آسفي… مقبرة المعتوهين

تحولت آسفي إلى ما يشبه مقبرة المعتوهين والمرضى والمختلين عقليا والمتخلى عنهم، إذ لا يخلو زقاق أو حي سكني من وجود معتوهين يعيثون فسادا، ويؤرقون حياة السكان، ويحولون حياتهم في بعض اللحظات إلى جحيم لا يُطاق، في حين رفع المسؤولون عن تدبير الشأن العام راية الاستسلام، شأنهم في ذلك، شأن باقي المتدخلين، الذين يتقنون فن رمي الكرة في ملعب الآخر، للتملص من ظاهرة تسيء إلى آسفي.فإذا كان حظ آسفي من التهميش والإقصاء وافرا، بوفرة وتعدد مظاهره، فإن حظها من المتشردين والمعتوهين، أوفر بكثير، وصارت العديد من المدن التي ترغب في التخلص من جحافل المعتوهين والمرضى، تجد آسفي، أقرب نقطة لذلك.ويفسر أحد المهتمين بتدبير الشأن المحلي، الأمر بأن الموقع الجغرافي للمدينة، يساعد بشكل كبير على ذلك، "فأغلب المتشردين والحمقى ممن يوجدون اليوم بآسفي، قادمون من مراكش والجديدة والصويرة، بحكم أن آسفي، تقع بين هذه المدن"، يقول المتحدث ذاته.فالمدينة الجديدة (البلاطو)، التي تعتبر القلب النابض للمدينة، حيث تتمركز أغلب الإدارات، تعج بالحمقى والمعتوهين، الذين يحدثون فوضى عارمة، ويؤرقون بال المرتفقين وغيرهم من الموظفين بمختلف الإدارات، وكذا المواطنين بالمقاهي، دون أن تكون للمسؤولين عن تدبير شؤون هذه المدينة، الجرأة في مواجهة ظاهرة، لم تعد اليوم غريبة على سكان المدينة، الذين صاروا يتعايشون مع فوضى وجرائم المختلين عقليا."هاد الشي اللي عطا الله، ما عندنا ما نديرو.. راه المسؤولين كايشوفو.. احنا ما بيدنا حتى حاجة.. الأمر لله"، يقول محمد السكيني مسير مقهى، والذي لا يتردد في رواية معاناة تتجدد يوميا مع المعتوهين، ممن يؤرقون راحة زبنائه بالمقهى.بل الأدهى من ذلك، أن أحد المعتوهين، توجه ذات يوم إلى إدارة عمومية، لا تبعد عن مقر المحكمة الابتدائية إلا ببضعة أمتار، وولج إلى أحد المكاتب، وأخذ كرسيا إلى جانب موظفة، التي لم تجد من خيار سوى إطلاق ساقيها للريح، وإشعار حارس الأمن الخاص، إذ انتقل ثلاثة من حراس الأمن الخاص، وأخرجوه بالقوة من داخل المكتب، بعدما عاث فيه فسادا، وبعثر العديد من الملفات، ليتم إشعار المصالح الأمنية، التي اعتبرت إيقاف الحمقى ليس من اختصاصها، كما هو الشأن نفسه للوقاية المدنية التي أكدت أن الأمر من اختصاص السلطة المحلية والمجلس الحضري، ليتم في آخر المطاف إطلاق سراح المعتوه.ويقول حارس الأمن، الذي أوقف المختل عقليا "لا أدري كيف تسلل إلى الداخل، وهناك أخذ مكانه بأحد المكاتب الذي كانت توجد به موظفة لوحدها، ومن حسن الحظ لم يصبها بأذى، إذ تبين أثناء محاولة إخراجه أنه يميل إلى العنف، إذ واجهنا بعنف شديد، لكن الغريب في الأمر، أن لا أحد من المسؤولين أراد أن يتحمل المسؤولية، ويجد حلا للمشكل، بل ظل الكل يرمي الكرة في مرمى الآخر، وما كان منا إلا أن نفرج عنه، لأنه لم يكن أمامنا من خيار، بعدما أغلقت كل الأبواب في وجهنا"، يقول حارس الأمن الخاص.وقبل سنتين، سجلت العديد من جرائم القتل، والاعتداء بالسلاح الأبيض، والتي كان ضحيتها حمقى، إذ أُعلنت حالة استنفار قصوى في صفوف ولاية الأمن بآسفي، إذ كانت تسجل يوميا حالات الاعتداء أو القتل في صفوف الحمقى والمتشردين، إلى أن تم الاهتداء إلى الجاني، الذي لم يكن سوى مختل عقليا هو الآخر، اختار أن يمارس هوايته في القتل بهذه الطريقة، إذ بعد إيقافه، تم تقديمه للمحاكمة، ليُقر القضاء بانعدام مسؤوليته الجنائية، وإحالته على مستشفى الأمراض العقلية.هذه واحدة من حالات القتل والاعتداء، التي مارسها مختلون عقليا بآسفي، دون أن يحرك ذلك جفن المسؤولين بهذه المدينة، والذين ألفوا الاستسلام لواقع الأمر، كاستسلامهم أمام مظاهر الفساد التي تنخر جسم هذه المدينة.محمد العوال (آسفي)

آسفي… مقبرة المعتوهين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مكتب الرجاء يخالف التوقعات

"المارستانات"... المريض التاريخي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات