أندية البيضاء … التاريخ المنسي

المدينة عاشت مجدا كرويا مع «الياسام» و«اليوسا» و«روش نوار» عاشت البيضاء مجدا كرويا قبل الاستقلال بواسطة أندية تمكنت من صنع اسم لها ليس فقط في سماء المغرب بل في شمال إفريقيا، كأندية الصخور السوداء والاتحاد المغربي «الياسام». وتكفي الإشارة فقط إلى أن نادي «الياسام» سبق له الفوز ب 15 لقبا للبطولة المحلية وخمسة ألقاب لكأس شمال إفريقيا، في الوقت الذي صنع فيه الصخور السوداء أسماء لامعة تمكنت في فترة الأربعينات والخمسينات من التألق في سماء البطولة الاسبانية والفرنسية والإيطالية. بعد الاستقلال غابت تلك الأندية تاركة المجال مفتوحا أمام الوداد والرجاء ليحلقا في سماء التألق الداخلي والخارجي. الصخور السوداء... "نوار إي بلان" تأسس النادي في 1920 بحي الصخور السوداء بالبيضاء، وكان معروفا لدى محبيه ب «نوار إي بلان» في إشارة إلى تميز قمصانه باللونين الأبيض والأسود. نافس الفريق طيلة عقود في القسم الوطني الأول إلى أن طالته أيادي الإهمال ليسقط إلى القسم الثاني موسم 1956/1957 ويغدو بعدها الفريق مجرد ذكرى. مر بالنادي جيل من كبار اللاعبين مثل إيلينيو هيريرا الذي مر بجميع فئات النادي، قبل أن يرحل إلى فرنسا ليحقق كأس فرنسا رفقة ريد ستار والملعب الفرنسي وإكسيلسيور، ويتحول بعدها إلى التدريب، إذ يعتبره البعض من بين أفضل المدربين على مر التاريخ خصوصا أنه حاز على لقب الدوري الاسباني مرتين رفقة إفسي برشلونة وأتلتيكو مدريد، كما درب أنتير ميلانو الإيطالي وفاز معه بلقب البطولة ثلاث مرات كما فاز بكأس ملك إسبانيا مرتين رفقة برشلونة وكأس إيطاليا مرة رفقة نادي روما ، وكأس أوربا للأندية البطلة وكأس القارات مع أنتير ميلانو لمناسبتين وكأس الاتحاد الأوربي مع البارصا. ولعب هيريرا رفقة الصخور السوداء لأربعة مواسم قبل أن يقرر الرحيل إلى أوربا في 1933. "الياسام"... الوحش لقب الاتحاد الرياضي المغربي «الياسام» بوحش الأندية لعدة أسباب أهمها أنه كان يلتهم الأندية بحصص كبيرة ولسيطرته الكبيرة على البطولة المحلية التي كانت تنظم تحت لواء العصبة الفرنسية لكرة القدم، إذ فاز بها 15 مرة إضافة إلى فوزه بخمسة ألقاب لكأس شمال إفريقيا، إذ كان الحصان الأسود للأندية الجزائرية خصوصا المولودية والاتحاد. تقول الموسوعة العالمية وبعض الصحف الصادرة في سنوات الحماية خاصة «لا فيجي» و»لوبوتي ماروكان» إن النادي تأسس يوم 13 أبريل 1913، ولقب سنة 1950 بسيد الأندية المغربية، لما حققه من ألقاب. مر بالنادي أكثر اللاعبين شهرة ليس فقط بالمغرب، بل في العالم كجوست فونتين، هداف نهائيات كأس العالم وعبد الرحمان بلمحجوب، أمير حديقة الأمراء والعربي بن امبارك الجوهرة السوداء وماريو زاتيللي، المدرب السابق لأندية أولمبيك مارسيليا ونانسي وعدد من الأندية الفرنسية. ومباشرة بعد الاستقلال انسحب أغلب مسيري الفريق باعتبارهم فرنسيين، ليتم حل النادي والتحاق أغلب لاعبيه بالوداد الرياضي. "اليوسا"... النادي العالمي يعتبر المؤرخون «الاتحاد الرياضي أتليتيك» أو «اليوسا»، ناديا عالميا لأنه كان يضم لاعبين من جنسيات مختلفة جمعهم حب الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص، تمكن خلال فترة العشرينات من السيطرة على البطولة المحلية إذ فاز بها خلال 1927 و1929 كما تمكن من تحقيق الوصافة لأكثر من عشر مرات. في 1948 تمكن الفريق من الوصول إلى المباراة النهائية لبطولة شمال إفريقيا بعد أن سحق في طريقه الكثير من الأندية التونسية والجزائرية. يتذكر عدد من محبي الكرة بالبيضاء بكل فخر المباراة التي فاز بها «اليوسا» على «الياسام» نهاية 1947 ب 13 هدفا مقابل ثلاثة، كما يتذكرون جيدا حارس مرمى الفريق إدريس الطيراري ابن المحمدية والتألق الكبير لسمحمد بلمحجوب شقيق عبد الرحمان بلمحجوب ومصطفى البطاش. الأولمبيك البيضاوي... المفخرة تأسس النادي في 1904 تحت اسم جمعية الحليب البيضاوية قبل أن يتحول إلى الأولمبيك الرياضي البيضاوي وبعدها الاندماج مع الرجاء الرياضي. واعتبر النادي خلال فترة الحماية نموذجا يحتذى به خصوصا أنه كان يتكون من عدة فروع كانت تحقق نتائج باهرة ضد الأندية الفرنسية. ويأتي تأسيس النادي حين قررت مجموعة من الفرنسيين القاطنين بالبيضاء تأسيس ناد ترفيهي، بينهم عاملون بشركة الحليب. بعد الاستقلال بقي النادي تحت وصاية شركة الحليب وانخرط في أقسام كرة القدم المحلية، ولعب مباراة سد للصعود للقسم الثاني أمام فريق شركة كروش للمشروبات الغازية وانهزم خلالها في 1979 لكن الحظ جانبها بعد انسحاب شركة كروش للمشروبات الغازية وتم شراء أسهمها وبدأ الفريق بانتداب أكبر اللاعبين. توج الفريق بالعديد من الألقاب ككأس العرش في 1983 و1992 أمام الرجاء و1990 امام الجيش الملكي, وفي 1986 تم الصعود للقسم الأول، إضافة إلى ثلاثة ألقاب عربية متتالية وبطولة المغرب في 1994. "إيديال" نادي مارسيل سيردان تأسس النادي بداية عشرينات القرن الماضي على يد عدد من الفرنسيين القاطنين بحي بنجدية بالبيضاء، استطاع خلال السنوات الأولى أن يضمن له مكانا ضمن الكبار وتمكن من أن يكون ندا حقيقيا لناديي «الياسام» و»اليوسا» لكنه بعد مرور السنوات تحـول إلى ناد دون انجازات تذكر. لعب للنادي الكثير من الأسماء الكبار كالعربي بن مبارك «الجوهرة السوداء» وكريمو. قبل سنوات من الاستقلال تحول مقر النادي من بنجدية إلى بوركون قبل أن تطمس معالم النادي ويتحول إلى ملعب يحمل الاسم تتكلف به وزارة الشباب والرياضة. لكن ما يثير في تاريخ النادي هي الفترة التي لعب له أسطورة الملاكمة المغربية/الفرنسية مارسيل سيردان. الجمارك... أصله "الراك" أصل النادي هو نادي الراسينغ الرياضي البيضاوي، الذي مازال يمارس إلى الآن في القسم الثاني، وتأسس في 1917. ورغم عراقة النادي إلا أنه ومنذ نشأته لم يتمكن من اكتساب قاعدة جماهيرية كبيرة، لأن جماهير كرة القدم في البيضاء كانت ترى في النادي دائما فريقا للطبقة الفرنسية في المدينة وفضلت تشجيع فرق بيضاوية أخرى. فاز النادي قبل استقلال المغرب بالبطولة التي كانت تنظَّم من قبل الجامعة الفرنسية لكرة القدم مرتين في 1945 و1954. وغير اسمه أوائل السبعينات وأصبح يعرف بجمعية الجمارك المغربية وأصبح فريق مؤسسة وطنية ممولا بالكامل من قبل إدارة الجمارك، ومن نتائج ذلك فوزه ببطولة الدوري في 1972. غير النادي اسمه ثانية في الثمانينات ليصبح نادي النهضة البيضاوية قبل أن يعود إلى اسمه الأصلي أواخر التسعينات. "الكوك" نادي "البرطقيز" عرفت السنوات الأولى من القرن العشرين احتلالا تدريجيا للمغرب من قبل فرنسا وإسبانيا، من بين نتائج ذلك هجرة بعض الأوربيين إلى المغرب وبدء تعمير العديد من المدن والقرى حيث قاموا بإنشاء أحياء جديدة في كل هذه المدن مجهزة بكل المراكز كمقر للشرطة والبريد، ومن بين المراكز التي حرص المعمرون الأوربيون على إنشائها أندية رياضية ترفيهية. وقد كانت هذه الأندية حكرا على العنصر الأوربي، حيث إن هذه الفئة فقط هي التي كان يسمح لها بإنشاء الأندية والانضمام إليها، أما المغاربة فقد كانوا ممنوعين من تأسيس أي جمعية أو ناد ولو في طابع رياضي خوفا من أن يتحول هذا النادي إلى تجمــع بعـــض المقاوميــن للاحتــلال الأوربي. وقد كان الانضمام أيضا لهذه النوادي كذلك أمرا صعبا بالنسبة إلى المغاربة مع بعض الاستثناءات القليلة، كما أنه كان لكل جالية فريق لكرة القدم فبالإضافة إلى سيطرة الفرنسيين على عدد من الأندية اختار البرتغاليون أو «البرطقيز» كما كان يطلق عليهم المغاربة تأسيس نادي الأولمبيك بوسط المدينة «مقر الشركة المغربية للملاحة كوماناف». لم يحقق النادي أي شيء يذكر إذ ظل في الظل بلاعبين لم يصلوا إلى شهرة لاعبي «الياسام» و»اليوسا». إعداد: أحمد نعيم سرقة التاريخ وجه لاعبون بنادي الاتحاد الرياضي المغربي «الياسام» بالبيضاء، أخيرا، رسائل إلى مسؤولين يلتمسون فتح تحقيق حول ما أسموه «سرقة ممتلكات النادي». وكشف اللاعبون، في رسائلهم، الأوضاع المزرية للنادي (قبل هدمه) رغم عراقته، إذ تأسس منذ بداية القرن الماضي، وكان يتوفر على سبعة أنواع رياضية، بل اعتبر مقر النادي بزنقة «محمد سميحة» بمقاطعة سيدي بليوط بمثابة متحف يضم جميع الجوائز التي فاز بها اللاعبون، منذ الفترة الاستعمارية، إضافة إلى ميداليات وكؤوس وشهادات تؤرخ لإنجازات النادي. وحسب بعض اللاعبين السابقين في النادي فإن الاتهامات الأخيرة بمثابة دق المسمار الأخير في نعش النادي العريق الذي «كان يحصد الأخضر و اليابس في كل الأنواع الرياضية خلال فترة الحماية الفرنسية على المغرب، بل كان ينثر إبداعاته بملعب فيليب (ملعب العربي بنمبارك حاليا)، ولعب له عدة لاعبين من طراز عالمي، مثل العربي بنمبارك، الجوهرة السوداء، وهداف كل من نادي مارسيليا وأتلتيكو مدريد في ما بعد، وكذلك أبرز هداف في تاريخ المونديال جيست فونتين، إضافة إلى عبد الرحمن بلمحجوب، الذي لعب لكبريات الأندية الفرنسية، وماريو زاتيلي هداف مارسيليا . وجعلت تركيبة اللاعبين المميزين النادي الأكثر تتويجا ليس فقط في المغرب، بل كذلك على مستوى المغرب العربي بحصده 5 ألقاب لكأس شمال إفريقيا، و16 لقب بطولة مغربية في نسختها القديمة التي كانت تنظم من قبل سلطات الحماية تحت إمرة الاتحاد الفرنسي لكرة القدم .

أندية البيضاء … التاريخ المنسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قاض سابق: كيف يمكن للمفسد أن يصلح

الشعـور بالسعـادة مجـهود ومسـار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات