شهد المجال السياسي المغربي فصولا من الصراعات الداخلية في صفوف أعضاء الحكومة، وبينها وبين باقي المؤسسات الدستورية، حول الصلاحيات، وكيفية تدبير القطاعات التي يتعدد متدخلوها، ويستشار فيها أكثر من شخص.ويلهمنا التاريخ القريب بأحداث ووقائع تاريخية دالة، إذ دخل عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول الأسبق في نزاع مع الملك الراحل الحسن الثاني، حول كيفية تصريف مداخيل الخوصصة، إذ فرض مستشارو الملك على اليوسفي وضع 50 في المائة من المداخيل في صندوق الحسن الثاني للتنمية لإنجاز المشاريع الكبرى تحت رعاية الملك، بدلا من رفع أجور رجال ونساء التعليم، الذين كانوا يعدون القاعدة الانتخابية لحزب الاتحاد الاشتراكي، لكن اليوسفي نفى سعيه إلى رفع أجور هيأة التدريس بكل أسلاكه، لضمان التصويت عليه في انتخابات 2002، ولكنه أراد تخصيص مداخيل الخوصصة لتمويل المشاريع الإنمائية الموجودة في رفوف كل القطاعات الوزارية.وعاشت حكومة عباس الفاسي في 2007 بدورها صراعا مع مؤسسة القصر حول من سيدبر وكالات التنمية، بل أجبر الوزير الأول من قبل مستشاري الملك على تغيير مراسيم صدرت في الجريدة الرسمية، كي لا يفرض أعضاء حزبه لتحمل المسؤوليات، كما حصل في بعض المؤسسات الدستورية، من صناديق العمل، إلى وكالة التشغيل، مرورا بإدارة رئاسة الحكومة، ومجلسي البرلمان. وفي نهاية ولاية حكومته دخل الفاسي في صراع مع صلاح الدين مزوار، وزيره في الاقتصاد والمالية، حول بند في آخر مشروع لقانون المالية ل 2011 الذي رفض فيه التجمع الوطني للأحرار وضع ضريبة تضامنية على الشركات والبرلمانيين والوزراء، لإطلاق مبادرة التماسك الاجتماعي عبر بوابة برنامج "تيسيير" المدرسي، وتعميم التغطية الصحية، وصلت إلى حد سحب مشروع القانون المودع لدى مجلسي البرلمان، بيومين قبل انتهاء الأجل الدستوري، بل دخل الفاسي ومزوار في شنآن وتبادل الاتهامات بالفساد المالي. ويعيد التاريخ نفسه على عهد حكومة عبد الإله بنكيران، في آخر سنة من انتهاء ولايتها، حينما اشتد الصراع أخيرا بين رئيسها ووزيره في الفلاحة عزيز أخنوش، رغم العلاقة المتينة، التي كانت بينهما، إذ اضطر بنكيران أثناء تشكيل حكومته في 2012 إلى دفع أخنوش لتقديم استقالته من حزب التجمع الوطني للأحرار، وتولي منصبه في الفلاحة، وزيرا مستقلا.أ.أ