الرياضة بالحسيمة… الموت البطيء

تواصل الرياضة بالحسيمة تراجعها، رغم أن الإقليم شهد ميلاد قرية رياضية في إطار مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط"، تضم ملعبا كبيرا وقاعة مغطاة ومسبحا نصف أولمبي وحلبة مطاطية بمنطقة أيت قمرة. وشهدت العديد من الرياضات الجماعية والفردية بالحسيمة تراجعا في المستوى، نظير كرة القدم وكرة السلة، بالنسبة إلى الرياضات الجماعية، وألعاب القوى والتايكواندو والتنس بالنسبة إلى الرياضات الفردية. وتعاني الفرق الرياضية بالحسيمة العوز وضيق الحال، حيث ينتظر لاعبوها والممارسون في صفوفها شهورا لصرف مستحقاتهم. وأصبح فريق الأمل الرياضي الحسيمي لكرة السلة، الممارس في القسم الوطني الأول، يلجأ إلى الاكتتاب وجمع المساهمات والتبرعات لتدبير مصاريف التنقل والتحكيم، سواء داخل ملعبه أو خارجه، ما فوت عليه الفرصة، أخيرا، للتأهل إلى مباريات "البلاي أوف" المؤهلة للصعود للقسم الوطني الممتاز، بعدما رفض لاعبوه خوض مباراتهم الفاصلة أمام اتحاد الرشيدية. وفي الوقت الذي شهدت فيه بعض الرياضات تراجعا كبيرا، انقرضت أخرى ككرة اليد والكرة الطائرة والدراجات والملاكمة والجمباز والسباحة. وتأسف العديد من المهتمين بالرياضة بالمنطقة، لاندثار الكرة الطائرة وكرة اليد اللتين كان لهما إشعاع على الصعيد المحلي والجهوي، كما اندثرت رياضة الدراجات وألعاب القوى ورياضة الملاكمة، هذه الأخيرة التي أعطت في مختلف أنواعها العديد من الأبطال، هاجروا إلى الخارج، حيث تألقوا في مسابقات دولية بهولندا والدنمارك وإسبانيا. ورغم حجم الاستثمارات التي أنفقت من أجل تأهيل البنيات التحتية بالحسيمة، فإن ألقاب الأندية والجمعيات الرياضية المنتمية إلى المنطقة، باتت ضعيفة مقارنة مع السنوات السابقة، بل منها ما جمدت نشاطها الرياضي. شباب الريف قاطرة معطلة لم يسلم فريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم الذي تأسس في 1953، بدوره من التراجع، بعدما سبق له اللعب بالقسم الوطني الأول في الفترة الممتدة بين 2010 و2018. ورغم أن شباب الحسيمة يحتل اليوم الرتبة الثانية في بطولة القسم الثاني هواة، مجموعة الشمال الشرقي، وتحدو مسؤوليه رغبة قوية للصعود للقسم الأول هواة، فإن النادي مازال يعاني تبعات الديون المتراكمة عليه منذ أن كان يلعب بالقسم الوطني الأول الاحترافي. ويستفيد الفريق من دعم من الجهات الداعمة، غير أن ذلك لم يكن كافيا لتحقيق طموح جمهوره الذي يتابع مبارياته، إذ يتجاوز عدده في كل مباراة 1000 متفرج. وفقد شباب الحسيمة هويته التي كسبها طيلة مساره الكروي، الذي عرف فيه بقهر العديد من الأندية والاستقرار المالي والإداري واللوجيستيكي بمساعدة العديد من المؤسسات والمجالس المنتخبة. ورفع محتضنو الفريق أيديهم عن النادي، وتم إبعاد عدد من الأطر والمدربين الذين صنعوا استقراره. وفرط شباب الحسيمة في التكوين الذي كان إحدى نقاط قوته، من خلال تهميش أطر وأساتذة التربية البدنية، وانتقال لاعبين سابقين للاشتغال في فرق أخرى كاتحاد إمزورن والنادي الحسيمي والاتحاد الإسلامي الوجدي وأولمبيك خريبكة ورجاء الحسيمة. وابتعد الفريق أيضا عن لاعبي الحسيمة، ويلجأ في بداية كل موسم كروي جديد، إلى انتداب عشرات اللاعبين من أندية أخرى، ما يستنزف ميزانية النادي، حيث تصرف نسبة كبيرة من هذه الميزانية على إيوائهم وأجورهم. كرة السلة يوجد في الحسيمة فريقان لكرة السلة، هما شباب الريف الحسيمي الذي يلعب بالقسم الشرفي، وسبق له أن لعب بالقسم الوطني الممتاز لمدة 13 سنة، وأشرف على تسييره مصطفى أوراش الرئيس الحالي للجامعة الملكية لكرة السلة، قبل أن يقدم اعتذارا عاما قبل ثلاث سنوات، ليتم إنزاله بقوة القانون للقسم سالف الذكر. أما الفريق الثاني فهو الأمل الرياضي الحسيمي الذي لعب موسما واحدا في القسم الوطني الممتاز، ليعود الموسم الماضي للقسم الوطني الأول، بعدما حاصرته العديد من الإكراهات لم يقدر على تجاوزها لافتقاره إلى موارد مالية قارة. وتتهم العديد من المصادر السلطات المحلية والمجالس المنتخبة بإرغام فريق الأمل الحسيمي لكرة السلة، على عدم التأهل إلى مباريات "البلاي أوف" الموسم الجاري، بعدما رفض لاعبوه خوض مباراتهم أمام اتحاد الرشيدية، لحساب الجولة الأخيرة من بطولة القسم الوطني الأول، لعدم صرف مستحقاتهم، ما اضطره إلى خوض المواجهة بلاعبين شباب ما أدى إلى هزيمته، ومنح الفرصة لفريقي نهضة بركان وشباب الريف الناظوري للمشاركة في المباريات سالفتي الذكر. إهمال قاعة 3 مارس عاينت "الصباح" في العديد من المناسبات الحالة الكارثية التي توجد عليها القاعة المغطاة 3 مارس بالحسيمة، التي تعد من أهم المعالم الرياضية بالمنطقة، إذ أصبحت في السنوات الأخيرة عبئا على المسؤولين عن الشأن الرياضي، لما أصبحت عليه مرافقها، وباتت تشكل تهديدا لسلامة الجمهور الذي يحج إليها بين الفينة والأخرى، وكذا اللاعبين. وتفتقر القاعة اليوم إلى بعض التجهيزات التقنية والإلكترونية، فالسبورة الإلكترونية غير واضحة، وتحتاج إلى تدخل لإصلاحها، وأرضيتها تسير نحو التدهور والتلاشي، والمرافق تسير يوما بعد يوم نحو الاندثار. كما أن سقف القاعة تتسلل منه مياه الأمطار ما يحول بساطها إلى برك مائية يضطر منظمو المباريات إلى إيقافها لسحب تلك المياه. وتعاني القاعة ضيق مدرجاتها التي لا تكفي الجماهير التي تحضر مباريات فريق المغرب الحسيمي لكرة القدم داخل القاعة، كما لا تسمح للقاعة باحتضان تظاهرات أو مسابقات وطنية أو دولية. وباتت تجهيزات هذه المعلمة الرياضية متآكلة ومدرجاتها متسخة، ما يستدعي التدخل لتنظيفها. جمود كبير لألعاب القوى تعيش ألعاب القوى بالحسيمة، أزمة حقيقية خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعض الجمعيات التي كانت رائدة ومتألقة في وقت سابق، وفازت بعدة ألقاب. وتوقفت الأخيرة عن الممارسة، وهي التي كانت تؤطر قبل سنوات مجموعة من الشباب شاركوا في منافسات وطنية وأحرزوا ألقابا على الصعيد الوطني والجهوي، خاصة في رمي الجلة والقفز العالي والمسافات القصيرة. ويتجلى تدهور هذه الرياضة في الحسيمة، في توقف الجمعيات الرياضية عن التأطير لانعدام الإمكانيات المادية، والتشجيع وعدم المواظبة على تنظيم تظاهرات ومسابقات وعزوف الشباب عن الممارسة لعدم تمكينهم من شروط الممارسة، رغم وجود حلبة مطاطية بمنطقة آيت قمرة، تستجيب لتطلعات ممارسي ألعاب القوى. وتعج الحسيمة بالطاقات الموهوبة في هذا النوع من الرياضة، تنقصها الإمكانيات المادية، كما أن الأطر التي كانت تنقب عن المواهب ابتعدت عن الميدان. إتلاف ملاعب القرب يستنكر العديد من شباب الحسيمة وهواة كرة القدم، الوضع الكارثي لأغلب ملاعب القرب في أحياء المدينة، إذ بات ترميم أرضية ملاعب " الشباب والرياضة " و" إبراهيم أفلاي و"المركب السوسيو رياضي" أمرا مستعجلا نظرا للخطر الذي يهدد اللاعبين. وتتضح أولى علامات الوضعية المزرية التي آل إليها ملعب الشباب والرياضة من بابه الذي يغطيه الصدأ، مرورا بمدرجاته الإسمنتية بعدما فقدت كراسيها. وتحولت أرضية الملعب الذي كان يشكل في وقت سابق قبلة لعشاق كرة القدم المصغرة من جميع أحياء المدينة، إلى مساحات خالية من العشب، تؤثثها الحفر، لدرجة أن عددا من المواطنين أصبحوا يمنون النفس لو أعيد هذا الملعب إلى وضعيته الأصلية بدون عشب، خوفا من الإصابات التي قد يتعرضون لها. وتساءل مهتمون بالشأن الرياضي بالحسيمة باستغراب شديد، عن أسباب تجاهل الجهات المعنية للنداءات المتكررة بخصوص إصلاح هذه الملاعب، خاصة أن بعضها تحول إلى نقطة سوداء. وبات ملعب القرب التابع للمركب الثقافي والرياضي في حاجة إلى التفاتة جدية، بعدما أصبح من الملاعب التي تحتضن أحد الدوريات الرمضانية الذي استقطب مئات المتفرجين. ويضطر الجمهور إلى الجلوس على الأرض وكذا فوق الأسوار المحيطة بالملعب ما يشكل خطرا على حياتهم. ويطالب العديد من المهتمين بقطاع الرياضة بالاهتمام بهذا الملعب ذي الأرضية الإسمنتية، بإصلاحه وترميمه، بالعمل على تغيير أرضيته التي تشكل خطرا على الممارسين، باعتبار أهمية هذه المنشأة الرياضية، لجعلها فضاء يليق بممارسة كروية حقيقية، وتثبيت بعض المدرجات، لضمان الفرجة في ظروف ملائمة. فعاليات تدق ناقوس الخطر دعا العديد من الفاعلين المحليين بالحسيمة، ضمنهم قدماء لاعبي مختلف الأنواع الرياضية، إلى الالتفات لبعض الرياضات، كالسباحة وألعاب القوى والغطس والدراجات، خاصة أن المنطقة تتوفر على مسبحين، أحدهما نصف أولمبي، وقاعتين إحداهما توجد ضمن مرافق القرية الرياضية بآيت قمرة. وأكد العديد ممن استجوبتهم " الصباح " أن المسؤولين بالحسيمة، لا يعيرون أي اهتمام للرياضة المحلية، باستثناء فريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم الذي يحظى باهتمام السلطات والمجالس المنتخبة. وأكد المتحدثون أن الرياضة بالحسيمة شهدت تراجعا خطيرا بالمقارنة حتى مع فترة السبعينات والثمانينات، خاصة على مستوى النتائج، واندحار العديد من الجمعيات والنوادي إلى الأقسام السفلى، خاصة كرة القدم والسلة، حيث تعيش هاتان اللعبتان وضعية كارثية، ما يفرض تحديد تصور حقيقي للسياسة الرياضية بالمنطقة. وأكد مهتمون بالشأن الرياضي أن المنطقة تتوفر على طاقات شابة وواعدة بإمكانها تحقيق العديد من الألقاب كما في السابق، لكن ضعف الإمكانات يحد من هذه التطلعات. وتساءلوا عن السر في اختفاء رياضات كثيرة بالحسيمة، بشكل ملفت، منها سباق الدراجات والجمباز والملاكمة والكراطي والتنس والشطرنج وكرة الطاولة والرياضات البحرية. إنجاز: جمال الفكيكي (الحسيمة)

الرياضة بالحسيمة… الموت البطيء

رياضات وأندية توارت وملاعب القرب تلاشت والإهمال يطول قاعة 3 مارس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختل يقتل رجلا بسبب سيجارة بتارودانت

برادة يصدر "السباح"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات