منذ عشر سنوات، انقلبت حياة الحاجة أمينة العلوي لمراني، رأسا على عقب، وغادرت حياة العز والرفاه والثراء، التي لم يكن ينغص صفوها سوى حرمانها من الخلفة، وعدم تمكنها من إنجاب أبناء يكونون لها سندا في حياة، سرعان ما ستدير لها ظهرها، بعد وفاة زوجها (ج. م)، الذي كان من بين أعيان آزرو، وأحد المغاربة الأوائل الذين تمكنوا من ولوج قبة البرلمان، التي ظل نائبا بها لعدة سنوات.تحكي الحاجة أمينة كيف أنها كانت تعيش في هناء وسعادة، رفقة زوجها وأبنائه وزوجاته الثلاث. قضت سنوات شبابها الأولى في آزرو، زوجة لنائب برلماني، كان محط احترام وتقدير الجميع من أبناء المدينة، لتنتقل بعدها إلى العيش في مكناس، بأحد أحيائها الراقية، رفقة إحدى زوجات زوجها دون أن يجول بخاطرها يوما أن آخر أيام حياتها ستكون عنوانا للمعاناة و"الحكرة" وقلة ذات اليد، لدرجة لم تجد معها ما يسد رمقها أو يؤويها من حر الصيف وقر البرد، فاليوم، تعيش أمينة، البالغة من العمر ستة وسبعين عاما، عند إحدى قريباتها بالرباط، ممن قبلن استضافتها، بعدما أغلقت كل الأبواب في وجهها.يعود أصل المشكل إلى عشر سنوات خلت، كانت حينها تتصرف في نصيبها من ميراث زوجها المتوفى، الذي أكدت أنه تم توزيعه بالعدل والتراضي دون أن يثير أبناء "المرحوم" أي مشاكل، "كان من نصيبي عقار، هو عبارة عن سينما السعادة، الواقعة بساحة محمد الخامس، بآزرو، شيدت على مساحة 317 مترا مربعا "، تحكي أمينة ل"الصباح"، مضيفة أنها كانت راضية بقسمتها، وسعت إلى كراء المبنى للاستفادة من مدخوله، وهو ما تم فعلا، بسومة كرائية شهرية، لم تكن تتعدى 250 درهما، لتفاجأ بأن المكتري، يقوم بإعادة كراء المبنى إلى شخص آخر مقابل مبلغ 2500 درهم، وتسارع بعدها إلى رفع دعوى قضائية ضده، وتستصدر حكما لصالحها. "منذ ذلك الحين انطلقت المشاكل، بعد أن ظلت السينما مهجورة لأنني لم أكن قادرة على متابعتها أو إيجاد مكتر جديد، لأفاجأ صيف 2011، بترامي أحد جيراني، الذي كان زوجي باع لجده بقعة أرضية مساحتها 90 مترا مربعا، على السينما، التي تحولت إلى خرابة، وتمت سرقة ما بها من أثاث، ولم تسلم حتى الأبواب الحديدية والخشبية من فعل السرقة، وأفاجأ أنه من أصل 317 مترا مربعا التي كنت أملكها، ومسجلة باسمي في المحافظة العقارية، تقلصت هذه المساحة ولم تعد تتجاوز 70 مترا مربعا".فشلت كل محاولات أمينة ومحاميها في استرجاع بقية الأرض التي هي في ملكيتها، لتجد نفسها بين عشية وضحاها في الشارع، بلا مأوى ولا معيل، وحدهم أفراد عائلتها من تناوبوا على استقبالها.هجر المغلي