“المارستانات”… المريض التاريخي

لازمتها الظروف الصعبة منذ مغرب "السيبة" ولجان استقصاء كشفت عجزها والأسر تفضل "فنادق" بويا عمر الثلاثاء 3 ماي 2016. كانت الساعة تشير بالكاد إلى الثانية بعد الزوال، غير أن مركز الأمراض العقلية التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد، فضل أن يوصد سياجه الأخضر الخارجي أمام الجميع، بعد أن غادر الإداريون مكاتبهم، تاركين للممرضين ورجال الأمن الخاص تدبير الأمور والطوارئ بدون إشراف إداري.ولم يكن الموقف الذي اكتشفته "الصباح" التي حلت بـالبناية المعروفة لدى البيضاويين بـ"طرونط سيس (36)"، وفي نيتها الاطلاع على الخدمات التي يوفرها الجناح، إلا مؤشر اختلالات تعيشها مراكز الصحة العقلية بالمغرب، سبق أن كشفتها تقارير رسمية وغير رسمية أنجزتها لجان استطلاع، وكلها تشير إلى أن المراكز، هي "المختل" الأول، ومنذ زمن "المارستان" في التاريخ الغابر.واحد من تلك التقارير، أعدته الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، وفيه أن "مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية بالمغرب"، ورغم أن ولوجها يعد مسألة حظ وترف لا يتوفر للجميع، "لا تتوفر على أدنى الشروط الإنسانية للاستشفاء والعلاج، والتجهيزات المتوفرة متقادمة أو معطلة أو غير ملائمة، مع وجود نقص كبير في الموارد البشرية المتخصصة".وفيما لم يخف التقرير نفسه، أن تلك الوضعية، هي التي تدفع الأسر، إلى مزارات وفنادق شعبية، تضع فيها مرضاها، سار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الاتجاه نفسه، حينما كشف تقريره "الصحة العقلية وحقوق الإنسان: وضعية المؤسسات الاستشفائية المكلفة بالوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها"، جملة من الاختلالات أبرزها تقادم الإطار القانوني المنظم للمجال، والحالة المزرية لأغلبية المؤسسات، فضلا عن عدم تكافؤ التوزيع الجغرافي والخصاص "المهول" في الموارد البشرية، وغياب آليات المراقبة.ووفق المجلس، ففرق منه، زارت 20 مؤسسة في كافة ربوع المغرب، فكانت الخلاصة: عجز في الأسرة والطاقة الاستيعابية (1725 سريرا)، و172 طبيبا نفسانيا و740 ممرضا في الطب النفسي، و131 طبيبا نفسانيا في القطاع الخاص، في كل المغرب، الذي يصل عدد سكانه إلى 34 مليون نسمة، وهو عدد أدنى بكثير من المعيار الدولي لمنظمة الصحة العالمية، الذي يوصي بـ4.36 أسرة لكل 10 آلاف نسمة.واللافت أن الأوضاع المزرية لمؤسسات الصحة العقلية، بمثابة قدر مغربي، إذ لازمها "المرض" منذ زمن "المارستان" وقبل الحماية الفرنسية، إذ كشف البروفيسور إدريس الموساوي، المدير السابق لجناح الأمراض العقلية بمستشفى ابن رشد، في أبريل الماضي، لمجلة "زمان" المتخصصة في المواضيع التاريخية، أن "الفئران كانت تتعايش مع المرضى في جناح 36".وحكى الموساوي، أنه في 1911، حل بالمغرب طبيبان فرنسيان هما لوف وسيريو، بتكليف من وزارة الداخلية الفرنسية، قصد تقييم وضعية المرضى النفسانيين في الإمبراطورية الشريفة، فقام بزيارة "مارستانات" مدن طنجة وتطوان وسلا ومكناس، توجت بتقرير رصدا فيه "الظروف الفظيعة التي كان يعيش فيها نزلاء المارستانات المغربية".ووفقا للزائرين الفرنسيين، فقد كان "الحراس لا يعرفون لا عدد النزلاء ولا أسماءهم، وكان من بينهم مشردون وعاهرات، إلى حد أن مركزا يعنى بالصحة النفسية في باريس، علق على تقرير لوف وسيريو بالقول: "هذا ما تبقى من العهد الذهبي للطب العربي"، يؤكد إدريس الموساوي.امحمد خيي

“المارستانات”… المريض التاريخي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

آسفي... مقبرة المعتوهين

مجانين في حاجة إلى "عين الرحمة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات