تستعد المركزيات النقابية الأربع التي دعت إلى الإضراب العام الوطني، أول أمس (الأربعاء)، لنقل معركتها ضد الحكومة، في مواجهة ثانية، إلى البرلمان، وبالضبط بالغرفة الثانية، من خلال مواجهة مشاريع إصلاح أنظمة التقاعد، التي أحالتها الحكومة، في وقت سابق، على البرلمان.وأكد الميلودي المخارق، الأمين العام الاتحاد المغربي للشغل، في تصريحات صحافية لوكالة الأنباء "رويترز"، أن النقابات "تواجه حكومة متعنتة لا تؤمن بالحوار...بل بتدمير القوة الشرائية للناس"، متوقعا أن يرفض البرلمان مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد، والذي، تم تأجيل مناقشته ثلاث مرات"، ليجزم بأنه لن ينال الموافقة".ويأتي تصعيد النقابات لهجتها، في مواجهة الحكومة، بعد خوض الإضراب الوطني العام، أول أمس (الأربعاء)، والذي تميز بنجاح كبير، فاقت نسبته، حسب المركزيات النقابية الأربع، التي دعت إليه، 85 في المائة.وعوض أن تستخلص الحكومة الدرس من نجاح الإضراب، وتعجل بالدعوة إلى مائدة الحوار الاجتماعي، لإعادة مناقشة ملف التقاعد، وفق مقاربة تشاركية مع كل الفرقاء الاجتماعيين من مركزيات نقابية وأرباب عمل، تواصل تعنتها وهروبها إلى الأمام، معلنة إصرارها على تمرير المشاريع التي أعلنتها من جانب واحد، في تحد للجميع، رغم المذكرات والتوصيات والمقترحات التي تعبأت مختلف النقابات لتقديمها تراعي مصالح الموظفين والمستخدمين والأجراء، وتضمن ديمومة الصناديق، لضمان صرف معاشات المتقاعدين. وتسيطر النقابات على 20 من مقاعد الغرفة الثانية، البالغ عددها 120 مقعدا، ويقول خبراء إن أحزابا أخرى بالمعارضة يمكن أن تنضم إليها في رفض مشاريع الحكومة.وفي تصريح لـ "الصباح"، أوضح محمد دعيدعة، المستشار البرلماني باسم مجموعة العمل التقدمي، أن المشاريع الحكومية تهم ملفا ذا بعد مجتمعي، ما يتطلب معه حصول توافق حولها، قبل عرضها للنقاش، كما تتطلب تفاوضات يحصل فيها الإقناع والاقتناع، بين الحكومة وممثلي المركزيات النقابية، حتى يمكن أن تصبح مقبولة من قبل الجميع، بما يسمح بالوصول إلى النتائج المرجوة من الإصلاح.وأوضح دعيدعة أن التوصل إلى التوافق، يتطلب اليوم من رئيس الحكومة التنازل عن تعنته، بخصــوص الحــوار حــول هـــذا الملف، مشيرا إلى أن المشروع المعروض اليـــوم يستحق الرفض، لأنه في صيغته الحالية يحمل الأجير لوحده كلفة الإصلاح، في الوقت الذي تطالب المركزيات النقابية بضرورة تحمل الحكومة نصيبها في الإصلاح.وأكد المستشار البرلماني أن التوصل إلى توافق حول المشروع، يتطلب أيضا توسيع جبهة المعارضين، من خلال التحالف مع مستشاري أحزاب المعارضة بالغرفة الثانية التي تشاطر النقابات رؤيتها.ويتوقع دعيدعة أن تعرف الغرفة الثانية مواجهة شرسة من خلال المرافعات النقابات المطالبة بإصلاح شمولي لأنظمة التقاعد برمتها، وليس إصلاحا تجزيئيا يسعى فقط إلى توازنات مالية، على حساب الحقوق المكتسبة للطبقة العاملة، لأن الإصلاح، وفق المنظور الحكومي، لن يحل الأزمة إلا لست أو سبع سنوات في أقصى تقدير.وأوضح المستشار البرلماني بأن الإصلاح المطلوب يجب أن يشمل جميع الصناديق، وليس فقط الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يتهدده الإفلاس سنة2021، فيما سيواجه صندوق الضمان الاجتماعي المشكل سنة 2025، ونظام منح الرواتب في 2030، وهو الأمر الذي يستدعي، يقول دعيدعة، التفكير من الآن في نظام للحماية الاجتماعية للمأجورين ومختلف السكان النشيطين البالغ عددهم 13 مليون شخص، المعنيين بنظام الحماية الذي يبقى الأدنى في المغرب مقارنة مع البلدان العربية المجاورة.برحو بوزياني