التـدخل الأمنـي وارد

القوات العمومية مستعدة لتفريق الجموع في أي وقت تحت مسمى حفظ النظام لم تقف عناصر القوة العمومية مكتوفة الأيدي، أمام حشود المحتجين، في مختلف المدن، حتى بعد دستور 2011، وجاءت بعض التدخلات موسومة بالعنف، تحت مبررات تفكيك تجمهرات غير مرخص لها، رغم أنها سلمية ومنظمة، إذ في كل مرة تعزو السلطات المختصة الآمرة بالتدخل الأمني، الأسباب إلى ما تراه ملزما لاستعمال القوة والردع، وإن انتهى الأمر بإصابات في صفوف المحتجين، أو حاد التدخل الأمني عن حدود تفكيك التجمهر وتفريق المحتجين، على تعنيفهم بأساليب يمنعها القانون وتنبذها اتفاقيات حقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب.وباتت التدخلات الأمنية لازمة لكل الاحتجاجات، تبدأ بالتنبيه والتحذير، قبل أن تتطور إلى المطاردة والعنف، وهي الصورة التي لم تنحصر فقط في التدخلات التي واكبت احتجاجات 20 فبراير، بل استمرت حتى مطلع العام الجاري حين تم التدخل ضد الأساتذة المتدربين، وما رافق ذلك من إصابات في صفوفهم، وتنديد للرأي العام بما وصف بالعنف والشطط المستعمل ضد هذه الفئة من المطالبين بإلغاء المرسومين الشهيرين.ويبدو ظاهريا، أن القوات العمومية المختلفة، مستعدة في أي وقت للتدخل، حسب التعليمات والأوامر التي تتلقاها، رغم خطابات تخرج إلى العلن بين الحين والآخر، تنبه إلى احترام حقوق الإنسان وتدعو إلى ملاحقة المتسببين في الشطط الذي ينتهي بإصابات في صفوف المحتجين.وإن كان القانون ينص على ضرورة الحصول على ترخيص لتنظيم الوقفات الاحتجاجية، يسلم من طرف السلطات المختصة التابعة للداخلية، وفق شكليات وإجراءات دقيقة، يجري فيها تحديد المكان والزمان، وأسماء المنظمين وغيرها، فإنه واقعيا، تثار الاحتجاجات بعيدا عن القانون، وفي أحيان أخرى تمتنع السلطات المختصة عن تسليم وصل بالترخيص، ما يترك الباب مفتوحا لكل الاحتمالات، تحت ذرائع الخوف على النظام العام، أو الفوضى، أو إلحاق خسائر بالملك العام والخاص، أو حتى عرقلة السير...وعموما يبقى التدخل الأمني واردا في كل الحالات سواء بالنسبة إلى الاحتجاجات المرخصة، أو غير المرخصة.وبرزت منذ تفعيل تجريم التعذيب ومتابعة المسؤولين عن التعنيف، إجراءات جديدة، ينهجها المحتجون كما رجال القوات العمومية، وطفت هذه الإجراءات على السطح بقوة في الاحتجاجات التي وازت الحراك المغربي، إذ أن توجه المصابين إلى المستشفيات، للحصول على شهادات طبية تكون دليلا وحجة على ما تعرضوا له من عنف، يقابله في الآن نفسه توجيه عناصر القوات العمومية، من رجال القوات المساعدة، أو التدخل السريع، أو الشرطة، إلى المستشفيات نفسها، للحصول على شهادات طبية توضح ما تعرضوا له أثناء أدائهم واجبهم المهني من جهة، وتعلل استعمال العنف، بما واجهته القوات العمومية من تعنيف للمحتجين سواء بالرشق بالحجارة، أو بغيره من الوسائل من جهة أخرى.ووضع التدخل الأمني سالف الذكر الحكومة في موقف حرج، لدرجة أن وزراء من بينهم وزير العدل والحريات، أعلن جهله بذلك، أكثر من هذا، تقاذف الوزراء المسؤوليات ورموا بها على الداخلية، قبل أن يحسم حصاد الأمر عندما أعلن في جلسة 12 يناير الماضي، وهو يرد على أسئلة البرلمانيين التي نددت بالتدخلات الأمنية، أنها تطبيق للقانون، وباتفاق مع رئيس الحكومة، وأنه تم اتخاذ منع مسيرات الأساتذة المتدربين غير المرخصة. وعزا ذلك إلى أن الأساتذة المتدربين كانوا ينوون التوجه للمدارس من أجل تحريض التلاميذ والأساتذة للتضامن معهم، وأنهم يخططون في إطار التصعيد إلى تنظيم مسيرات في عدد كبير من الأقاليم.خلاصة القول إن القوات العمومية، مستعدة للتدخل في أي وقت، تحت مسميات استتباب الأمن وحفظ النظام وفك العرقلة وغيرها، وأن عدم الاستجابة إلى الدعوات التي تطلقها قبل التدخل، يرخص لها بفض التجمعات والتجمهرات بأي وسيلة تراها مناسبة.المصطفى صفر

التـدخل الأمنـي وارد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

63 % من المغربيات تعرضن للعنف

هل كانت "مؤامرة" أمريكية؟

مقالات ذات صلة