يعتبر الباحث محمد مرجان أن ظاهرة الارتماء على بعض المهام القيادية، أو حتى التوجيهية بدون سند يعتمد الكفاءة والخبرة والمراس الطويل، هو من بين السلوكات الشائعة للفئة المعروفة بانتهازيتها واستغلالها لما يعرف "بالكراسي الفارغة"، والرغبة العارمة للجمهور العريض في الحصول على البطل المخلص، أو المنتصر في كل المواجهات.ويرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن هذا المعطى لا يعني أن هذه الفئة لا تملك أي مقومات تمكنها من الحصول على هذه المهام، مشيرا إلى أن ما يميزها بشكل أساسي هو ما يعرف بالذكاء الاجتماعي الذي يدفعها لتصدر المواقع والمسؤوليات مستغلة من أجل ذلك كل الوسائل المتاحة. ويحدد مرجان أسباب الظاهرة في وضعين، أولهما غياب الأطر الحقيقية الموفقة بين كفاءتها وتكوينها ووظائفها، وثانيها غياب المفهوم الحقيقي للخبير الذي يعتبر الآن في الأدبيات التنظيمية من الفاعلين الأساسيين.ويميز صاحب كتاب "مقاربة سوسيولوجية لآليات التغيير الاجتماعي بشمال المغرب" بين الرئاسة والقيادة، مؤكدا أن جل الذين يسعون للحصول على قيادة المجموعات الرسمية، أو غير الرسمية، سواء كان في إطار فني، أو رياضي، أو حتى سياسي في بعض الحالات، لا يسعون للقيادة وإنما للرئاسة، وذلك لأن القيادة هي شكل من السيطرة التي تعتمد على الشخصية وعلى تقبل الجماعة، أو على دراية خاصة ببعض المواقف المعينة، وهي بطبيعتها غير رسمية أساسا وترتبط بحاجات الجماعة في وقت معين، أو في مكان معين. أما الرئاسة فتشير، حسب الباحث نفسه، إلى السلطة أو القوة الرسمية المستمدة من المنصب والمفروضة على الأعضاء من الخارج، وبالتالي على الأعضاء أن يمتثلوا لها خوفا أو تملقا طمعا في مكاسب مادية، أو معنوية، الأمر الذي يزيد من سطوة صاحبها، وأكثر من ذلك تشبثه الأعمى وضدا على كل الرغبات المعارضة له بالاستمرار في هذه الرئاسة.ويرى مرجان أن ذلك يساهم في خلق أشخاص يرتمون على مناصب ومسؤوليات ووظائف دون أن يتوفروا على الخصائص والسمات والكفاءات اللازمة. بما يعني في اللغة السوسيولوجية انفراط العقد بين الدور والشخصية مع افتقاد واضح لدور المؤسسات والعمل المؤسسي في اختيار، وانتقاء الأشخاص الجديرين بتحمل هذه المسؤولية، أو تلك.عزيز المجدوب