اللائحة الوطنية تشعل فتيل المواجهة بين الأطر الحزبية و معسكر الشباب والنساء بسبب المحسوبية تفرقت الآراء داخل الأحزاب السياسية بخصوص اللائحة الوطنية للنساء والشباب للعضوية في مجلس النواب، وأعادت الانتخابات المحلية والجهوية المرتقبة، بداية شتنبر المقبل، إدخال آليات التمييز الإيجابي، المرتقب إعمالها في الاستحقاقات المذكورة إلى دائرة الشك إثر تحميلها صفة الريع السياسي، في إشارة إلى تدخل قيادات الأحزاب لفرض المقربين في المقدمة، ضاربين بذلك جوهر المبادئ الديمقراطية المؤسسة لهذا الاجتهاد، الذي أثبت نجاحه في الديمقراطيات الناشئة من أجل دعم الفئات الهشة. اللائحة الوطنية... سلاح مشروع في حرب قذرة روكبان: القرب من القيادة ليس معيارا - بنسعيد: اللائحة الوطنية ليست ريعا سياسيا - أحجام: هناك من لم يقدم مقترحا واحدا لم يكن زعماء بعض الأحزاب التي كانت توصف في الحقل السياسي المغربي بأنها أحزاب إدارية، يعتقدون أنه يوما ما سيتم تطبيق مقترحهم الرامي إلى تخصيص لوائح خاصة "بالأطر الحزبية"، لولوج مؤسسة البرلمان، ولو بصيغة أخرى تحت مسمى "لوائح نساء وشباب"، أو اللائحة الوطنية.وكان زعماء تلك الأحزاب وجهوا ملتمسا إلى إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، بداية عقد التسعينات في اجتماع عقد بمقر وزارة الداخلية، قصد تسهيل عملية إدماج أطر الأحزاب، في المؤسسات البرلمانية، عن طريق لوائح انتخابية خاصة، لمنافسة " الكائنات الانتخابية" ممثلة في "الأعيان" و"أصحاب المال"، الذين يهيمنون على الدوائر الانتخابية، ويسدون الطريق على الأطر الحزبية التي تجد نفسها مهمشة. لكن الوزير الراحل إدريس البصري، رفض هذا المقترح بشدة، ليتم تجميد الفكرة، ليعيد إحيائها اليساري عبد الرحمان اليوسفي، قائد ائتلاف حكومة التناوب التوافقي في 1998، على شكل لائحة خاصة بالنساء، حالما تطورت إلى أن سميت بلائحة وطنية، كي تكون ملائمة لمقتضيات الدستور. وبعد مرور 3 انتخابات تشريعية على هذه التجربة، نستطلع في " الصباح"، آراء الفاعلين السياسيين الفائزين عن طريق اللائحة الوطنية، لتقييم هذه التجربة التي ينعتها البعض " بريع سياسي" يمنح لأقارب الزعماء، امتياز الدخول إلى مجلس النواب، إذ ظهر لافتا بعض الشباب الذكور المقربين من القيادات الحزبية، وبعض النساء اللواتي حظيت بعناية خاصة و بعطف القيادات نفسها، فيما يعتبرها الآخرون قيمة مضافة للسياسة البرلمانية، لأنها سمحت بتطوير العمل البرلماني من حيث الأداء والحضور. آلية مؤقتة تبحث عن الدوام في الوقت الذي رفض رشيد روكبان، رئيس فريق حزب التقدم والاشتراكية، بمجلس النواب، أن يطلق على اللائحة الوطنية للشباب( 30 مقعدا)، والنساء( 60 مقعدا)، تسمية " الريع السياسي"، انتقد من جهته المهدي بنسعيد، من حزب الأصالة والمعاصرة، رئيس لجنة الخارجية بمجلس النواب، الترويج لمثل هذه التسمية القدحية، التي تطلق جزافا وتعمم على كافة الأحزاب.وفيما يشبه المساندة لهما، قال ياسين أحجام، من فريق حزب العدالة والتنمية، إن اللائحة الوطنية هي آلية مؤقتة، وليست دائمة، وبالتالي لا يمكن تحميلها صفة "الريع السياسي"، لأنها تتيح الفرصة ل90 من للشباب والنساء بالمشاركة في المؤسسات الدستورية بيسر، لضخ دماء جديدة لمجلس مشكل من 395 نائبا ونائبة.وشدد روكبان على أن مشاركة الشباب إجراء منصوص عليه في القانون التنظيمي لمجلس النواب، الذي أتاح الفرصة لشباب الحزب بالاستفادة مرة واحدة من هذه التجربة لولاية واحدة، والتمرس على ممارسة صلاحيات النواب من خلال إعمال الرقابة على العمل الحكومي، والمساهمة في التشريع القانوني، مضيفا أن المشاركة كانت فعالة وناجعة، لأنها تتمثل بمقترحات عملية يضعها الشباب في أشغال اللجان النيابية، وبالتالي اتضح نوع من التحول على مستوى العمل المؤسساتي.هذا الرأي وافق عليه أحجام، الذي اعتبر أن مشاركة الشباب والنساء بواسطة اللائحة الوطنية، تجاوز للعمل التقليدي لسير عمل مجلس النواب، ومنح نكهة خاصة بل وحقنة جديدة لإحياء النقاش الجدي في المجلس حول قضايا تهم المجتمع، بلغة واقعية بعيدة كل البعد عن لغة الخشب.هذا التصور، يوافق عليه بنسعيد الذي أكد أن المغاربة المتابعين للشأن البرلماني، هم الأقدر على تقييم هذه التجربة الرائدة، لكنه عاد ليؤكد أن اللائحة الوطنية هي قيمة مضافة بمجلس النواب من حيث نوعية المشاركة، ورفع نسبة الحضور في قاعة الجلسات، مبعدا الفكرة الخاطئة عن استفادة مقربين من اللائحة الوطنية في حزبه، مضيفا أن الاستثناءات موجودة في بعض الأحزاب، التي لا يمكن أن يتم تعميم حالاتها الخاصة.العمل السياسي بطريقة مغايرةكما أكد بنسعيد أن حزبه الحديث النشأة، ضم طاقات وكفاءات تدبر العمل السياسي بطريقة مغايرة، سواء بمجلس النواب أو بالمجالس الترابية، أو من خلال تمثيلهم في المجالس الوطنية، إذ ستختمر التجربة لدى هؤلاء الشباب في غضون 10 سنوات، كي يكونوا خير خلف لمؤسسي الحزب.ومن جهته، قال روكبان إن اللائحة الوطنية آلية انتقالية عبرها يتمرس الشباب فعليا على العمل المؤسساتي، طبقا للفصل 33 من الدستور، الذي ينص على مساهمة الشباب في الحياة السياسية، إذ هي محصورة في ولاية واحدة غير قابلة للتجديد، ما يعني أن الشباب الذي استفاد من اللائحة الوطنية يكون راكم تجربة ستنضاف إلى ما اكتسبه من مهارات في عمل حزبه الذي نشأ فيه وترعرع وتطور كي يمنح خدماته للمجتمع.ونفى روكبان أن تكون مصالح ذاتية والقرب من القيادة الحزبية هي من تسهل عملية الاستفادة من اللائحة الوطنية، مشددا على أن اللجنة المركزية لحزبه، التي تعد برلمان التقدم والاشتراكية هي من انتخبت قائمة أسماء مرتبة وفق النقط التي حصلت عليها، وهذا يدعم التوجه الديمقراطي الداخلي للحزب، ويساهم في تطعيم العمل البرلماني بمزيد من العمل الرقابي والتشريعي، لذلك سيصبح الشاب، من طينة الأطر التي يعول عليها للنزول إلى الدوائر المحلية للتباري على مقعد انتخابي، عبر نهج سياسية القرب والإنصات للمواطنين، والمساهمة في حل مشاكلهم.وسجل أحجام قيمة الشباب في مجلس النواب ومعه النساء، لأنه تمثيل لأزيد من 70 في المائة من المجتمع، إذ تختلف الرؤى والتصورات حول جملة من القضايا الأساسية، لا تجنح للحسابات السياسية الضيقة، ولكنها تنفتح على آفاق رحبة، إذ يتفادى الجدل العقيم في النقاش السياسي داخل قبة البرلمان، باستثناء حالات قليلة، ويتجه نحو مخاطبة البرلمانيين والحكومة، بلغة الواقع لبحث حلول ناجعة. البوليميك السياسيكما أضاف أحجام أن هناك نوابا مشهورين في المجلس ولهم صيت إعلامي، كما قيادات حزبية، لم يقدموا مقترح قانون واحد طيلة أزيد من 3 ولايات تشريعية يعني 15 سنة، ونقاشهم في اللجان يميل إلى البوليميك السياسي أكثر من النقاش المعمق حول قضايا مجتمعية، فيما يميل خطاب الشباب إلى الواقعية، وتقديم مقترحات عملية، ما أضفى على مجلس النواب تكامل التجربة السياسية مع الواقعية الشبابية.وبالمقابل سجل بنسعيد أن اللائحة الوطنية تمييز إيجابي مطبق في كل دول العالم، ويحتاج المغرب لهذه الآلية لمدة زمنية ليست باليسيرة قد تتجاوز 20 سنة، كي يصبح التصويت على النساء والشباب أمرا عاديا وطبيعيا في الحياة الديمقراطية المغربية، مضيفا أن الحزب يستثمر في هؤلاء الشباب وطنيا وبعدها محليا، لأنهم بدورهم يدافعون عن قضايا المواطنين، مؤكدا حضور الشباب إلى اللجان النيابية الدائمة، أكثر من الجلسة العامة، في إطار المناقشة الدقيقة والمعمقة، ما ساهم في تطوير العمل التشريعي .أحمد الأرقام
