ظهر توجه سياسي جديد في حمأة الجدل والحرب الدائرتين بين الأحزاب السياسية حول موضوع تحديد سقف العتبة، يدعو وزارة الداخلية إلى تخفيض العتبة من 6 % إلى 3، بهدف ضمان تمثيلية واسعة للأحزاب اليسارية واليمينية الموجودة في الساحة.مقابل ذلك، يشترط دعاة هذا التوجه، وضمنهم نواب برلمانيون يستعدون لصياغة مقترح قانون مشترك بحل كل حزب لم يحصل على نسبة العتبة المحددة في 3 %. ويتوخى أصحاب هذا الطرح رفع التحدي، ووضع جميع الأحزاب التي "تناضل" من أجل دفع رئيس الحكومة ووزارة الداخلية إلى تحديد عتبة بنسبة 3 %، سقفا للفوز في الانتخابات التشريعية، أمام اختبار صعب. فمن غير المقبول، يقول قيادي اتحادي، يعد واحدا من المدافعين عن هذا الخيار، ألا يحصل حزب سياسي على عتبة 3 %، ويستمر حيا يرزق في المشهد السياسي، مطالبا بحقه في الاستفادة من الدعم العمومي، ومن المرور في وسائل الإعلام العمومية، رغم أن سباق الاستحقاقات يكشف أن الحزب الذي لا يقدر على تخطي عتبة صغيرة، حزب لا امتدادات جماهيرية له، ولا حضور انتخابيا له، وبالتالي، فإن حله أحسن من استمراره، حتى لا يبقى عالة على المجتمع السياسي، ولا ينتظر أمينه العام سوى مكالمة هاتفية من الديوان الملكي، أو رئاسة الحكومة، أو وزارة الداخلية من أجل الحضور لحفل عشاء، أو تأثيث اجتماع موسع. ومن حسنات هذا المقترح في حال سعت وزارة الداخلية إلى تطبيقه في سياق مساعيها لمعالجة ظاهرة البلقنة الحزبية وعقلنة المشهد السياسي، فإنه سيساعد كثيرا على تكتل الأحزاب الصغيرة التي لا تظهر إلا في المناسبات الانتخابية، ودفعها إلى تشكيل اتحاد حزبي يكون مشكلا من عشرة أحزاب أو أكثر، كما ينص على ذلك قانون الأحزاب. كما ستكون من حسناته حل بعض الأحزاب، واندماجها في أخرى، بدل استمرارها على الورق، فيما وجودها في الساحة يكون منعدما، وذلك ما يظهر من خلال صعوبة اقترابها حتى من باب العتبة التي تكون محددة، ولو كانت نسبتها ضعيفة. وإذا كانت هذه الأصوات قد ارتفعت، مطالبة بحل كل حزب لم يتجاوز نسبة العتبة التي يدافع عنها إدريس لشكر، فإن أصواتا حزبية أخرى، بزعامة القيادي الدستوري حسن عبيابة، ترى أن "وجود العتبة في القانون الانتخابي غير دستوري، من حيث المبدأ، لأن عتبة 6 %، ضد تكافؤ الفرص بين الأحزاب، وأن العتبة نفسها، تقصي نحو مليون صوت. كما أن الحساسيات السياسية التي تمثل التنوع السياسي الذي يكفله الدستور، تبقى خارج المؤسسات رغم أنها تقبل العمل السياسي وتمارس الآليات الديمقراطية عن طريق العملية الانتخابية. أما المؤسسات الحزبية التي تمنعها العتبة من الوجود في المؤسسات، فتتحول إلى حركات احتجاجية في الشارع"، مضيفة أن وجود العتبة لا يعكس التوجه الحقيقي للناخب المغربي، فقد يحصل نائب برلماني على مقعد بـ 4000 صوت في دائرة معينة بأكبر بقية، في حين يخسر مرشح آخر في دائرة أخرى رغم حصوله على 5000 صوت بسبب العتبة.عبد الله الكوزي