تحتفل الفيسبوكيات، في هذه الأيام، بعيد المرأة، كل واحدة بطريقتها الخاصة، لكنها لا تخلو من لمسة أنثوية، ونكهة الطرافة والجدية، ومعارك "داحس والغبراء" مع أعداء الجنس اللطيف.الفيسبوك، أحيانا، عبارة عن قرص كبير في ألعاب الرهان، وحين يتوقف في رقم ما، يصبح ذاك الرقم في عرف الفيسبوكيين عيدا يستحق الاحتفال به، ونشر التهاني، ولم لا إطلاق الزغاريد عبر صور "فوتوشوب".إنه عالم الفيسبوك السحري.. الأعياد لا تقتصر على الوطنية الدينية، فهناك أخرى يبدعها كل مدمني مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تجد مثلا أعياد العناق والنوم والقُبل، ثم الرسوب في الامتحان، والانتقام.. حينها يوزع المحتفلون هدايا عبارة عن صور فوتوشوب أو نقل أقوال كبار المبدعين.. فكل يغني على عيده بهواه.لا أحد يتذمر من كثرة الأعياد في فيسبوك، بل على العكس يتضامن المحتفلون في ما بينهم، ويطالبون بإعلان عيدهم، الغريب، عيدا رسميا يحصلون فيه على الإجازات، ويزورون فيه الأهل والأحباب، ويغادرون المدن الكبيرة المكتظة لاستنشاق هواء البوادي... و"شكون يقدر يقولهم لا"؟طبعا، ليست كل أعياد الفيسبوكيين وهمية، فهناك أعياد تشتد فيها الحروب، ويلمع فيها وميض السيوف، فتتعارك النسوة بحجب صفحات بعضهن البعض، ويعمد آخرون إلى الإعلان حملات تشويه، حتى تكاد تسيل الدماء من الموقع، ويفقد لونه الأزرق.أكثر الأعياد ضجيجا، في هذه الأيام، عيد المرأة، فمع اقتراب اليوم المشهــود أصبح الفيسبوك أحمر بلــون الــورود، وفقــدت الكلمات الرتيبة حروفها من تأثير عطــور النســاء، وانتشــت الصفحات الزرقــاء بألوان الشكــولاطة والهدايا، ولا ضير أن ينغص هذه الاحتفــالية فتوى شيــخ يحرم الاحتفال بالعيــد، وجحود امرأة هــاجمت بنــات جنسها، مدعيــة خروجهـن عن الدين والأخــلاق، أو يزمجر سيـاســي غاضبا، حتى يتطــاير لعــابه، لأنــه لا يرى فــي الاحتفــال سوى انتفــاضة جـديــدة ضـد بنكيران.في احتفالات الفيسبوك بعيد المرأة تزدهر تجارة الصور القديمة، فهناك السياسيات اللائي يحملن شموعا في مسيرات سابقة، ويتأبطن لافتات تطالب بالمساواة، وحقوقيات يوزعن الورود في شوارع الرباط... صور للذكرى تحمل رسالة أن صاحبتها "مناضلة قديمة" لم تركب "الموجة"، ومازالت تحلم بتحقيق مطالبها.إذا "زغبك الله" وفتحت نقاشا في فيسبوك حول عيد المرأة، فاستعد للمواجهة، واطلب دعم الموقع الشهير "غوغل" للدفاع عن حججك التاريخية، أو "النقيل" من عشرات الكتب القديمة لإقناع شيخ بأن الاحتفال بعيد المرأة ليس عملا من رجس الشيطان.في مثل هذه الأعياد، هناك أنصار المرأة، والحانقون والغاضبون وما شئت من الطباع الإنسانية، فالشيوخ السلفيون لا يعترفون بالعيد، ورجال السياسة يخافون على كراسيهم من حملة العيالات.في الجهة الأخرى من المعركة، تنتعش صفحات مناضلات وحقوقيات، فتنفض عنها الغبار، داعية إلى المشاركة في مسيرات، أو توزيع البيانات، أو نشر فيديوهات تُعرف بقضية المرأة.وككل حرب، يقف المتفرجون يتابعون وطيس المعارك بشغف، بل يساندون طرفا ما لإشعال الفتنة والتهكم.. إنه عيد المرأة في الفيسبوك. وكل عام ونساؤنا بألف خير.(*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com