أتمنى أن يترفع الرميد عن الحقد والضغائن

الهيني القاضي المعزول قال إن النيابة العامة لا مصلحة لها في الطعن في قرار التحاقه بمهنة المحاماة لم تنته تداعيات ملف القاضي المعزول محمد الهيني، أذ اعتبر الهيني أن المجلس الأعلى للقضاء، مؤسسة لم تحم حقوقا ولم تصن حريات، ولم تؤسس لأي قواعد للعمل، لتبعيتها للسلطة التنفيذية. وأضاف في حوار مع «الصباح» أن السلطة التشريعية أخلت بدورها الدستوري في مناقشة جدية لقوانين السلطة القضائية، مشيرا إلى أن المؤسسة التشريعية على غرار السلطة القضائية تم اختطاف هويتها وقرارها المستقل، وانتهاك حق المواطن في قضاء مستقل ومحايد يقطع مع التدخلات والتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة. أجرت الحوار: كريمة مصلي < أنهى المجلس الأعلى للقضاء علاقتكم بسلك القضاء، ماهي الخطوة المقبلة بشأن مساركم المهني؟< تقدمت يوم 3/8/ 2015 بطلب إلى نقيب هيأة المحامين بالرباط قصد الولوج للمهنة، وبهذا الاختيار رجعت إلى أصلي ونبتتي الأولى، واخترت المحاماة لأنها منبعي، لأنني نجحت في مباراة ولوج مهنة المحاماة قبل النجاح في مباراة ولوج سلك القضاء، وأنا حاصل على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة منذ 1999 وكان دائما يراودني حلم يتمثل في ممارسة مهنة المحاماة ،لأنني مولع جدا بها، واخترت مهنة القضاء لأنني لم أكن أتوفر آنذاك على المبلغ المالي لتسديد الاشتراك في نقابة المحامين بفاس. وأتذكر أنه حينما كنت أجتاز امتحان مهنة القضاء قال لي أحد النقباء إن المداخلة التي ألقيتها أمام اللجنة المكلفة، عبارة عن مرافعة ونصحني بمهنة المحاماة بدل القضاء، فأجابه أحد المستشارين بمحكمة النقض: «الأستاذ الهيني بيننا».< هناك حديث عن إشكالية تأثير عقوبة العزل على التحاقكم بسلك المحاماة ، ما صحة ذلك من الناحية القانونية؟< قانون المحاماة واضح يمنع من تسجيل القضاة الذين له سوابق تأديبية تتعلق بالفعل الشائن الماس بالشرف والمروءة ،أما المتابعة عن حرية الرأي والتعبير فهي أشرف ما يتابع به القاضي لأنها تتعلق بالدفاع عن استقلالية السلطة القضائية التي كرس المحامون على مر التاريخ مؤتمراتهم للدفاع عنها، فهذا النقاش محسوم قانونا وفقها وقضاء من قبل رجال ونساء هيأة الدفاع .وهكذا اعتبرت محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 9-10-2014 تحت عدد 1054-1 في الملف الإداري عدد 1296-4-1-2014 أن الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة المحتج بها لم تجعل من الإدانة شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل، وإنما ربطت ذلك بارتكاب أفعال منافية للشرف والمروءة وهو ما لا ينطبق على تلك المخالفة، ولا يشكل مبررا لرفض طلب التسجيل، «وتكون قد بنت قضاءها على أساس من القانون وعللت قرارها تعليلا كافيا، وما بالوسيلة غير ذي أساس".هكذا يتضح أن محكمة النقض أقرت حق القضاة المتخذة في حقهم عقوبات تأديبية من المجلس الأعلى للقضاء في التسجيل بهيآت المحامين، في الحالة التي تكون فيها العقوبات المتخذة مستندة عل أفعال غير ماسة بالشرف والمروءة. < هل تتوقع من النيابة العامة والوزير الطعن في قرار تسجيلك بالمحاماة ؟< ليس هناك بعد قرار بالتسجيل، وهيأة المحامين بالرباط ما زالت تدرس الملف لتقرر فيه طبقا للقانون. ما يمكنني قوله أن النيابة العامة لا مصلحة لها في الطعن في قرار النقابة، لأنه ليس لها وجه الضرر منه، فالطعن يتحدد من خلال جديته ومعقولية وقانونية أسبابه وليس من مجرد الرغبة في تحريكه. هذا ما كنت مؤمنا به وأنا رجل النيابة العامة سابقا، وليس هذا رأيي فحسب، فهو رأي مسؤولين قضائيين رفيعين يشتغلون بالنيابة العامة سابقا وحاليا، ورأي جل زملائي النقباء والمحامين والقضاة ومنهم الذين آزروني، وما مرافقتهم لي أثناء تقديم طلب الالتحاق بمهنة المحاماة، إلا تأكيد على هذه النقطة، حسما لإثارة أي جدل غير موجود في أصله. وأتمنى صادقا من الوزير رئيس النيابة العامة والمسؤول الأول عن أي إشكال أو عرقلة ، أن يترفع عن الضغائن والأحقاد، وننظر جميعا لمستقبل واعد ومشرق للسلطة القضائية المستقلة الخادمة للمواطن أولا وأخيرا، بعد قرار المجلس الدستوري الحاسم والمنتظر في موضوع بطلان المقتضيات اللادستورية للسلطة القضائية .< كثيرا ما تتهمون الرميد بأنه وراء قرار عزلك في حين أن من اتخذه هو المجلس بكامله؟< هذا السؤال أصبح من الماضي، لأن المجلس الأعلى للقضاء كما أكدت ذلك جل المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية مؤسسة للنسيان، لم تحم حقوقا ولم تصن حريات، ولم تؤسس لأي قواعد للعمل لتبعيتها للسلطة التنفيذية ، فكانت لسانها ويدها، وكما قال بيان نادي قضاة المغرب فإنها لا تشتغل بمنطق دستور 2011، وتبعا لذلك قررت عدم الطعن في القرار، حتى يبقى علامة سوداء في سجلها وليس تاريخها، لأنه لا تاريخ لها.< بعد النضالات المستمرة للقضاة خرجت قوانين السلطة القضائية، كما رغب وزير العدل والحريات، كيف تفسرون الأمر؟< هذا الأمر صحيح لانعدام المقاربة التشاركية مع الجمعيات المهنية التي أجمعت في بيانها الشهير أن قوانين «السلطة القضائية «تعتبر قوانين انتكاسة وردة دستورية، واعتبرها بيان نادي قضاة المغرب الأخير أنها أعدمت مكتسبات دستور 2011 . وبالنسبة إلى البرلمان فإن الحكومة تمتلك فيه أغلبية مريحة يمكنها تمرير قوانينها بالطريقة التي ترتئيها بصرف النظر عن مخالفة الدستور، فضلا عن أن السلطة التشريعية أخلت بدورها الدستوري في مناقشة جدية لهذه القوانين، وكلنا نتذكر أن العديد من النواب انتقدوا وضع الوصاية عليهم من طرف السلطة التنفيذية أو من أحزابهم، والأخطر أن أحدهم صرح «أنهم كانوا ضباعا « تملى عليهم الأوامر التشريعية من فوق في مهزلة سيقف التاريخ أمامها مليا، كيف لقوانين أن تناقش ويصوت عليها في مجلسين في يومين ؟؟؟ فالمؤسسة التشريعية على غرار السلطة القضائية تم اختطاف هويتها وقرارها المستقل، وانتهاك حق المواطن في قضاء مستقل ومحايد يقطع مع التدخلات والتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة.فليست المعركة الآن بين قضاة الرأي والوزير كما قد يعتقد البعض واهما، بل معركة لفائدة قوانين ضامنة لاستقلال السلطة القضائية لفائدة المواطن . تضحياتي كلفتني منصبي بطبيعة الحال أنا متفائل بالمستقبل رغم الهجوم المستمر وغير المبرر من قبل وزارة العدل على قضاة الرأي ، إلا أنه رغم ذلك فحراكنا القضائي ساهم في تطوير حركية المطالبة بقوانين ضامنة لاستقلال السلطة القضائية، ودفع بشكل مستمر بحرية القضاة في التعبير والتنظيم ، والمساهمة الايجابية والحسنة والمثمرة في النقاشات العمومية ، وأحرج الوزارة لأنها لم تسهر على التنزيل الديمقراطي للدستور وفقا لروحه، مما جعل النسيج الحقوقي المغربي وجميع الجمعيات المهنية للقضاة والمؤسسات الدستورية والمجتمع بأكمله في قلب سؤال الإصلاح الذي نريد لفائدة المواطن وليس القضاة فحسب ،لأن إصلاح القضاء ورش مجتمعي ما زال معلقا لأن قوانين الردة الدستورية المتعلقة به والتي أعدمت وجود أي سلطة قضائية في المستقبل هي الآن بين يدي المجلس الدستوري ؟ فالتضحيات التي قدمناها في سبيل سلطة قضائية مستقلة والتي كلفتنا منصبنا القضائي ستكون بإذن الله شمعة مضيئة للأجيال القضائية تتذكرها بالاعتزاز والفخر، لأنه لا استقلال بدون تضحيات، ولا تضحيات بدون مبادئ وأفكار أصيلة وثابتة وشجاعة ومقدامة . في سطور - قاض سابق- مدير فرع معهد لاهاي الدولي لحقوق الانسان في شمال إفريقيا والشرق الأوسط- عضو مؤسس بنادي قضاة المغرب - عضو المكتب التنفيذي لجمعية عدالة - دكتور في الحقوق - أستاذ زائر بكليات الحقوق

أتمنى أن يترفع الرميد عن الحقد والضغائن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

الفكر الذكوري يعرقل عمل المرأة القاضية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات