المهدي…الداهية “الصغير”

يعتبر أصغر موقع على وثيقة المطالبة بالاستقلال، وكان ضمن الوفد الذي استقلبه المغفور له محمد الخامس بالقصر الملكي بالرباط، لتسليمه نص الوثيقة بالقصر ومطالب الحركة الوطنية، وأساسا حزب الاستقلال، إذ كان المهدي أحد قادته ومنظريه «الكبار»، رغم أن سنه لم يتجاوز 24 سنة.كان وجوده أساسيا في لحظة تاريخية مغربية فارقة، تحفها إشراقات الشباب المتحمس الذي كان يمثله جيل المهدي بنبركة بكل عنفوانه وذكائه الثاقب ودهائه السياسي الذي أثار إليه الانتباه، وهو الدهاء نفسه الذي سرع بمصير مجهول بوسط باريس نهاية أكتوبر 1965 لم يكشف عنه إلى حد الآن.استطاع "الرباطي" من مواليد 1920 أن يجد لاسمه موقعا إلى جانب العلماء والوجهاء المتمركزين في فاس، وهي الإشراقة التي يعلق عليها نجله البشير بنبركة، بالقول " بعد عودته من الجزائر في 1942، بدأ المهدي يتحلق حوله الشباب الوطني ذوو التكوين العصري، وبدأ ينظم الندوات، وبالتالي فقد كان توقيعه على العريضة تتويجا لهذا العمل واعترافا به".بعد تقديم العريضة، تكلف بنبركة المهدي بتقديمها إلى السفير الأمريكي بالرباط، كما قدمها إلى السفير الإنجليزي. ووقع الاتفاق بين الإنجليز والأمريكيين والفرنسيين، حسب البشير بنبركة، على ألا يقدموا أي سند لهذه الحركة المطالبة بالاستقلال، وكان رد فعل الفرنسيين هو اعتقال مسؤولي حزب الاستقلال، نجا المهدي منها بأعجوبة أول الأمر.أجج تقديم عريضة مطالب الاستقلال من حملات القمع والمظاهرات والاحتجاجات التي عمت مدن وقرى المغرب، وشنت سلطات الحماية موجة ثانية من الاعتقالات في صفوف الوطنيين، سقط فيها بنبركة التي اعتقل في 20 يناير 1944 من أمام باب ثانوية "غودو".كلف هذا الموقف الوطني المهدي أشهرا من السجن، إذ غادر وسط استقبال شعبي عارم نظمه على شرفه حزب الاستقلال، محتفيا بولادة نجم سياسي كبير، قبل أن يكلفه بمهام حزبية جسيمة أزعجت الإقامة الفرنسية التي قررت نفيه إلى جنوب الصحراء، وقطع أي صلة له بقيادات الحركة الوطنية. ولم يطلق سراحه، إلا في 1954، أي بعد سنتين من نفي الملك محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا.واصل المهدي نضاله بعد الحصول على الاستقلال، منضما إلى حركات التحرر العالمية التي بدأت تزعج الأنظمة السياسية التي خلفت الاستعمار. وتطلب ذلك تغييرا جذريا في إستراتيجية النضال من مجابهة الاحتلال المباشر إلى مواجهة الإمبريالية في جميع مواقعها وامتداداتها، وهو "عش الدبابير" الذي دخل إليها، قبل نصف قرن، ولم يخرج إلى اليوم.يوسف الساكت

المهدي…الداهية “الصغير”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف بارون مخدرات بالبيضاء

منزل مكوار ... ذاكرة مهددة بالانهيار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات