خبت "أصوات" المثليين في المغرب، بعد الضربات الموجهة التي تعرضوا لها خلال ثلاثة أشهر الأخيرة، بدءا بالتحريض العلني ضدهم وتنظيم وقفات أمام منازل بعضهم للمطالبة بالقصاص، أو الحكم بالحبس على بعضهم بتهمة "الشذوذ الجنسي" و"الإخلال العلني بالحياء"، وبلغت أوجها بحادث الاعتداء الهمجي على شاب في فاس، أصدر "مواطنون" حكما سريعا على مظهره ولباسه وحركاته ونفذوه بقوة "الحديد والنار"، خارج الدولة والقانون والمؤسسات.إنه أحد أوجه الانفلات الذي يصاحب اليوم النقاش الوطني حول الحريات الفردية وممارستها في المغرب. وتعد المثلية الجنسية في عمق هذا التداول المجتمعي، بين فئة ترى في جميع المظاهر الجنسية المصنفة "شاذة" جريمة يعاقب عليها القانون (وليس المجتمع)، وبين فئة أخرى تناهض التمييز المبني على الــــجنسانية والنوع الاجتماعي.وتعترف الدولة، في شخص وزير العدل والحريات، بوجود هذه الفئات داخل المجتمع، كما تعتبر الاعتداء عليهم والمس بسلامتهم الجسدية جريمة متكاملة الأركان، لكن في الوقت نفسه ترفض التخلي عن الفصل 498 المنصوص عليه في القانون الجنائي والحكم بالحبس والغرامة على كل شخص يمارس البغاء وساعد عليه، وهو الفصل الذي تكرر في مسودة المشروع الحالي للقانون نفسه من خلال المادة 489 التي تجرم العلاقات الجنسية بين الجنس نفسه.المدافعون عن المثلية الجنسية يقولون إن هذه الفئة تتعرض للظلم من قبل المجتمع الذي تجاوز تغيير المنكر باللسان والقلب إلى تغييره باليد، ثم من قبل الفصول القانونية نفسها، ما يتعارض، حسبهم، "مع كرامة الإنسان وحقوقه والتزامات المغرب دوليا في مجال حقوق الإنسان ويعزز التمييز والاضطهاد المجتمعي ضد المثليين والمثليات بسبب ميولهم الجنسي. ويخرق قداسة البيت والحياة الخاصة للمواطنين عندما يتعلق الأمر باعتقالهم من مكان إقامتهم".في الطرف الآخر، يرفض المعارضون، وأغلبهم من حساسيات محافظة، اعتبار المثلية الجنسية جزءا من الحريات الفردية. فهم لا يقبلون أن يكون الشخص في صورة رجل ويمارس ممارسات جنسية لا تتلاءم مع ظاهره والعكس صحيح، كما يرفضون تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء وارتداء ملابس مختلفة والتباهي بمظاهر شاذة عن قواعد الأخلاق والطبيعة. مثل هذا النقاش لم يحسم ولن يحسم في المنظور القريب، ويعتقد وزير العدل والحريات أن الأمر يهم فئة محدودة في المجتمع، وبعض الأشخاص من الجنسين الذين يعانون مشاكل في الهرمونات وعليهم إجراء عمليات.ي.س