الشغل…حق وواجب اقتصادي واجتماعي أساسي

برز الشغل أحد أهم مطالب حركة 20 فبراير التي أطلقها شباب رفع راية الإصلاح، الذي لن يتم إلا بضمان عدالة اجتماعية ينعم فيها جميع المواطنين بالعيش الكريم. وقبل الحديث عن معضلة البطالة التي أضحت تعصف حتى بذوي شهادات عليا من الشباب المغربي، يرى سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة أن من الضروري توضيح مصطلح العدالة الاجتماعية، الذي يعبر عن مفهوم «إصلاحي» بالضرورة، «أقصد أنه مفهوم غير قابل للتحقق إلا في إطار أشمل منه يتضمن قضايا تقييد استغلال الموارد العامة، والتخطيط لمستقبل الفئات المجتمعية المختلفة، وإرساء شبكة الخدمات الاجتماعية، فالمقصود بالعدالة الاجتماعية مستوى من العدالة المجتمعية تؤمن حياة الناس في إطار جماعي إذ يتحقق تكافؤ الفرص بينهم، وضمان وضعهم الاقتصادي والاجتماعي في مختلف مراحل حياتهم وتعدد أوضاعهم الاجتماعية، ومن هنا فهو يحيل بشكل تلازمي على مستوى أوسع من الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية».ولأن الحق في العمل حق اقتصادي واجتماعي أساسي وواجب أيضا، ليس فقط لأنه يضمن لصاحبه الأسباب المادية للعيش، بل لأنه عنوان كرامته الإنسانية والاجتماعية في بيئته، تنامت في الظرفية الأخيرة المطالب المتعلقة بالحق في الشغل، ذلك أن «تأمين هذا الحق حصانة ضد عوامل الإهانة التي يشعر بها الإنسان نتيجة العوز المادي وصعوبة الوضع الاجتماعي، وهذا عامل مبدئي للمطالب الدائمة بالحق في العمل»، يقول بودينار، موضحا أن «ما يعطي لتلك المطالب أشكالها الاحتجاجية المتعددة هو بالتأكيد ما يصيب آلية التوزيع العادل لعائد النمو على الناس، أي تحويل النمو الاقتصادي المتحقق إلى تنمية حقيقية منتجة لفرص عمل بشكل يضمن تكافؤا لفرص الاستفادة منها بين المستحقين، أعتقد أن أي عطل يصيب هذه الآلية سواء بارتباط مع الأزمات المقلقة لنظام اقتصادي عالمي كتلك التي نعيش آثارها، أو نتيجة لآثارها المحلية في السياسات الوطنية الخاصة بخلق فرص العمل، أو لأسباب ضعف الفعالية الأخرى المتصلة بسوء التدبير أو الفساد أو الاحتكار، كلها ترفع وتيرة تلك المطالبات التي تتخذ أشكالا احتجاجية كما هو الشأن بالنسبة إلى شباب 20 فبراير». إلى ذلك، أشار أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى أن قياس ظهور أزمة الحصول على عمل، يمكن استخلاصها على مستويين، «أحدهما ذو طابع تسجيلي يمكن أن نؤرخ من خلاله لبروز الأزمة بوتيرة نوعية مع سياسة التقويم الهيكلي بالمغرب بداية الثمانينات، التي كانت لها آثار مكلفة من الناحية الاجتماعية، أدت إلى الحد من إنتاج فرص العمل بشكل فادح، إذ لم تتم إتاحة سوى 10 آلاف منصب عمل بالمغرب سنة 1986، مقابل 45 ألف، سنة 1982». أما المستوى الثاني، يضيف بودينار، ف»يرتبط بالسياسة العامة للتشغيل على المستويين الاقتصادي والاجتماعي،وأي رؤية مجتمعية تحكمها؟ فمن الواضح أن المغرب قد مضى في تعامله مع المشكل بمنطق اقتصادي وفق سياسة «تفعيل إمكانية التشغيل» التي يمكن أن تكون مقابلا للمفهوم الأنجلوسكسوني الذي يعني الاهتمام أساسا بتفعيل المعادلة بين العرض والطلب في سوق العمل، أي دون تدخل يذكر للسياسة العمومية في إحداث فرص شغل جديدة». إلى ذلك عزا بودينار، إصرار الباحثين عن عمل على الوظيفة العمومية، إلى عدة أسباب، «بعضها موضوعي يرتبط بمستوى الأمان الاقتصادي والاجتماعي الراهن في القطاع الخاص، عكس الوضع في القطاع العام، الذي وإن كان على مستوى المقارنة الاقتصادية العامة أضعف، لكنه يظل مستندا لدى طالب العمل بضمانة «الدولة»، وهذا وضع يعبر على كل حال عن تراث تعلق الطبقات الوسطى والفقيرة بأمان القطاع العام، فضلا عن تراكمات المعالجات الظرفية لمشكلة البطالة خلال العقدين الأخيرين، تحديدا منذ تولي المجلس الوطني للشباب والمستقبل، الملف، سنة 1990، وما أعقبها من مبادرات متتالية، وأثرها على الشباب من طالبي العمل، وثقتهم في جدية انخراط القطاع الخاص «كمقاولة مواطنة» في حل أزمة البطالة». في المقابل شدد على «أنه لم يعد بإمكان أي دولة في العالم، حتى لو أرادت ذلك، تأمين العمل لكل طالبيه بنفسها». هجر المغلي

الشغل…حق وواجب اقتصادي واجتماعي أساسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعليم...أحد شعارات 20 فبراير

أسامة لخليفي: حركة 20 فبراير تطالب باستقلال القضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات