4 آلاف أسرة بالحي العسكري بمراكش تحتج على الترحيل

تعاني البؤس والفقر داخل حي يفتقر إلى أبسط شروط العيش نظم سكان الحي العسكري بمراكش وقفة احتجاجية، يوم الجمعة الماضي، حملوا خلالها الأعلام الوطنية وصور الملك للتنديد بما اعتبروه طردا تعسفيا من منازلهم من طرف السلطات المحلية التي قدمت للسكان بقعة أرضية بمنطقة العزوزية بالإضافة إلى مبلغ 60 ألف درهم مقابل إفراغ منازلهم، الأمر الذي رفضه السكان مطالبين بإعادة هيكلة الحي. رغم حضور محمد مهيدية، والي جهة مراكش تانسيفت الحوز، استمر السكان في ترديد شعارات، استنكروا من خلالها الإجهاز على منازلهم لتفويت المنطقة إلى شركة إماراتية. ولم يوقف احتجاج السكان واعتصامهم على الطريق المؤدية إلى منطقة تاركة على مرمى حجر من حي جيليز سوى قدوم سيارة قيل إنها تابعة للقصر الملكي، اعتبر المحتجون حضورها عنوانا لتبليغ رسالتهم الاحتجاجية.قرار الترحيلتجدر الإشارة إلى أن وزارة التجهيز سبق أن قررت ترحيل بعض الدواوير العسكرية بحي بن تاشفين، حسب شكاية من كونفدرالية تضم سبع وداديات بالحي المذكور، وجهتها إلى العديد من الجهات تعلن من خلالها تشبث السكان بمنازل استقروا بها لمدة أربعين سنة، بل منهم من ربط تشبثه بمنزله بقضية الدفاع عن الوطن. ويذكر أن الحي العسكري الذي يضم حوالي 4000 أسرة من متقاعدي الجيش والأرامل، يعاني الإهمال، إذ تنعدم خدمات الوكالة المستقلة للماء والكهرباء ومع ذلك يؤدي السكان واجبات التطير السائل، في ظل عدم ربط مساكنهم بشبكتها!!وعرفت المنطقة العسكرية بأجزائها الأربعة كثافة سكانية تطلبت تطورا عمرانيا، إلاّ أن ذلك تم بطرق غير قانونية، إذ غزت المنطقة العديد من الأكواخ التي «نبتت» كالفطر بجانب المستودعات الكبرى، التي أضحت تضم العديد من الأسر تفوق أحيانا طاقتها الاستيعابية.الحي العسكري.. مهزلة عمرانيةعلى امتداد الشارع الرئيسي محمد الخامس، المفــــــــــــــــضي إلى منطقة "تاركَة" بفيلاتها الفخمة، تنتصب بنايات أنيقة بشكلها المعماري الجميل وطلائها النظيف. وغير بعيد عن هذه المباني الإسمنتية المصطفة بانتظام، تنتشر خلف هذه الواجهة البراقة مظاهر البؤس والفقر التي تطبع الحي العسكري، حيث تنتشر بيوت واطئة تتخللها أزقة ضيقة متربة ومحفرة.بالقرب من جبل كَيليز، تبدو مكونات الحي العسكري (السبايس، الزيتون، صان كاطورز [114] الشمالي والجنوبي، ودوار الكَوم بحي بيجو) ومنازله واقفة على فراغ.. بناياته باهتة اللون، متفاوتة في العلو والمساحة ولا يجمعها أي نسق جمالي أو تصميم عمراني، أغلبها غير مكتمل في البناء والصيانة، ويصعب الوصول إلى أبوابها المسيجة بأسلاك كثيرة وحبال من غسيل رخيص، أفرغت مكانها فوق الأسطح لصالح لاقطات هوائية وصحون مقعرة تغزو سماء هذه الدور لدرجة توحي معها بأن الأمر يتعلق بقاعدة عسكرية سرية أو مركز للإرسال السلكي، في حين أن واقع الأمر يكشف حرص المتقاعدين على التقاط كل ما من شأنه المساعدة على قتل فراغ التقاعد وشغل الأعين والعقل عن النظر والتفكير اليومي في مهزلة عمرانية اسمها الحي العسكري.عند ولوج الحي، تنمحي كل صور الجمال والنظام والسعادة، وتسود عوضها الفوضى والبؤس اليومــــــــي، جل الطـــــــرق والأزقـــــــة متربة ومليئة بالحفر والغــــــــبار، نفايات متناثرة هنا وهناك ومتراكمة عل شكل مطارح عشوائية بأماكن، أبواب عدد من المنازل تفوح منها روائح كريهة، لا وجود لشيء اسمه مساحة خضراء، بعض السكان قاموا فقط بحماية مغروسات خفيفة قرب أبواب بيوتهم، كل شيء مشوه داخل الحي، بعض أزقته تبدو واسعة عند البداية لكنها تضيق شيئا فشيئا، فضلا عن تداخل في البنايات وتنافر في مداخلها بالزقاق الواحد.الحي مثل خلية نحل، صخب طفولي ممزوج بحزن دفين، أطفال صغار يلعبون حفاة وسط أكوام من النفايات، نسوة وعجائز يجلسن القرفصاء عند أبواب مساكنهن الوضيعة وأخريات يقمن ببعض الأشغال المنزلية بجوارها، مسنون يسندون أجسادهم المنهكة إلى جدران شبه متداعية، دكاكين بسيطة تفرعت من الأكواخ، بعضها عبارة عن شبابيك صغيرة قد لا يرى الزبائن من خلالها جودة البضائع وكيفية وزنها، وجوه لفحتها الشمس والفاقة، قد يبدون منشرحين وهم يحتسون أكواب الشاي والقهوة السوداء لكن ملامحهم تخفي استياء دفينا، أغلبهم جنود متقاعدون أفنوا زهرة أعمارهم في الدفاع عن الوطن، قبل أن يحولوا وجهتهم نحو مقابر يصر البعض على تسميتها مساكن، الفقر اللعين يعشش في كل زوايا الحي. البناء العشوائي بالحي التهم الأخضر واليابس، منازل شيدت بدون مواصفات السلامة والأمن، مافيا البناء العشوائي والعابثين بالفضاءات السكنية الملائمة فرخت بالحي مئات المساكن البئيسة وغير اللائقة للكرامة الإنسانية، أقاموا مقبرة إسمنتية واقفة مهيأة لابتلاع ضحايا أبرياء في أي لحظة، استغلوا فقر الناس وحاجاتهم إلى الاستقرار واندفعوا بكل ما أوتوا من جشع واحتكار إلى تفريخ أكبر قدر ممكن من البناء المشوه من أجل الربح السريع والفاحش. الكثير من الناس هنا يتحدثون عن تورط أعوان سلطة سابقين في تفاحش البناء الفوضوي، لكنهم يتساءلون عن دور المسؤولين العسكريين الذين يقيمون في منازل فاخرة لا تبعد عن الحي كثيرا لكنها لا تمت لواقعه بأية صلة.الحي العسكري تحكمه مرجعية بدوية بكل المواصفات، إذ توجد زريبات للماشية قرب بعض البيوت، واحد من الأحياء الهامشية التي تشكل حزام البؤس المحاط بالمدينة أغلب سكانه من الجنود المتقاعدين.مسؤولون عاجزون وسكان ينتظرون الحي قبل أن يتناسل به البناء العشوائي منذ السبعينات وإلى حدود الآن كان عبارة عن مستودعات قليلة متناثرة سرعان ما أحاطت بها أكواخ تفتقر إلى شروط العيش، فمعالم التسيب والفوضى التي طالت الحي منذ أن كان حي "السبايس" يتوفر على عداد وحيد للماء والكهرباء قبل أن يعمل بعض المستشارين بالمجالس المتعاقبة على ربط تلك الأكواخ بالماء والكهرباء دون التفكير في شكل البناء ومصيره حتى باتت تداعياته الوخيمة تظهر للعيان. فالمسؤولون بمقاطعة كيليز التي ينتمي إليها الحي يصرحون بعجزهم عن إيجاد حلول عاجلة ومواتية للحي، والمختصون يرجعون ما وصل إليه الحي من تدهور خطير، راجع، علاوة على البناء العشوائي، إلى إهمال المسؤولين العسكريين لمعاناة شريحة من الجنود أحيلت على المعاش فاستبدلت كقطع الغيار!! "نحن نعيش في سكن ينتمي إلى ما قبل التاريخ.. لكن الظروف وحدها فرضت علينا الاستقرار ببيوت لا تتوفر على أدنى شروط الإنسانية، ومع ذلك، ما زلنا لم نفتقد الأمل بعد في استبدال هذه الحفر المسماة منازل بمبان تستحق فعلا هذه التسمية..." بهذه العبارة التي يمتزج فيها الأمل بالمرارة انفجر أحد الجنود المتقاعدين غاضبا وهو يصف الظروف المأساوية التي يعيشها كباقي سكان الحي العسكري بمراكش دون أن يجدوا من يلتفت إليهم ولو من باب الوعد الذي يترك باب الحلم بغد أفضل مشرعا على مصراعيه.4 آلاف أسرة تعاني قساوة العيشتتوسط الحي ساحة فسيحة تنتصب فيها أشجار زيتون ونخيل، تحتضر وسط أكوام من الأتربة والأزبال، وتعكس تدهور الحي وسط لامبالاة الجهات المسؤولة التي أوكل لها السهر على تسيير شؤونه... وقد ظلت هذه الساحة حتى عهد قريب ملجأ للسكارى والمتسكعين وتجار المخدرات، حتى باتت تنتمي إلى مجال الأحزمة الخطيرة التي يصعب ولوجها أو حتى الاقتراب منها، خصوصا في الليل حيث تنعدم الإنارة مما جعل منها مسرحا للكثير من العمليات الإجرامية التي لا تزال ذاكرة سكانها تحتفظ بتفاصيلها...و ارتبطت مشاكل الحي بظروف اقتصادية واجتماعية التجأ إثرها العديد من الجنود إلى هذه البقعة، وشيدوا مساكن شبه عشوائية بها.في ظل هذه الظروف المأساوية، يعيش ما يناهز أربعة آلاف أسرة جلهم من المتقاعدين الذين لجؤوا إلى امتهان حرف بسيطة حتى يتسنى لهم إعالة أسرهم، بعضهم الآخر يعتمد على تربية الماشية التي تقتات من الأزبال المتراكمة على جنبات الحي وتقاسم السكان بيوتهم لعدم توفر أماكن خاصة بها، رغم ما يمكن أن ينجم عن ذلك من مخاطر صحية.حين يحل فصل الشتاء يصبح التنقل بين أزقة الحي صعبا بسبب انجراف التربة وانتشار الأوحال، قنوات تصريف المياه التي عمل السكان على إنشائها على نفقاتهم الخاصة لم يمض عليها وقت قصير حتى دمرت أغلب أجزائها وبات السكان مهددين بالفيضانات التي تحدثها بفعل الاختناق الذي ينتج عن أمطار وأزبال متراكمة لمدة تصل إلى خمسة عشر يوما ولا يجد أمامها عمال النظافة من تبرير سوى النقص في الوقود بشاحنات البلدية.ولا يختلف الأمر حين يتعلق بالصحة، إذ الحي لا يتوفر على مستوصف مدني مما يجعل السكان مضطرين للجوء إلى مستوصفات الأحياء المجاورة التي لم تعد تستطيع استيعاب حتى سكان المنطقة.الأجواء العامة للحي تبعث على انتشار الأمراض في أوساط الأطفال خصوصا حين تنتشر الحشرات المنبعثة من "الواد الحار"، ومن أجل الحصول على العلاج نضطر إلى التنقل على مستوصف غير بعيد من هنا على نزيد ازدحامه بالمرضى الذين يسكنون هنالك ازدحاما آخر"، يقول رجل في الثمانين من عمره مرت عشرون سنة عن تاريخ حصوله على التقاعد ويعاني داء السكري وأيضا داء كثرة الانتظار بمستوصفات الأحياء المجاورة. محمد السريدي (مراكش)

4 آلاف أسرة بالحي العسكري بمراكش تحتج على الترحيل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إلزام المعادلة البيولوجية للأدوية الجنيسة قبل تسويقها

فوضى بالسوق المركزي لبيع الخضر والفواكه بتطوان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات