معاناة لا تنتهي

بطء في الإجراءات وطول المحاكمات وتعنت في التنفيذ وقف محمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، على نقطة مهمة في نهاية كلمته لمناسبة افتتاح السنة القضائية، عبر فيها عن أمله في "تحقيق خطوات جديدة إلى الأمام في مجالات تطوير أداء العدالة وتحسين خدماتها وترسيخ بنيان دولة القانون والمؤسسات كما أرادها جلالة الملك"، في إشارة دالة على أن ما تحقق في هذا المجال مازال أمامه الكثير. ورغم كل ما يقال عن الخطط والاستراتيجيات الكبرى التي تسهر عليها مؤسسات الدولة لأجل تحسين صورة العدالة داخل المجتمع من حيث الخدمة المقدمة للمواطن، إلا أن استمرار التشكي والتظلمات يفيد غير ذلك، وهو ما كشفه التقرير الأخير لمؤسسة الوسيط الذي أكد أن قطاع العدالة احتل الرتبة الأولى في ملفات التوجيه بمجموع 1.012 شكاية، خصت مجالات عدة من ضمنها عدم تنفيذ الأحكام في مواجهة الإدارة، بإجمالي 1078 تظلما، أي ما يعادل 5.47% من مجموع التظلمات المتوصل بها، مسجلة نسبة نمو سنوية بلغت 11.66%، واعتبر الوسيط أن عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الدولة وأشخاص القانون العام، إخلالا يتعين القطع معه في أسرع وقت. ووجدت المؤسسة نفسها أيضا مضطرة أمام تزايد التظلمات المقدمة بهذا الشأن إلى الإشارة إلى الاختلال ذاته، بعدما أضحى الوضع مقلقا بسبب ما يتركه من انطباع لدى المحكوم لهم من عدم الثقة في جدوى اللجوء إلى التقاضي، ولما ينطوي عليه الأمر من خرق لمقتضى دستوري يتعين على الكل احترامه، بل يضع الثقة في مؤسسة القضاء على المحك، ويخل بمبدأي الأمن القانوني والأمن القضائي القائمين على الشعور بالعدالة والاطمئنان المتوخى من سلطة الفصل في الخصومات وحماية الحقوق والحريات بموجب مقتضيات وأحكام القانون ومتطلبات سيادته. "العدالة البطيئة ظلم"، يعانيه المواطن بشكل مستمر، ما جعله يفقد ثقته في العدالة بصفة عامة والمؤسسة القضائية بصفة خاصة، ويعتبر أن دار لقمان ستبقى على حالها، خاصة أن بعض النقاط البسيطة من قبيل تحرير الأحكام يعاني معها المتقاضون بشكل مهول وتشكل نسبة مهمة من التشكي لدى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي أصدر أخيرا قرار في شأمن هذا النوع من التشكي بإصدار عقوبة في حق قاض احتفظ بحكم لديه لأزيد من 14 شهرا، في ضرب واضح لآلية الآجال الاسترشادية التي اعتمدها المجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال مذكرة وجهت إلى القضاة لتفعيلها في شأن البت في القضايا وفق زمن معقول لأجل تعزيز ثقة المتقاضين في القضاء وتجويد خدمات العدالة والتحكم في مخزون القضايا بالمحاكم، والحيلولة دون هدر الزمن القضائي وإطالة عمر القضايا بدون مبرر مشروع. معاناة المواطن باختلاف موقعه القانوني مع أعطاب العدالة، يسائل الدولة في ظل هذا الوضع عن الحلول التي يجب اعتمادها، على اعتبار أن واجبها هو توفير خدمة قضائية تحترم ثنائية الجودة والزمن، خاصة أن المواطن المغربي يأمل في عدالة تضع ضمن أولوياتها خدمة الصالح العام وتحقيق العدل والأمن والمساواة بين أفراد المجتمع، وتنبني على خدمة المتقاضين، والقرب من المتقاضين وتحسين الخدمات المقدمة لهم، من طرق الاستقبال ولغة التواصل، وبساطة المساطر حتى يخفف العبء عن المتقاضين الذين يضيعون سنوات، قبل أن يحصلوا على حكم نهائي في قضايا قد تتوارثها الأجيال. كريمة مصلي

معاناة لا تنتهي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لازاري وجدة يتنفس الصعداء

الإطاحة بالاستثمار بالشمال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات