استقال جواد بنعيسي، زوج زينب الغزوي، الصحافية بمجلة "شارلي إيبدو"، أخيرا، من عمله في مؤسسة كبرى بالبيضاء، بعدما أباحت تغريدات على التويتر قتل الزوجين.طبعا، لم يستسلم بنعيسي للتغريدات أو حتى نباح الدواعش في مواقع التواصل الاجتماعي، فالرجل النبيل، بشهادة أصدقائه، تفادى إحراج زملائه في العمل، الخائفين من سكاكين التنظيم الإرهابي، فتفادوا جلسات فناجين الشاي والقهوة معه. فهل تخيف تغريدات داعش في التويتر إلى هذا الحد؟التويتر، لمن لا يعرفه، هو طائر أزرق يدعى لاري، وديع ومسالم لا يحب الصخب كثيرا، حتى أن 140 حرفا كافية لجعله يشبع من التخمة، ثم فجأة اصطاده الدواعش، وقصوا جوانحه بسيوفهم، فأصبح كلبا مسعورا ينبح ترهيبا وأنيابه ملطخة بالدماء.140 حرفا في التويتر زرعت الرعب في زملاء بنعيسي، فمن أقاصي دمار سوريا وخراب بغداد وسراب ليبيا، جيش أبو بكر بغدادي أتباعه لقتل بنعيسي والغزوي، وكل المخــالفين لرأيه بدعـوى الجهاد، فكتب أحدهم قــائلا: "أنتم تؤمنون بحريــة التعبير، ونحن نؤمن بحرية القتل". لم يعد الطائر الصغير الأزرق يغرد في زمن الدواعش، فقد اعتاد، منذ تأسيسه سنة 2006، على نقل أخبار ملايين الناس والأحداث العاجلة، وعَشقه رؤساء الدول وكبار المشاهير والفقراء، ثم تحول في غفلة من الجميع إلى مسرح لجرائم الدواعش، يبثون فيه مشاهد الذبح، وفيديوهات النحر والقتل والإبادة.طقوس الدواعش في التويتر تشبه كثيرا طقوس الجذبة، فتراهم يغرقون الموقع برسائلهم، فيفتخرون بعملياتهم الانتحارية، ويتلقون التعازي في قتلاهم، ويهللون لانتصاراتهم، ويبشرون بهزم العالم بأكمله، دون أن يردعهم حجب حساباتهم، فهم مثل أورام خبيثة سرعان ما يعاودون الظهور أشد ضراوة، وأكثر إصرارا على تلطيخ واجهة الموقع بالدماء والأشلاء، ووحدهم اليابانيون واجهوهم بنشر صور الرسوم الملونة الجميلة.ولا يملك دواعش التويتر تلك الشجاعة التي يتصورها البعض من تأثير فيديوهاتهم، فهم يخفون أسماءهم الحقيقية، ويقتصرون في بروفايلاتهم على صور أعلامهم السوداء، فالتويتر في نظرهم معركة حرب تستطيع امتلاك "خصلة" الجبن بهدف التعرف على نيات العدو وأماكن الضحايا، قبل أن تنطلق ذئابهم المنفردة لتنفيذ المهمة.ولا بأس أن يتحول دواعش التويتر، في لحظات كبتهم، إلى "خاطبة"، إذ يغرون الفتيات بالرجال، ويعدونهن بزواج من لحى منسدلة وغير مشذبة وملطخة بالدماء، بدل الحناء، وآخر إنجازاتهم ثلاث فتيات من بريطانيا سافرن إلى سوريا في غفلة من أسرهن.بنعيسي وزوجته ليسا إلا ضحية للدواعش، وتوفير أمنهما ليس من اختصاص مصالح الأمن وحدها، فالمؤازرة والدعم والتضامن الفعلي من المحيطين بهما أشد ما يغضب الدواعش... بنعيسي إمتى نشرب معاك كأس قهوة؟ ومتى نتمشى في كل شوارع المغرب؟