الشافعي: تعزيز منسوب الثقة أولوية إستراتيجية

الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة أكد على ضرورة استحضار المسؤولية والجدية في الدفاع عن الحق العام وتكريس مبادئ الحقوق والحريات قال عبد الكريم الشافعي، الوكيل العام للملك، لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، إن عمل النيابة العامة باعتبارها نيابة عامة مواطنة، غير مرتبط بالمكان، فهي في حالة تأهب دائم وتواصل مستمر مع الضابطة القضائية بمختلف أطيافها ومع كل الجهات، إن على مستوى الرئاسة أو باقي مكونات العدالة، وأشار في حوار مع "الصباح" إلى أن ورش التخليق ومحاربة الفساد يبقى من المحاور الأساسية، التي يتم الاشتغال عليها على مستوى دائرة الاستئناف بالقنيطرة في تنسيق مع رئاسة النيابة العامة. وفي ما يلي نص الحوار: أجرت الحوار: كريمة مصلي - تصوير (عبد المجيد بزيوات) مرت ثلاث سنوات على وجودكم على رأس النيابة العامة باستئنافية القنيطرة كيف تدبرون العمل اليومي لهذه المحكمة؟ > منذ غشت 2021، بعد أن حظيت بالثقة المولوية السامية، أشرفت على تدبير مؤسسة النيابة العامة على مستوى الدائرة القضائية بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة. حقيقة أن عمل مؤسسة الوكيل العام للملك وباقي العاملين بها لا يخرج عن إطار اشتغال باقي مؤسسات النيابة العامة بمختلف الدوائر الاستئنافية، فعمل النيابة العامة يتميز بطبيعته الخاصة وعدم ارتباطه بالتوقيت الإداري وإنما يشتغل حتى خارج أوقات العمل ونعمل على إيجاد حلول لكل الإشكاليات المثارة بالسرعة الممكنة. وفي هذا السياق و منذ بداية اشتغالي وضعت برنامج عمل طموح حاولت من خلاله القضاء على المزمن من الشكايات والمحاضر التي ترجع إلى سنوات سابقة، لأنه لم نكن لنصل إلى هذه النتائج لولا الجهود المبذولة، إذ قمنا بإعداد مخطط عمل بمنهج تشاركي مع كافة قضاة النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، والمسؤولين القضائيين على مستوى المحاكم الابتدائية بالدائرة القضائية الخمس، بدءا من تفقد المكاتب في الساعات الأولى من الصباح ثم استقبال المساطر ذات الصلة بالتقديم وتوزيعها على السيدات والسادة النواب مع الحرص بشكل يومي على استقبال المرتفقين وحسن الإنصات إلى تظلماتهم، لإيجاد حلول لكل ما يعترض إنهاء الأبحاث في القضايا ذات الصلة. فضلا عن سهر النيابة العامة من خلال تخصيص نائب عام للاستقبال يوميا بمكتب الواجهة وحرصه على تدبير ومعالجة شكايات المرتفقين. وما أريد التأكيد عليه أن عمل النيابة العامة باعتبارها نيابة عامة مواطنة، غير مرتبط بالمكان، إذ نبقى في تواصل مستمر مع الضابطة القضائية بمختلف أطيافها ومع كل الجهات، إن على مستوى الرئاسة أو باقي مكونات العدالة. في إطار الحديث عن التدبير اليومي للعمل داخل المحكمة، كيف تتعامل النيابة العامة بالقنيطرة مع ملف الفئات الهشة؟ > نحن في النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة لدينا مقاربة خاصة لهذا الملف، على مستوى تعزيز الفئات الهشة، فقضايا المرأة والطفل تحظى بالأولوية باعتبارها من الأوراش الكبرى التي يقودها جلالة الملك محمد السادس. والنيابة العامة واستحضارا منها لكل هذه المعاني والمعطيات حرصت على تعبئة كل جهودها للنهوض بقضايا المرأة والطفل وتعزيز الحماية القانونية والقضائية لهما، من خلال التتبع والدعم الكبير لعمل خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في الشق الذي ينعقد الاختصاص بشأنه لهذه النيابة العامة، إذ تتوفر الخلية على فضاء وظيفي بالمعايير والأسس المعتمدة لاستقبال النساء والأطفال ضحايا العنف، في ظروف مريحة، والتي عالجت خلال 2023 ما مجموعه 458 شكاية، منها 45 كمخلف عن 2022، وقد بلغت نسبة الإنجاز100 في المائة، أما على مستوى المحاضر المتعلقة بالعنف ضد الأطفال والنساء فقد بلغ مجموعها 848، منها 156 مخلفا عن 2022 بنسبة إنجاز وصلت 100%، وهي أرقام ونسب تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى الكثير من التحليل والوصف لكنها لا تعبر حقيقة عن حجم الجهود المبذولة من قبل مكونات الخلية الجهوية. وفي هذا الإطار لابد من التعبير عن عبارات الشكر وعظيم الثناء للمبادرة الكريمة لصاحبة السمو الملكي، الأميرة الجليلة للا مريم، رئيسة الاتحاد الوطني لنساء المغرب، التي تفضلت في تنسيق مع القطب المتخصص برئاسة النيابة العامة بتوفير أربع شقق لأربع نساء وأطفالهن القاصرين في وضعية هشة ونقل ملكيتها لهن، وهي مبادرة ذات أبعاد إنسانية كبيرة. الحديث عن الفئات الهشة ينقلنا إلى الاجتماع الذي عقده رئيس النيابة العامة مع مسؤولي النيابات العامة في يونيو 2021، الذي طالب المسؤولين القضائيين بإنجاز برنامج سنوي يشكل تعاقدا إزاء المواطن ومكونات العدالة، أين وصل البرنامج؟ > سؤال التعاقد مع المواطن هو نتيجة برنامج عمل، سطرته منذ بدء الاشتغال على رأس النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالقنيطرة، وهنا لا بد أن أذكر بالخطاب الملكي السامي لمناسبة الذكرى 24 لعيد العرش المجيد لـ 2023 الذي أكد من خلاله جلالة الملك محمد السادس على الجدية في العمل، واستلهاما لما جاء في الخطاب فقد قمنا بوضع برنامج عمل بالتزامات مضبوطة وبآجال محددة تمكنا من خلاله من إنهاء الأبحاث في مجموعة من الشكايات والمحاضر التي ترجع لسنوات خلت والقضاء على ذلك المخلف، وهو ما تعبر عنه المعطيات والاحصائيات الرقمية، حيث قامت النيابة العامة في الوقت الحالي بتصفية نسبة كبيرة من المخلف إذ لم تتبق الا حالات معدودة لم يتم إنهاء البحاث بشأنها من قبل مصالح الفرقة الوطنية للشرطة القضائية والفرقة الوطنية للأبحاث القضائية للدرك الملكي لأن انهاء الأبحاث يتوقف على نتائج خبرات تقنية. حقيقة أن ما وصلنا إليه من نتائج لم يكن ليتحقق، لولا تضحيات كل قضاة النيابة العامة وأطر كتابة النيابة العامة وعلى رأسهم رئيسة كتابة النيابة العامة التي استطاعت تدبير المرفق من الناحية الإدارية في إطار اختصاصها، أضف إلى ذلك روح الانسجام مع مؤسسة الرئيس الأول بالمحكمة وكل المتدخلين في إنتاج العدالة من نقابة المحامين ومفوضين قضائيين وخبراء وموثقين وكل الفئات التي تشتغل لتحقيق النجاعة القضائية المنشودة. نجاعة التنسيق التعاقد مع المواطن يجر إلى السؤال عن السياسة الجنائية في تدبير الملفات، على اعتبار أن المنطقة لها خصوصياتها بشأن بعض الجرائم التي ترتكب فيها... > بخصوص تنزيل السياسة الجنائية جهويا والتصدي لظاهرة الجريمة، فلا يخفى أنه من صميم اختصاص النيابة العامة هو تنزيل السياسة الجنائية على مستوى الدائرة القضائية، التي تؤطرها مجموعة من نصوص القانون الجنائي والقوانين الخاصة والمناشير ودوريات رئاسة النيابة العامة، للتصدي للظاهرة الإجرامية وتوفير الأمن والحفاظ على النظام العام. وفي هذا الإطار فالنيابة العامة بتنسيق مع مصالح الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية للدرك الملكي، استطاعت تفكيك ما يعرف بعصابة الأورو وهي شبكة إجرامية كانت تنشط في النصب على المواطنين والاضرار بمصالحهم المادية، اذ تم إيقاف أكثر من 30 مشتبها صدرت في حقهم قرارات قضائية، ومازال نزيف هذه العصابة مستمرا، حتى أنه في الأسبوع الماضي تمكنا من إيقاف أحد أفراد تلك العصابة، بعدما استولى على مبالغ مهمة من أحد الضحايا وهو ما يؤكد الدينامية التي نحرص على ابرازها من أجل تحقيق الأمن القنوني والقضائي ورفع منسوب الثقة، ويبقى تحسيس المواطن بخطورة هذه المعاملات المشبوهة وكذا دور وسائل الإعلام للحد من هذا النوع من الجرائم. هناك العديد من المناشير والدوريات تتحدث عن النجاعة القضائية، أين موقع محكمة الاستئناف بالقنيطرة منها؟ > الحقيقة أن النجاعة القضائية لا تخرج عن القواعد المعيارية الواردة في دوريات الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وأيضا دوريات الوكيل العام لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، فالمواطن والمرتفق يجب أن يلمسا بشكل مباشر في تعاملهما اليومي مع مؤسسة النيابة العامة بهذه الدائرة القضائية الآثار الإيجابية للمخططات الإستراتيجية، من خلال طريقة الاستقبال وتمكينه من الولوج إلى العدالة في ظروف تحقق الأمن القضائي والجودة القضائية، ما يجعله يطمئن على مصير شكايته، ويمكن القول إن النيابة العامة خلال 2023 انخرطت بإيجابية في تحقيق مؤشرات النجاعة المطلوبة. ففي مجال دراسة ومعالجة الشكايات تولت هذه النيابة العامة خلال 2023 تدبير ما مجموعه 2189 شكاية، توزعت بين شكايات عادية وشكايات المعتقلين وشكايات ضد مساعدي القضاء وشكايات تهم العنف ضد الأطفال والنساء وشكايات أفراد الجالية المغربية، وقد استطاعت مكونات هذه النيابة العامة معالجة 2153 منها، بنسبة انجاز فاقت 98 في المائة، أما على مستوى المحاضر فقد بلغ مجموع عدد المحاضر 2023 7251 ، تم إنجاز 6978 محضرا منها، أي بنسبة انجاز وصلت إلى 96 %، وهي نسب وأرقام مهمة جدا تتطلب كما لا يخفى عليكم مجهودات كبرى للاستماع وحسن الإنصات والدراسة والتتبع والإشراف على الأبحاث المنجزة بشأنها من مختلف مصالح الضابطة القضائية، واتخاذ القرارات المناسبة. أشار رئيس النيابة العامة لمناسبات عديدة إلى ضرورة ترشيد الاعتقال الاحتياطي، فما هو موقع النيابة العامة باستئنافية القنيطرة من هذا الترشيد في تسطير المتابعات؟ والشيء نفسه بالنسبة إلى النيابات العامة في الدائرة الاستئنافية؟ > حقيقة يبقى هذا الموضوع من الأوراش الإصلاحية الكبرى، التي تستأثر باهتمام المجتمع، وتشغل حيزا مهما خلال اللقاءات المنعقدة، إن على مستوى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أو رئاسة النيابة العامة، التي تصب في اتجاه ضرورة ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وتحديد معايير موضوعية لاعتماده، باعتبار أن ذلك يؤثر بشكل أو بآخر في عدد الساكنة السجنية، وبالنسبة للنيابة العامة فهناك استحضار المسؤولية في الدفاع عن الحق العام وحماية النظام العام وتكريس مبادئ الحقوق والحريات، إذ نعمل على القيام بكل ما هو ضروري لتفادي اللجوء إلى الاعتقال، من خلال إعمال تدابير المراقبة القضائية. فالإحصائيات وإلى غاية 26 يونيو الماضي، تؤكد أن عدد المعتقلين الاحتياطين هو 733 معتقلا، موزعين على غرف التحقيق الثلاث ب122، و146 بغرف الجنايات الاستئنافية و164 بغرف الجنح التلبسية، و281بغرفة الجنايات الابتدائية، هذا الرقم منخفض عما كان في ماي الماضي الذي وصل إلى 896، وذلك لم يكن ليتحقق لولا ايماننا بأهمية الموازنة بين الحقوق والحريات والسهر على تجهيز الملفات الزجرية اجرائيا بما يضمن اجراء المحاكمة العادلة داخل أجل معقول. تخليق الحياة العامة في إطار إستراتيجية المجلس الأعلى للسلطة القضائية لـ2021-2026، التي أكدت على دور المسؤول القضائي في مسألة التخليق، ماذا حققت النيابة العامة بالقنيطرة في هذا الشأن؟ > محور التخليق ومحارية الفساد يظلان من المحاور الأساسية، التي نشتغل عليها على مستوى دائرة الاستئناف بالقنيطرة، في تنسيق مع رئاسة النيابة العامة، في إطار مقاربة وقائية استباقية وأخرى ردعية، والتي نسعى من خلالها إلى تخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد، وفي هذا السياق وبمقتضى مدونة الأخلاقيات، دأبنا على عقد لقاءات مشتركة مع السيد الرئيس الأول بهذه المحكمة، باعتباره مستشارا للأخلاقيات، والمسؤولين بالمحاكم الابتدائية لتدارس المبادئ والأسس المعتمدة في هذه المدونة. الحقيقة لمسنا تجاوبا من قبل السيدات والسادة القضاة العاملين بالدائرة القضائية في العديد من اللقاءات، التي اشتغلنا عليها، وأيضا من خلال التفتيش اللامركزي للمحاكم الابتدائية. لابد من الإشارة في هذا السياق إلى ما تم القيام به من مجهودات للتصدي للسماسرة والوسطاء الذين كانوا ينشطون بمحيط المحاكم الدائرة، إذ تم تسجيل ست حالات بمحيط المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، وحالة بمحيط المحكمة الابتدائية بسوق الأربعاء الغرب. والأكيد أننا منخرطون للتصدي لكل المظاهر السلبية التي من شأنها التأثير على مخطط عملنا لتطهير محيط محاكم الدائرة. كل شكاية تخضع للدراسة بخصوص الشكايات التي تتوافد عليكم بشأن اختلالات منسوبة لقضاة أو موظفين كيف يتم التعامل معها؟ > نتوصل بين الفينة والأخرى بشكايات تنسب بعض الاختلالات او التجاوزات في حق المكلفين بإنفاذ القانون، تتم دراستها وتجميع المعطيات بشأنها، إذ يتم التأكد ما إذا كان الأمر يتعلق بوشاية تتضمن معطيات دقيقة يتم التحري بشأنها، إلا أنه غالبا ما تكون بعض الوشايات عبارة عن ادعاءات يتم حفظها، إذا تبين من خلال التحري عدم صحتها. كما نعمل على التواصل مع رئاسة النيابة العامة، في شأن أي شكاية يتم التوصل بها والتنسيق معها بهدف الوصول للحقيقة وتفعيلا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. تحدي الرقمنة بعد استنفاد 6 أشهر الأولى من البرنامج السنوي للنيابة العامة، نحرص على الانخراط بشكل وازن في الرقمنة، من أجل تجاوز كل إكراهات وتحديات المحكمة الرقمية، التي تبقى ورشا ورهانا أساسيا في ظل التحديات المجتمعية العالمية والتطورات المتسارعة التي يعرفها عالم المعلوميات، خاصة بعد الأزمة الصحية العالمية وانعكاساتها على كافة الدول والمؤسسات والأفراد. والأكيد أنه ورش يحمل جوانب تقنية ولوجيستية وبشرية وقانونية على الجميع الانخراط فيها بدون أي تردد وتخوف.

الشافعي: تعزيز منسوب الثقة أولوية إستراتيجية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تبديد 80 مليارا بمحطة الرباط المدينة

شلل بالمستشفيات لستة أيام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات