المباراة الأخيرة التي جمعت بين اتحاد طنجة والنادي القنيطري. المختار الرمشي (طنجة)

الأقراص المهلوسة وقود الجريمة بطنجة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صيادلة متورطون

بطولة الهواة تنطلق في 17شتنبر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات