وزارة الصحة مسؤولة عن مراقبة الجمعيات

جمعيات جعلت من العمل الجمعوي مطية للاغتناء صحيح أن للجمعيات الخيرية دورا كبيرا في خدمة المجتمع، وإعانة الفئات المعوزة أساسا، بسبب قدراتها على التحرك في وسط المجتمع للتعرف على مشاكله واحتياجاته، من جهة، وقدرتها على تجميع أموال المحسنين والراغبين بالتبرع أو مساعدة المحتاجين من جهة أخرى، إلا أن هذا الدور، الذي يقر عبد الرحيم الفكاهي، رئيس جمعية حق المريض أولا، أن عدة جمعيات كبرى تنشط في مختلف جهات المملكة تقوم به على أحسن وجه، "لا يمنع من القول إنه توجد للأسف جمعيات جعلت من العمل الجمعوي مطية لاغتناء أصحابها بدل القيام بالدور الذي يفترض أنه أنيط بها، وهو دور إنساني بالدرجة الأولى، قائم على مبادئ التكافل الاجتماعي".ونبه الفكاهي في تصريح ل"الصباح"، بهذا الخصوص إلى أن المشكل الحقيقي يكمن في مراقبة وتتبع عمل هاته الجمعيات، رغم أن التشريعات القانونية، موجودة وواضحة في هذا المجال، وتمنع منعا مطلقا أن يكون الهدف من إنشاء هذه الجمعيات ربحيا. وأضاف في السياق ذاته بأن مسطرة تنظيم حملات طبية، أو جمع التبرعات لفائدة المعوزين، مؤطرة، وتشمل عدة متدخلين من بينهم وزارة الصحة التي تفرض معرفة الأطباء المشاركين في مثل هذه الحملات الطبية والالتزام بمجانية الخدمات المقدمة، فضلا عن السلطة المحلية، "هذا يبرز الإمكانيات المتاحة لفرض الرقابة، والتتبع في هذا المجال"، يقول رئيس الجمعية، مشددا على أنه "للأسف على أرض الواقع هذا الأمر لا يطبق في كثير من الأحيان، لنجد أنفسنا أمام أشخاص جعلوا من الجمعيات وسيلة للاغتناء الذاتي تحت اسم جمع التبرعات أو المساهمات المالية بغرض مساعدة المحتاجين، وأحيانا النصب على المرضى وذويهم".وتابع رئيس الجمعية ذاتها، بالقول إن وزارة الصحة هي من تتحمل المسؤولية في مثل هذه الخروقات، إذ أن "لها دورا كبيرا في فرض الرقابة على عمل الجمعيات"، مشيرا إلى أن الاختلالات في هذا لا مجال لا تقتصر على جمع تبرعات المحسنين بذريعة إجراء عمليات أو شراء أدوية لمرضى وهميين، بل إنها تطول مرتادي مثل هذه الجمعيات، مستغلة حاجتهم الماسة للعلاج، وقد تفرض عليه أداء مبالغ مالية للاستفادة من بعض الامتيازات، من قبيل تقديم موعد إجراء العملية مثلا ضمن لائحة الانتظار.وللحد من ظاهرة استغناء الجمعيات على حساب صحة المواطن، اقترح الفكاهي، فضلا عن تشديد الرقابة، انخراط وزارة الصحة شريكا، وإن كان بصفة معنوية، في أي جمعية تقدم خدمات طبية، باعتبارها من جهة ضمانة أساسية على حسن سير هذه الخدمات المقدمة لفائدة المواطنين، ومن جهة أخرى، تلعب دور المؤطر للخدمات المقدمة.هجر المغلي أم مريضة: محسنة أنقذت حياة ابنتي لم تعرف بعد معنى الصحة الجيدة، لكنها على الأقل مازالت تنبض بالحياة، تجري وراء الأطفال، تلعب الغميضة، ترقص في حفلات عيد ميلادها، تتزاحم وأمها مع رواد الأسواق الشعبية لاختيار كسوة العيد، ترافق والدتها إلى الحمام الشعبي، وهي انشغالات وأعمال يومية بسيطة كانت سلمى محرومة منها، قبل الخضوع إلى عملية على القلب المفتوح.بين تفاصيل الحياة العادية ومثيلتها في حياة عاشتها على فراش المرض، رحلة طويلة ودموع انسكبت من عيون الحاجة إلى المال، المفتاح الوحيد إلى غرف العمليات الكبرى، وعلى عرشها تتربع عملية القلب المفتوح. "منذ ولادتها عشنا في الجحيم، إذ كان وزنها ضعيفا، وأخبرنا طبيب الأطفال آنذاك أن الأمر عادي، لكن الأمور لم تكن عادية أبدا"، تقول والدة الطفلة، قبل أن تضيف أنها استغرقت ستة أشهر أخرى لتقف على حقيقة اعتلال صحة رضيعتها، "ذات ليلة ارتفعت حرارتها بشكل غير طبيعي، وحين نقلتها إلى طبيب الأطفال طالبنا بنقلها على عجل إلى مستعجلات مستشفى الأطفال بابن رشد".من هنا ستبدأ المعاناة الحقيقية للأسرة، بعد أن علمت بعد عدة فحوصات وتحاليل وصور بالأشعة، أن الرضيعة تعاني تشوها في القلب، وأنها في حاجة إلى عملية جراحية عاجلة، "نقلناها من مستشفى الاطفال إلى قسم جراحة القلب في ابن رشد، غير أن الصدمة كانت كبيرة، بعد أن أخبرنا الطبيب المسؤول آنذاك، أن أملها في العلاج منعدم، وأنه علينا ألا نتحمل مشقة البحث عن العلاج سواء عبر عملية جراحية أو غيره".تشبثت الأسرة بالأمل رغم أن الطبيب صب في قلبها اليأس، "لأننا كنا نؤمن أن الأعمار بيد الله، فإننا لم نستسلم لهذا الرأي، ونقلنا ابنتنا إلى طبيب مختص في القلب في جمعية الأعمال الخيرية، أكد أن العملية مضمونة، وأن نجاحها كبير".طيبوبة الطبيب وطريقة تعامله، لم تنطبق على كل العاملين في الجمعية، خاصة مسؤولة عن ضبط ملفات المحتاجين إلى المساعدة، "طالبتنا بكل تعال أن نجمع مبلغ ستة ملايين ونصف، وهو مبلغ لم يكن زوجي ليقدر على جمعه مهما فعل، وحتى شركة التأمين رفضت الملف بمبرر أن سبب المرض تشوه خلقي".عاشت سلوى وأسرتها معاناة حقيقية، في رحلة بحث شاقة عن مصحة أو مستشفى عمومي يمكنها الخضوع فيه لعملية الحياة، "جربنا طرق كل الأبواب، بما فيها البنوك، التي رفضت منح زوجي قرضا بهذا الحجم، وفي اللحظة التي تقبلنا فيه ما اعتقدناه قدر ابنتنا بمفارقة الحياة، تدخلت محسنة وأعادت إلينا الأمل من جديد، بعد أن أدت تكاليف العملية الجراحية".بعد العملية وجدت الأسرة نفسها مطالبة بمتابعة العلاج المكلف، ما اضطرها إلى بيع أمتعتها، وطلب مساعدة الأصدقاء والعائلة، "رحلة العلاج ما بعد العملية ليست سهلة كما يعتقد البعض، بل هناك تكاليف أخرى، بدءا من فاتورة الطبيب الغالية، خاصة أن الاستفادة من موعد في الوقت المناسب في المستشفيات العمومية مستحيلة" تضيف أم سلوى، قبل أن تختم أن الدولة مطالبة اليوم بالاهتمام بصحة الأطفال مرضى القلب والضرب بيد من حديد على المتاجرين بعمليات القلب مهما كان نوعها.ض.ز

وزارة الصحة مسؤولة عن مراقبة الجمعيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التسول عبر الجرائد... الحل الأخير

كرويف...عاشق المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات