قراءة في الفصل 278 من مدونة الحقوق العينية

إبطال أي عقد تبرع يتم عبر القضاء (الحلقة الثانية) لهذه الأسباب، فإن محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا حضوريا وانتهائيا، تصرح:في الشكل: سبق البت في القبول.في الموضوع: بإلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بإبطال عقد الصدقة المبرم من قبل المستأنف عليه الأول لفائدة ابنته سناء والمحرر في 8 فبراير 2000، مع الإذن للمحافظ على الأملاك العقارية بتضمين مقتضيات هذا القرار بالرسم العقاري عدد ... مع تحميل المستأنف عليه المصاريف. نستخلص من هذه الأحكام ومن اجتهاد القضاة، أن إبطال أي عقد تبرع يتم عبر القضاء، والمحافظ العقاري لما قيد عقد الصدقة بالرسم العقاري، كان يجهل وجود ديون على عاتق المتصدق، وحتى وإن استظهر الدائن له بالشيكين بدون مؤونة، ما رفض المحافظ تقييد عقد الصدقة، ما لم تكن هناك تقييدات أو بيانات بالرسم العقاري تحول دون قبول تدوين عقد الصدقة بالسجلات العقارية. فبالرجوع إلى المادة 278 التي تنص : «لا تصح الهبة ممن كان الدين محيطا بماله «، وجب التمييز بين الدين العادي وبين الدين المضمون بضمانات عينية كالرهن مثلا والدين غير المعلن عنه. 2)- نوعية الدين المحيط بالمالالدين العادي المضمون بحجز تحفظي، أو بحجز تنفيذي، أو بإنذار عقاري لا يسمح للمدين التملص من دينه، ولهذا السبب تدخل المشرع و منع كل تصرف ناقل للملكية لفائدة الغير ( الفصل 87 من ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12-08-1913 )، حماية للدائن في إرغام المدين بأداء ما بذمته قبل تفويت عقاره. ينص الفصل 87 على أن كل حجز، أو إنذار بحجز عقاري يجب أن يبلغ إلى المحافظ على الأملاك العقارية الذي يقيده بالرسم العقاري. وابتداء من تاريخ هذا التقييد لا يمكن إجراء أي تقييد جديد خلال جريان مسطرة البيع الجبري للعقار المحجوز. يشطب على الحجز والإنذار بحجز المنصوص عليهما في الفقرة السابقة، بناء على عقد، أو أمر من قاضي المستعجلات يكون نهائيا ونافذا فور صدوره.هنا ولو تم إبرام عقد هبة أو صدقة، فلا يمكن تقييده بالسجلات العقارية إطلاقا، ما دام الحجز مقيدا.هذا النوع من الدين إن لم يتم الحفاظ عليه و ضمانه بالرسم العقاري، أو بمطلب التحفيظ عن طريق تقييد، أو إيداع أوامر بالحجز، فكيف يمكن العلم بوجوده وأخده بعين الإعتبار ؟وحتى وإن تم العلم به دون ضمانه بالسجلات العقارية، كيف يمكن تطبيق المادة 278 من طرف المحافظ العقاري ومن طرف محرري الرسوم الرسمية ؟ علما بأن العبرة بالتقييد و الإيداع لا بالعلم والخبر فقط.من الجائر أن القوانين تسن من أجل حماية المواطن وضمان سلامة حياته، قد يتدخل المشرع بنصوص آمرة على وجه المنع المطلق أو المنع النسبي حسب خطورة التصرف ونوعيته، فكلمة بطلان المشار إليها في المواد 274 و277 و279 من مدونة الحقوق العينية، لا توازيها كلمة «لا تصح « المذكورة في المادة 278. كلمة « لا تصح « معناها أن الهبة، أو الصدقة، من الممكن أن تصبح صحيحة في حال دين محيط بمال المتصدق أو الواهب، إذا علم به المتصدق عليه أو الموهوب له من جهة والدائن من جهة أخرى، وقبلها خلافا للبطلان الذي لا مجال فيه لأثر الصدقة، أو الهبة وكأنها لم تكن أصلا، رغم قبولها.الأفضل هو التصدق وهبة الأموال خالية من كل عيب، أو تحمل، أو دين، والمتصدق والواهب ليس على عاتقهما أي دين، ولكن لا مانع من التصدق والهبة بعقار صاحبه مدين لفائدة الغير إذا كان راشدا، كامل الأهلية ومالكا للعقار المتصدق به أو الموهوب ( الفصل 275 من م .ح.ع). فإذا كان انعقاد الصدقة، أو الهبة بالإيجاب والقبول ( المادة 274 من م ح ع )، فإنه يجب تحت طائلة البطلان أن تبرم في محرر رسمي. ويغني التقييد بالسجلات العقارية عن الحيازة الفعلية للملك الموهوب وعن إخلائه من طرف الواهب إذا كان محفظا أو في طور التحفيظ. فإذا كان غير محفظ فإن إدراج مطلب لتحفيظه يغني عن حيازته الفعلية وعن إخلائه»، فإنه من الجائز أن الصدقة، أو الهبة صحيحة إن أجازها المتصدق عليه، أو الموهوب له لأن كلمة «قبول» تحمل في طياتها كل ما يمكن أن يثقل كاهل المتصدق، أو الواهب نتيجة ديون عادية، أو مضمونة تنتقل إلى المتصدق عليه أو الموهوب له.فإن قبلها المتصدق عليه، أو الموهوب له، معناه أنه يتحمل عبء هذا الدين و يوافق على أدائه بدلا من المتصدق، أو الواهب، فلا مانع من ذلك سيما إن لن يعترض عليها دائنو الواهب أو المتصدق وأن الثلاثي (المتبرع، المتبرع عليه، الدائن ) غير متضرر من العملية.الصدقة أو الهبة للعين لا تمس النظام العام ولا تخل بالأخلاق الحميدة في حالة وجود دين على عاتق المتصدق أو الواهب.فقياسا على الصدقة والهبة، نجد حق «العمرى» ( المواد 105، 106، 107 و 108 من م ح ع )، الذي هو حق عيني قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض، فهل من الممكن أن يكون المعطي مدينا للغير وقبول عقد حق العمرى وتقييده، أو إيداعه لا يثير أي تساؤل ؟ بمعنى آخر هل من الممكن تطبيق المادة 278 في حالة رهن منصب على العقار المراد تمليكه للمعطى له ؟ وهل لنا أن نقول إن عقد الصدقة، أو الهبة صحيح ومن أراد إبطاله عليه أن يطلب ذلك تماشيا مع المواد 103 (لدائني المنتفع طلب إبطال التنازل الذي قام به إذا وقع إضرار بحقوقهم)، و 119 (لدائني صاحب حق السطحية طلب إبطال التنازل الذي قام به إذا وقع إضرار بحقوقهم ) و136 ( لدائني صاحب حق الزينة طلب إبطال التنازل الذي قام به إذا وقع إضرار بحقوقهم ) من قانون (م.ح.ع). وقياسا على جواز الصدقة والهبة رغم وجود ديون على عاتق المتصدق، أو الواهب نجد حق الانتفاع و حق السطحية و حق الزينة كي نجزم ونقول إن إبرام عقد الصدقة، أو الهبة في حال وجود ديون على عاتق المتصدق أو الواهب عقد صحيح يتوقف تمامه على قبول المتصدق عليه، أو الموهوب له أخذ الشيء المتصدق به، أو الموهوب على حاله و قبول تحمل نتائجه و خلفياته. وبعد ذلك، على الدائنين طلب إبطال التنازل ( الصدقة أو الهبة ) إذا وقع إضرار بحقوقهم. فأي ضرر يلحقهم إذا كانوا مدينين مرتهنين؟، إذن لا بد من وجود الضرر ولا بد من إثباته، وحتى و إن وجد هذا الضرر، فإن وجوده يكون نتيجة التنازل أي بعد إبرام عقد التبرع.- الدين غير المعلن عنه والغير المقيد بسجلات المحافظة أو غير مودع بمطالب التحفيظ، فصاحبه مجهول لا يمكن للموثق أو المحافظ العقاري أو حتى المتصدق عليه أو الموهوب له أن يعلم به و في هذه الحالة لا يمكن تطبيق مقتضيات المادة 278، بل يتم إبرام عقد التبرع وتقييده بسجلات المحافظة ولو في حالة ديون موجودة في الحقيقة، لكن غير معلن عنها.- الدين المتمتع بالامتياز الذي له أثر و لو لم يقيد بالرسم العقاري (المادتان 142 و 143 من ق م ح ع)، لا يؤثر على الصدقة، أو الهبة ولا يدخل ضمن المادة 278. عدم تقييد الامتيازات بالسجلات العقارية يسهل تقييد عقود التبرع بكل سهولة. بقلم: مبارك السباغي ** موثق بالدار البيضاء

قراءة في الفصل 278 من مدونة الحقوق العينية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

تأييد حكم متهم بالإدلاء بشهادة الزور بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات