تحديث إدارة المحاكم مدخل للإصلاح

إحداث منصب الكاتب العام بمحاكم المملكة على غرار المجلس الأعلى مهمته التدبير الإداري إذا كانت الاختصاصات القضائية لرؤساء المحاكم محددة بمقتضى القانون فان الاختصاصات الإدارية التي تم التعبير عنها بحسن تدبير إدارة المحكمة، مصطلح عام يعني كل ما يتعلق بالتسيير الإداري، إلا أن الاختصاص الإداري لرؤساء المحاكم لربما يغلب على الاختصاص القضائي ويأخذ من رؤساء المحاكم جهدا ووقتا كبيرين يؤثران على الاختصاصات القضائية التي هي العمل الأساسي للمحاكم. إن التداخل بين الاختصاصين من بين الأسباب التي تؤثر على السير العادي لها وتؤدي حتما إلى البطء في الإنتاج، وبذلك ينبغي الفصل بين الاختصاصين عن طريق إحداث جهاز إداري، تحت إشراف رئيس المحكمة يختص بالتدبير الإداري للمحكمة ليترك المجال للرئيس ليتفرغ لتدبير العمل القضائي، ومنها على الخصوص تتبع أعمال القضاة وتوجيههم للقيام بمهامهم القضائية في أحسن الظروف وذلك بمساعدتهم على الفهم الصحيح للنصوص القانونية وتفسيرها التفسير السليم قصد توحيد العمل والاجتهاد القضائيين حتى لا يصدر عن المحكمة نفسها أحكام متناقضة في وقائع ونوازل متشابهة، وهذا لا يعني التدخل في استقلالية القاضي بأي شكل من الأشكال وإنما المقصود به السعي بكل ما من شأنه لرفع أدائه القضائي قصد البت في القضايا على وجه صحيح يكفل تحقيق العدالة فيها .وليتفرغ رئيس المحكمة للقيام بهذا الدور يقتضى إيجاد مسؤول إداري بجانبه وتحت إشرافه يقوم بالسهر على التدبير الإداري للمحكمة، خصوصا أن القاضي الذي يتم اختياره لمسؤولية الرئاسة لا تكون له عادة دراية وتجربة كافتان للتدبير الإداري .إن تداخل الاختصاصين القضائي والإداري هو الذي أوحى، على ما يبدو، للمجلس الأعلى، بإحداث منصب الكاتب العام، وهو مسؤول إداري عهد بها لأحد مستشاري المجلس قصد السهر على جزء من التدبير الإداري وهو تحديث الإدارة الالكترونية وكل ما يتعلق بها، فعمله يبقى إداريا محضا ولا علاقة له بالعمل القضائي .فعلى غرار هذه التجربة ينبغي إحداث مثل هذا المنصب بجميع المحاكم إما تحت التسمية نفسها أو أي تسمية أخرى يعهد به لموظف سام، أو لأحد قضاة المحكمة نفسها، تحدد مهامه في الإشراف على الشؤون الإدارية بها، وقد كانت المحاكم تعرف سابقا قسم التدبير الإداري إلا أن مثل هذا القسم لم يعد له وجود دون تحديد أسباب زواله وتاريخها .إن كتابة الضبط بدورها تتداخل فيها مهام كاتب الضبط الذي هو عضو من مكونات الهيئة القضائية التي لا يمكن لها أن تعقد جلساتها بدونه، فهو يضبط سير الجلسات ويسهر على تنفيذ الأوامر الصادرة من القاضي المكلف أو المقرر حسب الأحوال... ، كفتح الملفات وتزويد المتقاضين بكل المعلومات والإجراءات التي تمت فيها، وغيرهـا مـن الأعمال الإدارية المحضة، فمصطلح كتابة الضبط يشمل كاتب الضبط بالمفهوم السابق والموظف الإداري الذي يقوم بالأعمال الإدارية المحضة التي تخرج عن مهام كاتب الضبط، وهذا التداخل في التسمية يخلق بدوره التباسا ومتاعب يصعب في بعض الأحيان حلها عندما يرفض بعض الموظفين بكتابة الضبط القيام بالأعمال الإدارية بعلة أن منصبهم الإداري لا يسمح لهم، وان عملهم ينحصر في كتابة الضبط بالمفهوم القضائي كما أسلفنا، وبذلك يجدر التفريق بين التسميتين عند التعيين بين مهمة كاتب الضبط ، والكاتب الإداري، أو كاتب الإجراءات، فالعبرة ليست للسلم الإداري الذي يتم تعيينه فيه، وإنما العبرة بالعمل الذي سيقوم به في المحكمة أما كاتبا للضبط أو كاتبا إداريا أو كاتب إجراءات، مع الأخذ بعين الاعتبار هذا التفريق في النظام الأساسي لموظفي كتابة الضبط المحال حاليا على غرفتي البرلمان .بالإضافة إلى إحداث منصب الكاتب العام أو المسؤول الإداري، الذي ستكون مهامه التدبير الإداري، ينبغي إشراك قضاة المحكمة في التدبير حتى لا يبقوا بعيدين عن الشؤون الإدارية للمحكمة وما يجري بها، خصوصا، أن بعضهم لا يتردد على المحكمة إلا في اليوم الذي تعقد فيهالجلسة او يساهم فيها .وليتم إشراك جميع القضاة في التدبير العام للمحكمة يجب أيضا إحداث هيأة تحت تسمية "مكتب المحكمة" أو أي تسمية أخرى، تضم هذه الهيأة بالإضافة إلى الرئيس ووكيل الملك، نواب الرئيس والنائب الأول لوكيل الملك والقضاة رؤساء الغرف والكاتب العام أو المسؤول الإداري المقترح، تجتمع هذه الهيأة ثلاث مرات على الأقل في السنة أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتحدد مهامها في الإشراف على الشؤون الإدارية للمحاكم، من بينها السهر على إعداد نظام داخلي للمحكمة وإحداث الغرف أو الاقسام بها كلما دعت ضرورة عدد القضايا المسجلة بها، وتحديد مواعد الجلسات، والبحث عن سبب التأخير للبت في القضايا والسهر على تمكين المتقاضين بنسخ الأحكام مباشرة بعد النطق بالحكم أو في أجل قريب وغيرها من الأمور التي تخص التدبير الإداري للمحاكم لضمان حسن سير إدارتها وذلك للمساهمة الفعلية والدائمة من طرف القضاة في التدبير الإداري للمحكمة . عبد الرحيم بنبركة: نقيب سابق بهيأة المحامين بالرباط

تحديث إدارة المحاكم مدخل للإصلاح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

معاناة الوداد تنتهي في اسطمبول

وقف تنفيذ انتخاب رئيس المجلس الجهوي للمفوضين بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات