دعم القفة…”بيزنيس” الياقات البيضاء

تتجاوز الميزانية الإجمالية لدعم الاستهلاك 30 مليار درهم، بالأخذ بعين الاعتبار الاعتمادات المخصصة لصندوق المقاصة والمكتب الوطني للحبوب والقطاني، المخصصة لتثبيت أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني، إضافة إلى الموارد المالية المبرمجة، في إطار اتفاقيات قطاعية، أو لمواجهة تطورات ظرفية غير متوقعة، الهادفة إلى مواجهة الضغوط التضخمية. لكن الملاحظ أن كل هذا المجهود المالي الكبير يفشل في تحقيق الأهداف، المتمثلة في الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، بشكل عام، والفئات المعوزة وذات الدخل المحدود، على وجه الخصوص، إذ لم تفلح هذه الاعتمادات في تخفيض الأسعار أو على الأقل تثبيتها، علما أن القطاعات التي تعرف منتوجاتها زيادات متتالية تستفيد من برامج دعم دائمة، مثل المنتوجات الفلاحية والبحرية. وتبين أن أصحاب الياقات البيضاء، الذين يتحكمون في سلاسل التوزيع والأسواق، هم المستفيدون الأوائل من الأموال العمومية المخصصة لدعم الاستهلاك والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين. وأقرت الحكومة، أخيرا، بفشل المقاربة المعتمدة، كما أن تقارير مؤسسات وطنية أكدت على إشكالية الوسطاء والمضاربين في التهاب الأسعار، لكن إلى حد الآن لم يتم تحديد الوصفة الملائمة لمعالجة هذا الداء، ما يعكس قوة وسطوة أصحاب الياقات البيضاء. عبد الواحد كنفاوي دعم ينعش جيوب المضاربين القدرة الشرائية للفئات المستهدفة في تدهور متواصل وشرائح اجتماعية واسعة تعاني في صمت خصصت الحكومة اعتمادات مهمة، بهدف تثبيت الأسعار وتقليص انعكاسات التضخم على ميزانية الأسر، وتنوعت أشكال الدعم التي خصصتها الحكومة. فهناك دعم مباشر للإنتاج، مثل الاعتمادات التي خصصتها الحكومة لبعض المنتوجات الفلاحية المستهلكة، من قبل شرائح اجتماعية واسعة، إذ خصصت أزيد من 4 ملايير درهم لدعم سلاسل الإنتاج وخفض كلفة إنتاج الخضروات والفواكه، منها 1.7 مليار درهم (170 مليار درهم) لزراعة الطماطم والبصل والبطاطس. وتراوح الدعم، المتعلق بسلاسل إنتاج الطماطم المستديرة والبصل والبطاطس، الذي أقر لأول مرة في تاريخ المغرب، بين 40 ألف درهم و70 ألفا للهكتار الواحد، وما بين 8 آلاف درهم و15 ألفا، وبين 4 آلاف درهم و5 آلاف لهكتار البصل. كما ألغت الحكومة الحقوق الجمركية وتحملت خزينة الدولة الضريبة على القيمة المضافة على واردات اللحوم، ما كلف حوالي 8 ملايير رهم من موارد الضرائب. كما خصصت الحكومة دعما غير مباشر، لتفادي انعكاس ارتفاع أسعار المحروقات على كلفة نقل البضائع والمسافرين، إذ خصصت لمهنيي النقل أزيد من 9 ملايير درهم. بالموازاة مع ذلك، حددت في الميزانية العامة ما لا يقل عن 16 مليار درهم (1600 مليار سنتيم) لدعم الدقيق والسكر وغاز البوتان وبعض المواد الغذائية الأخرى. ورغم المجهود المالي الذي تبذله الدولة، من أجل التخفيف من وطأة التضخم على ميزانية الأسر، فإن الوضع يزداد تأزما. وأبانت نتائج البحث الأخير، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط على الظرفية لدى الأسر، أن 81 في المائة أكدت تدهور مستوى معيشتها، خلال 12 شهرا الأخيرة، مقارنة بالفترة ذاتها، مقابل نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5 في المائة، أكدت لباحثي المندوبية السامية للتخطيط تحسن وضعيتها في الفترة ذاتها. وخيم التشاؤم بشأن تطور الوضعية خلال 12 شهرا المقبلة، إذ توقعت نسبة تفوق 53 في المائة تفاقم الوضع مستقبلا، مقابل 7.7 في المائة التي ترى العكس. واضطرت نسبة 41.2 في المائة من الأسر، خلال الفصل الرابع من السنة الماضية، إلى الاستدانة أو استعمال مدخراتها، من أجل تمويل احتياجاتها، في حين أن 56.5 في المائة من الأسر، فقط، هي التي أكدت أن مداخيلها تغطي مصاريفها. وأكدت نسبة 52.7 في المائة تدهور وضعيتها المالية أكثر خلال 12 شهرا الماضية، وتوقع ما يناهز الثلث من الفئات المستجوبة (31.5 في المائة) تفاقم الوضعية في 12 شهرا المقبلة، مقابل 15.2 في المائة، فقط، التي ترى عكس ذلك. وتضطر أغلب الأسر إلى الاقتراض لتلبية حاجياتها، لأن مستوى الأجور ضعيف ولا يمكن أن يساير المتطلبات، خاصة أن هناك عددا من الخدمات التي كانت تؤمنها الدولة، سابقا، مثل التعليم والصحة أصبحت تتحمل تكاليفها الأسر، بسبب تردي جودة الخدمات المقدمة في المؤسسات العمومية، ما أثر بشكل كبير على توازنات ميزانية الأسر. وتعاني أغلب الأسر إفراطا في المديونية، بسبب ضعف المداخيل وارتفاع متواصل لتكاليف المعيشة. وتأثرت الأسر، خاصة متوسطة ومحدودة الدخل، بالزيادات التي همت مختلف المواد. وتطرح هذه المعطيات تساؤلات حول جدوى الدعم المخصص وفعالية إنفاقه والجهات التي تستفيد منه حقا. ع. ك

دعم القفة…”بيزنيس” الياقات البيضاء

ملايير تنعش خزائن وسطاء ومضاربين يتحكمون في الأسواق عن بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

علاقة‭ ‬استهلاك‭ ‬البيض‭ ‬بتعزيز‭ ‬صحة‭ ‬القلب

العناية‭ ‬بالشعر‭ ‬قبل‭ ‬رمضان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات