شهادة اللفيف بين مطرقة القضاء وسندان الشهود

تعد نقطة سوداء في التوثيق العدلي لما ينجم عنها من عواقب لا تحمد عقباها عند تراجع شاهد من منا يستطيع أن ينكر ما للفيف من أهمية في عالم التوثيق العدلي. فبواسطته، يتم انتقال الميراث إلى الورثة الشرعيين. وبفضله تثبت ملكية العقار لصاحبه إلى غير ذلك من الفوائد والمصالح الأساسية بالنسبة إلى المواطنين. رغم ما يسديه من خدمات لفائدة ذوي الحقوق، لم يسلم اللفيف من التعرض لبعض الطعون، ما يجعل عدلي التلقي أحيانا بين مطرقة القضاء وسندان الشهود. شكلت شهادة اللفيف نقطة سوداء في التوثيق العدلي لما ينجم عنها من عواقب لا تحمد عقباها، عند تراجع أحد الشهود، أو أكثر عن شهادته. لذا، أضحى من الضروري التحرك بسرعة وفاعلية من قبل جميع المسؤولين (هيأة ومجالس جهوية وعدولا) من أجل إيجاد حلول مناسبة لوضع لم يجد له السادة العدول أي تفسير معقول، أو مقبول، ولمشكل لا يد لهم فيه، علما أن القاعدة المتبعة من العدول هي أن تتطابق الشهادة مع شهادة اللفيف بتوضيحها لمن لا يحسن القراءة والكتابة من قبل عدلي التلقي مع التركيز على الهوية الكاملة للشهود، بهدف دفع إنكار الشاهد حال ثبوت توقيعه أو بصمته وإن نفى الحضور والشهادة والتوقيع. ومن بين الحلول المطروحة عدم قبول الشهود الذين لا يحسنون القراءة والكتابة والاقتصار على من يتمكن فقط من تدوين شهادته بخط يده بمذكرة الحفظ ولو أدى الأمر إلى تقليص عدد الشهود، وإلا فالاستغناء بشكل كلي عن اللفيف في انتظار حلول تواكب العصر من رقمنة وتطور تكنولوجي لتوظيفها في الموضوع. وكما أنه لا مكان اليوم في الإدلاء بالشهادة لمن لا يتوفر على البطاقة الوطنية، فلا مكان، أيضا، لمن لا يحسن تدوين شهادته بمذكرة الحفظ بخط يده إثباتا للشهادة وتبرئة لعدلي التلقي. ولم يعد بمقدور العدول الزج بأنفسهم داخل نفق إنكار الشاهد ومساءلة القاضي إلى الأبد وهنا بيت القصيد. لذلك، في حال قيام المواطن بأي شكاية كيدية تتعلق بشهادة اللفيف ضد عدلي التلقي، يجب عليه أن يرفقها بمبلغ مالي معقول كفالة لدى محكمة الاستئناف المختصة، فإن ثبت أن العدلين بريئان من التهمة وجب رفع دعوى متابعة مضادة على المشتكي لرد الاعتبار إلى العدلين وعلى الفور. فلا بد من إيجاد آليات تتعلق بشهادة اللفيف لرصد أحكامها وضبط قواعدها في مدونة التوثيق من قبل ذوي الاختصاص لإنجاح سير العملية. ولتحقيق هذا الهدف، لا مفر من إعداد دورات تكوينية تقوم بها المجالس الجهوية لتوحيد المنهجية تتماشى مع خصائص التوثيق العدلي لتقليص الشكايات الكيدية وتخليص عدلي التلقي من المتابعات القضائية. ولا يمكن بحال متابعة عدلي التلقي قضائيا إذا تراجع شاهد أو أكثر عن الشهادة فالرجوع في الشهادة جائز أمام القاضي أو العدول. فقد جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 63 الصادر بتاريخ 27 يناير 2015 في الملف المدني عدد 4359/1/8/2014 "أن التراجع عن الشهادة لا يكون إلا أمام العدول باعتبارهم الجهة المتلقية للإشهاد أمام المحكمة"، وهو ما أكدته محكمة النقض في قرارها عدد 363 بتاريخ 15 ماي 2018 في الملف المدني عدد 939 /1/4/2018 بقولها "أن رجوع شاهدين من شهود اللفيف لا يؤثر في صحة العقد عملا بما جرى به العمل في العمل الفاسي"، كما جاء في القرار عدد 164 بتاريخ 27 فبراير 2018 في الملف المدني عدد 1458/1/4/2016، أن المحكمة لما ثبت لها رجوع تسعة شهود عن شهادتهم في رسم استمرار الملك المعتمد من الطاعنين لاستحقاق المدعى فيه واعتبرته ناقصا عن درجة الاعتبار لأنه لم يبق به ما يستقل به الحكم وقضت تبعا لذلك بتأييد الحكم الابتدائي القاضي برفض طلب الطاعنين الرامي إلى استحقاق عين النزاع لعدم إثباته بالبينة المثبتة لشروط الملك المتطلبة قانونا، تكون قد أقامت قضاءها على أساس من القانون وعللت قرارها تعليلا كافيا. وهكذا يتضح جليا أن لا معنى لمتابعة العدلين ولا جدوى من المحاكمة سوى عدم التريث والتأني والقضاة والعدول أسرة واحدة ورجوع الشاهد أو أكثر في الشهادة لا يقدح في شيء في أمانة العدلين وعدل القاضي وجواز التراجع عن الشهادة قانونيا وهو الأصل الذي لا غبار عليه. لقد ساهمت شهادة اللفيف بحظ وافر في خدمة ذوي الحقوق من العسير إلغاؤها في الوقت الراهن نظرا لاعتماد القضاء عليها في كثير من الأمور خاصة، إذا أحيطت بالدقة والضبط والحياد، وذلك في انتظار بزوغ الصورة النهائية المعتمدة قانونيا والمؤطرة توثيقيا وقضائيا، وهذا ما يجب أن تتعبأ له كل أطياف المنظومة القضائية بعزم وحزم وتصميم. * عدل باستئنافية سطات

شهادة اللفيف بين مطرقة القضاء وسندان الشهود

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصراصير تستنفر أمن مراكش

أخبار الصباح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات