محكمة النقض … نموذج الدبلوماسية الموازية

فارس رئيسها وضع ضمن أولويات المخطط الإستراتيجي الدفاع عن مغربية الصحراء "لو أن عددا من الوثائق التي بين أيدينا الآن قدمت إلى المنتظم الدولي بالشكل الملائم والتي تؤكد بطريقة واضحة لا لبس فيها مغربية الصحراء لتغيرت الكثير من المواقف..."، جملة كثيرا ما يستعملها مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، والتي ينتهز الفرصة لتأكيدها أمام كل الوفود الأجنبية التي تزور محكمة النقض أو خلال الزيارات التي يقوم بها خارج المغرب، استجابة لما تضمنه الخطاب الملكي في 11 أكتوبر 2013 بالقول "إن قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد وإنما هي أيضا قضية الجميع.. مؤسسات الدولة والبرلمان والمجالس المنتخبة وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية وهيآت المجتمع المدني ووسائل الإعلام وجميع المواطنين". يؤكد فارس من موقعه القضائي، على الجوانب القانونية لمغربية الصحراء والحدود الحقيقية التي تفصل المغرب عن باقي جيرانه، من خلال وثائق عبارة عن أحكام صادرة في تلك المناطق أو ظهائر متبادلة بين السلطان وممثليه هناك، هي شهادة يأبى الرئيس الأول إلا أن يقدمها في كل لقاءاته سواء في الداخل أو الخارج، فمحكمة النقض أو المجلس الأعلى سابقا، تعتبر بقراراتها والخطوات الديبلوماسية التي تقوم بها الشاهد رقم واحد على مغربية الصحراء، ووحدة أراضيه من طنجة إلى الكويرة. وحدة المملكة ...شاهد عصر شكلت الندوة التي نظمتها محكمة النقض ا(لمجلس الأعلى) في 2011، بالحضور المتميز للدبلوماسيين والعلماء وأهل الفكر والقضاء، نقطة فيصل في شأن الوثائق التي تثبت مغربية الصحراء، إذ أكد فارس أن اللقاء هو تكريم لرجال كافحوا من أجل القضية الوطنية، وهو اعتراف لقضاة قاوموا المستعمر ووهبوا حياتهم لأجل ذلك من خلال توطيد العزم في نفوس المغاربة لمحاربة المستعمر الفرنسي، واستدل الرئيس الأول بقضاة لعبوا صلة الوصل بين السلطان والشعب من بينهم أحمد بن محمد الزدوتي، في مواجهة المستعمر في معركة النملان، مشيرا في كلمة ألقاها في تلك المناسبة، إلى أن المغرب ينفرد من بين الدول الإسلامية في استقرار الحكم واستمراره، من خلال عقود البيعة التي رغم أنها لم تأت في نسق واحد في الصياغة إلا أنها موحدة في مضمونها، وتؤكد أن المناطق الجنوبية ارتبطت بالولاء للسلاطين في المغرب، وهذا المعطى حول الالتحام، تؤكده كذلك العديد من الأحكام القضائية والشهادات التاريخية والوثائق الصادرة في المناطق الجنوبية بداية القرن الماضي التي تبرز وحدة المملكة من خلال وحدة العمل القضائي في جميع أنحاء المغرب بمذهب فقهي وعقائدي موحد.الخريطة المبتورة في كل مرة يحاول فيها البعض الركوب على القضية الوطنية، واستغلال مناسبات معينة لتمرير الخطابات الانفصالية، تكون سرعة البديهة للرئيس الأول لمحكمة النقض حاضرة بشكل قوي، ففي دجنبر 2014، وخلال افتتاح المؤتمر الدولي للتعاون الدولي في المادة المدنية والتجارية من خلال اتفاقيات لاهاي، بالرباط، أثارت الخريطة التي تقسم المغرب عن صحرائه والتي عرضت، في مداخلة لكريستوف برنيسكوني، الكاتب العام لمؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص، أثناء تقديمه لرسم خرائطي لمجموع الدول المصادقة على اتفاقيات لاهاي، غضب الرئيس الأول لمحكمة النقض مصطفى فارس، الذي انتفض أمام ما وصفه بالخطأ الفادح، متمثلا في تقديم خريطة المملكة مقسمة إلى جزءين منفصلين، مبرزا أن "هذا الرسم الخرائطي مغلوط، وأن المملكة بلد موحد من شماله إلى جنوبه، وأن المغرب مستقر في صحرائه، وأن الصحراء مستقرة في مغربها". وشدد الرئيس الأول لمحكمة النقض على أنه "لا توجد أي حدود فاصلة بين شمال المغرب وجنوبه"، مبينا أن مثل هذه الأخطاء الفادحة من شأنها أن تمس الوحدة الترابية للمملكة، وإن جاءت سهوا، وهي مرفوضة رفضا مطلقا، مستشهدا بمضامين الخطاب الملكي لمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء في 06 نونبر 2014، واعتبر فارس أن جميع ربوع المملكة من شمالها إلى صحرائها تلتف برباط البيعة حول الملك محمد السادس. وأدى تدخل الرئيس الأول لمحكمة النقض، إلى تصحيح الوضع، إذ قدم الكاتب العام لمؤتمر لاهاي اعتذارا للمغاربة على ما أسماه "الخطأ غير المقصود"، مع تصحيح خارطة المغرب، وتوحيد رسم المملكة على البيان الخرائطي قضية الصحراء دائما وأبدا أمام الإهمال الذي بدأ يطول ذلك الموروث القضائي، وبصفة أخص الذي يؤكد مغربية الصحراء، وخوفا عليه من الاندثار، عمدت محكمة النقض إلى الاهتمام به من خلال التفكير في إنشاء متحف له يؤرخ لمراحل القضاء المغربي، منذ زمن بعيد تعرض من خلاله نماذج من الوثائق التاريخية عبارة عن مخطوطات وكتب ومجلدات وأدوات مختلفة، وأشرطة وثائقية وصور فوتوغرافية تبرز مختلف المحطات التاريخية للقضاء المغربي، حتى يتسنى لكل زائر التعرف عنها عن قرب، بفتح أبوابه أمام الجميع ومنهم وفد قضائي أمريكي رفيع المستوى، ووفود سفراء ومسؤولين حكوميين بمختلف الدول والمؤسسات التي تزور محكمة النقض. واعتبر الرئيس الأول في ذلك أن المتحدث عن تاريخ القضاء في المغرب ودوره في وحدة البلاد لا يمكنه أن يتنكر للدور الكبير الذي لعبه تعيين القضاة وتطبيق المذهب المالكي واعتماده أساسا للقضاء والفتوى في تكريس هذه الوحدة.و"في هذا السياق اكتفي بالإشارة إلى بعض الوثائق التاريخية الأولى في عهد السلطان المولى عبد العزيز، وتتعلق بتعيين القاضي الفقيه صالح بن مبارك المجاطي مقدما على إخوانه (المعيزات) بصحراء سوس وغيرها للوساطة بينهم وبين عاملهم، في ما يعرض لهم والإعلام بأحوالهم وما عسى أن يصلهم من العامل حتى لا تصلهم يد عابثة. وهذه الوثيقة دليل واضح في تثبيت السلطة القضائية وبسط نفوذ الدولة على مجموع التراب الصحراوي"، كما أن المحكمة تتوفر على وثيقة عبارة عن عقد صلح تم بتاريخ 01 شعبان 1296 هـ بين آل قبيلة الرقيبات وآل قبيلة آيت أوسا يشير إلى حضور "والي أمير المؤمنين مولاي الحسن الأبر الموكول له زمام درعة والساقية الحمراء ووادي الذهب مولاي علي بن عبد الرحمان العلوي" وخاطب عليه القاضي الخليل بن عبد الحي التهالي.وثائق ودراسات وأحكام وثقت في مؤلف يحمل عنوان وحدة المملكة، أصرت محكمة النقض على إصداره وترجمته إلى كل اللغات العالمية الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، حتى يتسنى لكل باحث الاطلاع على ما تزخر به الذاكرة القضائية المغربية بصفة عامة والصحراوية بصفة خاصة. كما عمدت المحكمة إلى وضع نسخة رقمية من هذا الإصدار الهام بموقعها الإلكتروني في إطار تقريب المعلومة من المتلقي..كريمة مصلي

محكمة النقض … نموذج الدبلوماسية الموازية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حـرب حـول المـاء ببولمـان

"البرانس"... أمير "البوب" الذي أسقطته الأنفلونزا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات