من يحمي مهنة العدالة وكرامة العدول؟

قضية النساخ مع العدول بالمغرب وحكاية صدق أو لا تصدق تصرف لافت للأنظار، ذاك الذي يعيشه ميدان نساخة العقود العدلية، بسجلاتها الخاصة، بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، ويعيشه بمرارة، وتأسف، جل السادة عدول هذه الابتدائية، ذات حوالي تسع عمالات ترابية، ومعهم شريحة عريضة جدا، من المتعاقدين على أيديهم، من مختلف المواطنين، في غضب، وتنافر، واحتقان ملحوظ، حيث يعشش إضراب مزاجي متواصل، عن نساخة العقود العدلية لأصحابها، بسجلاتها الخاصة. منذ أزيد من شهرين ومازالت ترفع مطالب بالاستغناء عن الواقع التقليدي لمهنة النساخة بالمغرب، من خلال المطالب التالية:1) ادراج التقنية المعلوماتية في الميدان، 2) محاربة التعقيد والبطء والهشاشة، 3) تنظيم الأرشيف في الميدان، 4) تسريع الوثيقة العدلية.5) الاستغناء عن تعدد الخطوط في الميدان، 6) استثمار في العنصر البشرى، 7) الزيادة في تعرفة أجور النساخة، 8) طلب وجود موطئ قدم لهم في أجندة وزارة العدل، 9) الوفاء بالوعود المقدمة لهم من طرف السيد رئيس قسم المهن المساعدة للقضاء والسيد مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل.(راجع جريدة الصباح عدد 3328 بتاريخ 24-12-2010 وعدد 3370 بتاريخ 11-2-2011 )، هذا كله من طرف مجموعة الأشخاص المأذونين في النساخة واستخراج النسخ (يسمون نساخا)، ذكورا وإناثا، أعطوا هذا الاختصاص (النساخة) أخيرا، وبمقتضى المادة 11 من القانون رقم 49.00 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 4918 بتاريخ 19-7-2001، بعد أن كان هذا الاختصاص، وظل منذ ما يقارب 87 سنة مضت (الجريدة الرسمية أعلاه)، من اختصاص، ومكتسبات السادة عدول المغرب، وملكية أدبية لهم، ومكملا أساسيا، من مكملات أشغالهم اليومية، تجاه مختلف المواطنين.(راجع ظهير 1914.7.7 والصفحة 344 من كتاب وسائل الإثبات د: محمد ابن معجوز) إلا أنه، وبقدرة قادر، وفي ظروف غامضة، ولأسباب غير معروفة، ولا تخدم المصلحة العامة في شيء بتاتا، أسس لها بتقرير عن تفتيش، من طرف وزارة العدل، بمصلحة التوثيق بمدينة الدار البيضاء نفسها، إذ استغنى إثره، عن خطوة التقدم إلى الأمام بالمهنة وأصحابها ومعهم مصالح المواطنين، عبر إلغاء الفصل 25 من قانون الاكتفاء بالنظائر: عن تتابع النساخة الحرفية لكل عقد، قبل حيازة صاحبه له، حيث جاء (الفصل 25) من أجل خلق دينامية سريعة في حيازة العقود من طرف أصحابها، والحفاظ على نظائرها بالمحاكم، للرجوع إليها عند الحاجة، ودفع العار المنسوب، تاريخيا، للعدول بالبطء في الإنجاز، وتم الرجوع بجميعهم إلى الوراء سنوات عديدة، بالعار المنسوب إليهم، من طرف وزارة العدل، بالنساخة الحرفية، لكل عقد قبل حيازة صاحبه له، (القانون رقم 2.82.415 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 3678 بتاريخ 1983-4-27، والمادة 10 من القانون رقم 2.01.2825 المنشور بالجريدة الرسمية. رقم 5030 بتاريخ 02-8-15،) الشيء (إلغاء الفصل 25) الذي نتج عنه اضطراب في الميدان، وبلبلة في الممارسة والتسيير، وترقيع في الحل والمعالجة، وإضافة أعباء متنوعة، على جهات متنوعة، أدى ثمنه باهظا منذ البداية، وما زال، السادة عدول المغرب قاطبة، ومعهم حقوق ومصالح المواطنين، وحتى النساخ أنفسهم، وحل محله زيادة في النفور من المهنة والعدول، دون ذنب منهم، وانتزاع لحقهم المكتسب، وملكيتهم الأدبية، وأعطى (حق النساخة) لمن لا رغبة لهم فيه على حاله أيضا، من السادة النساخ، مع إلزام العدول، بما لا يلزم، في أجرة هؤلاء النساخ، وفي جزء من المسؤولية القانونية معهم، (تغليبا لمبدأ التحكم المبالغ فيه، وتغييبا لمبدأ المصلحة العامة. دون أن تتدخل، ولا أن تحرك ساكنا، ولا أن تتحفظ على الأقل، هيئتنا الوطنية للعدول، سواء في طبعتها الأولى (ما قبل تشريعها) أو في طبعتها الثانية(بعد تشريعها بالقانون رقم 16.03)، وقبل أن يعتريها ما هي فيه من الانحسار، والانشغال بالربح، وضعف في الفاعلية، الشيء الذي جعلنا نشكفي مباركتها له، دون علم عدول المغرب، وما أكثر هذا النوع من المباركات: لتسييجات وزارة العدل وغيرها، والزيادة في فرص الآخرين، الشيء الذي سنرجع له بشيء من التفصيل في مواضيع لاحقة إن شاء الله (وأعني بالهيأة، مكتبها التنفيذي).بالإضافة إلى هذه المفارقة التشريعية الغريبة، التي لا وجود لها في أي جهاز تابع لأي وزارة بالمغرب: (أناس يوظفون من طرف وزارة العدل، بامتحان، تنفق عليهم أموال باهظة من خزينة الدولة، وتخلق لهم بسببه، ظروف وأمكنة خاصة، ووسائل عمل عديدة، وباهظة التكاليف، على أن تكون أجرتهم، وجزء من مسؤوليتهم القانونية في عملهم الجديد، على حساب أشخاص العدول، أمثالهم في العلاقة بالوزارة) هذه قضية النساخ مع العدول بالمغرب، صدق أو لا تصدق. في حين أن السادة العدول ليسوا في حاجة إلى هؤلاء النساخ، ولم يطلبوهم من الوزارة للمساعدة في النساخة، أبدا، ولا نأخذ رأيهم فيهم، (على ظاهر العلم) وأن العدول قاطبة، مستعدون بأنفسهم، أو بواسطة مساعديهم بمكاتبهم، وتحت كامل مسؤوليتهم، للقيام بهذا الاختصاص، أحسن قيام، وبأرقى كيفية، كما كان عليه الأمر سابقا وأحسن، وأن وزارة العدل التي خلقت تشريعهم، وانتزعت لهم حق غيرهم، أولى بأداء أجرتهم، من العدول الذين هم بدورهم، في حاجة إلى من يتضامن معهم، خصوصا وأن جمعيتنا (جمعية عدول استئنافية الدار البيضاء) لا تبارك، ولن تبارك الإجحاف في حق المواطن، وهي تؤمن بمبدإ التراضي، وتحث عليه، وهي آخذة بمبدإ: (لا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال).وهذه مجرد واحدة من المفارقات الغريبة العديدة، التي تعيشها مهنة العدالة والعدول، مع وزارتهم في العدل، وفي هذا العصر بالذات. وأمثالها كثر، وهذا وغيره، ما دفع جمعيتنا إلى أن تنادي، ولأول مرة في تاريخ العدول: بفك الارتباط العاجل مع وزارة العدل، وبتوحيد التوثيق بالمغرب، عبر خارطة طريق: منصفة ومواكبة، ومسايرة لروح العصر وتطوراته، (جريدة الصباح عدد 3250 و عدد 3251 بتاريخ 21و2010-9-22).وما الإضرابات المتواصلة من طرف النساخ، والتي شلت حركة النساخة بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء وغيرها، وعطلت حقوق ومصالح المواطنين، وخلقت نفورا من المهنة، وجوا مفعما بالمنة، والمحسوبية، والمزاجية، إلا نموذجا حيا، عن فشل وزارة العدل، في انتزاع حق النساخة واستخراج النسخ، من العدول بالمغرب، وجعله في يد من لا رغبة لهم فيه، على الاطلاق، وهو ما يحتم على الوزارة، خدمة للمصلحة العامة، ودرءا للمشاكل بين العدول والنساخ، وبين الأولين والمواطنين: الرجوع بكل فضيلة، إلى شرعية المادة 25 من القانون أعلاه، خدمة للمصلحة العامة، خصوصا وأن السادة النساخ والناسخات بالمغرب بإضرابهم المتواصل، وعبر مطالبهم أعلاه، عبروا على أنهم، غير راضين عن هذا الواقع التقليدي لمهنة النساخة بالمغرب، وأنهم مجرد مقحمين، عوزا، وشحا في فرص العمل. غير أنهم، وفي نظر جمعيتنا، كان عليهم في حالة مطالبتهم بحقوقهم، أن يكونوا واضحين، وأن لا يتوقفوا عن العمل، بالإضراب المتواصل، ويتسببوافي الإحراج وخلق الأجواء الظلامية، خصوصا أن القانون لا يسمح لهم بتاتا، بالتوقف عن العمل إلا في حالة واحدة قانونية خاصة (المادة 21 من قانون 49.00)، والحالة هذه أنهم يعلمون: أنهم غير منضوين تحت أي نقابة (تنظم) إضرابهم، إذ أن حق الإضراب مضمون حقا، ولا كن في حدود القوانين التنظيمية (المادة 14 من الدستور) بالإضافة إلى أن جل مطالب هؤلاء السادة، متجاوزة لاختصاصهم القانوني عموديا وأفقيا، وحتى وإن ادعوا أنهم، وعدوا بتسويتها من طرف أي جهة بوزارة العدل، مثل: التسريع بالوثيقة العدلية، وتنظيم الأرشيف، وإدراج التقنية المعلوماتية، ومحاربة التعقيد والهشاشة، والاستثمار في العنصر البشري،...الخ ونحن نتكلم عن الاختصاص، ولا نتكلم عن التقييم للمطلب.كما أن السادة النساخ، وفي أغلب جهات أقسام قضاء الأسرة بالمغرب، وفي مقدمتها المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، خلقوا لأنفسهم، جوا غير قانوني، على عدة واجهات: 1) واجهة العدول، حيث يتمنعون من أداء واجب العدلين الموقعين، في تعرفة استخراج النسخ، أو يتقايضون فيه مع بعض العدول بعينهم.2) واجهة التكتم عنه والتهرب، حيث لا يعطون وصلا عما يتحوزون به من مبالغ أجورهم.3) واجهة عقد النسخة نفسها، حيث لا ينصون في طليعتها بصفتها وثيقة، على اسم العدلين، الذين تم استخراجها باسمهما، ولا يضمنونها تحت أرقام خاصة بها، في سجل التضمين، وهناك واجهات أخرى نتحاشا ذكرها، لأننا لا نستهدف أحدا، كما أنه كان على وزارة العدل، التي خلقت مشكلهم، أن لا تلقي الحبل على الغارب، وتترك الأمور لكفالة عامل الزمن، لأنه ربما قد تتعقد الأمور، ويستعصي الحل، ويؤدي الثمن باهظا من لا ذنب عليه. محمد صابر: رئيس جمعية عدول استئنافية الدار البيضاء

من يحمي مهنة العدالة وكرامة العدول؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ريحان تخلص للقصة القصيرة في "كلام ناقص"

مغربي يطعن عشرات الضحايا في إسبانيا

مقالات ذات صلة